شبكة ذي قار
عـاجـل










يهود بلاد فارس (إيران) ودورهم - حقائق ودلالات - الحلقة الأولى

 

زامل عبد

 

مراجعة الحقب التاريخية التي مرت بها العلاقة فيما بين الفرس واليهود توثق الصلة المستديمة فيما بين الطرفين على حساب شعوب وامم ضمن المحيط الاقليمي او العالمي  وكان الشعب العربي هو اكثر تضررا من هذه العلاقة التي ترتكز على الصراع الحضاري فيما بين العرب بخلفيتهم التاريخية التي تتجاوز 7000 عام ان كانت حضارة ما بين النهرين او وادي النيل ، وكيف تعاون اليهود والفرس في فترة حكم قورش الكبير مؤسس الإمبراطورية الفارسية  وسيطرته على مدينة بابل عام 528 قبل الميلاد وإطلاقه سراح اليهود الذين تم اسرهم ونقلهم من فلسطين الى بابل لما لهم من دور تخريبي  ، ورغم أن ملف الجالية اليهودية الإيرانية يعد من الملفات ذات الحساسية الخاصة التي يكتنفها الغموض إلى حد كبير ، فإن الكاتبة الفرنسية إستر باريزي استطاعت وضع حد لحالة الغموض التي تكتنف هذا الملف بكتابها الصادر تحت اسم (( يهود وإيرانيون - الجالية اليهودية – الفارسية  -  منذ الثورة في إيران وإسرائيل )) عن دار النشر الفرنسية هرماتان  ،  يقع الكتاب في 186 صفحة ويكتسب أهمية خاصة ، ليس فقط لأهمية الملف الذي يتناوله دراسة ميدانية قامت بها المؤلفة لمدة أربعة أشهر خلال عام 2016 ، بين طهران و(( إسرائيل )) ، متخذة من طهران نقطة انطلاقها البحثية للإجابة عن سؤال مفصلي يدور في خلدها ((  كيف يمكن ليهودي أن يعيش اليوم في إيران ، خصوصاً منذ الثورة الإسلامية 1979 ؟ )) وبالتبعية سؤال آخر ((كيف يعيش اليوم يهودي إيراني في إسرائيل؟)) هذا السؤال المزدوج يتأسس هو الآخر على إشكالية الهوية اليهودية – الإيرانية ويمثل كذلك مدخلاً مهماً لفهم طبيعة المجتمعين الإيراني و(( الإسرائيلي )) ودونت في دراستها البحثية الاتي (( أنه قبل الثورة الإيرانية 1979 ، كان عدد الجالية اليهودية في إيران يربو على المائة ألف نسمة وكانت تنعم برخاء ملحوظ  ومع انطلاق الثورة الإيرانية ، اضطر عدد كبير من اليهود إلى هجرة الأراضي الإيرانية نحو إسرائيل ، بينما فضل البعض الآخر البقاء في إيران أما بالنسبة لليهود الإيرانيين في إسرائيل فتشير المؤلفة إلى أن هناك تفاوتاً ومستويات كثيرة ، فهناك فئة هاجرت لإسرائيل طواعية ، وتحيا حياتها بشكل طبيعي ، لا سيما الشباب الذين ولدوا في إسرائيل ، وهو وضع يختلف عن وضع الذين أكرهوا على الهجرة في أعقاب الثورة الإيرانية 1979 ، إذ يعيشون كما لو كانوا في منفى ، الأمر الذي يولد لديهم إحساساً دائماً بالحنين للبلد الأصلي . وتظل هذه الفئة مرتبطة إلى حد كبير بالثقافة الفارسية ، بحثاً عن هوية ، على عكس الذين اتخذوا الولايات المتحدة الأميركية مقصداً للهجرة في أعقاب الثورة الإيرانية كخيار لهم  )) وتؤكد على بدايات التكوين تاريخياً وتذكر أن بداية إقامة اليهود في إيران ترجع إلى أكثر من 27 قرناً وهي ترى أن أصول الجالية اليهودية التي تعيش الآن في إيران تعود إلى هذه الفئة من اليهود ثم جاء بعد ذلك القائد داريوس الأول ( 468 - 521 )  لينتهج سياسة حماية الأقليات الدينية ، ويطور من وضعها الاقتصادي والسياسي بشكل ملحوظ  وبدأ بعد ذلك يهود أوروبا بالتواصل مع يهود الشرق الأوسط  ومن ثم مع يهود إيران الذين تحسنت أوضاعهم أكثر  وبدأوا يحصلون على كثير من الحقوق خصوصاً في ظل حكم أسرة «  قاجار » التي حكمت بلاد فارس منذ 1779 حتى 1925 ثم جاء بعد ذلك عهد الشاة محمد رضا بهلوي (  1925- 1979 ) الذي أدمج اليهود في القومية الإيرانية ،  وجعل منهم مواطنين كاملين يتمتعون بالهوية الإيرانية التي تسمح بدمج الأقليات الدينية  الأمر الذي ترتب عليه تحسن الوضع الاقتصادي كثيراً ليهود المدن الكبرى ، على خلفية استفادتهم من الأوضاع المميزة التي يتمتعون بها ، بل وصل الأمر إلى أن بعض الشخصيات اليهودية كانت مقربة من دوائر السلطة ،  ويذكر أيضاً أن إقامة (( إسرائيل )) عام 1948 كان لها أثر واضح على موجات الهجرة الكبيرة للجاليات اليهودية بشكل عام ، إلا أنها لم تؤثر بشكل واضح في البداية على الجالية اليهودية في إيران ، لأنها ظلت دون صدامات مع النظام الإيراني، إضافة إلى وجود علاقات تجارية وسياسية وطيدة بين طهران وتل أبيب.

 

يتبع بالحلقة الثانية

 






الاثنين ٢٧ شــوال ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أيــار / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة