شبكة ذي قار
عـاجـل










العراق كان القاعدة الميدانية ، وخط الصد العربي ،  ضد كل أشكال التحديات المحدقة بالعرب . حتى أطلق عليه بحق ،  البوابة الشرقية للوطن العربي .  فقد تمكن العراق من بناء قاعدة صناعية متطورة ،  واحدث تنمية اجتماعية واقتصادية شاملة ،  فاقت حد التصور ،  حتى اعتبرته المنظمات الدولية ،  بلدا متقدم ، غادر خانة الدول النامية ،  وفقا لمقاييس التحضر ،  المعتمدة لدى تلك المؤسسات .


وحيث كان الاقتدار العراقي متمكنا في كل مجالات الحياة  ، فقد انعكس ذلك الوضع بالاقتدار العراقي على البيئة العربية ،  بشعور من الرفعة والاعتزاز ، الذي هو ،  بشكل أو بآخر ، اقتدار لكل العرب .  لذلك كان المواطن العربي ، يشير بإصبعه إلى العراق ،  عندما كان يحس ، بان هناك خطرا داهم ،  يتهدده بالعدوان أو التجاوز .


وما أن اخذ العراق مكانه المقتدر ،  في التصدي بجدارة ،  لكل حالات الضعف والتردي في حال الأمة ، بدخوله نيابة عنها في الخنادق الأمامية ،  سواء بدعم المقاومة العربية ،  على خطوط المواجهة الساخنة في الوطن العربي ،  أو من خلال الدخول المباشر في ميدان المواجهة ،  مثلما حصل في تصديه للعدوان الإيراني ،  أو من خلال الوقوف بوجه المخططات الأمريكية الصهيونية ،  بمشروع الشرق الأوسط الجديد ،  الذي استهدف ،  ولازال ،  إعادة صياغة خارطة المنطقة ،  بما يخدم المصالح والاسترايجية الأمريكية الصهيونية ،  ويضمن التفوق الصهيوني على الوطن العربي ،  فقد بدا التآمر على العراق ،  واستهدافه بشكل مباشر ،  من قبل الكبار أنفسهم هذه المرة ،  بعد أن عجز العملاء من النجاح بالمهمة ،  وفشل أسلوب الحرب بالنيابة .  فبدأت حملة إعلامية دولية ظالمة ،  لتشويه سمعة العراق ،  وإلصاق تهم عجيبة غريبة به ،  كإنتاج أسلحة الدمار الشامل ،  ودعم الإرهاب وغيره .  حيث أثبتت الأيام زيف وكذب هذه الادعاءات ،  إذ بداو الآن يعترفون بملئ أفواههم ،  أن العراق لم يكن لديه أسلحة دمار شامل ،  وليس له علاقة بالإرهاب ،  ولا بتنظيم القاعدة .


وإزاء الإستراتيجية الامركية للشرق الأوسط الكبير الجديد ،  كان لابد من احتلال العراق ،  وتدمير دولته ، وتدمير بناه التحتية ،  وكنس منجزاته الصناعية والعلمية ، وإغراقه بالفوضى الخلاقة ،  لكي يصبح كيانا هزيل ،  غير قادر على الحياة ،  ناهيك عن المواجهة والتصدي للتحديات . 


وحصل الذي حصل بالاحتلال المباشر ،  بالتواطؤ مع الأطراف الإقليمية والدولية .  وانتبهوا إلى اعتماد أسلوب تزييف الوعي ، بانكشاف الحقائق ، فروجوا إلى أن الاحتلال يهدف إلى دمقرطة العراق ،  التي دأبوا على تفصيلها على القياس الأمريكي ،  فكانت نتيجتها الفشل الذر يع ،  والخسران المبين ،  بفضل تلاحم شعب العراق ،  وتضحيات المقاومة الوطنية الباسلة ،  التي لقنت الأمريكان درسا بليغ ،  بدا الكيان الأمريكي ،  بسببه يتداعى من الداخل ، بحيث قد نرى في قادم الأيام ،  تداعيات الانهيار البشع للطاغوت الأمريكي ، في نهاية مأساوية للتاريخ .


والسؤال الآن: هو ماذا خسر العرب بسكوتهم على احتلال العراق؟


المراقب للتداعيات المريبة ،  التي تجري على الساحة العربية ،  بعد احتلال العراق واضحة جد ،  ولا تحتاج لعناء وتحليل .  فالخليج العربي ،  يقف على كف عفريت .  وتتعرض وحدة تراب أقطاره إلى خطر القصقصة والقضم والضم ، كما في احتلال إيران للجزر الثلاث ، وما حصل في البحرين مؤخرا من اضطرابات ،  يوضح خطورة الحال  ، خاصة وان العراق كان قد نبه إلى خطورة الازدواجية السكانية في الخليج العربي ،  تحت ستار العمالة الوافدة ،  منذ منتصف سبعينات القرن الماضي .  كما أن ما حصل من اضطرابات في المنطقة الشرقية من السعودية ،  مؤشر خطير ،  يوضح ما تخفيه قادمات الأيام من أخطار مستترة ،  بعد أن تمت التضحية بالعراق . على أن ما يجري اليوم في اليمن ،  والصومال ،  من صراعات دموية ،  تدعمها جهات اقيليمية معروفة ،  تعكس أيضا استهانة الآخرين بالعرب ،  بعد أن استمرؤوا احتلال الشقيق العراقي . 


أما مصير السودان ، فليس بأحسن من أشقائه المفتونين بالبلوى ،  فالاستقراءات التي تفرزها التسريبات الصحفية ، ترجح أن انفصال الجنوب بالاستفتاء بداية العام المقبل أمر لامناص منه ،  مما يعني أن السودان ، قد وضع على منضدة التشريح ،  لقصقصة أوصاله ، بحلول الأجل . 


أما القضية الفلسطينية ، التي كان العراق الداعم الأساسي له ،  فإنها الآن تحتضر ، والتهويد بالاستيطان ، يبتلع الأرض الفلسطينية ، ويحتلها بالامتداد والتوسع ،  لا بالقصقصة .


هكذا إذن ،  فقد العرب ،  باحتلال العراق ،  الشقيق القوي ، الذي كان الظل الوارف الذي يتفيأونه ، من لظى أعداء الأمة ، مما شجع الغير ، على تمرير ما يريد ،  من أطماع في الأرض والثروة ، والإلحاق بالتبعية المذلة ،  التي أفقدت الإنسان العربي أنفته اليعربية المعروفة ، وأفقدته روح الإقدام والتصدي ، التي كانت من ابرز القيم ، التي عمل العراق ، على ترسيخها في أوساط جماهير الأمة ،  بالاقتراب المتجسد بنموذجها العراقي ،  من حقيقتها الإنسانية والتاريخية ، وبات المواطن العربي ،  يعيش حالة من الإحباط والانكفاء ،  لا يخفف من وطأته ،  اليسر المالي ،  ولا الاكتضاض السكاني . 

 

 

 





الاربعاء١٢ ذي القعدة ١٤٣١ هـ   ۞۞۞  الموافق ٢٠ / تشرين الاول / ٢٠١٠م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب هداج جبر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة