شبكة ذي قار
التَّغْيير الدّيموغْرافي لِلعِرَاق والوطن العربي تهْدِيد لِكيانِه وتاريخِهِ وَعُروبَتِهِ و مُستَقبَلِه

التَّغْيير الدّيموغْرافي لِلعِرَاق والوطن العربي

تهْدِيد لِكيانِه وتاريخِهِ وَعُروبَتِهِ و مُستَقبَلِه

 

في الوقت الذي تعتبر فيه السيادة الوطنية من المقومات الأساسية لأي دولة في العالم، لذا فان مسؤولية الحفاظ عليها تعد المسؤولية ألاولى للسلطة، التي تكون مهمتها ضمان هذه السيادة من خلال اجراءات تتخذها على كافة الاصعدة داخلياً وخارجياً، وفي مقدمتها القوانين  والتشريعات التي تصدرها.

إلا ان الإجراءات والقوانين التي إتخذتها بعض الدول العربية ومنها سلطات ما بعد الاحتلال في 2003 ومؤسساتها في العراق  قد عززت فقدان السيادة.

وعلى سبيل المثال لما يحدث في بعض اقطار الوطن العربي ، كان اخرها العمل على سَن قوانين تؤدي الى إستهداف عروبة العراق واصول مواطنيه وذلك بإغراقه بحَملة الجنسية الايرانية والباكستانية والافغانية وغيرهم من إصول غير عربية، عن طريق منحهم الجنسية العراقية بتسهيلات غير مسبوقة في اية دولة في العالم ، وذلك بهدف إحداث تغيير سكاني مُريب خدمة لإيران في مشروعها الإستيطاني الذي يهدف الى تغيير التركيبة السكانية العربية في دول محورية في مقدمتها العراق وسوريا ولبنان واليمن ثم الانتقال الى السودان ومصر وتونس والمغرب العربي. وكل ذلك يجري على مرآى ومسمع من اميركا، وكذلك للاسف الشديد من العديد من القوى الوطنية والقومية والاسلامية في الوطن العربي.

  ان ذلك يعد جريمة كبرى بحق العراق والعراقيين وكل العرب لا ينبغي السكوت عنها ، سيما وانه يقابلها مشروع هجرة ونزوح قسري للمواطنين  الاصليين من مناطق سكناهم ، تليها محاولات إفراغ العراق من تاريخه وثقافته التي تعد العمود الاساسي للهوية والوحدة الوطنية .

 إن ما شرّعته السلطة الحالية في العراق على سبيل المثال، من قوانيين لتوطين أعداد تقدر  بأربعة ملايين  شخص من الايرانيين وغيرهم من غير العرب، وإسكانهم في العراق ومنحهم الجنسية العراقية في فترات قياسية، لم يكن سياسة آنية او عفوية، وإنما هو مخطط استراتيجي بعيد المدى.  فهو برنامج مدروس اُعِدَّ لطمس هوية العراق العربية، بحيث تتحول بغداد، تلك المدينة العربية ذات التاريخ العربي المجيد، الى مدينة غير عربية، وتتبعها في ذلك مدن الفرات الاوسط ، ومن ثم كل مدن العراق والاقطار العربية الاخرى، خدمة لمصالح إيران وسياستها التوسعية.

ان كل ذلك يجري تحت ضغط المليشيات المسلحة الموالية لايران، والتي تعمل على  توسيع نفوذها  وتمددها ليس في العراق وحسب، وإنما في اقطار عربية اخرى وذلك خدمة للإحتلال الامريكي و المشروع الصهيوني المسمى بالشرق الاوسط الكبير.

 ان ألواجب الوطني والقومي يحتّم على جماهير الشعب العراقي وقواه الوطنية وكذلك كل القوى العروبية في عموم الوطن العربي،  فضح هذا المشروع المشبوه والوقوف ضده بعزم وقوة وصلابة المؤمنين، وأن لا تقف متفرجة دون حراك وطني وقومي فاعل لفضح وافشال ما تقوم به وتنفذه السلطة العراقية من اجراءات وقوانين تستهدف التركيبة السكانية الوطنية العراقية وهويته العربية .

 إن ما يمر به العراق  ينذر بمخاطر  كبيرة وجسيمة تؤثر على مستقبلِه الى مدى بعيد، ألأمر الذي يتطلب من الشعب العراقي بكل اطيافه الثورة على هذه السلطة المهيمنة على رقاب العراقيين، فالثورة الشعبية العراقية هي عنوان الوطنية الحقيقية لإقتلاع جذور الفساد السلطوي المتخلف، ليعود العراق وشعبه معززاً كريماً في حياته ضامناً لهويته ولمستقبله .

 وإنها لصرخة ضمير في الوجدان العربي في كل قطر عربي ولكافة ابنائه الذين يعتزون بعروبتهم وبقوميتهم وبوطنيتهم وبدينهم اينما كانوا،  للتصدي لهذا المشروع. كما ان جميع القوى الوطنية والقومية والاسلامية مطالبة اليوم ان تتصدى له بكل قوة  ومن دون تنازل أو ضعف أو تهاون  مع مشاريع التغيير الديموغرافي  في اقطارهم ، التي تخدم التوسع والهيمنة الايرانية هناك، لان ذلك يهدد وجودهم وهويتهم الوطنية والقومية ومستقبل اجيالهم لقرون عديدة .

  

مكتب الثقافة والاعلام القومي

3/8/2024

أسرى الحَرب الإيرانيّة العراقيّة المَنسِيّين.. مَنْ ينقذهم مِنَ المُعاناة الأبديّة

أسرى الحَرب الإيرانيّة العراقيّة المَنسِيّين..

مَنْ ينقذهم مِنَ المُعاناة الأبديّة

 

الثائرة البصرية

رغم انقضاء اكثر من ربع قرن على انتهاء الحرب الإيرانية العراقية، الا انه ما زال هناك عدد كبير من الأسرى العراقيين والعرب ما زالوا قابعين في سجون ايرانية سرية يعانون هم واُسَرهم شتى صنوف العذاب واللوعة، من دون ان تُحسم قضاياهم التي ما زالت معلّقة بين السماء والأرض. فهؤلاء الأسرى قد لاقوا و رأوا ما لم يفترض ان يراه الكافر في نار جهنم . ومن خلال زيارات اسرهم للأسرى العائدين من الأسر بصفتهم معاقين،  حيث قام الأهالي بمقابلة كلّ أسير عاد للوطن من شمالِه إلى جنوبِه تقريباً ، اطّلعت تلك الاُسَر وعرفَت كلّ ما يدور في معسكرات الأسر في ايران.

   وتم التعرف على ان هناك سجون سريّة تحت الأرض لم تُسجّل بالصليب  بالأحمر أساساً. ومنها معسكر (( سنكبزد )) والذي يسمّى صخرة الموت. وبالفعل هو كذلك حيث تبين ان اغلب من فيه قد توفاهم الله بعد ان أصيبوا بالسل لأن المعسكر يقع تحت الأرض حيث  لا يُسمَح لهم برؤية الشمس، وانما  يتم اخراجهم منه مرة واحدة فقط في الشهر ولساعاتٍ قليلة ويعيدونهم للسجن ثانيةً.

 وقد توفي كثير من الأسرى بعد عودتهم مباشرة الى العراق وبعض الاقطار العربية ومنهم من توفى اثناء الأسر. وقد عثرت منظمة الصليب الأحمر بالصدفة على هذا السجن وبدؤا بإعادة بعض المصابين والمعاقين فيه الى اقطارهم في تسعينات القرن الماضي.

 وهناك معسكر آخر يسمّى ((برندك رقم ٢))، وللأسف فانه يحتوي الكثير من الضباط والجنود وعناصر من المواطنين من متطوعي الجيش الشعبي، وهذا المعسكر لم يتم تسجيله أيضاً لدى الصليب الأحمر.

  ومن المُحزن انه اثناء وحتى بعد انتهاء الحرب، كانت السلطات الايرانية تقوم في كل يوم بإعدام إثنين من الأسرى أمام رفاقهم، إلى أن فاض غيض الأسرى وتمرّدوا وثاروا على سجّانيهم وقاموا بذبح الضابط الإيراني داخل السجن. فقام الايرانيون بفتح نيران دباباتهم على المعسكر فتوفي من الأسرى من توفي، وجرح منهم من جرح، في حادثة بشعة  تتنافى مع كافة الأعراف السماوية والقوانين والإتفاقيات الدولية السارية.  

 ومن خلال متابعة اهالي الأسرى الذين كانوا في هذه الحادثة، وجدوا انه بعد هذه الحادثة بالذات لم يعدْ ابناءهم إلى هذا المعسكر، فعرف الأسرى الاحياء أن الاخرين لم يعودوا لانهم قتلوا، ولم يتم العثور على اي قبر لهم في مدافن الأسرى.

  والحديث في هذا الموضوع طويل وتفاصيله كثيرة، وكلها تشير الى ان جرائم القوات الايرانية الوحشية بحق الأسرى والتي لا يمكن ان تُحصى أو تُعدْ، لم يفعلها حتى الصهاينة في ابشع صور اجرامهم، ولم يسجل مثلها التاريخ حتى من قِبَل المغول والتتار.                                             

 والسؤال الذي يطرح نفسه، ويطرحه الأهالي دوماً هو: لماذا كل هذا الصمت عن قضية هؤلاء الأسرى الذين لازالوا يضحّون بصبرهم وصمودهم من أجل العراق والأمة العربية ؟!

 ان اقل ما ينبغي فعله ازاء صبر وثبات اخوتنا العراقيين والعرب في الاسر الايراني، هو أن يرتفع صوتنا جميعاً للمطالبة بعودتهم حسب وثائق ومعاهدات جنيف وكل المعاهدات الدولية والإنسانية، لإن مآسي الأسرى في السجون والمعسكرات الإيرانية هي من الوحشية ما لا يمكن أن يستوعبها عقل بشري. والجرائم التي تُقتَرَف بحقهم لا يمكن أن يتقبّلها أي احد يمتلك الحد الأدنى من القيم والمشاعر الانسانية.

  فمعسكر ((سمنان)) الذي ينقسم إلى قسمين، قسم سقيفة وقسم خيَّم والذي يقع بين جبلين، حيث الثلج في الشتاء يكون على اشده، يلجأ الايرانيون الى معاقبة الأسير فيه بدفنه في الثلج، لينغمر الى منتصف جسده. وقد توفي نتيجة لذلك العديد من الاسرى لعدم قدرتهم على التحمّل. اما الاحياء فيتولى مكلف إيراني بالجلوس في منتصف الخيمة التي فيها عادة ثمانية أسرى حاملاً بيده دبوس يقوم بوخز الاسير به كلّما تعب الأخير واراد النوم.

 وهذا مثال بسيط على التعذيب الذي يلقاه الاسرى خلال هذه الأعمال وغيرها الكثير والمخالفة كلها لكل الاعراف والشرائع السماوية والقوانين الدولية.  ولنا ان نتصور كيف يمكن ان يتحمّل أي شخص كل هذا العذاب ولكل هذه السنين العجاف، وما هو حجم معاناة اسرهم واهاليهم نتيجة كل ذلك ؟!.

  وللأسف فقد سعت عوائل هؤلاء الأسرى بكل ما تملكه من قدرات بسيطة لمعرفة مصير ابنائها، و ملأت الآلاف من استمارات البحث عن المفقودين وفي جميع الدول التي يتواجد فيها فرع من فروع الصليب الأحمر الدولي، فضلاً عن المقر الرئيسي للصليب الأحمر في سويسرا ولكن لم يعثر أي منهم على بارقة امل، او يتلقى اي رد، لا بالسلب ولا بالإيجاب.  وأصبح لدى هذه الاُسَر يقين بأن معظم هذه المنظمات التي

  تدعى  منظمات إنسانية انما هي مجرد واجهات ، او انها عاجزة تماماً عن اداء الدور الذي تدّعيه.

 ان وجود هذا العجز للمنظمة المعنية، واستمرار هذه المعاناة للأسرى وعوائلهم يحتم على جميع المنظمات والهيئات والمؤسسات العراقية والعربية أن تُبادر باطلاق صرخة ضمير إنساني تهدر بالعدل والحق، لإعادة إحياء هذه القضية الإنسانية المنسيّة، من خلال التعميم والتثقيف على ضرورة استمرار رفع شعارات للمطالبة بحقوق هؤلاء الاسرى المظلومين. واطلاق المبادرات لمفاتحة كافة الجهات العربية والدولية الرسمية منها وشبه الرسمية، اضافة الى منظمات المجتمع المدني ذات العلاقة، ووضع برنامج للتحرك من اجل رؤية نهاية لهذا النفق الانساني المُظلِم.

 ويتصدر كل ذلك التحرّك على الجهات القانونية الدولية من خلال الكوادر العراقية والعربية من القانونيين والحقوقيين والإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني، للمطالبة بالحقوق المشروعة التي تكفلها المعاهدات الدولية المُبرمة، والتي تكون مُلزِمة التنفيذ لكل الدول الموقّعة عليها ومنها العراق وايران. فضلاً عن المطالبة بإعادة الأسرى في المحافل الدولية والمنظمات المعتمدة من خلال توجيه رسائل باسم أهالي الأسرى وعوائلهم.

 ان مثل هذا التحرك هو واجب وطني وقومي لإحياء هذه القضية الانسانية المنسية، وهو اقل ما يمكن فعله  للوفاء لهؤلاء الأبطال الذين ضحّوا بحياتهم ومستقبلهم من أجل الوطن والشعب والامة العربية.

ورغم وعورة الطريق ، الا ان التاريخ يعلمنا دائما انه ..

 “ما ضاع حق وراءه مطالب “.