شبكة ذي قار

أرشيفات فبراير 2025

غزة وفرصة التيار القومي

غزة وفرصة التيار القومي

ألق البعث

  نطالع باهتمام ما تجود به أقلام كتاب عرب وهم يحاولون ربط معركة طوفان الأقصى بالمشروع الفارسي الذي نؤمن قطعاً أنه صديق حميم للمشروع الصهيوني العدواني المجرم ويماهيه رغم كثرة وحبكة ادعاءات إيران وأعوانها التي تحاول جاهدة إدامة العمى الذي أصاب بعض العرب أو تحاول أن تصيب المزيد منهم به.

نحن نرى أن هذه المحاولات يعوزها البعد السياسي، وتغلب عليها نزعات مختلفة باعثها الأهم هو الغدر والمعاناة والعدوانية التي سار عليها الخرق الإيراني البغيض لجسدنا العربي. ببساطة متناهية، نرى أن طوفان الأقصى فعل عربي جسور، لم يشترك في تنفيذه فارسي واحد، لا تخطيطاً ولا تنفيذاً، وأن الدماء التي سالت ولا تزال تسيل في غزة هي دماء عربية طاهرة، والبيوت التي دُمرت ولا زال يجري تدميرها ليس فيها طابوقة واحدة فارسية، بل هي لعرب فلسطين الأحرار الصابرين المحتسبين.

وإذا جادلنا أحد في دعم إيراني لغزة فليرينا هذا الدعم واقعاً، وإذا كان هناك من يقول إن إيران أمدت حماس ببعض السلاح فهذا لا يعني أن المعركة والفداء والتضحيات صارت إيرانية لمجرد وقود بعض قطع السلاح الإيراني التي قد يكون أهل فلسطين قد اشتروها. المهم هنا أن نقول إن معركة طوفان الأقصى هي معركة الشعب العربي وإن لم تكن معركة أنظمتنا المتخاذلة أو المنبطحة أو المستسلمة للمشروع الصهيوني.

وإن على الشعب العربي أن يستثمرها هو وقواه الوطنية والقومية استثماراً يبعث الروح بالمشروع القومي العربي الوحدوي التحرري، وبوسع العرب وقواهم القومية أن يجدوا آلاف الطرق التي تغذي صمود غزة وتدعم وتعزز جسارتها وشجاعتها ومطاولتها الأسطورية. إن فرصة العرب وقواهم القومية مواتية لتوسيع المعركة ودعمها بالمال والسلاح والغذاء والإعلام وفي تشكيل المجموعات التي تستثمر همجية وإجرام الكيان الصهيوني وإيغاله في تدمير غزة، والتي واجهت وتواجه ردود أفعال دولية غاضبة ومستنكرة في عديد من الدول في كل أرجاء العالم. إن التأسيس انطلاقاً من معركة طوفان الأقصى مفتوح على مصاريعه في كل الميادين، وعلى الأحزاب والقوى الوطنية والقومية أن تتحرك وتفعل كل ما في وسعها للانطلاق منه في معارك تحرير فلسطين ومعها تحرير العقل العربي والإرادة والسياسة وتحقيق الاستقلال والوحدة.

سُورْيَا اليَوْم .. الوَضْع الماليِّ وَحَرَكَة النَّقْد

 

سُورْيَا اليَوْم ..

الوَضْع الماليِّ وَحَرَكَة النَّقْد

  – سوريا جَسّام أمِين

 

في ظروف سوريا الراهنة بعد انتصار الثورة وهروب بشار الأسد الرئيس الفاسد ذبّاح شعبه وبعد تنظيف الخزينة السورية من النقد الأجنبي وخلو البنك المركزي من الاحتياطي النقدي الاجنبي والمعدن الاصفر .

وبعد العبث في الاقتصاد السوري من اوساط الأسد والطبقة الطفيلية الفاسدة يجري الان البحث في مستوى الطلب الأمثل للاحتياطيات الاجنبية التي ينبغي أن يحتفظ بها البنك المركزي السوري نيابة عن الدولة لأن سوريا الان ليست في وضع اقتصادي مريح يسمح لها المجال او يسمح لخيارات متاحة تلجأ اليها حتى تبحث التكلفة التي يتحملها الاقتصاد الوطني من زاوية تحديد الاحتياطي المطلوب أو الأمثل أو الممكن منعاً لئلا يطيح ذلك بالاستخدامات الأخرى البديلة لهذه الموارد والتضحية بها، لأن البنك المركزي السوري يفتقد اصلا للاحتياطيات النقدية الخارجية بسبب السرقة والعبث فيها سابقاً ولا تتوفر الان شروط  وظروف توفرها.

 لكن من وجهة النظر الاقتصادية أو نظرية النقد فإن المستوى الأمثل للاحتياطيات النقدية الخارجية لاي بنك مركزي يتطلب عملياً المعادلة بين التكلفة والعائد الاجتماعي الطبيعي لهذه الموارد  .بعبارة أخرى المطلوب جعل التكلفة الحدية للاحتفاظ بالاحتياطيات النقدية مساوية للمنافع الحدية الإنتاجية المتحققة منها.

 تاريخياً وصلت احتياطيات البنك المركزي السوري عتبة الاحدى وثلاثين مليار دولار في أعوام الألفية قبل ٢٠١٠ إذ أدت عوائد اسعار الصادرات السلعية وموارد السياحة إلى تحقيق عوائد مكنت البنك المركزي من الوصول إلى مستوى هذا الرقم  التاريخي من الاحتياطيات النقدية الخارجية. و لكن هذه الاحتياطيات تقلصت تدريجياً نتيجة توقف عجلة الاقتصاد السوري وتراجع صناعة السياحة عدا عن دخول سوريا في حالة من عدم الاستقرار السياسي والامني بدءاً من العام ٢٠١١ وما تلاه .

  ولكن ماينبغي التأكيد عليه ان عوائد انتاج وتصدير القطاع الخاص مع السياحة هما فقط من شكّلا رافداً للموازنة العامة وقاطرةً للعجلة الاقتصادية حتى الى بعض السنوات الأولى من تدهور الوضع الداخلي وتطور الاحداث وبداية  الحرب المعلنة من نظام الأسد على شعبه وتفريغ البلاد من قوة العمل وتهجير أكثر من نصف الشعب السوري إلى خارج البلاد وبلاد المهاجر المجاورة والابعد     .

 

حركة النَقْد

واليوم فإن ما تحتاجه سوريا بوضعها الصعب الحالي من احتياطيات نقدية خارجية او صعبة لدى البنك المركزي بافتراض تحقق السلام الداخلي الكامل والامان، هو ذلك الحجم الذي يسمح للبنك المركزي من سحب فائض السيولة المحلية من الاسواق ويعزز ثقة القطاع المصرفي والمالي بالسياسات النقدية وسياسة سعر الصرف التي يتبعها البنك المركزي السوري. عدا عن إشاعة قدر من اليقين لدى الخارج من أن سوريا قادرة على الوفاء بالتزاماتها امام احتياجات شعبها الداخلية بعد سنوات الجوع والفقر والفاقة والحاجة.

 كما ان ذلك المستوى من الاحتياطيات الذي يلبي حاجة الدولة للاستيراد والالتزام بدفع ديونها الخارجية واعباء هذه الديون إضافة إلى مواجهة الصدمات الخارجية والداخلية وهذا هو وضع سوريا المستقر في ظل تحقق الاستقرار وفق ما هو مطلوب للناس والمجتمع .

 نظرياً وتجريبياً فان نظام سعر الصرف الذي تتبعه الدولة في أي بلد يؤثر بحدود معينه وان كان بشكل غير مباشر على الموارد المتاحة للتنمية الاقتصادية وعبر ما يتركه من اثر على الاحتياطيات النقدية الخارجية، وبالتالي على بدائل استخداماتة المقررة سلفا  .

 وهنا ينبغي أن نفهم أن أنظمة سعر الصرف الثابتة بأنواعها تلتهم قدراً كبيراً من الاحتياطيات النقدية لدى الدولة فيما أنظمة اسعار الصرف المعوّمة والمدارة تحتاج إلى استخدام قدر اقل للاحتياطيات النقدية. لأن البنك المركزي السوري في وضع السعر المرن يستخدم مزيج من الأدوات للحفاظ على استقرار سعر الصرف إذ أن الأسواق  الحرة هي من تحدد سعر الصرف العادل والذي يتحقق عبر ٱليات السوق الداخلية والخارجية.  ولكن هذا يحدث حصرياً في الدول عندما تكون الأسواق ناضجة والهيكل الاقتصادي متنوع ومنفتح على الخارج .

 وهنا على المؤسسات المالية والمصرفية ان تتميز بالانضباط  وتنفذ معايير معروفة ونظم   الشفافية والحوكمة في نشاطها وعملياتها المصرفية الداخلية والخارجية ايضا.

 

أسعار الصَرف 

 لكن في سوق الصرف في بلادنا لاتتوفر مثل هذه الشروط وهذه المعايير خاصة مع تحول جزء كبير من عمليات البنوك إلى شركات الصرافة ومع تراجع الاقتصاد الحقيقي فقد أصبح الاقتصاد النقدي هو من يمثل سمة الوضع الراهن خاصة مع غياب الشمول والرقمنة في  النشاط المالي والاقراضي للبنوك المحلية المنتشرة  .

 وقد يتساءل بعض العامة من الناس كيف أن نظام  سعر الصرف الثابت الذي تتبعة الدولة السورية الى حد ما مقبول في الوقت الحالي ويشهد استقراراً نسبياً في سعر الصرف، فيما نظام سعر الصرف المعوم في مناطق سلطة الشرعية الحالي أدى إلى تدهور مستمر في سعر الصرف قبل الثورة في النظام السابق وقبل الإنتصار واسقاط عصابات التسلط الاسدية ووصل سعر الصرف في دمشق عتبة ال ١٥ ألف ليرة سورية للدولار ..؟؟

 الإجابة على هذا التساؤل واضحة ومعروفة وتفيد أن ماهو متبَع في سعر صرف السلطة في دمشق حينها لايمكن وصفه بأنه نظام سعر صرف ثابت لانه غير مرتبط بعملة دولية أو بسلة عملات دولية ولكنه سعر موجه من قبل السلطات الفوقية للنظام السابق وبالحديد والنار ولا تستطيع السوق المقيدة اصلا بالاجراءات والمخاوف تجاوزه ابدا .

  ولذلك فان هذا السعر مرة أخرى وثانية وثالثة هو سعر صوري وغير حقيقي ومخرجاته لا تنعكس على اسعار السلع والخدمات ولا على أصحاب معامل الإنتاج . عدا أن المعروض هناك من العملة المحلية هو أقل بواقع 40 في المائة تقريبا عن حاجة المعاملات الاقتصادية في مناطق سلطة دمشق ولذلك يرتفع  المعروض من العملات الأجنبية بالمقارنة مع المعروض من العملة المحلية وسرعة تداولها عبر عمليات البيع والشراء المحلية وعبر ضخ العملات كاجور ورواتب والتزامات انفاقية أخرى  .

 ولكن في الوضع الحالي بعد سقوط نظام الأسد هناك أزمة سيولة محلية قوية وهناك عامل مهم يدعم الاقتصاد دمشق بقوة يتمثل بحجم التحويلات المالية الخارجية بالعملات الأجنبية التي تذهب الى سوريا والتي تشكل  قيمة واردات 

مناطق اخرى أيضا خارج سيطرة الدولة من السلع والمحاصيل حيث يحول يوميا ماقيمتة بين  30-40 مليار ليرة سورية تقريبا.

 كما فرضت السلطة الجديدة المؤقتة منذ فترة نظاماً صارماً لتقنين واستخدام وتحويل العملات الأجنبية ومنع تحويلها إلى مناطق خارج سيطرتها فيما العكس يحدث في المحافظات السورية الشرقية حيث تتسرب العملات إلى مناطق سلطة العاصمة دمشق بسهولة ويسر والكثير من مكاتب وشركات الصرافة تستلم يومياً توجيهاتها من هناك .

 ولذلك مايحدث من مضاربات في سعر الصرف موجهة عدا أن الأزمة الاقتصادية التي تواجهها سوريا هي نتاج لسياسة سلطة النظام السابق الفاسد وجزء من أدوات عصابات الاسد فهم من فرضوا الظرف القاهر لاخراج مادتي النفط والغاز عن سيطرة الدولة، وعلى النظام الجديد العمل على وضع اليد على هذه الثروة الوطنية .

 مضاربات الفساد

 من جانب اخر وبسبب الظرف الحالي الذي يتسبب في غياب وضعف الدور المساند للبنك المركزي السوري من قبل الجهات الحكومية الجديدة ومؤسساتها، والفراغ الناجم عن غياب الحكومة الحالية فى هذه المرحلة الانتقالية فقد استفحلت عمليات المضاربة بسعر الصرف وبدوافع الإثراء وتحويل الأموال خارج سلطة البنك المركزي وهو ناتج  عن مخرجات بقايا الفساد العام الذي استفحل بشكل وحشي بزمن الحاكم  القاتل  بشار الأسد .

 مبدئيا كان يفترض أن يؤدي نظام سعر الصرف الحر المتبع الان إلى الوصول إلى تحقيق سعر الصرف الحقيقي والعادل أو المقبول لكن عوامل كثيرة لعبت دوراً سلبياً وألحقت ضرراً بالغاً بمعيشة الناس ومن بينها عدم كفاءة السوق وتشوهاته وعدم تفعل النظام الجديد وإنفاذ القانون وتعدد السلطات ومراكز النفوذ وغياب الدور الداعم والإسناد للبنك المركزي .

  فجميع هذه العوامل وفرت بيئة مثلى للأنشطة الطفيلية وتوسع عمليات المضاربة بسعر الصرف. ومع ذلك يعمل البنك المركزي الان على ملاحقة الأنشطة ويأمل تعزيز دور الدولة ومؤسساتها الأمنية والقانونية في هذا المجال.

 واخيرا نود أن نشير الى أن تحقيق اختراق يؤدي إلى عودة سعر الصرف إلى وضعة الطبيعي النسبي يتطلب  تعزيز احتياطيات البنك المركزي بعدد من المليارات من الدولار  تمكنة من سحب فائض السيولة وتوفير حاجة الاستيراد الضرورية  . ولكن مثل هذه الحلول ستكون مؤقتة إن لم يتم  تحسين كفاءة تحصيل الموارد والحد من الإنفاق ومواجهة ظاهرة الفساد بحزم وبنية صادقة ومخلصة واعتبار ذلك مطلباً وطنياً قبل أن يكون مطلب إقليمي ودولي .

 كما أن من المهم والضورة القصوى العمل على توفير مدخلات الطاقة الكهربائية وخدماتها وموارد شراء الطاقة بالاعتماد على الموارد المحلية ومن بينها موارد انتاج وتصدير النفط والغاز ونعتقد أن المتغيرات الدولية والمحلية المتسارعة ستخلق الظروف والشروط الملائمة لتحقيق هذه التوجهات على أرض الواقع وعلى المدى القصير والمدى المتوسط على ابعد تقدير  .

 

 

 

بيان القيادة القومية في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية واستشهاد القائد صدام حسين

في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية واستشهاد القائد صدام حسين:

 

القيادة القومية: 

         

الثورة الفلسطينية تعيد إنتاج نفسها في” طوفان الأقصى” بتراكم نضالاتها.

مشهدية استشهاد القائد صدام حسين عامل إلهام لمقاومي أرض الرباط.

ومنظمة التحرير كانت وستبقى الممثل الشرعي والوحيد لشعب فلسطين.

اعتبرت القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، أن الثورة الفلسطينية التي راكمت نضالها أعادت إنتاج نفسها من خلال عملية “طوفان الأقصى” وما تلاها من مواجهات بطولية للمقاومة التي استلهم مناضلوها صلابة الإرادة وقوة العزيمة من مشهدية استشهاد قائد العراق والأمين العام لحزب البعث الرفيق صدام حسين صبيحة الأضحى المبارك. كما أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية كانت وستبقى الممثل الشرعي والوحيد لشعب فلسطين، وكل استهداف سياسي لها ولدورها إنما يكمل بنتائجه حرب الإبادة والتهجير التي يشنها العدو والمتواصلة فصولها منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر.

جاء ذلك في بيان للقيادة القومية للحزب في الذكرى التاسعة والخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية والذكرى السابعة عشر لاستشهاد القائد صدام حسين.

تحل الذكرى التاسعة والخمسون لانطلاقة الثورة الفلسطينية والذكرى السابعة عشر لاستشهاد قائد العراق الأمين العام لحزب البعث الاشتراكي الرفيق صدام حسين، على وقع واحدة من جولات المواجهة مع العدو الصهيوني التي أطلقت شرارتها عملية “طوفان الأقصى”، والمتوالية فصولاً على أرض الرباط من غزة حواضرها إلى الضفة الغربية بكل مدنها ومخيماتها.

هذه المواجهة التي تطوي شهرها الثالث، سجلت قفزة نوعية في مسار النضال الوطني الفلسطيني منذ أطلقت الثورة رصاصتها الأولى في فاتحة اليوم الأول من  عام 1965، وهي التي حققت إنجازاً عظيماً تمثل باختراق المقاومة  في السابع من أكتوبر دفاعات وتحصينات العدو، وأنزلت  به خسائر فادحة مادية ومعنوية، وأهم ما فيها أنها أحدثت ارتجاجاً في بنية الكيان الصهيوني، وجعلت ردة فعله الهستيرية التي عبر عنها من خلال إعلانه لحربه المفتوحة ضد جماهير غزة، تقدم أدلة إضافية على طبيعته العنصرية والعدوانية  وتنكره لأبسط القيم الإنسانية وانتهاكه لأحكام القانون الدولي الإنساني بارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وصلت حد حرب الإبادة، التي لم يشهد  التاريخ مثيلاً لها.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وهي تكبر بجماهير شعبنا بفلسطين المحتلة صمودها وتشبثها بأرضها رغم التضحيات الجسيمة التي تقدمها  وهي تواجه  آلة الحرب الصهيوني باللحم الحي، توجه التحية للمقاومين الأبطال  الذين يتصدون للعدو بالإمكانات المتاحة ويجعلون من غزة مقبرة للغزاة مسطرين واحدة من ملاحم البطولة في مسيرة النضال الوطني الفلسطيني التي تمتد إلى قرن ونيف من الزمن، في مواجهة لاحتلال استعماري استيطاني، كان ولما يزل يحظى بكل الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري من قوى الاستعمار الحديث الذي ينعقد لواءه اليوم لأميركا كموقع مقرر وموجه له. وأنْ تُسارع قوى هذا النظام وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية لإرسال أساطيلها وحاملات طائراتها وتقيم جسراً جوياً لإمداد العدو بالعتاد وهو المتخم أصلاً بالسلاح، فلكي توجه رسالة للأمة العربية والعالم، بأن “اسرائيل” ماهي إلا محمية أميركية يرتبط  وجودها ودورها في المنطقة بمصالح هذا النظام ، وإن كل ما تعرض له الوطن العربي  من عدوان متعدد الأشكال وتدمير لدوله وتفتيت لبناه المجتمعية الوطنية  وأشده وأقساه ما تعرض له  العراق، لم يكن سوى مقدمات لإكمال السيطرة على كل فلسطين وفرض التهويد والصهينة على معالم الحياة فيها وإعادة تشكيل نظام إقليمي جديد تتشكل أضلعه الأساسية من الكيان الصهيوني وإيران وتركيا، كمواقع  اتكاء إقليمي  لتنفيذ مشروع الأطباق والهيمنة  الذي تلعب  أميركا دور القيادة الاستراتيجية له وعلى حساب النظام القومي العربي.

 من هنا، فإن الحرب التي يشنها العدو الصهيوني على غزة، وما يقوم به في الضفة الغربية والقدس من اغتيالات واعتقالات وتجريف للمخيمات والأحياء الآهلة بالسكان، إنما هو استكمال للمخطط الذي بوشر بتنفيذه منذ قررت بريطانيا رعاية المشروع الصهيوني بإقامة كيان غريب على ارض فلسطين يكون عدواً لأهل المنطقة وصديقاً للاستعمار وفق ما نصت عليه مقررات مؤتمر كامبل بانرمان ١٩٠٥-١٩٠٧ ووعد بلفور ١٩١٧.

إن كل مقاربة لهذه الحرب، لا تنطلق من اعتبارها حرباً ضد شعب فلسطين بكل قواه البشرية وضد كل قوى مقاومته على مختلف طيفها السياسي، وبغض النظر عمن يتصدر المشهد بعنوانيه العسكري والسياسي، إنما يقع في الحسابات الخاطئة، ويقدم خدمة لأعداء فلسطين عبر استغلال واقع الانقسام الفلسطيني بهدف تعميق شروخاته وتعقيد محاولات توحيد الصف الوطني على ارضية موقف وطني من اجل ادارة الصراع سياسياً وعسكرياً مع كل اشكال المواجهة مع الاحتلال الصهيوني وداعميه والمتقاطعين معه بالنتائج.

 وأن تدخل هذه الحرب شهرها الرابع رغم عنف معاركها ولا يستطيع العدو تحقيق أهدافه التي أعلنها يوم اطلق العنان لآلة حربه التدميرية ، فلأن المقاومة تخوض هذه الحرب مستندة إلى مخزون نضالي تراكمت معطياته على مدى مسيرة النضال الوطني الفلسطيني ،كما أن المقاومين الذين يخوضون غمار هذا الحرب رغم اختلال موازين القوى العسكرية ، انما يتمتعون بصلابة  الإرادة وقوة العزم واستلهام معاني البطولة المستمدة من قوة ومشروعية  الحق الذي يناضلون لأجله  ومن قوة وعزم الذين سبقوهم في تصديهم لمن ناصب الأمة العداء وبقوا على شموخهم، راسمين مشهدية من البطولة غرزت عميقاً في الوجدان  العربي  كتلك التي تمثلت بوقفة  شهيد الحج الاكبر القائد صدام  وهو على منصة الاستشهاد موصياً بفلسطين وناطقاً  بالحرية لها قبل النطق بالشهادتين . ولهذا كان من الطبيعي جداً أن يتردد صدى هذا الصوت القومي المدوي في غزة والضفة والقدس وكل حواضرها ورافعاً مستوى العملقة للمقاومين الابطال الذين جعلوا العدو يدفع غالياً ثمن عدوانه وهو يغرق في ارض غزة التي تقاتل مع رجالها. 

إن النتائج الايجابية التي ستفرزها هذه المواجهة بأبعادها الوطنية والقومية والانسانية سيعم خيرها ونفعها على الكل الوطني الفلسطيني واستطراداً على الامة العربية، واما النتائج السلبية فإن   تداعياتها الثقيلة ستنعكس على هذا الكل وأخطر ما في ذلك تعميق شرخ الانقسام الفلسطيني.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وانطلاقاً من حرصها على حماية كل انجاز وطني يتحقق في سياق المواجهة مع العدو الصهيوني كما اية مواجهة ذات بعد قومي، تعتبر ان مرحلة التحرر الوطني التي تمر بها حركة النضال الوطني الفلسطيني، تفرض وحدة وطنية فلسطينية على مستوى الرؤى السياسية والاطر المؤسساتية. وإذا كانت الرؤى السياسية تحكمها وحدة البرنامج النضالي ببعده المرحلي والاستراتيجي، فإن الاطر المؤسساتية تفرضها ضرورة توحيد المرجعية التي تتولى ادارة الشؤون السياسية والنضالية وادارة الشأن المجتمعي. وعملية طوفان الاقصى التي ليست بنت ساعتها الا لجهة توقيتها، فإن اهمية سياقها النضالي انها تمثل استمرارية للثورة التي تحل هذه الايام ذكرى انطلاقتها التاسعة والخمسين مع كل المحطات النضالية التي عبرتها. وأما الاطر المؤسساتية للثورة الفلسطينية فإنها تتجسد في الشرعية التي تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية.

ان هذه الشرعية الوطنية الفلسطينية ُبني صرحها بالتضحيات التي قدمها شعب فلسطين عبر مقاومته، وهي انتزعت اعترافاً سياسياً عربياً ودولياً، لدورها الذي اضطلعت به استناداً الى شرعية تمثيلها السياسي والنضالي على المستوى الوطني الفلسطيني كما المستوى العربي والدولي.

إن منظمة التحرير بما هي مؤسسة شرعية قائمة، قادرة على استيعاب كل فصائل المقاومة مع تطوير مؤسساتها في ضوء التطورات والمتغيرات التي طرأت على مسار النضال الوطني الفلسطيني. وان كل من يعمل على تجاوز دور هذه الشرعية الوطنية الفلسطينية أو يعمل على  ابراز بدائل لها، أو تناولها بالسوء والتهجم عليها ، إنما يقدم خدمة للعدو الصهيوني الذي لا يوفر فرصة إلا ويقتنصها لأجل زيادة عوامل الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني.

إن القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وفي مناسبة الذكرى ١٧ لاستشهاد القائد صدام حسين، شهيد العراق وفلسطين وكل الأمة العربية، وفي الذكرى التاسعة والخمسين لانطلاقة الثورة، بقدر ما تدين موقف النظام الرسمي العربي الذي لم يقدم على اتخاذ خطوات عملية وضاغطة لوقف العدوان وفك الحصار عن غزة  ومدّ جماهير فلسطين بكل مقومات الصمود ، تدعو فصائل المقاومة الفلسطينية الى حماية انجازاتها النضالية ومنها انجاز “طوفان الاقصى” كي يبنى عليه  لتقوية موقع مسيرة النضال الوطني الفلسطيني  ، كما  حماية انجازاتها السياسية واولها شرعيتها التمثيلية   التي بني صرحها بدم الشهداء، لان عكس ذلك سيؤدي الى التفريط بالنتائج الايجابية لهذا الانجاز الوطني الكبير وهو الذي اعاد القضية الفلسطينية  الى مداها القومي والى الفضاء الانساني  وحولها  الى قضية رأي عام دولي. 

في ذكرى استشهاد شهيد الحج الاكبر الرفيق القائد صدام حسين وذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية، ليتجدد عهد المناضلين المقاومين على أرض فلسطين لشعبهم وأمتهم بمغادرة كل أشكال الانقسام السياسي لأجل أن تستمر الثورة مسيرة صاعدة حتى تحرير فلسطين ولأجل انهاء كل أشكال الاستلاب القومي والاجتماعي للأمة العربية.

تحية لروح الشهيد القائد صدام حسين في الذكرى السابعة عشر لاستشهاده.  

وتحية لقائد ثورة فلسطين ومطلق رصاصتها الأولى الرئيس الشهيد ياسر عرفات

تحية لشهداء فلسطين والعراق وكل الأمة العربية.

تحية لشعب فلسطين ومقاومته وممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية

تحية لشعب العراق ومقاومته ضد الاحتلالين الأميركي والإيراني.

عاشت فلسطين حرة عربية، عاش العراق حراً عربياً ديموقراطياً موحداً، عاشت الأمة العربية.

الشفاء للجرحى، والحرية للأسرى والمعتقلين من أبناء شعبنا في فلسطين المحتلة والعراق.

  والخزي والعار للخونة والمتآمرين والمطبعين.

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي

في ٢٠٢٣/١٢/٢٧

بيان صادر عن قيادة قطر فلسطين في الذكرى ال 17 لاستشهاد القائد صدام حسين

بيان صادر عن قيادة قطر فلسطين

في الذكرى ال 17 لاستشهاده

القائد صدام حسين ما زال حاضراً في وجدان الأمة

بسم الله الرحمن الرحيم

(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) صدق الله العظيم

يا أبناء شعبنا العربي الفلسطيني

يا أبناء امتنا العربية المجيدة

يحيي أبناء حزب البعث العربي الاشتراكي ومعه أبناء الأمة وأحرار العالم الذكرى الـ 17 لاغتيال الرئيس القائد صدام حسين الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، ففي صبيحة يوم الاثنين الموافق الثلاثين من كانون أول من عام 2006 أقدمت السلطة العميلة في بغداد وبأوامر من واشنطن وطهران على اغتيال الرئيس الشهيد صدام حسين، وقد مثل ذلك اليوم فاجعة للأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم حيث صادف ذلك اليوم الأول من أيام عيد الأضحى المبارك وقد رام الحاقدون على العروبة والإسلام ضرب عروبتنا وإسلامنا في الصميم، ولكن كانت خيبتهم كبيرة فرغم الحزن الشديد الذي خيم على جموع الحجيج فقد أعلنوا ومن على جبل الرحمة جبل عرفات تكريمه بشهادة شهيد الحج الأكبر.

لقد مثلت عملية اغتيال الرفيق الشهيد صدام حسين رحمه الله نكسة للعروبة والإسلام وأحرار العالم والذي كان بمثابة  الدرع الحامي لهم من أطماع الفرس والصهيونية والامبريالية للأقطار العربية وفلسطين بشكل خاص، فلم تتجرأ دولة في العالم على نقل سفارتها إلى مدينة القدس بعد ضمها من قبل دولة الاحتلال الصهيوني وإعلانها عاصمة لكيانه المحتل سنة 1981 وجاء ذلك بعد إعلان الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية  والذي خطه الرئيس صدام حسين محذراً ومتوعداً أي دولة في العالم تنقل سفارتها لمدينة القدس وقد بدا ذلك واضحاً وجليا بعد احتلال العراق سنة 2003 واغتيال نظامه الوطني باستباحة البلاد العربية بإشعال الفتن الطائفية والحروب من خلال انشاء الميليشيات الطائفية المدعومة من الغرب وإيران مما أدى إلى قتل الملايين وتهجير عشرات الملايين خارج أوطانهم، كما حدث ويحدث في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا وغيرها، حتى أصبح المواطن العربي غير آمنٍ في وطنه.

وقد استغل الكيان الصهيوني غياب العراق بنظامه الوطني نتيجة احتلاله من الولايات المتحدة الأمريكية باستباحة الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس وبدعم واضح من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية من خلال مصادرة الأراضي وبناء عشرات آلاف من الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة الغربية كذلك انشاء مئات البؤر الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية، إن كل ذلك لم يكن ليحدث بوجود العراق بنظامه الوطني وأيضاً لم يكن ليحدث العدوان المستمر وحرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني بدعم واسناد من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية  على قطاع غزة الأبي تحت سمع وبصر المجتمع الدولي الذي وقف صامتاً وعاجزاً عن وقف العدوان الذي أسفر عن جرح واستشهاد ما يزيد عن 100 ألف فلسطيني 70% منهم من الأطفال والنساء إضافة إلى تدمير 60% من المساكن بما فيها المستشفيات والمدراس والمساجد والكنائس.

لقد قدم الرفيق الشهيد الرمز صدام حسين روحه وولديه وحفيده وكل ما يملك فداء لشعبه ولعقيدة الأمة وثوابتها الأخلاقية والإنسانية ودينها وإيمانها بسخاء نادر أو لعله قليل المثال، مبرهناً لشعبه وأمته العربية والإسلامية وللبشرية جمعاء بأن الاستشهاد من أجل الشعب والأمة والحقوق والثوابت والمبادئ هو ولادة تتجدد ولا تغيب عن مشهد التاريخ بصيغته المستمرة الآن وبصيغته الآتية بأمر الله سبحانه وتعالى ولن تستطيع كل وسائل إعلام الكون بمؤسساته السياسية والاقتصادية والعسكرية على إلغائها أو طمسها من ذاكرة الأجيال.

ولمواجهة الظروف الراهنة والتي تعد الأسوأ في تاريخ الشعب الفلسطيني تدعو قيادة قطر فلسطين إلى:

أولاً: تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا العربي الفلسطيني.

ثانياً: التوجه إلى الأحزاب والقوى العربية المؤيدة لحق شعبنا وإعادة تشكيل الجبهة الوطنية المؤيدة للثورة الفلسطينية.

ثالثاً: التوجه إلى المؤسسات الدولية ومنها محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية وفضح السياسات العنصرية التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد شعبنا من جرائم وحرب إبادة وتفرقة عنصرية.

رابعاً: تعزيز المقاطعة للمنتجات الصهيونية، ودعم حركة المقاطعة الدولية فمن غير المعقول أن يستمر العدو الصهيوني بقتل وإبادة شعبنا وجني أرباح تقدر بالمليارات جراء بيع منتجاته في الأراضي الفلسطينية والبلاد العربية والإسلامية واستخدامها بمجهوده الحربي.

وفي ذكرى استشهاده الأليمة نوجه التحية للمقاومة الفلسطينية والتي تتصدى ببسالة لجيش الاحتلال، ونترحم على شهداء غزة الأبية الصامدة والثابتة في وجه مغول العصر، ونترحم على شهداء الضفة المحتلة الذين رووا بدمائهم الطاهرة سهولها وتلالها وجبالها.

ونترحم على شهداء العراق وفلسطين والأمة العربية.

متمنين الشفاء العاجل للجرحى والحرية للأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني وفي سجون السلطة العميلة في العراق الجريح.

قيادة قطر فلسطين… جبهة التحرير العربية

رام الله-30-12-2023

بيان قيادة قطر اليمن بمناسبة الذكرى السابعة عشر لاستشهاد القائد البطل صدام حسين.

بيان بمناسبة الذكرى السابعة عشر لاستشهاد القائد البطل صدام حسين.

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) صدق الله العظيم.

وقال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) صدق الله العظيم.

يا جماهير شعبنا اليمني العظيم.

تحل علينا الذكرى السنوية السابعة عشر لاستشهاد الرفيق القائد صدام حسين، الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، رئيس جمهورية العراق رحمه الله برحمته الواسعة، دفاعاً عن كرامة وحقوق العراق والأمة العربية المجيدة وقضيتها المركزية القضية الفلسطينية، ودفاعاً عن مبادئ وقيم حزب البعث العربي الاشتراكي، والقيم الإنسانية في وجه الاحتلال الأمريكي والمشروع الفارسي الصفوي الإيراني الشعوبي وعملائه في العراق، وقد اعتقد الجبناء واهمون أن اغتيال البطل صدام حسين سيمكنهم من تحقيق مشروعهم الاستعماري القذر، ناسين أن رفاق صدام ومجاهدي فلسطين هم أبناء أمة تعشق الموت في سبيل كرامتها عشقها للحياة، وأن المجاهدين الذين حولوا أرض العراق إلى مقبرة للغزاة، سيحول مجاهدو فلسطين وأبطالها أرض فلسطين وغزة إلى مقبرة للمحتلين كذلك.

يا جماهير أمتنا العربية المجيدة.

إنً تخليد ذكرى استشهاد القائد صدام حسين ليست رثاءً، بل مناسبةً لاستلهام تاريخ النضال والتضحيات والإخلاص للمبادئ، وللتذكير بأهمية التمسك بمبادئ الشهيد الثورية، وبحتمية سلوك طريق التضحية بما يقتضيه من بطولة، واستنهاض الجماهير العربية، والوطنيين القوميين التقدميين للاستعداد من أجل التحرر من الاستعمار والقوى الرجعية، وضمان تجديد المبادئ، لتجديد الحياة، كما جسدها الشهيد القائد صدام حسين.

 وليس ثمة وفاءٍ للشهيد صدام أقل من المضي على ذات الطريق الذي ضحى فيه بروحه، من أجل تحقيق مشروعه الكبير الذي انتهجه وكان أهلاً له، فقال الشاعر في هذه الصفة:

    لستُ أرثيك لا يجــــــوزُ الرثاءُ          كيف يُرثى الجلالُ والكبريــــاءُ؟

    لستُ أرثيك يا كبـــــيرَ المعالي          هكذا وقفةُ المعـــــــــــالي تشـــاءُ

     هكـــــــــــذا في مداره يستقــــــــــــر           النجم ترتج حوله الأرجــــــــاءُ

      وهو يعلو تبقى المحاجرُ غرقى          في سنـــــــــــــــاهُ وكلها أنداء!

 لقد كان الشهيد صدام حسين، شهيد الحج الأكبر، قائداً عظيماً مناضلاً وطنياً وقومياً، قلما يجود التاريخ بمثله، قاد المشروع القومي العربي التحرري النهضوي لبناء الإنسان العربي، من أجل ارتقاء الأمة العربية، ووضعها في مصاف الدول المتقدمة، قادرة على مواجهة أعدائها وصيانة كرامتها وعزتها، فكل هذا لم يرق للأعداء فأخذوا يلملمون أحقادهم لتدمير قلعة العروبة والمجد، ورموزها وعندما نتحدث عن الشهيد البطل صدام حسين، فإننا نتحدث عن زعيم بحجم الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، ولا نبالغ في هذا الوصف، فمن بعد اغتياله ضاعت الأوطان وانتشرت الطائفية والاقتتال الداخلي في معظم بلدان الوطن العربي.

أيها الأحرار في أمتنا المجيدة.

تأتي الذكرى السابعة عشر لاستشهاد قائد الأمة البطل صدام حسين ،هذا العام وأمتنا العربية تمر بأشد المراحل المصيرية تعقيداً وأكثرها تآمراً ومع ذلك تسطر المقاومة في فلسطين الجريحة بشكل عام، والمقاومة في غزة بشكل خاص معركة بطولية مصيرية منذ السابع من أكتوبر 2023 م، معركة طوفان الأقصى التي ألحقت بالكيان الصهيوني هزيمة لم يشهدها منذ احتلاله لأرض فلسطين، مما جعل ردة فعله شن عدواناً وحشياً على قطاع غزة ، الذي بدوره أظهر الطبيعة الإجرامية العنصرية للكيان الصهيوني في جرائمه التي لم يشهدها التاريخ، ولو كان القائد صدام حسين حياً لما وصل حال النظام العربي الرسمي إلى هذا الحد من التخاذل، ولكان موقف العراق مدوياً في مواجهة الكيان الصهيوني.

المجد وعليين للشهيد للقائد صدام حسين رحمه الله ولرفيق دربه المناضل عزة إبراهيم رحمه الله، المجد والخلود لشهداء فلسطين والعراق وكل شهداء الأمة على امتداد الساحة العربية النصر والظفر لجماهيرنا العربية المناضلة.

عاشت فلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر

والله أكبر، وليخسئ الخاسئون.

قيادة قطر اليمن المؤقتة

صادر

في السابع عشر من جماد الآخر 1445هـ

 الموافق الثلاثون من كانون الأول 2023م.

وقفات مع الخطاب التاريخي للقائد المجاهد الرفيق أبو جعفر أمين سر قيادة قطر العراق بمناسبة الذكرى 54 لثورة ١٧-٣٠ تموز المجيدة.(3)

وقفات مع خطاب الرفيق أبو جعفر عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي في الذكرى الخامسة والخمسين لثورة السابع عشر -الثلاثين من تموز ١٩٦٨ (3)

الوقفة الثالثة: صناعة النصر إرث بعثي يتناسل والتحرير قادم

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس

 عندما يتحدث القائد عن إنجازات اسطورية لثورة السابع عشر- الثلاثين من تموز ١٩٦٨ فهو في جوهر الأمر يسرد انتصارات عظيمة، جاءت بعد معارك شرسة.

فإنهاء التمرد في شمال العراق بعد تفكيك ملفاته كلها تباعاً هو نصر مبين في معركة ترسيخ الوحدة الوطنية.

والتأميم معركة تاريخية ضد شركات الاحتكار، لولا الانتصار الحاسم فيها لما وقعت معركة التنمية بخططها الانفجارية العملاقة التي أسست البنى التحتية في التربية والتعليم والصحة والعلم والخدمات.

ومن الطبيعي أن تكون الدولة العراقية المقتدرة عسكرياً وأمنياً هي من تحقق الانتصار ضد العدوان الخارجي، وهذا ما حصل فعلاً في قبر العدوان الإيراني بعد حرب دامت ثمان سنوات بسبب إصرار خميني على إدامتها لتحقيق مآربه الدنيئة الوقحة باحتلال العراق، ثم تبعها الانتصار على عدوان الثلاثين دولة سنة ١٩٩١ الذي حصل تحت ذريعة واهية كاذبة هي (تحرير الكويت)، وصولاً إلى مواجهة الحصار المجرم الذي دام ١٤ سنة مصحوباً بعدوان عسكري متكرر، وبعد الحصار ونتيجة طبيعية لأهدافه الإجرامية كان الانتصار في مواجهة غزو سنة ٢٠٠٣ والذي لا يعرف مقوماته وعظمته إلا من وقف متفكراً بـ :

أولاً: إن الغزو هو امتداد للتآمر والحرب التي شنتها شركات الاحتكار ضد تأميم النفط عام ١٩٧٢ م. والغزو امتداد أيضاً للتآمر الذي لم يتوقف يوماً ضد وحدة العراق الوطنية، واتخذ من التمرد الكردي في شمال العراق غرفة عمليات سرية ومكشوفة في آن معاً.

ثانياً: الغزو في حقيقته حرب وتآمر على منجزات ثورة تموز ١٩٦٨ في ميادين الإعمار المدني والصناعة والتصنيع العسكري وفي تشكيل جيش عقائدي جبار وقوى أمنية كفؤة ضاربة.

ثالثاً: الغزو هو ثأر لهزيمة إيران النكراء على يد العراق الشجاعة المدافعة عن الأرض والعرض، وانتقاماً من الشعب الذي صنع النصر مع قواته المسلحة وقيادته الفذة.

رابعا : الغزو متصل صلة عضوية وثيقة بأسباب فرض الحصار على العراق لتجريده ببطئ من مكونات قوته وعناصرها الشعبية والعسكرية .

   وعليه فان مقاومة القوات الغازية بقدرات أساسها الايمان بالله وبعدالة وحق العراق بدون غطاء جوي وأمام اختلال فاضح لموازين المواجهة حيث العراق المحاصر من جهة في مقابل أربعين دولة عظمى وكبرى ، هذه المقاومة لوحدها قد سجلت للعراق تاريخا مشرفا ونصر هو نصر الشرفاء على الطغاة .

   ولعل الأهم في ما نريد التطرق له في هذه الوقفة هو ان البعث الذي صنع كل انتصارات وانجازات ثورة تموز قد صنع نصرا آخر عظيم وكبير ونافذ الى عمق التاريخ المشرف للشعوب الا وهو تواصل الدفاع عن العراق بعد احتلال بغداد في ٩-٤-٢٠٠٣ في مقاومة وطنية وقومية وإسلامية لم يشهد لها تاريخ الشعوب مثيل لا في سرعة انطلاقها الذي يورخ له كحدث متزامن مع دخول القوات الغازية الى بغداد السلام والحضارة ولا في ما انجزه من فعل اسطوري طرزته انتصارات معمدة بدم الشهداء وبطولات رجال جيشنا الباسل ورجال قواته الأمنية الشجعان وشعبه البطل . وقد نتج عن هذه المقاومة البطولية قتل ما يزيد على ٧٥ الف من القوات الغازية واغلبهم من القوات الامريكية وجرح ما لا يقل عن ربع مليون جندي معتدي واحالة ما لا يقل عن ١٢ الف جندي الى مستشفيات الجنون والمصحات العقلية وتدمير معدات عسكرية تقدر بمئات الملايين من الدولارات ونتج عن جملة العمل العسكري المقاوم العراقي :

 أولا : ادخال الاقتصاد الأمريكي وتوابعه في أضخم عملية فقدان توازن ومعضلات وتدهور لم يحصل له شبيه من قبل  .

ثانيا: ارغام الولايات المتحدة على تغيير خططها وإعلان الانسحاب من شوارع العراق سنة ٢٠١١م والانكفاء في قواعد محصنة في عدد من محافظات العراق .

   كما ان الخطاب قد أعاد الى الاذهان إصرار البعث على المضي قدما في مشروع تحرير العراق وطرد الاحتلال الأمريكي والإيراني وتسليم السلطة الى الشعب العراقي وحدد أدوات التحرير الناجز بعون الله بالعمل الدؤوب المتواصل مع شعبنا العظيم وبتفعيل المقاومة المسلحة حيث يجري توفير البيئة والمستلزمات وصناعة ظروف مناسبة .

  البعث هو قوة الوطن والأمة التي عرفت كيف تنتصر في كل معارك ثورة تموز المجيدة وهو الذي سيحرر العراق ان شاء الله. البعث هو سر الانتصارات كلها وهو ايقونتها .

وقفات مع الخطاب التاريخي للقائد المجاهد الرفيق أبو جعفر أمين سر قيادة قطر العراق بمناسبة الذكرى 54 لثورة ١٧-٣٠ تموز المجيدة.(2)

وقفات مع الخطاب التاريخي للقائد المجاهد الرفيق أبو جعفر أمين سر قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي بمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين لثورة ١٧-٣٠ تموز المجيدة.(2)

الوقفة الثانية

هكذا عاد البعث للحياة بعد الاحتلال

 

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس/ أكاديمي عربي من العراق

 القائد، هو الذي يتصدر فعل رفاقه في الميدان ، يخطط ويشرف على التنفيذ ، يصف الحال ويصف كيف يتجاوزه الى ما هو متقدم . القائد هو من يثبت على الأرض يتقدم المضحين ويقود المنفذين ويرتقي بمعنويات رفاقه ويعيش معهم الحلو والمر . هو رجل يصطفيه القدر والضرورات الوطنية والقومية والإنسانية ليشخص الواقع كما هو ويحدد مسارات الخلاص من حفر ذلك الواقع ومطباته وإشكالاته ومعضلاته. لذلك جاء خطاب الرفيق المناضل أمين سر قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي في الذكرى الرابعة والخمسين لثورة تموز المجيدة ١٩٦٨ مشخصاً لواقع الحزب بعد الاحتلال وليكون تشخيصه والمعالجات التي ذكرها هي امتداد طبيعي سلس منطقي لما قام به سلفيه الخالدين صدام حسين وعزة إبراهيم.

القائد، مثل صدام حسين، يعطي ولا يبحث عن مقابل ويفتدي وطنه وشعبه بالروح وبالولد، ومثل عزة إبراهيم توسد تراب العراق حتى مات ودفن في ذاك التراب، القائد مثل نيلسون مانديلا قاد شعبه من المعتقل وانتصر على العنصرية وهو مكبل، مثل غاندي وجيفارا هزموا الطواغيت وانتصروا مع شعبهم وهم يعيشون فوق أرض أوطانهم يكابدون الفقر وشظف العيش.

لقد تشتت الحزب وتناثر أفراداً وأشلاء بعد الغزو المجرم تماماً كما تناثرت أشلاء دولتنا الوطنية بنيران الغزو الغاشم، انتهت كل تلك التشكيلات الحديدية من فرق وشعب وفروع ومكاتب وذابت في العراق الذي تصهره الصواريخ والقنابل وتحرقه نيران البوارج والأساطيل.

نعم انصهر الحزب في أرض العراق ليواجه ما تواجهه تلك الأرض المقدسة الطاهرة، وتبخر الحزب في سماء العراق ليرى من علٍ بيوت العراق مغلقة وشوارعه تعج بالوحشة مقفرة.

من يريد أن يكون قائداً للبعث في العراق فالشروط معلنة واضحة، أولها أن يكون مثل صدام حسين ومثل عزة إبراهيم ومثل رفاقهم بالقيادتين القومية والقطرية، عاشوا في العراق واغتالتهم أميركا وإيران في العراق، أما من قد هجر العراق لأي سبب كان، سبب منطقي أو غير منطقي فهو لن يعبر حدود الإسناد والعون الإعلامي والمساعدة في التحرك كمعارض في الخارج. 

القائد البعثي هو منهل سلطان كريم القابع في السجن المؤبد، وعبد الغني عبد الغفور الذي يموت كل يوم ليبعث الحياة في أرجاء العراق التي قتلها الاحتلال والخونة وسواهم ألوف مؤلفة.

من هنا جاء اهتمام القائد أبا جعفر في خطابه التاريخي في وصف حال البعث بعد الاحتلال، وكيف أعاده رفاق البعث في الداخل إلى الحياة تنظيماً ومقاوماً شرساً للاحتلال، ومقوضاً للعملية السياسية الاحتلالية الفاشلة الفاسدة.

النص أدناه من الخطاب يحكي جانباً من معجزة إعادة تنظيمات البعث:

 (يا أبناء شعبنا العزيز:

لقد واجه حزبكم بعد احتلال العراق مهامَ جسيمةً عديدة، كان في مقدمتها إعادة التنظيم الحزبي إلى جميع أنحاء العراق، رغم استماتة المحتل وعملائه الموالين لإيران في محاولاتهم للقضاء عليه عبر اجراءات الاجتثاث الفاشية وحملات القتل والاعتقال والتشريد والتجويع الغاشمة ضد مئات الألوف من أعضائه والملايين من جماهيره. وعمل على إطلاق المقاومة العراقية المسلحة ضد القوات المحتلة منذ اليوم الأول للاحتلال فقام بتشكيل عدة فصائل مقاومة باسلة، أجبرت قوات الاحتلال، عبر عمليات بطولية وتضحيات ملحمية، بالتعاون مع فصائل مقاومة عراقية أخرى، على الانكفاء خارج المدن عام 2009، ثم الخروج هارباً بالانسحاب الذليل نهاية عام 2011، بعد أن كبدته خسائر جسيمة. وقد اعترفت دائرة المحاربين القدامى في البنتاغون بأن خسائر الجيش الأميركي منذ بداية الاحتلال في 9/4/2003 وحتى نهاية شهر أيار عام 2007 (أي فيما يقرب من نصف فترة الاحتلال) بلغت   73650 (ثلاثة وسبعون ألفاً وستمائة وخمسون) جندياً أميركياً وأكثر من مليون ونصف مليون جريح ومعوق ومصاب بعاهة. وهذا يعني أن المقاومة العراقية الباسلة قد كبدت المحتل الأميركي وحده في كل فترة الاحتلال أكثر من 130 ألف قتيل.)

ويسترسل في مكان آخر في معاناة البعثيين داخل العراق فيقول:

(يا أبناء شعبنا العزيز:

لقد استهدفَ أعداءُ العراق والأمة العربية وخصوصاً الكيان الصهيوني وإيران ثورتكم العظيمة وحزبَ البعث الذي أطلقها وقادها عبر مسيرة 35 عاماً من الإنجازات العظيمة، لأدراكهم إن هذا الحزبَ على قدرٍ عالٍ من التميز والفرادة عن كلِ ما سِواه من أحزابٍ وتنظيماتٍ في العراق. لقد توفرت للبعث جملةٌ من المميزات الاستراتيجية التي تبدو جليةً في قدراته النضالية والجماهيرية، وتاريخه الطويل في العمل السياسي الوطني المسؤول، وفي انتشاره في كل ربوع العراق وفي كل زاويةٍ من زوايا مجتمعِهِ متجاوزاً كل الاختلافات الدينية والعرقية والمذهبية والمناطقية، بفضلِ عقيدتهِ الوطنيةِ والإنسانية التي تُعلِي قيمَ المواطنة والمساواة. كما تـَتـَمَثلُ ميزاته في خبرات أعضائه وقيادييه الطويلة في إدارة الدولة، وفي نزاهتهم وسمعتهم الطيبة وصورتهم المشرقة لدى أبناء شعبهم.

إن حزباً بهذه المواصفات وبهذه المميزات الاستراتيجية الفريدة هو المؤهل حقاً، لقيادة الفعل الوطني العراقي لتحرير العراق وإزالة الهيمنة الأجنبية واسترداد عافيته وسيادته واستقلاله ومكانته التي يستحقها شعبه العظيم. ومن هنا كان تكالب الأعداء في الخارج وعملاؤهم في الداخل لمنع البعث في العراق من النهوض وبناء تنظيماته واستعادة قوته وتعويض ما ألحقه به المحتل وأتباعه عملاء إيران من اضرار جسيمة وذلك لإبعاده عن أداء دوره ومسؤولياته ومهامه الوطنية الكبرى في تحرير العراق من الاحتلال الأجنبي وانقاذه من هيمنة إيران وذيولها، واستعادة سيادته واستقلاله وخدمة شعبنا العزيز الذي كان “البعث” سبّاقاً في خدمته وفي الدفاع عنه.

لقد استخدم الأعداء لتنفيذ مخططهم المعادي وسائل خارجية من القمع والتصفيات الدموية والتهجير والتشريد وتجفيف الموارد والتشويه والمحاكمات بتهم ملفقة والاجتثاث، كما استخدموا مؤامرات داخلية تتمثل بما يتيحه لهم مرتدون من فرصٍ للانقضاض عليه بحركات غادرة تنتحل اسمه وتحاول إشاعة الفوضى في تنظيماته، لكن الحزب تمكن بحمد الله من إحباط تلك الدسائس واحدة تلو الأخرى.)

إن البعث هو رجاء العراقيين بإنقاذهم وإنقاذ بلدهم وهو محور من محاور الحراك الشعبي في العراق حتى التحرير ان شاء الله.

وقفات مع الخطاب التاريخي للقائد المجاهد الرفيق أبو جعفر أمين سر قيادة قطر العراق بمناسبة الذكرى 54 لثورة ١٧-٣٠ تموز المجيدة.(1)

وقفات مع الخطاب التاريخي للقائد المجاهد الرفيق أبو جعفر أمين سر قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي بمناسبة الذكرى الرابعة والخمسين لثورة ١٧-٣٠ تموز المجيدة.(1)

الوقفة الأولى

البعث ومقاومة الاحتلال: برنامج تحرير العراق

الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس/ أكاديمي عربي من العراق

  في الوقت الذي تتحرك فيه الامبريالية الأمريكية تحركاً شرساً بهدف توطيد أركان الحماية للكيان الصهيوني وإرغام العرب على التطبيع معه والاعتراف بكيانه المغتصب تحت أغطية مهلهلة رثة كمثل تلك الاغطية التي استخدمت لتسويغ غزو العراق واحتلاله ، وفي الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة استخدام العرب وثرواتهم في مواجهة روسيا في حربها مع الناتو عبر الأرض الأوكرانية ، وفي الوقت الذي تمنح فيه العملية السياسية الاحتلالية في العراق عبر العميل الخائن مصطفى الكاظمي وحكومته الفاشلة فرص الانتماء الى برنامج التطبيع مع الكيان الصهيوني وتحميلها مسؤولية ساعي البريد بين الامبريالية والصهيونية وأتباعها وبين ايران الخمينية المجوسية المشاركة في صناعة واقع جديد يفرض على العرب هو واقع عدوان على أرضهم وثرواتهم وسيادتهم وكرامتهم واستقلالهم , في هذا الوقت المليء بعواصف العدوان على أمتنا وبأنواع التآمر والازدراء والاحتقار وتمييع الشخصية والاستغلال والتخلف والاستهانة بقيمنا وثوابتنا الوطنية والقومية وباعتبارنا بشر من الدرجة العاشرة بلا حقوق ولا كرامة , في هذا الوقت ، يصدح لأول مرة صوت بعث العراق الشجاع الباسل الطالع من أتون أبشع وأضخم مؤامرة للاجتثاث والاغتيال ، انه صوت القائد الرفيق المناضل أبو جعفر في خطاب تاريخي شامل موضوعي يحدد في أحد محاوره الخطيرة سبل انقاذ العراق وتحريره من الاحتلال الأمريكي والبريطاني والإيراني ومن العملية السياسية التي وظفت فيها الولايات المتحدة زمر ارتزاق وكلاب مكلوبه وضباع ضالة لتنفيذ برنامج تدمير العراق .

     وفي الوقت الذي تمتلئ فيه منصات الاتصال الاجتماعي بالإساءة للبعث وتبشيعه وشيطنته وتمزيق أوصاله تنفيذا لحظره دستوريا من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني وايران وزمر الذيول الخائنة الفاسدة ، يصدح صوت قائد البعث في العراق ، سليل البطولة والاقدام والبسالة والتحدي , خليفة صدام حسين وعزة إبراهيم ورفيق القيادة القومية يتصدر نضالها الرفيق المناضل على الريح السنهوري بإعلان برنامج البعث لتحرير العراق وإعادة استقلاله وسيادته ولحمته الوطنية التي بعثرها الاحتلال ومزق أوصالها بالطائفية والعرقيات والاثنيات وغيرها من أدوات الصهيونية والفارسية الخمينية المجرمة  والمحاصصات الوقحة القبيحة التي فتحت طرق الفساد للعصابات التي سلطوها على رقاب شعبنا ومقدرات وطننا .

 وقد كان برنامج البعث الذي أعلنه الرفيق المناضل من داخل العراق حيث يقود نضال رفاقه الشهداء والمعتقلين والمهمشين والمغيبين الذي يمنح العزيمة والإصرار لرفاقه الذين يسوسون أرض العراق ويمزقون مخرجات الاحتلال وعمليته السياسية برنامجا شاملا، حيويا، وطنيا يعتمد كل ممكنات المقاومة ووسائلها وبتوطيد العلاقة مع قوى ثورة تشرين الباسلة وكل القوى والواجهات الوطنية والإسلامية غير الطائفية ومع كل الإنسانية المؤمنة بالحرية والديمقراطية.

لقد أكد خطاب القائد أبا جعفر حفظه الله على استمرار المقاومة الباسلة التي اسقطت أكثر من ٧٠ ألف قتيل في صفوف الامريكان واضعاف العدد من الجرحى والمعاقين والمعتوهين فضلا عن الخسائر المادية الجسيمة واتخاذها لصيغ مختلفة بعد الهروب الأمريكي من العراق أواخر ٢٠١١ م.

إليكم هذا النص من خطاب القائد أبو جعفر الخاص بالمقاومة البعثية والوطنية والقومية حتى تحرير العراق تحريراً ناجزاً إن شاء الله. 

(يا أبناء شعبنا العزيز:

لقد واجه حزبكم بعد احتلال العراق مهامَ جسيمةً عديدة، كان في مقدمتها إعادة التنظيم الحزبي إلى جميع أنحاء العراق، رغم استماتة المحتل وعملائه الموالين لإيران في محاولاتهم للقضاء عليه عبر اجراءات الاجتثاث الفاشية وحملات القتل والاعتقال والتشريد والتجويع الغاشمة ضد مئات الألوف من أعضائه والملايين من جماهيره. وعمل على إطلاق المقاومة العراقية المسلحة ضد القوات المحتلة منذ اليوم الأول للاحتلال فقام بتشكيل عدة فصائل مقاومة باسلة، أجبرت قوات الاحتلال، عبر عمليات بطولية وتضحيات ملحمية، بالتعاون مع فصائل مقاومة عراقية أخرى، على الانكفاء خارج المدن عام 2009، ثم الخروج هارباً بالانسحاب الذليل نهاية عام 2011، بعد أن كبدته خسائر جسيمة. وقد اعترفت دائرة المحاربين القدامى في البنتاغون بأن خسائر الجيش الأميركي منذ بداية الاحتلال في 9/4/2003 وحتى نهاية شهر أيار عام 2007 (أي فيما يقرب من نصف فترة الاحتلال) بلغت   73650 (ثلاثة وسبعون ألفاً وستمائة وخمسون) جندياً أميركياً وأكثر من مليون ونصف مليون جريح ومعوق ومصاب بعاهة. وهذا يعني أن المقاومة العراقية الباسلة قد كبدت المحتل الاميركي وحده في كل فترة الاحتلال أكثر من 130 ألف قتيل.)

وأدناه رؤية الحزب التفصيلية لإنقاذ العراق والمهمات التي يراها واجبة لحكومة إنقاذ وطني التي فصلها خطاب الرفيق القائد أمين سر قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي المناضل أبا جعفر:

(أيها العراقيون الأماجد:

لقد واصلَ شعبُ العراق العظيم مقاومتَه للاحتلال الاستعماري بعدَ الانسحاب الذليل لقواته في نهاية عام 2011، وذلك برفضه القاطع لما يسمى بالعملية السياسية التي اٌقامها المحتل لبناء نظام حكم محلي خانع له بإدارة عملاء حليفته إيران، وذلك لاستكمال تنفيذ أهداف الغزو والاحتلال حسب المخطط الصهيوني المعادي لدولة العراق ولشعبها الأبي. فنظـّم شعبنا الأبي مظاهراتٍ واعتصاماتٍ وانتفاضاتٍ شعبية عارمة ضد النظام العميل الفاسد الحاكم، شهدتها بغداد والموصل والرمادي والفلوجة والبصرة والناصرية في الأعوام الثمانية التي أعقبت الانسحاب. وفي عام 2019 توج الشعب العراقي كل هذه المسيرة البطولية الرافضة للاحتلال ونظامه العميل الفاسد، في ثورة تشرين الباسلة التي استمدت جذوتها من هذا الفعل البطولي.  وأظهر ثوارها البواسل أعلى درجات الوعي الشعبي وجَسـّـدوا أنقى أشكال الوحدة الوطنية والتلاحم الشعبي في مواجهة النظام الطائفي الفاشي وأطرافه الفاسدة العميلة لإيران. كما تميزوا بالفروسية والإقدام وأبدوا أعلى قيم الفداء والتضحية والبطولة في كل الساحات والميادين وهم يتصدون لأسلحة الميليشيات المجرمة بصدورهم المليئة بحب الوطن والإيمان بحقه في الحياة الحرة الكريمة. لقد كان الهدف الرئيسي لثورة تشرين الوطنية تغيير النظام الفاشي العميل بجميع مؤسساته، وتحرير العراق من الاحتلال الإيراني، وانقاذ شعبه العظيم من الوضع الكارثي الذي خلقه الاحتلال الاستعماري عام 2003، وإسقاط كل ما ترتب عليه من قوانين جائرة ومظالم وشبكات فساد ونهب لثروات الشعب. وإننا على ثقة أن هذه الثورة التي قدّم فيها شباب العراق أغلى ما لديهم ستتواصل حتى تحقيق هذه الأهداف النبيلة وإنجاز الحرية الكاملة لشعبنا العزيز. وهذه المسيرة النضالية البطولية المتصاعدة ضد الاحتلال وعملائه تستلهم من ثورة تموز روحها الاقتحامية ورؤيتها الاستراتيجية وصلاتها بالتاريخ المجيد للعراق والأمة العربية في نسغ صاعد متفاعل مع كل عوامل التحدي وروح الصمود والمطاولة.

وفي هذا الصدد فإن حزبَكم الثوري الذي عهدتموه في ميادين النضال والبناء وقيادة العراق والذي كان له شرفُ مقاومة الغزاة المحتلين عازمٌ على أداء كل الواجبات التي ينتظرها منه شعبُه وأمتُه ويعاهدُكم على تصعيد العمل الوطني لتحرير العراق من الاحتلال الأجنبي المتمثل الآن بالهيمنة الاستعمارية الإيرانية.

وإذ يؤكدُ البعث هذا العزم، فإنه يشددُ على ضرورة التعاون والتنسيق مع جميع الأطراف الوطنية العراقية الرافضة للاحتلال الإيراني وعمليته السياسية البغيضة من تشكيلات اجتماعية وسياسية ومهنية، ومع كل أبناء الشعب وشخصياته وقياداته المجتمعية الغيورة على وحدة العراق والحريصة على انقاذه مما يعانيه من تدهور وانهيار وتراجع وفوضى على يد حكامه الفاسدين المرتبطين بالاحتلال الأجنبي.

وفي هذا السبيل يجدد حزب البعث العربي الاشتراكي الدعوة التي أطلقها في مناسبات سابقة لإقامة جبهة وطنية عريضة تجمع كل هذه الأطراف، أو وفق أي صيغة أخرى يجري الاتفاق عليها بهدف تصعيد العمل الوطني لإنقاذ العراق من هذا الوضع الكارثي. ويؤكد ضرورة العمل المنظّم الهادف لاسترداد سيادة العراق واستقلاله التام وممارسة الديمقراطية الحقة وإقامة حكومة انتقالية وطنية عراقية من كوادر وكفاءات وطنية عراقية مستقلة نزيهة تتولى إدارة البلاد لفترة انتقالية يُتفق على مدّتها. وتتولى الحكومة الانتقالية إزالة كل القوانين والإجراءات الشاذة الدخيلة التي فرضها الاحتلال وحكوماته، وفرض النظام والقانون، والقضاء على حالة التدهور والفوضى والهدر لأموال الدولة اضافة الى ضرب شبكات الفساد وإحالة الفاسدين للقضاء، والعمل على استرداد أموال الشعب المهربة. كما تتولى معالجة فوضى السلاح والإلغاء الفوري لكل ما يقع خارج القوات المسلحة النظامية من مظاهر ومليشيات مسلحة، وإعادة تنظيم الجيش وسائر صنوف القوات المسلحة وفق قوانينها وتقاليدها المهنية والوطنية العريقة. كما تعمل على الحفاظ على جميع مؤسسات الدولة وتوجيهها لخدمة الشعب وإبعاد الفاسدين عنها، وإصلاح النظام القضائي وتطهيره من الفاسدين. ومن مهامها أيضاً حماية الأملاك العامة والخاصة، وإزالة جميع التجاوزات والتغييرات والاوضاع الشاذة المخلة بالسلم المجتمعي والمنافية لتاريخ العراق المجيد وتراثه العربي والإسلامي العريق والتي فرضتها ادارة الاحتلال الاجنبي وحكومة عملائها الطائفية الفاسدة في قطاعات التعليم والثقافة والإعلام والأوقاف.

كما أن في طليعة مهامها وضعُ مشروع دستور وطني جديد يلبي آمال الشعب على وفق القواعد والمبادئ الدستورية الوطنية التي قامت عليها دساتير الدولة العراقية قبل الاحتلال، وطرحه على الاستفتاء الشعبي العام لإقراره، وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية بموجبه وفق قانون انتخابات وطني جديد وبإشراف هيئة انتخابات رسمية يديرها القضاء وبرقابة دولية، وذلك لإتاحة الحرية الكاملة لكل العراقيين المؤهلين قانونياً للترشح والانتخاب لاختيار مجلس نيابي وحكومة وطنية تمثلان الشعب وتعملان لخدمته وللنهوض بالبلاد.

ومن بين المهام الأساسية للحكومة الوطنية الانتقالية المقبلة إعدادُ قانون للأحزاب وآخرَ لحرية الصحافة، وصيانةُ حق التعبير عن الرأي وحماية حقوق الإنسان، وإلغاء جميع القوانين والإجراءات الفاشية المنتهكة لحقوق الإنسان والمنافية لقيم الحق والعدل وللمبادئ الإنسانية والديمقراطية مثل نظام المحاصصة العرقية والدينية والطائفية، وقوانين وإجراءات التمييز وعدم المساواة والاقصاء الديني والعرقي والطائفي والسياسي، والبدء بمعالجة آثارها الكارثية على المجتمع العراقي وتعويض المتضررين منها.

ومن واجبات الحكومة الوطنية الانتقالية العملُ الفوري على إعادة النازحين والمهجّرين إلى مناطق سكناهم الأصلية وتعويضُهم عما أصابهم من أضرار، وإطلاق سراح كل العراقيين الأبرياء الذين اعتقلوا وسجنوا لأسباب سياسية تتصل بمقاومتهم للاحتلال أو انتمائهم للعهد الوطني، أو بسبب معارضتهم لهيمنة إيران، أو الذين أودعوا في السجون لأسباب طائفية بموجب قانون الإرهاب أو لغايات كيدية حسب تقارير المخبر السري.

ومن مهام الحكومة الانتقالية وقف العمل بنظام المحاصصة في التعيين في جميع مجالات العمل الحكومي، واعتماد المساواة الكاملة بين المواطنين ومعايير الكفاءة والإخلاص للوطن، وإلغاءُ عمليات التغيير السكاني التي أحدثها النظام العميل في عدة مناطق، وتقديم المساعدات التموينية العاجلة لإسعاف ملايين المواطنين الذين أفقرهم النظام الفاسد، والبدء بمعالجة قضية البطالة بصورة شاملة وتوفير فرص عمل للعاطلين الذين ضاعفت أعدادهم إجراءات المحتلين والعملاء بتدمير قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات وهدر أموال الدولة.

وتتعهد الحكومة الوطنية الانتقالية بإعداد قوانين للأحزاب وضمان حرية الصحافة، وصيانة حقوق التعبير عن الرأي وحماية حقوق الإنسان، وإلغاء جميع القوانين والإجراءات الفاشية المنتهكة لها والمنافية لقيم الحق والعدل والمبادئ الإنسانية والديمقراطية ، وإحالة كل الذين أجرموا بحق ثوار تشرين، سواء الذين أطلقوا النار أو القنابل الغازية المهلكة، أو الذين خطفوا واغتالوا الناشطين المدنيين، وإحالتهم مع آمريهم ومسؤوليهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، هم وكل الذين اقترفوا جرائم بحق العراقيين من قتل وخطف واعتقال وحبس تعسفي وابتزاز وجرائم نهب وسرقة وتجاوز على الأملاك الخاصة والعامة منذ عام 2003.

وستتولى الحكومة الانتقالية استعادة علاقات العراق الوثيقة مع جميع الدول العربية، والحفاظ على مكانته وعلاقاته المتوازنة مع الأسرة الدولية والقائمة على احترام السيادة والمصالح المشتركة وتعزيز السلام والأمن الدوليين، كما ستسعى لاستعادة دور العراق القوي والمحوري في تحقيق وترسيخ السلام والأمن والاستقرار والتنمية، وفي مكافحة الإرهاب والتطرف في العالم.

هذه هي رؤية حزبكم أيها العراقيون الأماجد، لمرتكزات المرحلة الانتقالية التي من خلالها يستطيع شعبنا تجاوز المحن والكوارث التي خلفها الاحتلال والسلطات العميلة الغاشمة، ويعبر نحو أفق الاستقرار والدولة المدنية الحديثة التي يتساوى فيها المواطنون عند خط شروع واحد، ويكون الأفضل بينهم هو الأقدر والأكثر استعداداً لخدمة وطنه وشعبه.)

هذا هو البعث في العراق، بعث التحرير والإطلالة على مستقبل زاهر ولا قرت عيون الجبناء.

      يتبع بإذن الله

خطاب صدام حسين رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة- أواخر عام 2006

نص خطاب الرئيس العراقي صدام حسين

بسم الله الرحمن الرحيم

“قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم”

“فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون”

صدق الله العظيم

أيها الأخوة، أيها السادة، أيها الذوات،

وكلّ على استحقاقه وصفته، وإلى أولئك الذين لم يخونوا العهد ولم يتناسوا الوعد والود، محبتي وعهدي، وسلام إلى شعبنا العزيز المبتلى، رجال وماجدات، وإلى قواتنا المسلحة المجاهدة ومنهم رجال المهمات الصعبة، وقوى الأمن القومي، وسلام إلى من أخطأ وتراجع، أو ظن وصحح وإلى المجاهدين والمجاهدات أكرم وأجزل السلام.

أيها الأخوة: ليس فيما أريد التحدث عنه تحت عنوان الدفاع، أو آخر الأقوال قبل إعلان الحكم، هو الدفاع عن صدام حسين، لأن ذات صدام حسين وموقفه لا يقبلان الدفاع عنه، وإنما عن الشعب والوطن والمسيرة.

ولذلك فلن أنشغل بالجزئي عن الكلي، ولا بالمحدود عن الشمول، إلا كمثله يستدل منها على الحقائق الأعم الأشمل لمن يجهلها أو نساها، وفي كل الأحوال لا يهمني أصحاب المواقف المسبقة الذين وسخوا حتى الضغينة من فرط حقدهم حتى وصلوا إلى الوصف الميئوس منه ولا يرجى شفاؤه ولذلك ليس لي فيها إلا الدعاء إلى رب العالمين أن يصلح من يشاء ويسحق من يشاء بغضبه وسخطه.

أيها الأخوة: ليس تقضي المداخلة في أمر إلى نتائج صحيحة إن لم يكن المدخل إليها صحيح، وعلى هذا أقول مثلما قلت من قبل شِفاها أو في مذكرات عديدة قدمتها إلى ما سُمي بهيئات تحقيق أو إلى المحكمة، ومثلما قال محامو الدفاع الشجعان، ومنهم شهداء الحق والقانون يتقدمهم الشهيد المحامي الغيور الشجاع خميس العبيدي، طيّب الله ثراهم.

أما رجال القضاء والقانون أو مَن حسبوا عليهما في هذه الهيئة وما حولها فلا تستبعد ان يظهر منهم مَن هو عفيف نظيف وطني شريف وقبلوا ان يكونوا على الصفة التي قبلوها لأمر ولظرف بعينه مثلما قبل الأستاذ الكريم، ابن الوطن والشعب الأستاذ رزكار ذاك في حينه، ولكنه وعندما اصطدم الحق بالباطل، وأصر ممثلو الباطل ان يعاكسوا الحق وتصوروا واهمين أنهم قادرون على ان يفرضوا الباطل على الناس الشرفاء، رفض الأستاذ القاضي الأول روزكار محمد أمين، الباطل وأهله بشرف وأعلن استقالته من رئاسة هذه المحكمة لكي لا يتحمل هو وعائلته ثقل الرضوخ لإرادة الباطل، فكان على ما تعرفون، وهكذا انتصر الأستاذ رزكار ليس لشرف المهنة التي انتسب إليها وسمعة القضاء العراقي فحسب وإنما انتصر لحق شعبه الحر الأبي ولكل شريف يرفض الغزو والباطل الذي لولاه لما ذرّ بقرنه في عراق الفضيلة والمجد السوء على ما انتم تعرفون.

فإليه منّا خالص التقدير وإننا لنهنيء ضميره الوطني الحي النظيف الذي دلّه على السبيل المنقذ للروح من أن تتلوث والأخلاق من أن تخضع لمساومة رخيصة، ومن خلاله نهنيء شعبنا الكردي فيه بل كل رجال القانون وشعبنا العراقي المجيد، وأرفق نص استقالته ليطلع عليها مَن لم يقرأها، واعتبرها جزءا من دفاعي هذا أمام الحاضر والتاريخ.

حملوا الذمة عهدا في قضائنا *** من يخزي العهد فهو خزيان

ناس وناس ألوان صفاتهم *** فمن هائن أو لجين وعقيان

أيها الأخوة… السادة… الذوات

يمكن للناس أن يخطئوا وأن يعودوا عن خطأهم ويصلحوا ويعفو الله وذوو الأمر من الخيرين عن ذاك، أما من يرتكب جريمة مخلة بشرف المهنة وقدسية مبادئ الشعب الوطنية والقانون قاصداً متعمداً وهو يعرف آثارها الآنية والبعيدة، فهو غير ذاك الذي لم يخطئ عن دراية أو أخطأ وإن عن دراية ولكنه تراجع ولم تفته فرصة التراجع، وإن مَن يعرف القانون في الحق والواجبات معرفة المختص، غير مَن تكون معرفته في ذاك معرفة المكلف بعدم خرقه فحسب، وإن الإنسان المؤمن في دينه كعقيدة عامة غير رجل الدين المسؤول عن تبيان تفاصيل الدين، حقوقا وواجبات، مع تفاصيل أخرى معلومة، وها قد جاء دور مَن يقول بأنه رجل قانون في هذه القاعة، ومنهم، بل في مقدمتهم من يجلسون على المنصة أمامي ليقولوا رأيهم الحاسم، فإن أبطلوا فإلى جحيم الدنيا والآخرة، وإن أعدلوا فقد أنصفوا أنفسهم مع مَن ينصفون، ويحمون شرفهم، وسمعة القضاء العراقي وحق العدل عليهم، ولكنهم عندما لا ينصفون فلن يؤثروا سلباً في شرف أحد من الناس ولن ينتزعوا منه شيئاً مما هو أغلى من الحياة.

نعم أيها الأخوة… الأصدقاء… وأيها الذوات في الهيئة التي أمامنا في هذه القاعة، وحيث يبدأ القول بأن جلساتها تفتتح باسم الشعب. نعم إن الشرف أغلى من الروح، وإن الوطن أغلى من الدم، وإن الشعب أغلى من النفس، وإن المال ليس إلا في سبيل الله والندا.

حلت أو اقتربت اللحظات التي توجب أن تعبر الكلمات والمصطلحات عن معناها بفعلٍ ذي تجسيد حي، وصار الحسم قريبا فيمتحن شرف أهل الشرف الذين لا ينسون الله ولا التاريخ، ويتشرف التاريخ ويتمجد بهم ولا ينساهم… لقد دافعنا عن كل عراقي صميم في الشعب وعن شرفه الوطني ومصالحه الرئيسية، ومن هم أمثالهم في هذه القاعة وحفظنا العهد الذي قطعناه بقسم جليل أمام الشعب، بعد إذ اختار صدام حسين رئيسا للجمهورية باستفتاء عام، ولم نخون إرادتكم ولم نتنازل عن دور إرادة الشعب الوطنية التي ضحى من أجلها العراقيون من ثورة العشرين 1920 وحتى الآن أنهار من الدم، ولذلك رفضنا إرادة الغزاة قبل الغزو وأثناء الغزو وعبّرنا بصدق وفضيلة، أنا وإخواني المسؤولين الذين حافظوا على شرف المسؤولية ومعنى العهد والوعد، ولقد جاء دور الإرادة على الوصف الذي بيّنا لتمحن في هيئة المحكمة، فإن فازوا، فقد فازوا، أمّا نحن فإننا فائزون في الدنيا والآخرة، إن شاء الله، على وفق معاني الجهاد. لذلك فإننا نبصر ونشجع ونحث أنفس قد تحتاج قولنا هذا، ومن أجلها، وليس من أجلنا وفي كل الأحوال ليس من أجل نفس صدام حسين، حيث صيغت مثلما أراد الله وقضى بذلك قانون الوراثة والالتزام بشرف المبادئ الغراء، ولذلك فإنها، أي نفس صدام حسين، تستغرب لو أن صدام أطلق فكرة من أجل نفسه، لا سمح الله بل وتثور عليه وتنهيه.

من أجلكم أقول، ومن أجل غير نفسي أُنبّه وأدعوا، وأعمل، وفي سبيل ربي وشعبي ووطني وأمتي أموت ولهم أعيش حيث أعيش… والله أكبر…

عليةٌ نفسي والفصل فيها عليُ *** ومن صلب جدي الحسين العليُ

ما دنت في موحشة نفسي إلى خائب *** وترّفع عزمي في الهيجاء أبيُ

ولا غرق خبئي من سيلً جارفً *** أو أزاح عدوّي رجال نؤيُ

وما ندّت من حر ولا برد *** أو آوارها دون ربعها الفيُ

سخية دمائنا حيث اشتد أوارها *** وفي العطاء حيث دلج العفاة سخيُ

أذبّ فيها وإن طال مداها *** وليّ الناس والرب لي وليّ

ترّف راياتنا رغم أنف العدا *** قد رآها الشهيد ومثله الحيُ

إذ تبرق غيوثنا تهطل زخّا *** ولرعودها صوت يتفرقع ودويُ

عُمّرت من بعد نوح أرضنا *** قد باركها إبراهيم النبيّ

ترفض خائنها وكل غريب *** فيقفو فيلهم وثعلبهم والمطيّ

تكسحهم عواصفها وإن تشبثوا *** هم صراخ يستغيثون عويّ

شدّوا رحالكم قبل أن يغمركم جارفها *** فجارفنا ليس كجارفكم غبيّ

ونعّمر أرضنا وإن خربوها *** فلا يبني في الصعب الوفيّ

أيها الذوات، في هيئة المحكمة: هل انتم فاعلون ما ينبغي وما يجب وكبح أي هوى أسرته الضغينة وأستودع الشره والطمع التافه في أكناف النفس!؟

أيها الذوات، في هيئة المحكمة ورئاستها جاء الوقت لتمتحن عراقيتكم ووطنيتكم وأصالة من يقول بهذا، وهي أمام مفترق فإما أن يمثلها أو يخونها، وعندما أقول هذا لا لكي أخلص من حكمٍ أعرف أنه صدر علي كهوى نفسً خبيثةً حاقدة منذ عشرات السنين وأعرف أن الصهيونية وممثلي الاستعمار والصفويين وسيدتهم لا يرتاح لهم بال إلا أن تتهيأ الفرصة لمن يطبّقه، وها قد جاءت فرصتهم فإنهم فاعلون، ولو سمح الله لموج شرورهم أن تغرق من تغرقهم، وإذا منعهم الله فهو القوي المكين. (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون).

ولقد، بيّنت لكم من قبل كيف ساومني أحد الجنرالات الأمريكان على حياتي مقابل أن أخون نفسي لا سمح الله، فأدعو الشعب إلى إلقاء السلاح بلا شروط، وكيف أخزيت نواياهم وأعليت راية شعبي وجيشي وأمتي عندما رفضت ذلك الطلب الخسيس. وإنكم تعرفون في تمام اليقين أن محاكمة صدام حسين رئيس الجمهورية وإصدار قانون مرتب خصيصا في ظل الاحتلال وسريانه بأثر رجعي عليه وعلى رفاقه وهم معتقلون وأسرى حرب بالطريقة التي حصلت تعّد خرقا للقانون الدولي، إنني عندما أدعو قانونيين في هذه المحكمة إلى أن يعدلوا فإنني أدعو طبقا لصفتي العادلة وما اتصل بممارسة مسؤوليتي على أساسها، وإلى ديننا الحنيف وتراثنا الخالد، وتعرفون ويعرف الشعب الوفي الأمين، بأنني لست من النوع الذي يضع نفسه وعائلته ومن يحبهم، على وفق خصوصيته، قبل الشعب ومبادئه فإذن، فإن هذا الذي أقوله ليس لكي يخلص صدام حسن من شيء ذلك لأنني لا أخشى المواجهة وأعرف أن الطريق الذي اخترته وقدت شعبي عليه يتضمن التضحية، ولأن في عرف مبادئي وإيماني، فإن من يقود، أوّل من يضحي وآخر من يستفيد، فإن التضحية لا توجعني مثلما يتوجع منها آخرون.

وعلى هذا فليس هناك، ما يجعلني جافلا على نفسي من شر الأشرار، وأمامكم سفر حياتي واضحا جليا في هذه المنازلة أو قبلها، وإنما أحاول لأغّير مَن قد يتغير لأخرجه من الظلام إلى النور، وهو واجبي الأخلاقي والمبدئي والدستوري، إزاء شعبي، ولذلك فإنني عندما أحاول لأجعل المخطئ يعود عن خطئه وخطيئته ويملأ المتحين فرصته بشرف فلا تفوته، فإنّ نفسي تمتلئ بالسرور، وهي دعوة ليست موجهة إلى رجال القانون والقضاء فحسب، وإنما إلى الشعب أيضا بكل ألوان الطيف الذي هم عليه، بما في ذلك من اختلفوا أو قد يختلفون معن في اجتهاد أو لون.

جاء الوقت لمَن فيه بقايا خير أن يؤسس عليها ليساعدوا، فتندمل الجراح لا لتتفتق جراح جديدة، وإذا كان لي أن أطلب من هيئة المحكمة، وهو أبسط حقوق في القانون، إذا ما وسوس شيطان من يوسوس له داخل صدره، أو شياطين الأنس له فتقرر على صدام حسين مثلما صرح بذلك الصفويّون تنفيذ حكم الإعدام فعليهم أن لا ينسوا إنني القائد العام للقوات المسلحة وأحمل أعلى رتبة عسكرية، لذلك فإن تنفيذ الإعدام بي ينبغي أن يكون رميا بالرصاص وليس شنقا، أتراه ثقيلا عليك طلبي أيها القاضي رؤوف، وأيها الذوات على منصة المحكمة؟ حسبي الله ونعم الوكيل… والله أكبر…

أيها الأخوة… أيها الأصدقاء… يا أبناء شعبنا العظيم رجالا ونساءً، وبكل عناوينهم ومسمياتهم: إن محرك أساسيات الظواهر في العراق، أو من يوحي بها بصورة مباشرة مثلما كان قد فعل بريمر وَمن يأتمر بأوامره، بما في ذلك سنّ قوانين نسبها إلى العراقيين ومنها القانون المسخ لهذه المحكمة، هم الغزاة الأمريكان ومَن صار لهم مطيةً يرفعون على ظهره “جزماتهم” لكي لا تظهر طبعات أحذيتهم على الطريق، وإنكم تعرفون هذا. أمّا قولهم بثورة الثائرين ضد نظام البعث ألصدامي الدكتاتوري كما يحلو للبيادق الملطخة أيديها بدماء الشعب أن تقول، فهو الآخر هراء، ذلك لأن جدار الثورة ومسيرة الشعب المظفرة على خط سيرها أشمخ من أن يتسوّرها الأقزام، ولقد حاولوا عام 1991 وباتفاق مسبق مع أمريكا وإيران، حاولوا في أواخر شباط، في 29 شباط وفي 1 آذار وما بعدهما وطيلة شهرين كاملين، ورغم أن طائرات العدو كانت آنذاك لم تترك بعد أجواءنا بما في ذلك فوق بغداد العزيزة، فقد أخزاهم وعي الشعب وصلابة جيشنا البطل بعد إرادة الله، ولكنهم في هذه ليس إلا كلابا ضعيفة رافقت ضعنا أجنبيا ودخلت من البوابات التي دخلها وما زالوا به يُحمون ويُحرسون، ويستقوون على شعبنا البطل وتشكيلات جيشنا الشجاع وقيادته العامة.

أيها السادة… الذوات… الأخوة كلّ على صفة نفسه، كانت فكرة المحكمة أساسا فكرة أمريكية طرب لها الصفويون وناقصو الصفاة ودُفع إلى آتونها من أريد أن لا يطلق سراحه من الأسرى والمعتقلين ليبقوا أيدٍ يختارونها مقيدة في المعتقل، ثم امتد خيال الغزاة وأهل الضغينة من الأذناب إلى أن يجعلوا المسيرة الغراء وقادة وقياديين فيها ولقد أعلن المتوحشون المسؤولون الأمريكان ذلك قبل الغزو وفي ظنهم قادرون على ما خططوا له، بل وعلى الإساءة إلى المسيرة كلها، معتمدين ومتصورين خطأ بأننا غير قادرين لمواجهة التزييف بالحقيقة الناصعة، وأرادوا كذلك واهمين أن يثلموا اعتبارنا، فجاؤا بنا في الجلسات الأولى في التحقيق والمحاكمة، وقد أرسلت شعور رؤوسنا على غير انتظام، وقد حجبوا عنا كل الوسائل التي تذكرنا بأي معلومات مفيدة يمكن أن تذّكرنا وتدعم حجّتنا من راديو أو تلفاز أو صحف، بل حتى بالنسبة لي حجبوا عني خطب وأحاديث صدام حسين، وربما فعلوا نفس الشيء مع أخواني المحالين إلى المحاكم الصورية هذه أو المحاكم الأخرى، ومع أن إخواني في معسكر الاعتقال الآخر، زوّدوهم بصحف محلية مرتين في الأسبوع وتسجيل تلفزيوني لمختارات بعينها ومحطة راديو بعينها، أما أنا فبقيت على الوصف المتقدم سوى أعداد لا تزيد على احد عشر أو اثني عشر نسخة من صحف عراقية جاء مقص ”الرقيب الديمقراطي” على القسم الأكبر منها، وحتى آخر جلسة حضرتها قبل الامتناع عن حضور الجلسة الأخيرة… رغم ان تلك الصحف كلها صحف محلية صدرت بعد الغزو وخلع العذار عن ناس بعينهم في هذه القاعة ليطلقوا أوصافا مسبقة واتهامات تنطبق عليهم، لا على من أسموهم خلافا للقانون الدولي والعراقي والدستور، بالمتهمين وعلى سبيل التذكير وليس حصر كل ما قالوه.

قال أحدهم معلقا على قول الأستاذ طه ياسين رمضان عن التنمية التي ابتدأت في منتصف السبعينات على نطاق واسع مما عملنا قبلها وأكثر اقتدارا وسميت في حينه بالتنمية الانفجارية نظرا لشموليتها وسرعة إنجاز المشاريع فيها، علّق قائلا التنمية المصيبة التي خرّبت العراق. وقال آخر واصفا في لائحة الاتهام، من أسموهم بالمتهمين “الذين عاثوا في الأرض فسادا” وبذلك نضح الإناء عما فيه، وينطبق على القولين المثل العربي “أحشفاً وسوء كيلة”!

ويبدو أن لهذه المباراة مَن يشجعها في القاعة التي تطل على قاعة “المحكمة” “كمايسترو” ومستوحى من علاقته الجديدة مع الأمريكان كنسيب ومقّرب ليغرف من شطّي السوء الصفوي، الإيراني، والأمريكي الصهيوني، فبانت حقيقة الناس، وعُرف مَن هو مسك وريحان، أو مَن هو على الوصف الرديء.

ولكي نقارع الحجة المتهافتة بالحجة الصحيحة والصميمة، ولكي نقارع الحجة المتهافتة تقديرا لشعبنا العظيم ومَن يهمه معرفة الحقيقة مثلما هي، بما في ذلك ناس في هذه القاعة فلنأخذ ثلاث سنوات أو أقل من عمر ثورة 17-30 تموز المجيدة إبتداءً من يومها الأول يقابلها أكثر من ثلاث سنوات من غزو بغداد والعراق، ودور رجال المسيرة الغرّاء فيها، ودور الغزاة وعملائهم في الثلاث سنوات المقبلة لتعود الحقيقة المشرقة واضحة بهية، بعد أن حاول الظلام أن يسدل عليها أستاره، أقول لكم شذرات موثقة من تلك السنوات الثلاث تموز/1986، وآذار0 1970 وجدنا في ميزانية الدولة ثلاثة ملايين دينار فقط، مما جعلنا نحير بعض الأشهر في تدبير رواتب الموظفين ورواتب الجند، حتى أن المرحوم الرئيس البكر فكّر بأن يبيع للمواطنين معسكر الجيش في الوشاش بعد أن يقطعه بمساحات لأرض سكنية يفيد ثمنها جانبا من نشاطات الدولة، وقد عارضته واقترحت عليه وعلى مجلس قيادة الثورة في اجتماع رسمي، أن نحوله إلى متنزه للشعب، حيث يعّز أن تتهيأ مثله فرصة في المستقبل، بعد أن يتحسن حال الدولة المالي، ولكن كان مع رأيي الأقلية وصار إلى جانب المرحوم البكر الأغلبية من أعضاء مجلس قيادة الثورة، وكلف المرحوم صالح مهدي عماش، وكان نائبا لرئيس الوزراء، ووزيرا للداخلية في حينه أن يعاونه أمين بغداد ليقّطعوا المعسكر إلى قطع سكنية ويعلنوا بيعها للمواطنين، وكان ذاك في أوائل عام 1969 على ما أذكر، وقد باعوا من المعسكر كل مساحة الأرض الواقعة إلى الغرب من شارع الزيتون، فقط، بعد مضي ستة أشهر على إعلان البيع، وكان مجموع قيمة القطع المباعة بحدود المئة والثمانين ألف دينار فقط. أكرر مئة وثمانين ألف دينار فقط، فطلبت ان يعاد مناقشة الفكرة مرة أخرى في مجلس قيادة الثورة وبعد أن قدم المرحوم صالح عماش تفاصيل واقع البيع والمبلغ المتحقق اقترحت إيقاف البيع وتحويل ما تبقى من أرض المعسكر إلى حديقة ومتنزه عام فحصلت على تأييد من كل أعضاء مجلس قيادة الثورة تقريبا بما في ذلك المرحوم الرئيس أبا هيثم حيث كان في المناقشة السابقة من بين الأكثر حماسة لفكرة البيع.

وفي ذاك الزمن القصير مما ذكرنا وفي الأيام الأولى بعد الثورة مباشرة أطلقنا سراح كل المعتقلين السياسيين الذين كانوا معتقلين من النظام السابق الذي أقصته الثورة وكان المعتقلون آنذاك، طيفاً من الناس تحت مسميات شتى، وكلهم كانوا معادين لحزبنا وثورتنا، ولم نبقِ في السجن أحداً منهم بما في ذلك الكرد الذين كانوا في المعتقل.

وأعدنا كل المفصولين من وظائفهم لأسباب سياسية مع حقوقهم، ومنهم الكرد والشيوعيين.

وحققنا السلام في شمال الوطن وأنهينا القتال على أساس بيان 11/آذار/1970، بعد قتال استمر من عام 1961 وعجزت كل الحكومات المتعاقبة على إيقافه باتفاق.  ذلك الاتفاق الذي وقعنه مع المرحوم ملاّ مصطفى البارزاني.

وبدلا من الانفراد بالسلطة، وهو حق لو أريد الانغلاق نظرا لأن الثورة قادها وخطط لها ونفّذها حزب البعث وحده، ولكننا بعد أن استقر لنا الحال تماما، أقمنا جبهة وطنية وشاركنا كل الأطراف المؤثرة وفي المقدمة منهم من مثل البارزاني في حينه في الحكم، وقد بدأ الخير يتدفق باستحياء على العراق والعراقيين لأن النفط كان في قبضة الشركات الاحتكارية والدول الكبرى, حتى أممنا نفط الشمال في 1 حزيران عام 1972، وبعده أممنا نفط الجنوب وكنا سبقنا هذه الخطوة بالمباشرة لاستثمار النفط وطنيا، خارج الامتياز من حقول نفط شمال الرميلة.

وقد أنجزنا ثورة تموز بصفحتيها في 17 وفي 30 تموز عام 1968، ولم ُيرَق فيهما إلا دم جندي واحد في الخطأ، ولم يفقد أي مواطن من أقصى العراق إلى أقصاه في الثورة ولا حتى قلم رصاص أو درهم، وعلى هذا سميت الثورة البيضاء، وهو عهد قطعناه على أنفسنا بقرار من القيادة سبق تنفيذ الثورة بعدة أيام فقط، وباقتراح مني أن نعمل على استقرار البلد ونبذ الثارات وعدم المحاسبة على ما سلف ولم نعتقل بعد الثورة مباشرة أياً من المسؤولين، بما في ذلك رئيس الجمهورية. ولا أي مواطن على فعل سابق للثورة.

هذا مختصر لما كنا عليه في السنوات الثلاث من عمر ثورة الشعب والجيش، ٠ فأي شيء حقق أسياد المتطاولين وأذناب أمريكا وإيران وخدمهما في السنوات التي أعقبت احتلال بغداد العزيزة من الغزاة؟ وهل ثمة مجال للمقارنة بين ثلاثٍ…  وثلاثٍ.

يا لشقاء من يدّعون، أيمكن أن تقارن الثريا بالحضيض الآسن!؟ ومَن يا ترى يعيث في الأرض الفساد.

وهل هذا الوصف ينطبق على الأزنام وأسيادهم أم علينا نحن وشعبنا وجيشنا!؟

هذه شذرات من بحر الخير الصاخب الذي أنجزته الثورة وكلما توغلنا أكثر في سنواتها اللاحقة يصبح الخير بِحارا ويتحول إلى محيط زاخر، حتى دهمنا الشر من أم الأزنام ولكن الخير لم يتوقف ودهمنا بعد ذاك ش الغرب على ما تعرفون ويكفي في هذا أن نقول كان ريف العراق قبل الثورة يندر فيه من بنى بيته بالطابوق أو الحجر، وقد لا يزيد في كل ما في ريف العراق من بيوت من الطابوق والحجر آنذاك على مئة بيت أو أكثر، رغم أن الريف العراقي يسكنه الملايين.

وقد قلت هذا الرقم من غير إحصائية وإنما على القياس المتخذ من محافظة صلاح الدين، حيث كان في كل ريف المحافظة بيت واحد من الطابوق، هو بيت المرحوم غازي العلي الكريم في ريف سامراء، ناحية مكيشيفة الآن وقد كان نائبا في مجلس النواب قبل ثورة تموز عام 1958، وكانت نسبة الأمية في العراق حتى عام 1969 أو عام 1970 هي 73%، وكان عدد من تراه يحتذي حذاءً في الريف نادرا إلا إذا كان يهّم بسفر إلى مدينة.  وكان في بغداد فندق واحد من طابقين يوصف من فنادق الدرجة الأولى وليس غيره في كل العراق من هذا الوصف، وكان مصعد القصر الجمهوري إذا توقف ليس في العراق من يصلّحه، وكان يشغّله هو وأجهزة التكييف في القصر الجمهوري والمجلس الوطني مهندس واحد.  وإذا توقف المصعد نأتي بمن يصلحه في طائرة من الشركة الإنجليزية التي بنتهما، وكانت بغداد على أشّد تناقض بينها وبين تأريخها.  وكانت مدن العراق الأخرى، وريفه مهملين وحتى أواسط الثمانينات ليس هناك في العراق مَن يجرؤ ويعرف كيف يُنصب مصعد جاهز، حتى طلبت من المهندسين أن يستقدموا من يركّب لهم مصعدا واحدا أو مصعدين، وعليهم بعد ذاك أن يتعلموا هم من غير مساعدة أجنبية حتماً في تركيب المصاعد وتشغيلها، وكان في الدولة قصران هما: القصر الجمهوري وهو القسم الأوسط بين الجناحين المستحدثين من قبلنا وبناية حمورابي المسماة المجلس الوطني.

أما في الصناعة والزراعة والثقافة والصحة والتعليم، فحالٌ يرثى لها. فهل تعرفون وإذا عرفتم هل تذكرون أم أن الخائبين ينكرون ويتناسون؟

استدّت عزائمنا فجال الحسام *** يواجه رماح صفّق لها الأزنام

وحيث تعالى في الساحِ عقوبها *** كان لنا في ساح الوغى قُحّام

تمادت كانونة النار من شرقنا *** وتمادى مثلها الأطلسي السّخام

فجاءت أمواجه تزاحم بظلمته *** فما أخاف إذ ازدحم الظلام

فاقتربوا وسددوا رماح إلينا *** انزاح الغبار فخفقت أعلام

فثبت في صدور أهلها عزائمهم *** ولم يضطرب من السيل السّنام

وانتخت همم غرّا تواجههم *** فتخالف رمحهم وحسامنا والسهام

فتصاهلت الخيول تعقبها أمهارها *** واضطربت النياق وغزاها السقام

فطاش الرمح وأعيته مخاضتها *** واخترق صدر العدو الحسام

هكذا تالدٌ عن تالدٍ أهلنا *** فسجّل التاريخ وعرفتنا الأنام

ذاكرتها المقداحة تذكره *** إن نسى من نسى الأقلام

قداحة الروح محبتنا لأمتنا *** نصوم ونفطر ومن الإيمان الصيام

وشعبنا فيه عزيز أمانينا *** فحتما ينهزم العاتي الظلام

نصوغ بالشرايين عزّته وسعادته، *** وإن كان في ذاك الحِمام

فتلد في العراق شمس جديدة *** وتلّذ وتحلو به الأنسام

فنسمع زقزقة *** ويُسمِعُنا الهديل الحمام

فتميس شواطئها فخورة *** ويضجّ بالترحيب الأنام

أيها الشعب العظيم يا رجال القضاء الحقيقيين، هذا هو الوقت، الذي وإن ادخر مَن ادخر كل شيء فقد حلّ ما يتوجب أن يبذل من غيرما يتردد، بما في ذلك الدم الزكي.

وما زال رجال نجوم في القانون، يواكبون معاني الشعب والأمة والإنسان، أبرزهم الرجل الفاضل الأمين، والقاضي الأول، ابن العراق البار وابن الكرد البار رزكار، حفظه الله ومكّنه على طريق الإنصاف والفضيلة بما يعّز القانون والقضاء وبما يعّز الحق ويخزي الباطل، إنه سميع سبحانه مجيب.

كان ذاك الرجل الوقور عندما تبين الحقيقة، وعرف إن الغزاة والمزورين يريدون أن يدفعوه إلى الظلام لارتكاب الخطيئة وليس تطبيق القانون، أبى لنفسه أن تتلوث والشرف أن يتدنس، فنزع عنه ما أرادوا أن يلبسوه إياه واستقال فإليه تحيتي وتقديري.

أيها الأخوة والذوات أيها الشعب العظيم

إننا على ثقة بأن سندان الحق في صدور شعبنا الوفي الغيور.

سيعمد الحق إزاء مطارق الغش والتزوير والدنيّة، وستتهشم مطارق الباطل وتعيا أذرع الشر ويتفوق الحق، وسيضاف صمودنا إلى البحر الزاخر لما في صدر شعبنا وصدر كل مؤمن غيور.

عاش شعبنا

عاش جيشنا الأغّر الباسل

عاش المجاهدون، عاش المؤمنون الصادقون، عاش محبّوا السلام

عاشت أمتنا المجيدة

والخزي والعار والشنار لأهل العار

قلت وما زلت أكرر القول بأنني عندما أوضح الحقائق وفق رؤيتي واجتهادي، أو حسب ما يتيسر لي في الذاكرة من مفردات، فإنني لا أدافع عن صدام حسين لإزالة أو تخفيف عقاب يريده ويسعى إليه المجرمون، تحت عناوينهم ومسّمياتهم، إنما لأوضح الحقيقة حسب، وإنّ هذا حق شعبنا علينا وهو واجبنا تجاههم وتجاه مسيرة عظيمة ظافرة حاول الأقزام أن يشوشوا عليها ليظلموها، بما في ذلك حق من يحتاج رأيه ليتكون في هذه القاعة وفي هذه الهيئة إلى أن نقول رأينا وندلي بدلائنا، وإننا إن شاء الله فاعلون وبما يشاء لنا ربنا من مصير قانعون وبانتصار شعبنا ووحدته متيقنون.

أيها الشعب الكريم الوفي، أيها النشامى في قواتنا المسلحة الباسلة

أيها المجاهدون

كنتم دوما متسامحين مع الخطأ، بل وحتى مع الخطيئة، لمن يصلح ويعود عن طريق السوء والتبعية والخيانة، وكانت قيادتكم الغراء التي هي جزء منكم وتفكر وتعمل بإرادة وطنية حرة ليس مرهونة للأجنبي إنما محّركها رضا الله والشعب وسبيلها المصلحة العامة وليس الأهداف الذاتية ولا كرسي الحكم، كانت وعلى أساس خلفيتها متسامحة حتى إزاء من يركبه خيال هواه فيتمرد بدفع خارجي أو دفع ذاتي، وعلى هذه الخلفية ينبغي أن تعّدوا النفس للتسامح ليحّل بهياً مقتدراً معافى مع أبناء جلدتكم، بدل الثأر والضغينة والبغضاء إلا من يقف عقبة كأداء في طريقها جهادكم ضد الأجنبي فذنبه هو ذنبه.

أقول هذا الآن وقد عملت به على قدر ما ترى رايتي أو يصل رمحي وسيفي اعتبارا من لجوئي السياسي المعروف إلى سوريا ثم مصر العروبة بين 1959-1963 وطيلة خمسة وثلاثين عاما في قيادة السلطة مع إخواني ورفاقي، وأقول به الآن وبعد الآن بتشديد مضاعف لطبيعة المحنة التي يواجهها شعبنا، ليس خوفا من أحد أو استجابة إلى مساومة رخيصة على حساب مصلحة الشعب والوطن، وليس أيضا التماس فعلٍ من غير أهله، وإن أهل الفضيلة يعرفون أنفسهم ويعرفون السبيل، وسبحان من لا٠ يخطئ، ولكن ثمة فرق بين من يكون خطأه عامدا مع سبق إصرار، ثم إصرار لاحق من غير أن يرعوي وبين خطأ على حال هفوة عابرة، أو ما هو من طبيعة خطأ من يعمل بما في ذلك من هم الأكثر إخلاصا ودقة.

ومن هواه نفسه، صار ريح نتنة مع الممارسة وتراكمها، على هذا.

أيها الأخوة… أيها الشعب العظيم يقاس خطو الناس في النضال وفي الحكم، وعلى هذا تُعرف نتيجة أفعالهم وطبيعتها قبل أن يبدؤوا الخطوة الأولى في سدّة الحكم أو المسؤولية، وعلى ذا تكون الغربان على وصفها والصقور على وصفها، فلا الصقور تصير غرباناً، ولا الغربان تصير صقوراً، ولا الضفادع تسابق مع الأصائل.

أيها الأخوة: مهما يكن من أمر، وفي كل الأحوال والتطور داخل العراق، والسبيل الذي يزاح بح الغزاة والمبطلون والنتيجة التي يصل إليها الحال بالنصر المبين إن شاء الله، ورغم أن العراق بحر زاخر بالعمل السري والحركات السرية منذ قديم الزمان، وإن لأنواع من العمل السري هالات هي أكبر من حجمها، وأقل مستوى من الآمال التي يعلقها عليها أعضاءها وجماهيرها أحيانا، فقد اختبرت كل الحركات السياسية المعروفة بعد عام 1958 حتى الغزو الأجنبي، وعرفت بعد الغزو، وبعضها ذيله، حركات أخرى، فصار الشعب على بيّنة ليقرن الشعارات بالعمل ويقرن الإعلان والنية بالخطوة، وبانت أوزان الجميع، في فعلهم ومسالكهم، ومثلما تعرف المصاهر والمختبرات المعادن، فكذلك بانت وعرفت معادن الناس وأسبر غور منبتهم ومآل ولاءهم، وإن السلطة من أعظم المصاهر والاختبارات ومثلها الظرف الصعب كظرفنا، لاكتشاف ومعرفة الناس وبواطن ما كانوا يخفون ويضمرون، ومن هو بن الوطن عقلا وضميرا وقلبا أو رجليه في العراق وعقله وقلبه خارج الوطن، وإن شعب العراق، عظيم وخبير في الناس، فإذا خدعه من خادعه، فإن ارتداداته ستكون عنيفة عليهم، ولقد عرف شعبنا الغثّ المزيف مثلما كان قد عرف الأصيل والسمين، وعرف الأوزان والنوايا والعقول على حقيقتها وعرف القلوب، وعرف ما يضره وما ينفعه، ولقد نزف دما طهورا من أجل ارتقائه، ونزف دما طهورا ممزوجا بما يراق من دم المحتل وركاب حذاءه ولذلك لم يعد في قوس الغزو والظالمين ذيله، ثمة منزع، وتكسّرت سهامه، ليشقى الأجنبي والأغراب بسرعة أعلى وتعود إلى شعبنا وحدته وتراصّه في الخير والعمل، وإن ما يطيل زمن الغزو، بل أطاله هو عمل الأشرار داخل بعض الصفوف، آن للجميع أن يقبلوا بعضهم شرط أن يقلع من تورّط كدليل للأجنبي أو إنرصف مع مخالبه ببرهان، وآن لمن هواه خارج الحدود أن يعرف بأن لا مرونة ولا تسامح مع الذين يقّدمون مصلحة ألأجنبي على مصالح شعبنا أو ينظرون إليها بمنظار واحد وعيار واحد، وفي كل الأحوال فإن العراقي مطالب أن يختار عراقيته دون شريك، فإذا اختار شريك انتفت عراقيته عليه ولا تعارض أو تناقض بين هذا المبدأ والمصير المشترك مع الأمة، المجيدة. فمن يختار العراق باستحقاقه يبقى متساويا في الحقوق والواجبات، ومن يزّوجه مع غيره أو يجعل غيره رديفا أو بديلا فلا مكان له على أرضنا وعليه أن يرحل وكلّ يعرف عمامة أن لم ينصهر قلبا وقالبا.

أيهم برّنا وأمه يهماء *** خنجر أدمى شعبنا الداء

رديف حراب قرّت في خاصرته *** ساحت بعمق الكلوم منه الدماء

وعزّة الأنفس فينا سجية *** وحادينا والربع أعزاء

وقد ورثناها تالدا عن تالد *** ورثها عن آباء غرّ أبناء

نواجههم حتى تفصد دماؤهم *** وتعدل إذ تنفصد العرجاء

حملوا آثام تنوء بها جبالهم *** يذكرها الثرى وتنئن بها الأنواء

أصابتهم مصائب ما زالوا بأولها *** يصيبهم إذ يطبق النصفان إعياء

وإذ يطبق النصفان فتلك أيامنا *** يزَيًن النصر بها والحِداء

تسامحوا بينكم فيعّم أريجها *** فإنه دين اللهِ ومِنّا رجاء

حلّ أوانها لاح إشعاعها *** فليس يقبل إذ يلح إرجاء

ومن أجل أن يعرف من يرغب في معرفة جانب من حقائق ثورة تموز المجيدة، نقول أن ثورة تموز التي نحن بصدد مسيرتها قامت في 17 تموز 1968، وأن الثورة انتفضت على تسلل بعض المنحرفين إليها، في 30 تموز من نفس العام أي بعد ثلاثة عشر يوما، وفي اليومين المشار إليهما وما بينهما وما بعدهما لم يفقد أي مواطن من أقصى العراق إلى أقصاه أي شيء من ملكيته ولم ينتزع من مواطن أو مسؤول سابق في السلطة أي شيء من ملكيته، ولم تفقد الدولة أي شيء من ممتلكاتها، وقد عمّ الأمن العراق كله.

هذه هي نزاهة ثورة تموز وإخلاص قيادتها وجدّيتهم، وفي الوقت الذي لم نجد في خزينة الدولة آنذاك عام 1968، إلا ثلاث ملايين دينار ما يساوي إثنى عشر ألف دولار، تركنا في خزينة الدولة حتى يوم دخول قوات الغزو بحدود ثلاث مليارات دولار، لابد أنها نهبت من النهابين، أمّا الآن فإن المعنيين وأعوانهم أخبر بالناهب والمنهوب والحصص الموزعة على أساس “القدرات المجرمة” فهل هنالك مجال لتقارن الغربان بالأسود!؟

بحر الأسنة وأمواجك الدم

زاخرٌ أنت، المحيط… يلتطم

لو غيرك باس أيدي متوسلا بالمدفع

يابن الفراتين توسِمُ

عرمةٌ همّتك في كل حين أبية

وسيلك حيث إشتّد غيثك عَرِمُ

ياسيف أم المعارك والقادسية،

فما التوى، وما وهنت في عزمك الهمم

هذه أوصاف شعبنا وجيوشنا

فأي وصفٍ لك أيها القزم

جئت تزيّن بغزوك العراق

وستعجز كما عجز قبلك العجم

                 

التوقيع

صدام حسين

رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة

أواخر عام 2006

من وحي خطاب الرفيق أبو جعفر في ذكرى ثورة ١٧ تموز الخالدة

من وحي خطاب الرفيق أبو جعفر

في ذكرى ثورة ١٧ تموز الخالدة

 

د- فالح حسن شمخي

 

استمعت جيدا لخطاب الرفيق أبو جعفر أمين سر قيادة قطر العراق ، لمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لثورة ١٧-٣٠ تموز في العراق.ويمكن أن نطلق عليه خطاب المرحلة ،  فالمنطق العلمي يقول ان لكل مرحلة تاريخية اسلوبها في الخطاب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفلسفي والفني   .

 

الخطاب بدأ بالحديث عن الصبر والتضحية  :

بدأ الخطاب بقول الله جلت قدرته :

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ

وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ

    صدق الله العظيم

والصبر  كما هو معروف يقترن بأركان الإسلام ومقامات الإيمان، فقٌرن بالصلاة في قوله تعالى : {وَاستَعِينُوا بِالصّبرِ وَالصّلاةِ} [البقرة: 45]، وبالتقوى في قوله تعالى: {إنّهُ مَن يَتَقِ وَيَصبِر} [يوسف: 90]، وبالشكر في قوله تعالى: {إن فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُور} [لقمان: 31]، وبالرحمة في قوله تعالى: {وَتَوَاصَوا بِالصّبرِ}.  

  التضحية :

حدثنا الخطاب عن رفاقنا الذين فجروا ثورة ١٧ تموز ١٩٦٨  والذي أطلق عليهم ( الرعيل الأول )، ذكرنا بتضحياتهم الجسام التي قدموها لإنجاز مشروعهم الثوري الذي سماه ( الوليد  الجديد ).

التضحية هي  أن يدافع الانسان  عن نفسه وعرضه وماله،، فواجب  المناضل الثوري هو صيانة  نفسه وعرضه، وماله، وهنا نشير إلى ان االمقصود بالنفس والعرض والمال ، هو مال ونفس وعرض الشعب العراقي الذي حافظ عليه الثوار على مدى ٣٥ عاما من الحكم الوطني في العراق ، لقد قدموا العراق على أنفسهم وعوائلهم وهذه هي التضحية  .

يروى ان رجُلًا قال: يا رسولَ الله، أرأَيْتَ إنْ جاءَ رجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مالِي؟ قال: “فَلا تُعْطِه مالَك”، قال: أرأَيْتَ إنْ قَاتَلَنِي؟ قال: “قاتِلْهُ”، قال: أرَأَيْتَ إن قَتَلَنِي؟ قال: “فأنت شهيدٌ”، قال: أرأيْتَ إن قتلتُه؟ قال: “هو في النار.

 ويروى ان المصطفى صلى الله عليه وسلم قال : “مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِه فَهُوَ شهيدٌ“.

 وقال شاعر من شعراء العرب :

 يَهُونُ عَلَيْنَا أَنْ تُصَابَ جُسُومُنَا ..  وَتَسْلَمَ أَعْرَاضٌ لَنَا وَعُقُولُ

 

 العراق هو الطليعة:

 لقد آمنت قيادة الحزب في العراق بأنها عليها كطليعة ثورية أن تتصدى لسبات وكبوات الأمة العربية المجيدة وتأخذ على عاتقها شرف المسؤوليه في اعادة أمجاد الأمة التي تكالبت عليها القوى المعادية ، بمشروع نهضوي حضاري جديد ، بعيد عن التجريب الذي ساد في تلك الأيام.

  الانشطار العمودي:

 نتيجة للهيمنة الامبريالية الاستعمارية انقسم العرب الى كتلتين الأولى تشد المجتمع العربي الى الماضي ، وبحجة ضياع الهوية القومية والوطنية ، والأخرى تدعو الى اللحاق بالغرب بحجة الحداثة والمعاصرة ، والتخلي عن التاريخ العربي الخالد الذي يحمل بين طياته الكثير من الدروس والعبر التي تخدم الحاضر والمستقبل، لقد لخص الخطاب الصراع الذي تخوضه النخبة المثقفة في أمتنا العربية مابين الثابت والمتحول ، والحداثة . والمعاصرة .

فالخطاب يعيب  على القوى العربية المتنورة فكريا عدم امكانياتها أو ضعفها واستكانتها نتيجة ماتعرضت له من هجوم القوى المعادية الذي  يصل الى مستوى الحرب ، فاكتفت هذه القوى المتنورة بإثارة التساؤلات التي لاتجدي نفعا ، لأنها لم تصل الى إجابات علمية وعملية شافية في الوصول الى الهدف المنشود وهو اللحاق بالركب ، واحياء الماضي الحضاري الإنساني للأمة .

  طبيعة الانسان العراقي بين الغضب والثورة  :

 تناول الخطاب طبيعة الإنسان العراقي والتي هي نتاج الموقع الجغرافي وكثرة الأطماع التوسعية فيه ، والحروب التي خاضها ، والحضارات التي تعاقبت عليه ، وهنا لابد أن نشير الى ان الخطاب قد تناغم مع نظريات علم الاجتماع الحديثة ولخصها والتي تناولت الشخصية العراقية    .

 صراع القوى بعد العام ١٩٥٨ :

حمل الخطاب القوى الوطنية العراقية التي كانت مؤتلفة بجبهة الإتحاد الوطني والتي تشكلت قبل عام ١٩٥٨ مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بعد ذلك ، وهنا لم يستثني أحداً ، وهذا هو الرقي بتناول التاريخ .

  البعث برنامج سياسي واضح المعالم:

 يستند البرنامج السياسي للبعث الى تاريخ طويل نضالياً وفكرياً ، ويستند عقائديا الى تاريخ حضاري إنساني سطره الأجداد ، تعامل البعث مع التاريخ بمفهوم ، ( الإستلهام )، أي الأخذ بما هو جيد ومبدع ويصلح أن يكون نموجاً ورمزاً لإتباعه ، وترك مادون ذلك .

   نجت ثورة تموز لتضع الحلول للمشاكل المتراكمة :

 ان أول ما تحدث عنه الخطاب هو تعامل الثوار مع القضية الكردية ، فكان الحل هو بيان 11 آذار الخالد . وثاني ماتعامل الثوار معه هو الثروة النفطية فكان تأميم النفط الخالد ، والذي كان له الأثر على التنمية الشاملة في مجال الصحة والتعليم وبناء القاعدة الصناعية والزراعية وغيرها .وثالث ماتعامل معه الثوار هو القضاء على شبكات التجسس التي كانت تعيث بالأرض فسادا .

 توطين التكنلوجيا :

عبارة جاءت في الخطاب علينا التركيز عليها طويلا ، فنقل التكنلوجيا الغربية من دون فهمها وتفكيكها وتركيبها كما فعلت ثورة تموز التي أنتجت آلآف العلماء الذين  تعاملوا مع تكنلوجيا الغرب . إن نقلها حرفيا ومعها الخبراء والاكتفاء بأن نضع حرس على بوابات المصانع والمعامل كما هو الحال في بعض الاقطار العربية يعتبر عملا مشيناً،  وهنا نفهم ان التوطين هو المشاركة والمعايشة والبدأ بالتعامل مع التكنلوجيا .

  الحديث عن الاعتقال والتعذيب والتغييب:

 حديث الرفيق أبو جعفر عن الممارسات التي تتنافى مع حقوق الإنسان في العراق على يد الاحتلال وذيول ايران ، تحمل مصداقية عاليه لأنها تأتي من رجل عانى الإعتقال والتعذيب وهو شاهد عيان على تلك الممارسات الوحشية القذرة التي تمارسها الحكومات العميلة في العراق ، ومارسها الاحتلال الأمريكي .

  تحية المقاومة وثوار تشرين بعيد عن الوصاية والتعالي  :

 لقد حيا الرفيق أبو جعفر المقاومة العراقية التي عاش فاعلا فيها وعرفها عن قرب ، المقاومة التي أجبرت المحتل الأمريكي على الهروب ، حيا الجيش العراقي بكل تشكيلاته والذي كان هو النواة في تشكيل فصائل المقاومة ، وحيا فصائل المقاومة الأخرى ، ولم يدعي أن المقاومة كانت حكراً على حزب البعث العربي الإشتراكي .

 أما ثوار تشرين فقد تبنى الخطاب طروحاتهم وأهدافهم وتطلعاتهم بعيداً عن الوصاية أيضاً.

  مالم يذكر في الخطاب وتم التسامي عنه :

 أترك الأمر للقراء ولكني أٌذكر بقول شاعر العرب ابو الطيب المتنبي:  

  عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ

وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ

وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها

وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ