شبكة ذي قار
عـاجـل










كيف نفهم الصراع في المنطقة..؟

د. أبا الحكم

 

صراع القوى يختلف بعضه عن بعض، حسب معايير القوة لدى اطراف الصراع وطبيعته إلإقليمية وتحالفاته الدولية .. كما أن التحالفات بين القوى لها اهميتها في الفعل وردة الفعل، وكذلك في رسم خارطة لهذا الصراع .. وإن التحالفات هي الأخرى مختلفة ومتنوعة، فهناك تحالف سياسي وأخر استراتيجي وتحالف عسكري وتحالف أمني وتحالف (تخادمي) له أبعاد إستراتيجية .. والتحالف الأخير هو المعني بالتوضيح .. فهل هو تحالف مؤقت ينتهي حين تتحقق الأهداف التخادمية المشتركة؟

الذي نعرفه، أن التحالف الامريكي الإسرائيلي هو تحالف دائمي يستند على معطيات الأمن والمصالح المشتركة، فهل أن التحالف التخادمي الذي حل بالمنطقة بعد الانسحاب الامريكي من أفغانستان وله طابع استراتيجي يقوم على مشتركات تقع في مقدمتها 1- كراهية العرب 2- ومنع وحدتهم وإتحادهم وتقاربهم 3- والعمل على إضعافهم 4- واستنزافهم اقتصادياً 5- وتدمير عناصر قوتهم 6- وتفكيك مجتمعاتهم وإعادة تشكيلها على وفق أنماط لا تخدم العرب.

هذه المشتركات يتفق عليها معظم المفكرين والخبراء والباحثين في الشأن العربي والإسرائيلي والأمريكي والإيراني أيضا ..  وهي مشتركات تكتسب عمقاً تاريخياً لا أحد يستطيع نكرانه أو إلغائه أو تغطيته.. وذلك لأن واقع المشتركات هي، كما يقول المحللون الإستراتيجيون، حقائق موضوعية وواقعية عبر حقب التاريخ ، وقبل ظهور الرسالة المحمدية ومنذ اكثر من 1400 عاماً وكذلك منذ عام 1948 وإلى عام 2003 وما بعدها .. ومن غير الدخول في تفاصيل التاريخ فإن (التخادم) الإستراتيجي الراهن، يعني (تخدمني أخدمك) والعكس صحيح ايضاً، تبعاً للمشتركات .

والتخادم المكشوف في بعض المسائل السياسية يكون مضراً لأطراف التخادم، خاصة إذا كانت الأهداف جوهرية وحساسة يقتضي التعامل معها بمهنية عالية ، كالتعامل مع القضية الفلسطينية ومن أبرزها الحالة في (غزة) التي تتداخل فيها قوى ذات آيديولوجيات فكرية ودينية وسياسية متعددة، فضلاً عن وجود الشعب الفلسطيني ذاته كوحدة نضالية وليس كفصائل يدعي أيا منها وصايته على الشعب الفلسطيني .

أما التخادم السري المتخفي، فهو الأكثر إثارة للجدل حيث تختفي بين صفحاته العسكرية الكثير من الأمور وتتخفي بين طياته السياسية جهات وقوى تعلن غير ما تبطن .

والذي نعرفه ايضاً بحكم أسس ومنطلقات علوم السياسة والإستراتيجيا .. ان للحرب قواعدها الخاصة ومقترباتها ومقارباتها السياسية والاقتصادية والتعبوية والإستراتيجية وما تنطوي عليه من مفاهيم يتحدد طابعها من بداياتها حتى نهاياتها على طاولة المفاوضات الحتمية، لغرض توصل أطراف الصراع إلى إتفاقات من شأنها ان تحافض على الوجود المادي لطرفي الصراع والوجود الإعتباري لهما.. وقد تكون الحرب دفاعية محضة أو هجومية وقد تتطور إلى العكس فيمسي الهجوم دفاعاً والدفاع هجوم في حالة الضرورة، إلا إنها في كل الأحوال تنتهي عند طاولة المفاوضات التي تحدد من هو المعتدي ومن هو المعتدى عليه، في حالة وجود سلطة أممية عليا .. أما الاقوى فقد يعلن الإنتصار والضعيف يلوذ بالصمت وبسياسة الأمر الواقع.

ولكن ، لا احد يدخل الحرب بدون ان يحدد اهدافها؟ وقبل ذلك يعرف خاتمتها ، وإلا فإن المتاهة تبقى هي التي تخيم على الموقف الذي لا نهاية له .. فهل حددت الحرب على غزة اهدافها من لدن اطراف الصراع؟

الكيان الصهيوني دائماً، بصفته محتلاً ظالم، قد حدد أهدافه:

أولاً- تهجير سكان غزة صوب خيارات متعددة.

ثانياً- إنهاء فصيل حماس عسكرياً.

ثالثاً- البدء بمرحلة ما بعد غزة على طريق إنهاء القضية الفلسطينية .

فهل يستطيع الكيان الصهيوني الوصول إلى هذه الاهداف؟ لقد حاول منذ عام 1948 حتى طوفان الأقصى، قرابة 75 خمسة وسبعون عاماً، وكل محاولاته باءت بالفشل .. ولكنه الآن قد يكون قادراً بحكم التخادم- الإستراتيجي الاقليمي وبحكم شق وحدة نضال الشعب الفلسطيني وبحكم تحييد اكثر من 90% من قوى الشعب الفلسطيني، ودفع أقل من 10% منه إلى حالة الحرب التي تفتقر إلى إستراتيجيا متكاملة وإلى موارد وإلى عمق إستراتيجي إقليمي عربي ودولي.

فهل يستطيع فصيل فلسطيني مسلح واحد الوصول إلى هدف الحرب الذي لم يحدده بعد؟ ويفتقر إلى العمق الاستراتيجي العربي والدولي (مادياً ومعنوياً)؟ .. الكيان الصهيوني لديه عمقه الإستراتيجي الغربي الأمريكي، فما هو عمق فصيل فلسطيني واحد دخل إلى الحرب دون هدف؟ .

ما هو هدف الحرب ، هل هو تحرير الارض الفلسطينية من النهر الى البحر؟ أم تحرير السجناء والمعتقلين وتبادل الأسرى والمعاقين والجثامين؟ والفرق كبير جداً بين المفهومين في واقع الصراع والحرب.. فهي حرب تحريك وليس حرب تحرير.

علينا ان نعي السيناريو الآتي :

أولاً- اندفع فصيل فلسطيني مسلح واحد يرافقه فصيل أقل مستوى من غزة الى خارجها واحدث الذي حدث .. فتح هذا الفصيل جبهة عريضة وعميقة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ثانياً- شجعت قوى خارجية (إيران) هذا الفصيل على فتح جبهة الحرب بوعود الاسناد التي لم تتحقق.

ثالثاً- من الصعب الاعتماد على (الإعلام) في مسيرة مراحل الحرب، إعلام يقلب الخسارة إلى إنتصار تحت ذرائع وهمية مخادعة .

رابعاً- من الصعب تجاوز مديات الحرب وفق منظور حسابات القدرة والقوة وتقدير صناع القرار.

خامساً- متى تنته الحرب على غزة ومن يقرر إنهائها وكيف في ضوء معايير السياسة التي تتحكم بمدخلات ومخرجات الأحداث في المنطقة ؟

الواقعية السياسية، أو السياسة الواقعية مسألة لها وزنها عند صنع قرار الحرب وقرار السلم .. الحرب حالة إستثنائية قاعدتها العامة إنهاء الحالة المؤقتة بكل السبل الممكنة والمتاحة .. فإذا لم تتحقق الاهداف لن تتوقف الحرب .. وما دامت مستمرة في القضاء على الأخضر واليابس فإن الاهداف لم تعد قريبة.. الآعبون الكبار إقليميون ودوليون لا يريدون وقفها لأن اهدافهم لم تتحقق بعد.!!

 






السبت ١١ شــوال ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / نيســان / ٢٠٢٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة