الإعلام العربي ومسؤولية كشف الحقائق
الإعلام العربي ومسؤولية كشف الحقائق
ناصر الحريري
أصبح الإعلامُ الناقلُ للأخبار والمعلومات والحدث عنصراً مهماً جداً في صناعة الحدث، وذلك من خلال قيامه بدور أساسي في صياغة الصورة الذهنية للمتلقي، والمحرك الأساسي للسياسات العامة، ما يعني أن الإعلام يقوم بدور فعال في صنعة وتشكيل صورة الحدث وتأثيراته على الرأي العام، لأنه تجاوز مرحلة توصيف الحدث إلى مرحلة رصد التحولات والتركيز على تحليلها، ويركزُ على نقد السلبيات، وتحويل الحقائق لتكون ملائمة لتوجهات أصحاب القرار السياسي الذي يعبرُ هذا الإعلام عنه وينطقُ باسمه. في هذه الحالة يُخرجُ الإعلامُ الحدثَ عن الواقع الموضوعي،
ما يجعله شريكاً أساسياً في صناعة الأحداث والتحكم في تطورها من خلال ما يوفره من معلومات تحدث تأثيراً على مجريات الأحداث، خاصة أن أدوات الإعلام المتقدمة جعلت الاهتمام الشعبي يزداد بها نظراً لدورها في بث المعلومات والأحداث التي تتعلق بالشؤون العامة والقضايا السياسية والقرارات ذات التأثير الكبير والحيوي في الحياة اليومية للناس اللذين تكونت لديهم مفاهيم ومواقف ترتبط ارتباطاً مباشراً بالصورة المنقولة عبر الفضائيات، التي تعتبر هي الأداة الأكثر تأثيراً من حيث إنها تقوم بنشر المعلومة والفكرة والخبر والثقافات وما يتعلق بالحضارة،
وكذلك تجعل الصلة وثيقة بين الجهة الناقلة أو الناشر والمتلقي، وتحاول من خلال ذلك تسويق أهدافها السياسية والثقافية والاجتماعية، كما تعمل على تعبئة الجهة المتلقية في الاتجاه الذي يخدم مصالحها، سواء أكانت هذه المصالح إيجابية بالنسبة للجهة المتلقية أم سلبية نظراً لأنها تروج مفاهيمها بشكل مستمر مما يبقى قطاعاً واسعاً من هؤلاء مرتبطاً بها. فحين يتم نشر ثقافة قائمة على القيم الإنسانية والأخلاقية النبيلة فإن النتائج ستكون إيجابية، ويكون الإعلام في هذه الحالة موضوعياً وسليماً وأكثر فعالية، لأنه ينشر ويحقق القواعد الأخلاقية للعمل الإعلامي بعيداً عن التزوير والتحريض والحملات المغرضة المخطط لها والتي تستهدف تشويه الصورة عند الناس.
لننتقل من العموميات إلى التخصيص، أي ما يتعلق بالأحداث التي تجري على الساحة العربية، فإن الإعلام يكون صادقاً وسليماً وموضوعياً حين يُمكِّن العرب من نشر ونقل كل ما يجسد قضايا الأمة في مختلف المجالات، السياسية والروحية والثقافية والقومية والتراثية والحضارية، و يتصدى للإعلام المعادي الذي يشوه صورة العرب وقيمهم الحضارية، ويعمل على بثّ الفرقة والفتنة بين أبناء الشعب الواحد، مثلما يعمل على إيصال صورة مشوهة عن الأحداث التي تجري في الوطن العربي بما يخدم مصالحه، وبكل أسف هناك أيضاً فضائيات عربية وأفلام إعلانية عربية وأقلام تصب في ذات الاتجاه لاسيما أولئك الذين يحرضون بما يسهم في توتير وتسميم الأجواء في هذا القطر العربي أو ذاك مما يعرضه إلى عدم الاستقرار ويصيبه في اقتصاده وقد تصل الأمور إلى سفك دماء أبنائه. فالإعلام العربي بكل وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية يتحمل مسؤولية كبرى في توعية المواطن العربي بالمسارات الموضوعية للأحداث العربية والتوجيه السليم للمواطنين العرب عبر وضعهم في الصورة الحقيقية للحدث ونتائجه وانعكاساته، مثلما يتطلب من هذه الوسائل أيضاً نقل صورة الحدث إلى العالم وهذه مهمة أساسية للإعلام العربي، عليه القيام بها، وتتعلق بإيصال قضايا الأمة العادلة إلى الرأي العام الدولي ويأتي في مقدمتها قضايا التحرر الوطني والقومي، وفي مقدمتها قضية الصراع العربي الصهيوني، والاحتلال الإيراني لعدد من الأقطار العربية، وسعيها الحثيث لبث روح لتفرقة ولتجزئة والطائفية، وتهدد الأمن والاستقرار في منطقة هي من أكثر المناطق في العالم حساسية وأهمية، مثلما يتوجب على وسائل الإعلام العربية الدفع باتجاه التحرر من التبعية وبناء الدولة القومية، وهذه مهمة تاريخية يتوجب على الإعلام العربي العمل على تنفيذها، من خلال البث المستمر الذي يتولى التأكيد على مصالح الأمة العربية العليا ويمارس تأثيره التعبوي على الجماهير العربية في هذا الاتجاه، ويتصدى للرد وتفنيد ما يصدر عن وسائل الإعلام المعادية للعرب. قد يقول قائل إن الإعلام الغربي يتفوق بأدواته وإمكاناته، فإن ردنا على ذلك، نعم إن الإعلام الغربي يتفوق على الإعلام العربي،
ولكن يجب أن يكون ذلك حافزاً لتطوير قدرات الإعلام العربي والذي يجب ألَّا ينخرط في ترويج أهداف الإعلام الغربي مثلما يحصل أحياناً، ونحن في هذا الحال لا نظلم ولكن نشير إلى أمور واقعة، بخاصة فيما يتعلق بالأحداث الجارية في العراق وسورية واليمن ولبنان. إننا نؤكد على أن تكون رسالة الإعلام العربي هدفها إبراز الحقيقة، ومخاطبة الرأي العام الوطني والقومي والعالمي بلغة العصر، وإيصال ما هو حقيقي وسليم، كما أن عليه أن يقف لخدمة القضايا العربية العادلة للأمة.
فلسطين… مسيرة نضال البعث
شباب ومجاهدو فلسطين إعلان بعث الأمة
شباب ومجاهدو فلسطين إعلان بعث الأمة
ناصر الحريري
الأمم الحية لا تموت، ولا تنكسر، قد يعتريها بعض الفتور والغفلة، نتيجة تراكمات أصابتها، وأعداء نصبوا لها المكائد فأوقعوها في متاهة آنية لا يمكن أن تدوم لأنها تمتلك القدرة على التجدد والانبعاث، والأمة العربية هي أمة حية متجددة يشهد تاريخها المجيد على قدرتها على الانبعاث من وسط الركام والمواجهة بكل عنفوان وإصرار. شكك الظلاميون كثيراً بقدرة الشباب العربي على مواجهة القوى الاستعمارية المتعددة الألوان التي تحيك المؤامرات ضد الأمة العربية، أحد وسائل الظلاميين للتقليل من أهمية وقدرة الشباب العربي هو تشويه تاريخ الأمة واستلاب البعد القومي من تاريخها المشرف،
فبعد انتهاء الاستعمار المباشر لأقطار الأمة العربية الذي جاء أعقاب اتفاقيتي سايكس بيكو وسان ريمون، أصبحت أقطار الأمة العربية تابعة بشكل مباشر أو غير مباشر للاستعمار والامبريالية العالمية، ونُصّب على هذه البلدان حكاماً الغاية من وجودهم المحافظة على الولاء للأجنبي، والعمل على تكريس التجزئة القومية، وينمون مفهوم الانتماء القطري، ويحاربون أيَّ تقارب يحمل البعد القومي.
واليوم يقف شباب الأمة العربية وجهاً لوجه في مواجهة الظواهر الاستعمارية المتعددة الوجوه والألوان، بشكلها الإرهابي الجديد، ما يؤشر على أن الأمة حتى الآن في خضم المعركة الكبرى في تاريخها، لتثبت للعالم أنها الأمة الحية المتجددة التي وإن تكالبت عليها كل قُوى الطغيان في العالم ستبقى حية لا ترضى الخنوع للاستعمار مهما تعددت أشكاله. إن الفكر القومي العربي يعي تماماً أن الأمة العربية تواجه منذ قرون عدة ما يمكن تسميته بالظاهرة العدوانية الاستعمارية، وأن صفة هذه الظاهرة هي الاستمرارية والعدائية المفرطة للأمة وشعبها وتاريخها.
لقد أيقنت الأمة العربية أن قدرها هو مواجهة هذه الظاهرة بثبات راسخ لا يحيد عن الثوابت القومية التي آمنت بها جماهير الأمة العربية على مدى تاريخها الطويل. لقد أيقن العرب أن ما حدث لهم بعد 2003 هو حلقة مستمرة من حلقات التآمر على الأمة وكبح جماح نهضتها وقدرتها على النهوض والتقدم، فكان احتلال العراق وتدميره لقطع كل صلات الوصل بين الأمة وقضيتها التي دافع عنها العراق بكل ثبات وقوة وهي قضية فلسطين، القضية الباقية في ضمير ووجدان كل العرب.
إن تعدد الأدوار وتوزيعها بين القُوى الاستعمارية هو صيغة من صيغ التحالف ضد الأمة والتآمر عليها، فالصهيونية العالمية والامبريالية الأمريكية أطلقت يد الصهاينة في فلسطين كما أطلقت يد الفرس المجوس في العراق وبعض الأقطار العربية، لتمهد للقضاء على أي بقعة عربية تقف ضد مصالح ومطامع الغرب والامبريالية العالمية في المنطقة العربية،
فاستبد الطغاةُ وأجرموا بحق الشعب العربي والأمة، فحاولوا بكل وسائلهم من طمس هويتها العربية القومية، وهو ما يشترك به الاحتلالين الصهيوني والفارسي. لقد حاولت الصهيونية على مدى ستة قرون أن تطمس الهوية العربية في فلسطين وتهجر أهلها، كما حاولت الفارسية المجوسية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، حيث دمرت المجوسية الكثير من القيم والمبادئ وشوهت الكثير من الأخلاق العربية ودمرت النسيج الاجتماعي العربي العراقي ونشرت طائفيتها المقيتة لتفريغ العراق من القيم والمبادئ والأخلاق وجره في ركب إيران المجوسية. لقد أثبت شباب فلسطين أن كل المحاولات الهادفة إلى تدميره والقضاء عليه ستبوء بالفشل، وأن الأمة العربية ما زالت قادرة على أن تنجب أبطالاً مقاومين ثواراً مناضلين. إن طوفان الأقصى سطرٌ في صفحةٍ من سجل النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني وما هي دليل لا يقبل الشك أن الأمة العربية حية متجددة لا يمكن أن تسكت على ضيم أو ترضى بظلم. لقد منح شباب ومجاهدو فلسطين الأمةَ العربية الأملَ بغدٍ مشرق عروبي ناصع، كما أثبتوا أن الحق العربي في فلسطين لا يمكن أن يندثر أو يتلاشى على يد حفنة من شذاذ الآفاق الصهاينة المجرمين.
لقد حاولت الامبريالية العالمية ومعها الصهيونية العالمية وتوابعهم أن تطمس الحق العربي المشروع في فلسطين، من خلال مشروعهم الخبيث الذي بدأ أوائل القرن العشرين واستمر حتى تكلل باحتلال العراق مروراً بمعاهدات التطبيع، وصولاً إلى غايتهم الكبرى في الاعتراف بالكيان الصهيوني وإجهاض القضية الفلسطينية.
لقد حاولوا القضاء على كل أشكال الرفض لهذا المخطط اللعين، ولكنهم جوبهوا بثورات عربية امتدت من أقصى الأمة إلى أقصاها، ترفض كل أشكال التدخل والاحتلال وأي مشروع يمس الهوية القومية للأمة أو يحاول القضاء على أي من عوامل وجودها وثباتها.
إن ما يحدث في فلسطين يترجم بصدق وعفوية طموح وتطلعات الشعب العربي وتوقه للحرية والاستقلال وسعيه الدؤوب لاستعادة الكرامة العربية التي صادرتها القُوى الشريرة في العالم. إن ما يخوضه الفلسطينيون من مواجهات وتحديات هو استمرار لمعركة الكرامة والشرف التي تخوضها الأمة العربية بأسرها، يسطّرون من خلالها في صفحات التاريخ أسمى معاني النضال والتضحيات دون تراجع أو انكسار، وكل يوم يحققون الانتصار تلو الانتصار، وأثبتوا أنهم ندّ حقيقي في وجه المخططات الصهيو_أمريكية، ففشلت بالمقابل كل محاولات التهديد والإرهاب لإرغامهم على التراجع؛ بل إن صمود وإصرار الفلسطينيين وثباتهم على مواقفهم ومواجهتهم الاحتلال حركت المياه الراكدة في جماهير الأمة العربية. إن ما يفعله الشعب العربي في فلسطين يعيد لتاريخ الأمة ألقه ولتصبح الأمة أكثر قوة وشكيمة لتستعيد ما فقدته بعد 2003، وما كان هذا ليحدث لولا بسالة وعنفوان شباب ومجاهدي فلسطين، وثبات جماهير الأمة والوقوف خلفهما. هذا الثبات والصمود في فلسطين يعد بمثابة فتح جديد لكل الشعوب المضطهدة لتنهض من عثرتها لمواجهة كل أشكال الخضوع والاستسلام والتسلط على الرقاب وكنسها ورميها في مزبلة التاريخ. ولكل المشككين بقدرة أبطال فلسطين،
ولكل المطبلين للاحتلال الصهيوني للأمة نقول:
أَيُّها المُتَلَوِّنونَ حِقْداً، والنَّافِثُونَ سُمَّاً يَقْطُرُ مِنْ أَفْعَالِكُم قَذارَةً، يَكْفِيكُم تَطَاوُلاً وتَجَاوُزاً عَلَى الُمجَاهِدين المُنَاضِلينَ فِي فِلَسطِين، الَّذينَ يُواجِهُونَ فِي سَاحَاتِ العِزِّ أَعْدَاءَ الأُمَّة. نَعَم أَعْدَاءَ الأُمَّةِ، لِأَنَّهُم يَتَصَدُّونَ بِسِلْمِيَّتِهِم لِلصُّهيونِيَّةِ الَّتي تُنفذُ مُخَطَّطاً خَبِيثاً يَسْتَهْدِفُ كَيْنُونَةَ وَوُجُودَ الأُمَّة. كَفَاكُم تَضْلِيلاً وافتِرَاءً وكَذِباً، فَأَنْتُم لا تَسْتَهْدِفُونَ المُجَاهِدينَ في غزة وعموم فلسطين فَحَسْب، بَلْ تَسْتَهْدِفُونَ الوَطَنَ، وَمَا يُمَثِّلُه مِنْ قِيَمِ الكَرَامَةِ وَالعِزَّةِ والشُّمُوخ. إِنَّ مَا تُوَجِّهُونَ بِهِ تَابِعِيكُم المُضَلَّلِينَ لَا يَمُتُّ إِلَى القِيَمِ الإِنْسَانِيَّةِ وَأَنْمَاطِ السُّلُوكِ البَشَرِي بِصِلَةٍ. تَعْلَمُونَ أَنَّكُم خَدَمٌ أَذِلَّاءَ لِعَدُوٍّ لَا يَرى فِيكُم إِلَّا أَدَاةً لِتَنْفِيذِ مُخَطَّطِهِ الخَبِيث. أَيُّها التَّائِهُونَ فِي بَحْرِ العَمَالَةِ، إِنَّ مَنَافِعَكُم مُلَطَّخَةٌ بِالدَّمِ، مَغْمُوسَةٌ بِتَظَلُّمٍ قَدَّمَتْهُ أُمُّ شَهِيدٍ بَيْنَ يَدَي الله، وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون. هَلْ تَظُنُّونَ حَقّاً أَنَّكُم تَسْتَهْدِفُونَ-بِغَبَائِكُم وطَيْشِكُم وجَبَرُوتِكُم-الشَّبابَ المُجَاهِدِين، إِنَّكُم أَيُّها المُغيَّبُونَ تَسْتَهْدِفُونَ الوَطَنَ، لِأَنَّ مُجَاهِدُو غَزَّةَ مَا خَرَجُوا تَرَفاً ولا بَطَراً، وَإِنَّما خَرَجُوا لاستِعَادَةِ الوَطَنِ وتَحْرِيرِه، واسْتِعَادَةِ الكَرَامَةَ لِكُلِّ عَرَبِيٍّ شَرِيف.
الاختباء خلف ظهر المقاومة العراقية: حقيقة مرتزقة إيران الخيانية
البوصلة الفلسطينية في عقل القائد صدام حسين
البوصلة الفلسطينية في عقل القائد صدام حسين
الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
أكاديمي عربي من العراق
لم يقف الانتماء العقائدي الصارم للشهيد القائد صدام حسين حائلاً دون انفتاحه العقلاني العلمي المنطقي الواقعي على القوى السياسية والكيانات والتجمعات والمنظمات والأفراد والدول التي كانت تقديراته الوطنية والقومية النافذة تشي له بأنها تخدم القضية الفلسطينية وتهيئ مستلزمات إثراء وتعميق استراتيجية تحرير الأرض المغتصبة وعودة الشعب المشرد في الشتات والمطارد فوق أرضه من قبل العصابات الصهيونية المجرمة.
لم نسمع يوما القائد صدام حسين وهو يواجه أية جهة كانت تقف بجد وايمان حقيقي إلى جانب الحق الفلسطيني لا محليا ولا عربيا ولا عالميا بل على العكس كان يعمل على صناعة بيئة موالية لفلسطين على كل الأصعدة ويدعم بقوة عمليا وميدانيا كل من يحمل السلاح ويوجه ولو رصاصة واحدة صوب الغزاة المغتصبين للأرض المنتهكين للعرض والساحقين على شرف الأمة.
كان فكر القائد صدام حسين يشرق في العراق عربيا فلسطينيا فيكشف ظلمات المواقف وينير عقول الأحرار. فكان دعم البعث للمقاومة الفلسطينية غير مشروط لا بمواقف سياسية ولا إعلامية، ولا ينظر له من زاوية تقاطع مع البعث فكراً وتطبيقات ولا مع سياسات الدولة العراقية، بل كان القاسم المشترك الأعظم في التقييم والتقويم هو حقيقة الموقف من قضية فلسطين. لذلك دعم العراق كل الفصائل الفلسطينية بعيداً عن انتماءاتها السياسية وأطرها العقائدية، ووقف العراق مع كل جهد قدمته الأمة من أجل فلسطين في لبنان والأردن وسوريا ومصر فضلا عن الداخل الفلسطيني.
وعلى المستوى الدولي كان الرفيق القائد يبني سياسة العراق وحزبه واتجاهات شعبه لصناعة رأي عام دولي ومواقف دولية موالية ومتفهمة للحق الفلسطيني الثابت. وقدم العراق نموذجا متقدما في التأثيرات الإيجابية دوليا لصالح قضايا الأمة وفي مقدمتها فلسطين.
لقد رسخ القائد علاقاته وعلاقات حزب البعث والدولة العراقية مع كل حزب عربي ينادي بتحرير فلسطين ويعبئ ويحشد ويتسلح من أجلها وشجع واحتضن كل عربي يتقدم بمواقفه من معاناة شعب فلسطين ويطالب بحقوقه قولا وفعلا.
إن بوسعنا أن نقول اجمالاً لأن الإحاطة بالتفاصيل مستحيلة لأن القائد صدام حسين وحزبه وشعبه والدولة العراقية كاملة كانت بوصلة عملها واتجاهاتها هي فلسطين وتحرير فلسطين.
طوفان الأقصى عرى ازدواجية المعايير
طوفان الأقصى عرى ازدواجية المعايير
الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
لم تنجح المقاومة الفلسطينية منذ تأسيسها في ستينات القرن الماضي كما نجحت في عملية طوفان الأقصى، طوفان الأقصى معركة متكاملة حسبت لها أدق الحسابات وأولها استعداد الشعب وجاهزية جند الله في غزة، بعض إنجازات هذه المعركة الأسطورية بينة واضحة جلية وبعضها ستتضح ملامحه فيما بعد.
لأول مرة نرى هذا الالتفاف الشعبي العربي والإنساني حول القضية الفلسطينية، فالمتابع للشارع العربي يرى بوضوح براكين الغضب التي تفجرت في النفوس التي أعياها الوقوع تحت سياط الظلم وتحت طائلة الإرهاب الصهيوني وتحت وطأة الإهانة المتواصلة للأمة، والمتابع أيضاً لوسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي يمكنه أن يلتقط صراعاً عميقاً بين: من وصلوا إلى قناعات ذاتية بعدوانية الكيان الصهيوني ومنهجه الإرهابي وحربه المتواصلة على شعب فلسطين فارتفعت أصواتهم وانطلقت ألسنتهم وأقلامهم تكشف العلل المستديمة في هذا الكيان المسخ ووجوده غير الشرعي وتماديه في الدموية والتطرف،
وبين من لا زالوا يرزحون تحت الضلالة والباطل ويدفعون بكل قدراتهم للوصول إلى كلمة إدانة للمقاومين الفلسطينيين الشجعان ولكلمة مغالطة لحقيقة دفاع الفلسطينيين عن وجودهم. لقد شاهدنا إعلاميين كبار يستميتون على مدار الساعات للحصول من ضيوف برامجهم على إدانة فلا يفلحون. إن من بين النتائج التي ستنجلي لاحقاً لمعركة طوفان الأقصى هو تأثيرها العميق على ما يسمى بالأمن القومي للكيان الصهيوني الذي وضعت لتحقيقه إمكانات وأموال لا تعد ولا تحصى،
وسيزداد بشكل كبير عدد اليهود المهاجرين هجرة عكسية إلى بلادهم التي جاؤوا منها، وستزول أو تنخفض أعداد المستوطنات وستتدحرج مكانة جلب المهاجرين إلى فلسطين المحتلة إلى هاوية سحيقة كما لم تتدحرج من قبل. أما مواقف الولايات المتحدة والغرب وعرب اللسان فإنها لم تحرج يوماً كما أحرجتها بطولة شباب فلسطين الشجعان، ولم يوضع ميزان المواقف المائلة في زوايا قاتلة كما وضعت الآن.
عوامل انتصار العرب
افتتاحية العدد 76 شهر تشرين أول/ من مجلة ألق البعث
عوامل انتصار العرب
الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس
يمكن للعرب أن ينتصروا في كل مكان على أعدائهم أياً كانت قوة الأعداء. يمكنهم الانتصار في العراق وفي فلسطين وفي الخليج ولبنان واليمن وفي سوريا والأردن وفي المغرب العربي، والانتصار على الأعداء يتطلب أولاً عدم الخوف من الأعداء فالخوف يكبل قدرات الإنسان ويلغي إرادته. ولكي ينتصر العرب، عليهم تحرير جيوشهم من عبودية السلطة إلى عقيدة الوطن والأمة وتحرير بلادهم من سلطة حكومات باعت العروبة وأدارت ظهرها لكل الثوابت الدينية والاجتماعية، ووضعت مكونات اقتدارها الاقتصادي في خدمة الأعداء. بمعنى أكثر مباشرة،
إن على العرب أن يسقطوا كل أنظمتهم التي ارتضت للعرب الذل والهوان والجهل والمرض والفقر. وعلى العرب إن أرادوا تحقيق ذاتهم الوطنية والقومية أن ينتموا إلى عروبتهم وإلى إيمانهم بالله وبقيمهم الأصيلة وترك خلافات السياسة التي جرتنا إلى التفرقة والتشرذم وإلى انعدام الوزن.
نحن شعب يجيد الانتماء للثوابت الأخلاقية ولا يجيد اللعب بممكنات السياسة، حيث بعض تلكم الممكنات لا تليق بعروبتنا ولا بإيماننا لأنها غير أخلاقية أصلاً. ينتصر العرب يوم ينتصرون على أميتهم ويغادرون السطوح ويستبدلونها بالغوص بالأعماق الثرية الغنية التي تعطي للحياة استحقاقاتها. ينتصرون على الكسل والغش والضعف ويدخلون عوالم العلم والتكنولوجيا والاختراع والاكتشاف بالبحث والتأليف. ننتصر حتماً حين نغادر فوضى التعامل مع الزمن،
أن نحترم الزمن في دراستنا وتعليمنا ووظائفنا وحرفنا ومهننا كلها ومنها أن نزرع أرضنا ونستغل مواردنا المائية والبشرية في إنتاج الخبز وتصديره. نحترم الزمن في محاضراتنا وفي مصانعنا على بساطتها وفي تعاملنا مع بعضنا في علاقاتنا الخاصة والعامة. لقد رفع العراق في حقبة سلطة وقيادة البعث شعارات احترام الزمن وطبقها حرفياً في كل مناحي الحياة، فانتصر على تحديات التنمية وانتصر في بناء قوة عملاقة لقواته المسلحة وفي الصناعة وقضى على البطالة والأمية.
نحن نريد أن ننتصر في تحرير العراق وتحرير فلسطين لكي ننتصر للحياة وللإنسانية غير أن انتصارنا متوقف على أن نحمل السلاح ونثور.
ستتوقف الحرب مهما طال الزمن
ستتوقف الحرب مهما طال الزمن
فؤاد الحاج
سيأتي وقت تتوقف فيه الحرب العدوانية التي تدور رحاها في فلسطين العربية، وفي السودان كما في أرجاء المنطقة الممتدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، لأنني أعتقد أن تلك الحروب لن تكون داحس وغبراء أخرى مهما طالت، على الرغم مما تقوم به إدارة الشر الصهيو-أمريكية وحلفاؤها في أوروبا من دعم لقاعدتهم المتقدمة في المنطقة. ومهما أقاموا من حلقات بحثية وعلمية وفلسفية ودراسات لتشويه الحقائق، فأنهم لن يقدروا على كسب ود أطفالنا الذين يشاهدون بأم أعينهم ما أنتجته ترسانة الأسلحة من صواريخ وطائرات ودبابات تعتدي على شعب فلسطين. وما نشاهده من تظاهرات طلاب الجامعات في أميركا وفرنسا دليل على أن الوعي التاريخي سيسجل ذلك في ذاكرة التاريخ الذي لا يمكن إنكاره، وأن ما يجري في فلسطين من جرائم إبادة للشعب الفلسطيني لن تتمكن قوى الشر من نزعه من عقول وأذهان أطفال العالم حيث تقوم عصابات قطعان الغزاة الذين قدموا من روسيا وأوروبا وأميركا بقتل الإنسان وحرق وتدمير أرض آبائهم وأجدادهم. وهنا تطرح التساؤلات وأولها ماذا فعلت الأنظمة الناطقة بالعربية وماذا قدمت شعوب المنطقة للفلسطينيين؟! وماذا سيقولون غداً عندما تتوقف تلك الحرب التي بدأت في فلسطين منذ 1948 وتتابعت في العراق وفي ليبيا وفي سورية وولم تزل مستمرة في فلسطين! وماذا ستقول الشعوب عما يسمى القانون الدولي وحقوق الإنسان في العالم! إن أطفالنا لا ولن ينسون صور المجازر التي يرتكبها الصهاينة في غزة كما لا ولن ينساها طلاب الجيل الجديد في جامعات العالم. قرأت ذات يوم كلمات لشاعر تونسي لم أعد أذكر اسمه يقول فيها: يحكون في مجالس السمر يحكون يحكون عن بنية مجهولة الهوية تسكن في البرية تأتي على مدامع الرجال وتدخل القلوب والبيوت لكن الإنسان قرر أن تموت يا طفلة عنيدة، يا طفلة شهيدة يا طفلة عنيدة، يا طفلة شقية يا طفلة سألت عن أخبارها قالت أنا الحرية.
5/5/2024
الديمقراطية والمجتمع القبلي
الديمقراطية والمجتمع القبلي
فؤاد الحاج
أشاهد دائماً تقريباً معظم ما يصلني من فيديوهات وأرميها في سلة المهملات وأحتفظ ببعضها لمشاهدتها بتأن وهي قليلة جداً والبعض منها أعيد إرساله إلى عدد من الأصدقاء الذين يقرأون ويعرفون القراءة ما بين السطور. الثورة بحاجة إلى ثورة ثقافية ووعي، إننا بحاجة إلى شخصية وطنية وتربية وطنية كي نبني الإنسان الواعي، فعندما أزاحت الحركات الانقلابية في الأقطار العربية بدءاً من العراق وصولاً إلى السودان مروراً بسورية واليمن تَعاطَفت الشعوب مع تلك الحركات ثم انقسمت بين مؤيد ورافض لها. فالمتحمسين الذين أيدوا تلك الحركات العسكرية كانوا يأملون إِقامة حياة سياسية ومناخ ديمقراطي حر دون أن يعرفوا معنى كلمة الديمقراطية، على الرغم من تسليمهم بما قيل لهم من مجموعات الانقلابين بأن الديمقراطية تعني أن يصبح في ظلها الشعب مصدر السلطات، وأن إدارة البلاد يشترك فيها كل أبناء الوطن من خلال وضع دستور شامل تتحقق فيه المساواة بين جميع المواطنين من خلال ممثليهم في المجالس البرلمانية وقبول التعددية الحزبية التي يحض عليها الدستور. من هنا ابدأ، إن الديمقراطية لا تحتج إلى شروحات وتفاصيل لأنها وقبل كل شيء تحتاج إلى وعي. والوعي يبدأ ليس بتشكيل منظمات يسمونها “مجتمع مدني” ففي مجتمعات قبلية لا يمكن تشكيل هكذا تجمعات لأن مادتها غير متوفرة في مجتمع كمجتمعات أمة النكبات لأن هذه الأمة تعودت على استجداء الحرية من ملوك ورؤساء مستبدين يتحكمون برقاب البلاد والعباد، لأن النظام المستبد لا ينتج إلا مدرسة على صورته، وأن “الذي نشأ على الخنوع والاستعباد لا يمكن أن ينتج حرية واستقلالاً” كما يقول طه حسين عن الديمقراطية، وللتوضيح أقول بأن الذين أوجدوا تنظيمات “المجتمع المدني” إنما المطلوب منهم هو تفتيت أبناء الوطن وتقزيم دور الأحزاب الجماهيرية، وهذه المجتمعات المدنية ليست بجديدة أو طارئة على المجتمعات الإنسانية فهي موجودة منذ زمن بعيد في التاريخ منذ زمن الفيلسوف أرسطو الذي كان أول من تحدث عنها. وكذلك “حرية الصحافة والتعبير عن الرأي”، فأن الصحف ووسائل الإعلام في البلدان العربية هي صوت سيدها الذي يمولها لأن هذه الوسائل الإعلامية لا تنشر ما يغضب سيدها، فهل هذه تسمى ديمقراطية! لذلك لم تنجح الديمقراطية عند أمة النكبات لأنهم مجتمع قبلي وفقه ديني يؤمن بالخرافات والأساطير. وكما يبدو مما تقدم أن الشعوب العربية تعشق الاستبداد وتحب الحكم المركزي المطلق، حكم الرجل القوي الذي أسماه الشاعر العراقي المرحوم عبد الرزاق عبد الواحد “المستبد العادل”، وقال عنه الإمام محمد عبده: “لا يصلح الشرق إلا مستبد عادل”. ومع ذلك نجد أن المفكر الجزائري أحد أعلام الفكر في القرن العشرين مالك بن نبي يقول: “إن العقل العربي انتقل من فكرة تقديس الأصنام إلى فكرة تقديس الأشخاص”، وهذا هو حال تاريخ أمة النكبات التي باتت تقدّس الشخص في كافة المجالات السياسية والأدبية والثقافية والدينية والفنية إلى أن أصبح البعض يقدس نفسه إلى حد النرجسية والغرور المطلق. إلى أن وصلنا في عصر الثورة الإلكترونية والانترنيت إلى أن تأخذ الأفكار المختلفة صفة كونية بمعنى عالمية، فهل الديمقراطية هي وصفة علاجية يأخذها المواطن في أي قطر من أقطار الأمة لتصبح سارية المفعول خلال 24 ساعة؟ وهل توجد ديمقراطية في أمريكا وفي أستراليا ودول أوروبا دون استثناء؟ إن الديمقراطية تحتاج إلى قيادة وطنية واعية صالحة لتزرع الوعي بين المواطنين وليس إلى أشخاص يتبنون أفكار تفرض عليهم من الخارج، ولنأخذ الماركسية على سبيل المثال، وهل نجحت الماركسية في العالم؟ فعندما طرح كارل ماركس شعار “يا عمال العالم اتحدوا” فقد كان يقصد أنه على العامل أن يثور مطالبا بحقه والمساواة بالأجر. في وقت كان العامل في أوروبا في ذلك الوقت تهضم حقوقه وتستباح حريته خاصة في ألمانيا. بينما العامل في البلدان العربية وإن كانت الماركسية انتشرت في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي بينما فكرياً وعقلياً لم يقتنع العامل في البلدان العربية بأفكار الماركسية فعلياً، لأنه كان ولم يزل يؤمن بقرارة نفسه وبالوراثة من خلال التربية التي نشأ عليها في المجتمع أن العمل رزق من الله وأن ما يحصل عليه من أجر مادي مقابل عمله وإن كان يعاني من رب العمل وجبروته وظلمه له. لذلك انتسب الكثير من العمال العرب آنذاك إلى صفوف النقابات العمالية والمهنية التي كان يعتقد العامل أنها تحصل له حقوقه، كما آمن العديد منهم بأفكار الماركسية وفكرة “يا عمال العالم اتحدوا” دون أن يعرفوا الفرق بين المجتمعات الأوروبية التي كان يخاطبها ماركس وبين المجتمعات العربية التي بالأساس هي مجتمعات فردية يتحكم فيها رئيس القبيلة والعشيرة، لأن المجتمعات العربية كانت تعيش على الزراعة وتربية الماشية، بمعنى أنها لم تكن مجتمعات صناعية كما كانت ألمانية وروسيا آنذاك التي كان يتحكم فيها صاحب المصنع وكان يعتبر أن العمال هم عبيد وخدم له وللسيد الأبيض. لذلك كي تتحقق الديمقراطية يجب أن تخلق لها الظروف المناسبة من وعي كافي للشعوب من خلال العلم وتأمين العمل والاستشفاء المجاني وبعد ذلك وبالتدريج يتم تطبيق الديمقراطية. وهنا يمكنني التأكيد أن الديمقراطية والاشتراكية أو العدالة الاجتماعية في البلدان العربية يجب أن تكون خاصة نابعة من صميم الواقع العربي وليست مستوردة أو مفروضة من المستعمرين البريطانيين والفرنسيين والأميركيين الذين استباحوا الأرض العربية وسيطروا على مقدراتها وخيراتها الطبيعية واستعمروا شعوبها ولم يزالوا إلى يومنا هذا، وكذلك من روسيا التي غزت البلدان العربية بالأفكار الماركسية واللينينية والتروتسكية والماوية التي شقت صف الأمة باسم حقوق العمال والفقراء. أخيراً وليس آخراً كلمة يجب أن يعرفها المثقفين العرب أن الديمقراطية والعلمانية والليبرالية واليسارية إنما هي مصطلحات للفهم وليست للتقديس. وأن المصيبة الكبرى التي تعاني منها أمة النكبات من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي إنما تكمن في سيطرة أصحاب العمامات بألوانها المختلفة الذين يزرعون التخلف من خلال نشر الأساطير واختلاق مفاهيم تذل الإنسان وتكفر من لا يؤمن بأفكارهم ومعتقداتهم بحيث أنهم يعتبرون أنفسهم أن معتقداتهم هي الصحيحة! وليس من سبيل لتحقيق ذلك سوى بالوعي والحوار بين المثقفين الوطنيين الواعين لأن الحوار بين الأفكار إنما هو مجال للوصول إلى التوافق وليس إلى الاتفاق لأن فكرة ما قد تنفع مرحلياً في زمن ما ولا تصلح لزمن آخر. ابن خلدون يقول: “أن القبلية قضت على العرب وعلى الإسلام”. ويقول الدكتور علي الوردي: “أن العسكر الذين حكموا في البلدان العربية من جمال عبد الناصر وعبد الكريم قاسم استبدلوا أهل الخبرة بأهل الثقة” وهذا يعني أن أي حاكم أو وزير لا يأتي بأهل الخبرة وتوظيفهم في أي دائرة من دوائر الدولة في أي قطر عربي إلا من جماعته أي من قبيلته ومن المقربين منه وهذه هي العصبية التي تتحكم بمقدرات البلاد والعباد. أخيراً في الدول الغربية بشكل عام كانت روابط الصلة بينهم هي روابط الدم وقد غادروها على مراحل منذ الثورة الفرنسية التي استمرت من 1789 حتى 1799 واستبدلوها بالإنسانية التي استمرت مؤقتاً حتى قيام الجمهوريات، وهم يتشدقون بالحرية ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب بينما هم في الواقع يقتلون الإنسانية ويدمرون الإنسان والصراع بينهم لم يزل بنسب مختلفة بين بلد وآخر لأنهم يخدمون أفكار محافل الشر الدولية التي أوصلتهم إلى سدة الحكم، وما نشهده في أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والسويد والدنمارك وإيطاليا دليل واضح على ذلك، وكذلك ما حصل في فلسطين منذ 1936 وفي العراق منذ 2003 وفي ليبيا منذ 2011 وفي سورية منذ 2012 حتى اليوم دليل آخر على أن البلدان الأوروبية لم تزل تمر بمرحلة الصراعات ولكن ليس على أسس صلة الدم بل على أسس المصالح الشخصية تحقيقاً لنبوءات دينية على أسس عنصرية. فهل تستفيق أمة النكبات على مصالح بلادها وتعي دورها في تغيير الأنظمة السائدة التي تتحكم بالبلاد والعباد خدمة لمصالح أفراد تلك الأنظمة التي تخدم مصالح القوى الخارجية؟ 6/5/2024