شبكة ذي قار
عـاجـل










"ليس هناك حليف إلى الأبد كما أنه ليس هناك عدو إلى الأبد" شعارٌ يمثل المبدأ الأساس الذي تقوم عليه سياسة المصالح الأمريكية ؛ لتحقيق أهدافها .


منذ أن رُسمت خارطة الشرق الأوسط بعد معاهدتي سايكس بيكو وسان ريمو التي تم فيها تقسيم المنطقة العربية إلى دويلات صغيرة وحتى الآن، والوطن العربي يتعرض للنهش وتغيير المعالم فيه من كافة النواحي ؛ سواء الجغرافية منها أو الاقتصادية أو حتى البنية الاجتماعية والعرقية والثقافية والطائفية، وكل من يقف ضد هذا المخطط الاستعمار يلاقي مصيره الذي ترسمه له القوى الاستعمارية الغربية وبالتعاون مع أتباعها في المنطقة.


الوطن العربي يعيش المخاطر والأزمات في كافة أرجائه؛ فبعد اقتطاع فلسطين وإقامة الدولة الصهيونية فيها ، وضم إمارة الأحواز العربية (التي هي أكبر من بلاد الشام مساحة وأغنى منها ثروة ) لإيران ، وسلخ مليلية وسبتة وضمها لإسبانيا، وضم إقليم أوجادين لأثيوبيا و......الخ، تجري المحاولات لتطبيع الأمة العربية للقبول بهذا الواقع، عن طريق اقتطاع مناطق جديدة وتقسيم مناطق أخرى، تجعل الإنسان العربي ينسى ما انسلخ قديما ويطلب عدم اقتطاع مناطق أخرى أو تقسيمها، وإن كانت مطالبته مسالمة ولا تقوى على كسر إرادة الاستعمار على أرضه؛ فاليوم يقسم العراق والسودان جغرافيا بعد أن قُسِما طائفيا وعرقيا.


المثير للدهشة هو السياسة القطرية ومحاباتها لإيران على حساب القضايا العربية؛ فدولة قطر التي تقع فيها أكبر القواعد العسكرية الأمريكية التي انطلقت منها الطائرات لقصف العراق وفتح جسر جوي مع الصهاينة أبان حرب غزة الأخيرة، تتبنى نهج المقاومة الإعلامية من جهة وتسقط صفة العربي عن الخليج العربي، استجابة لإيران وتستضيف رئيس دولة الكيان المسخ على أراضيها، بل ويتجول شمعون بيرس مع أمرائها وأميراتها في مدارس قطر ، وتصفق التلميذات القطريات للضيف الصديق.


فما الذي يفسر هذه التناقضات، أليست إيران عدوة أمريكا كما يدعي إعلام الجزيرة؟؟؟ وهل هذا لتناقض هو استمرار للتناقض في السياسة الإيرانية التي تعلن عداءها لأمريكا وتُدخل مليشياتها على ظهر الدبابة الأمريكية لاحتلال العراق، وهو نفس التناقض في السياسة الأمريكية التي تعلن الحصار على إيران وتمنحها كافة الصلاحيات في السيطرة على جنوب العراق بل وتمكنها من الحكومة العراقية رغم وجود الجيش الأمريكي شاهدا على نشاطات حرس الثورة الإيرانية في العراق؟؟؟
تلك خيوط متشابكة ومترابطة بِعُقَدٍ لا يمكن أن تحلَّ خيطا دون الآخر، وتتصل طبعا بكل اللاعبين في المنطقة الواقعة ما بين الأحواز وغزة مرورا بالعراق وصعدة اليمنية وقطر.


السياسة القطرية وعلاقتها بمتطلبات السياستين الأمريكية والإيرانية ، تمثل حلقة وصل بين السياستين ، وهي بمثابة الفراش الذي تلاقحت عليه هاتان السياستان في المنطقة وذلك للقواسم المشتركة بين مصالح هاتين الدولتين والتي تتمثل في الثوابت التالية :


1- المحافظة على تقسيم الوطن العربي وتجزئة المجزّأ فيه من كافة النواحي الجغرافية والعقائدية والطائفية والاجتماعية ؛ لإبقائه في حالة صراع داخلي دائم في كافة المجالات، وهذا يعني أن أمريكا تبارك سياسة إيران في نشر الفتنة الطائفية في الوطن العربي بين السنة والشيعة، وما سكوتها على ما يجري في اليمن والعراق إلا دليل قاطع على ذلك.


2- كلتا الدولتين تحتلان مناطق جغرافية عربية عسكريا واقتصاديا، وهذا يعني أن أي مقاومة عربية لإحدى الاستعمارين هي مقاومة لكليهما، وهذا ما جعل إيران تساعد أمريكا في احتلال العراق وإضعافه والمساعدة في تقسيمه.


3- اتفاق السياستين على تقسيم لبنان تقسيما طائفيا محضا في اتفاق الطائف الذي رعته السعودية حليفة أمريكا وسوريا حليفة إيران.


4- الخوف من ظهور قوة عربية قادرة على زعزعة الاستعمار الأمريكي والفارسي ، وهذا يعني اشتراك أمريكا وإيران في مخطط موحد لزعزعة استقرار الوطن العربي، وهذا ما يفسر تطاول إيران على دويلات الخليج العربي رغم وجود الجيش الأمريكي فيها، فأتباع إيران في اليمن ولبنان يشنون الحملات العسكرية والإعلامية على حلفاء أمريكا في المنطقة؛ السعودية واليمن ومصر.؛ فتدمر اليمن، وتدخل السعودية في حرب مع جماعة الحوئي تتكبد بها خسائر جسيمة، وتحافظ إيران على احتلال الأحواز والجزر العربية : طنب الصغرى والكبرى وأبو موسى ، وتحتل مناطق جديدة في العراق وتهدد البحرين، دون أن تجيّش الإدارة الأمريكية الجيوش لتحريرها كما فعلت لتحرير الكويت وتدمير العراق. لماذا لا تسعى الإدارة الأمريكية لتحرير الأحواز العربية من إيران رغم أن مساحتها عشرات أضعاف الكويت وبها مخزون نفطي وثروات طبيعية تفوق الكويت والإمارات العربية وقطر مجتمعات؟؟؟؟ ورغم إنها كانت إمارة عربية تماما مثل الكويت وباقي الإمارات العربية في المنطقة وكان معترف بها دوليا، ويبلغ سكانها العرب اليوم أكثر من عشر ملايين نسمة؟؟؟


5- إن الانقسام الفلسطيني ليس بعيدا عن هذه المعادلة ، فالكيان المسخ لا يريد إسقاط سلطة حماس عن غزة عسكريا ؛ لتبقى في يد إيران خارجة عن الصف الوطني ولتبقي حصارها على مليون ونصف مليون فلسطيني هناك يعانون ظروف مأساوية، ولولا التوافق المخفي بين السياسة الإيرانية وإسرائيل لاحتلت الأخيرة قطاع غزة في أيام معدودة إذ أن قطاع غزة لا يملك من مقومات الصمود أمام الآلة العسكرية الصهيونية إلا الانتحار ، فقطاع غزة أراض سهلية لا يتعدى عرضها أربعة عشر كيلومترا ولا يملك السلاح ولا العتاد الكافي لوقف الآلة الصهيونية عن احتلالها وهذا ما كشقه أولمرت أخيرا عندما قال أن بارك هو من رفض احتلال قطاع غزة عسكريا وإسقاط سلطة حماس. وما هدف إسرائيل من عدم احتلال قطاع غزة على الصعيد الداخلي إلا للإبقاء على الانقسام الفلسطيني من جهة ولإبقاء مليون ونصف فلسطين يرضخون تحت الحصار والمعانة ، إذ لا يمكن للجيش الصهيوني أن يحتل غزة ويبقي على حصار شعبها أمام العالم ، وعلى الصعيد الخارجي تمكين إيران من نشر بذرتها الطائفية في المنطقة تحت شعار المقاومة ، مما يؤدي إلى انقسام الشارع العربي على نفسه ، وإضافة فتن جديدة على الفتن القائمة في الوطن العربي وهذا يسهل على القوى الخارجية سيطرتها على المنطقة مما يطيل من عمر الكيان المسخ .

 

وطبعا هذه المقاومة محدودة ولا تستطيع أن تنهي دولة الكيان المسخ ميدانيا ، والقوة القادرة على إنهاء هذه الدولة المارقة هي الدولة العربية الموحدة من المحيط إلى الخليج وهذا ما تسعى كل من امريكا وإيران وإسرائيل لمنع حدوثه.


خلاصة القول أن إيران وجه آخر للسياسة الاستعمارية الأمريكية في المنطقة وأن التعارض بين السياستين يكمن في منع إيران من امتلاك السلاح النووي والقوة العسكرية الكبيرة التي تجعل منها قوة تستطيع أن تتعدى على المصالح الأمريكية في لخليج، وفي نفس الوقت تتطلب مصلحة السياسة الأمريكية وجود إيران دولة قوية إقليميا تنشر بذرتها الطائفية في المنطقة وتساعد أمريكا في السيطرة على الوطن العربي وتمزيقه ، ولأن قطر إحدى الدول الحليفة لأمريكا وتمتلك ترسانة إعلامية تتمثل في الجزيرة الفضائية ، فقد اتخذت مسارا مرسوما لها بأن تلعب دور المقاومة الإعلامية وتقف إلى جانب إيران فتتوافق معها في نزع صفة العربي عن الخارطة الجغرافية للخليج العربي، فتظهر كلمة الخليج معرفة ودون أي صفة أخرى، وطبعا لاحقا لذلك سيتم نشر خارطة جديدة مكتوب عليها الخليج الفارسي وطبعا يتم تضخيم صفة إيران كدولة حليفة للقضايا العربية على قناة الجزيرة القطرية ويتم تجاهل ما تقوم به الدولة الفارسية من جرائم واحتلالات لمناطق في الوطن العربي وكذلك نشر الفتن لطائفية في المنطقة .

 

 





الاحد١٢ صفر ١٤٣٢ هـ   ۞۞۞  الموافق ١٦ / كانون الثاني / ٢٠١١م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب خالد حجار نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة