شبكة ذي قار
المُصْطَلَح المَلْغوم مَرَّة أخْرَى

المُصْطَلَح المَلْغوم مَرَّة أخْرَى
د. نضال عبدالمجيد

يعود العبث في المصطلحات اللغوية مرة اخرى وبأكثر حدة، فبعد محاولة الغرب ترسيخ مصطلح “الشرق الاوسط ” منذ بداية استعماله قبل اكثر من ١٢٠ عاما، في محاولة لتمييع الهوية القومية العربية، وانشاء هوية هجينة عائمة لاتعرف حدوداً، فالمصطلح هنا يبدو للوهلة الاولى جغرافياً، لكنه في حقيقته المرّة يحاول ان يدمج الكيان الصهيوني، في الوطن العربي. ولهذا بدأوا في اطلاق تسمية ازمة الشرق الاوسط، على النزاع العربي الصهيوني في محاولة للتمويه عن اغتصاب فلسطين، وتغيير مؤشر الصراع في كونها القضية المركزية للامة العربية، ومحاولة اعطاء المشروعية للكيان الصهيوني. واستمروا في ذلك وصولاً لمشروع شيمون بيريز المسمى “الشرق الاوسط الجديد” . والذي خلاصته دمج المال العربي مع العقل اليهودي، من خلال التطبيع بين الانظمة العربية والكيان الصهيوني .

واليوم يروَّج لمصطلح جديد يحاول الغرب والقوى الاستعمارية، وبكل ما تفتق من خبثها ودهائها، وذلك بأستخدامها لمصطلح “المكونات” في اللغة السياسية والاعلامية، بديلا عن الشرائح الاجتماعية التي تلون النسيج الاجتماعي والتي غالباً ما توجد بشكل طبيعي في اغلب بلدان العالم. فبعد أن استطاعوا ان يضعوا هذا المصطلح في ديباجة دستور العراق الذي كتبه المحتل الامريكي وصدق عليه المحتل الايراني من خلال ادواته في السلطة السياسية العميلة، ليكون هذا الدستور مشروع اولي للتقسيم لأنه لا يؤمن بدولة المواطنة الموحِّدة بل بدولة المكونات .

يعود اليوم المصطلح ليصف الشرائح الاجتماعية المتأخية في اقطار الوطن العربي بالمكونات، وكأنها حالة فريدة يختص بها الوطن العربي ، في تزوير فاضح للجغرافية البشرية في العالم اجمع حيث تكاد توجد شرائح متآخية تشكل النسيج المجتمعي والوحدة الوطنية لأغلب شعوب العالم. اما في وطننا العربي فان استهداف الوحدة الوطنية يتم بوصفها تارة مكونات اثنية وتارة مكونات دينية، واخرى طائفية، في محاولة لتكريس واقع جديد يهدف الى تمزيق اقطار الوطن العربي مرة اخرى. فالعبث بالنسيج الاجتماعي ليس جديداً على اقطار الوطن العربي، فقد سبق للمحتل الفرنسي انا اقام في القطر السوري مثلاً اربع دويلات في عشرينيات القرن العشرين، لكن الارادة الوطنية افشلت مشروعه التفتيتي هذا.

وقد تكثف هذا الاستهداف للوحدة المجتمعية لأقطار الوطن العربي بعد احتلال العراق ثم جرت محاولة استخدامه لتمزيق الوحدة الوطنية في مصر وليبيا والسودان واليمن ولبنان . واليوم تعود نغمة المكونات بعد ان سقط النظام السوري الذي امعن في تفتيت المجتمع في القطر السوري ولعب على حبال النسيج الاجتماعي، حيث توهم انه بهذا العبث سيبقى متسلطاً على رقاب الشعب السوري، لكنه فشل ومضى الى مزبلة التاريخ .

إن قيام دولة المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات بلا اقصاء او ابعاد، وليست دولة المكونات هي السبيل الوحيد لترصين الوحدة الوطنية في أقطار الوطن العربي ، حيث تستعر الاطماع الصهيونية والاقليمية في جعل الاحتراب الداخلي بين شرائح المجتمع متخذة من الشعار الاستعماري القديم ( فرق تسد) وسيلة لذلك .

لقد تنبه حزبنا حزب البعث العربي الاشتراكي ومنذ وقت مبكر لموضوع الاقليات في الوطن العربي، فقد اقر المؤتمر القومي الحادي عشر – تشرين اول ١٩٧٧- الحقوق القومية والثقافية لكافة الأقليات في الوطن العربي. وحث النظام السياسي العربي على اقرار هذه الحقوق لسحب البساط من القوى المعادية لوحدة الامة من اللعب على هذا الوتر الحساس، الذي يؤدي الى تشظي اقطار الوطن العربي الى دويلات متنازعة، يسودها الاحتراب الداخلي فيكون للكيان الصهيوني السطوة عليها جميعا .

إن بناء مؤسسات الدولة وفقاً لقيم المواطنة المتساوية، والتي تكفل العيش الكريم والأمن الاجتماعي، هي السبيل الوحيد، لإسقاط الحجج الجوفاء، والتي طالما تشدقت بها قوى الاستعمار القديم والجديد، تحت ستار حماية الاقليات. فلا اكثرية او اقلية في دولة القانون. بل مواطنون متساوون تحت مظلة الدستور الذي هو العقد الاجتماعي بين جميع المواطنين .

إن ترسيخ مصطلح “المكونات” الذي يتماشى مع الأهداف المخططة والمبيتة للقوى المعادية للأمة العربية، يشكل خطورة جسيمة تكمن في تصنيف مواطني القطر الى اصناف قومية ودينية ومذهبية، باعتبارهم مجرد “مكونات”، وليس باعتبارهم مواطنين اصليين في المجتمع عليهم ذات الواجبات، ولهم ذات الحقوق. وبهذا يتحقق للمتصيدين في الماء العكر اهدافهم الشريرة في تفتيت المجزأ من اقطار الامة المبتلاة بمشاريع الهيمنة والاستحواذ .

ونحن على ثقة بان يقظة الضمير الجمعي والارادة الوطنية الحرة في اقطار الوطن العربي ستحبط هذه النوايا الشريرة. وستبنى دولة المواطنة التي يسودها العدل والأنصاف .

عرض كتاب ” الفكر العسكري الاستراتيجي بين المنظور العربي الإسلامي والرؤية المعاصرة” المؤلف: الدكتور حازم الشيخ الراوي الجزء (2)

برنامج
كتاب الشهر

للكتاب والقراءة أهمية عظمى في حياة الأمم والشعوب، وفي عالمنا المعاصر حيث تحتدم التحديات والمتغيرات في مختلف الاصعدة والمجالات ، اصبحت المعرفة احد اهم الاسلحة التي تتسلح بها الشعوب في كفاحها حتى أضحت حاجة جوهرية لا غنى عنها من اجل البقاء وتحقيق التطور والازدهار. وفي ظل عمليات التجهيل المنَظَم والمتَعَمَّد للاجيال الصاعدة من الشباب في وطننا العربي يحتل هذا الامر اهمية استثنائية. وتساهم العديد من الاصدارات العربية الحديثة في القاء الضوء على القضايا الملحة في وطننا العربي، وتنوير الرأي العام ونخبه الفكرية والثقافية، وتعميق الوعي لديها، فتشكل منارات هادية تضئ الطريق امام ابناء الامة ولا سيما اجيالها الصاعدة ، لتتزود منها بالمعرفة اللازمة لمواصلة الطريق في دفاعها عن خيارات الامة وحقها في الحياة ومواصلة رسالتها الخالدة بين الامم.
يسلط برنامج ” كتاب الشهر ” الضوء على هذه الكتب ويتناول بعدها القومي وتأثيراتها ودورها في تعميق الوعي فيقدم خلاصات للنصوص الجديدة في مجالات الثقافة القومية والفكر العربي المعاصر والتحديات الراهنة في مختلف المجالات ، تشترط الرصانة الموضوعية ،وتضمن الفائدة العامة لجميع القراء والمتصفحين . ولإثراء النص وتعميق مضامينه ، يشرع كتاب الشهر نوافذ للحوار العلمي ، وتبادل وجهات النظر . كتاب هذا الشهر يحمل عنوان : ” الفكر العسكري الاستراتيجي بين المنظور العربي الإسلامي والرؤية المعاصرة” المؤلف: الدكتور حازم الشيخ الراوي

عرض كتاب
” الفكر العسكري الاستراتيجي
بين المنظور العربي الإسلامي والرؤية المعاصرة”
المؤلف: الدكتور حازم الشيخ الراوي
الجزء (2)

الفصل الثالث: مفهوم القوة في الإسلام
القوة لغة هي ضد الضعف والهوان، أما اصطلاحاً فهي الامكانية أو الطاقة المتاحة التي يمتلكها البعض افراداً او شخوص معنوية، وقد تكون مادية أو معنوية. والقوة بمفهومها الشامل تتفرع الى قوى سياسية واقتصادية واجتماعية وامنية وعسكرية. فالقوة السياسية هي التي تمتلكها الدولة من خلال قدراتها الدبلوماسية والإعلامية وفن التفاوض لفرض ارادتها على الطرف الآخر او لتحقيق مصالحها في ظرف معين. وفي الآونة الأخيرة وبعد احتلال العراق من قبل أمريكا وما تكبدته من خسائر بشرية ومالية وتسليحية ونفسية ومعنوية من قبل المقاومة العراقية، فقد برز مفهوم جديد للقوة السياسية والإعلامية سمي بالقوة الناعمة، والتي انتقد صاحب نظريتها الفيلسوف الأمريكي جوزيف ناي قيام الولايات المتحدة الامريكية باستخدام القوة العسكرية لاحتلال العراق بدلا من استخدام القوة الناعمة التي تمتلكها. وقد اعتمد العرب على كلا النمطين من القوة المعنوية والمادية، فنجد أن الله تعالى يحث المسلمين على اتخاذ التدابير المادية لتعزيز القدرة على تحقيق الردع ومنع الخصم من تنفيذ نواياه كما جاء في الآية الكريمة (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، والآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً). بينما نجد تعزيز القوة المعنوية في الآية (وما النصر إلا من عند الله)، وفي كافة المعارك التي خاضها العرب المسلمون كان النصر حليفهم عندما كانوا يتمسكون بكلا النمطين من القوة المعنوية والمادية.
الفصل الرابع: الفكر العسكري الاستراتيجي للقادة الأعلام في الميدان
في هذا الفصل تم التطرق الى العديد من أعلام العرب، القادة العظام، الذين غيروا مجرى التأريخ بفكرهم الاستراتيجي المرن، وبفعلهم الانعكاسي التأثيري العسكري الميداني في سوح الوغى.
وتم التطرق للقادة الأعلام بتسلسل مبني على وفق عاملي الجغرافية والتأريخ، أي وفقاً لساحات القتال التي خاضوا فيها فعلهم الميداني، ووفقا لتأريخ هذا الفعل، علما ان بعضهم شارك في عدد من ساحات القتال، وكانت ساحة العراق بعد معركة مؤته أول ساحات القتال ضد الفرس، ثم تلتها ساحة الشام لتبدأ أول معركة فاصلة في تأريخ فتوحات الدولة العربية، معركة اليرموك والتي حطمت بها امبراطورية الروم، وبعدها جاءت ساحة العراق مجددا لتبدأ المعركة الفاصلة الكبرى للعرب، القادسية، التي هدمت فيها امبراطورية الفرس. ثم نهاوند وغيرها من الفتوحات. ثم توالت الفتوحات في العصر الاموي في ساحات افريقيا وأوروبا، والعصر العباسي في آسيا، ثم العصور الأخرى حتى فتح القسطنطينية..

هم القادة العرب الذين تمتعوا بالعقلية العسكرية الاستراتيجية وفنون القتال وتمسكوا بمبادئ وآداب الحرب فرفعوا راية الدولة العربية في ربوع المعمورة. كالمثنى بن حارثة وابا عبيد الثقفي في مقاتلة الفرس بالعراق قبل دخول خالد بن الوليد في مناورته الكبرى وسلسلة المعارك الناجحة التي خاضها في العراق من الجنوب حتى الحيرة ضد الفرس ليلتقي في الحيرة بالرتل الذي قاده عياض بن غنم الذي دخل العراق من الشمال الغربي وحتى عبور خالد الصحراء ليقود معركة اليرموك في الشام.

وتم القاء الضوء على فنون القتال في معركة اليرموك للقادة الذين شاركوا فيها تحت امرة خالد بن الوليد وهم (أبو عبيدة الجراح، عمرو بن العاص، شرحبيل بن حسنة، عكرمة بن أبي جهل، يزيد بن أبي سفيان، القعقاع) رضي الله عنهم وتحرير بلدان الشام والأردن وفلسطين.

أما معركة القادسية التي قادها سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه ضد الفرس فقد شهدت تخطيط متقن وعمليات قتالية ناجحة، وبرز فيها عاصم بن عمرو والقعقاع بمقاتلة الفيلة التي لم يكن يألفها العرب، وبعدها نهاوند التي قادها النعمان بن مقرن، وبأمرته حذيفة بن اليمان والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم. وفي تلك المعركة تقدم النعمان بجيشه الى منظقة ماذران وتحشد فيها، وأرسل عنصرين لاستطلاع العدو في نهاوند، هما بكير بن شداخ الليثي وطليحة بن خويلد الأسدي، فمضيا كلاً باتجاه محدد، فأما بكير فإنه عاد مبكرا، وأما طليحة فقد تأخر حيث جمع معلومات دقيقة عن العدو الفارسي، حتى ان المسلمين ساورهم الشك، وتصوروا ان طليحة قد التحق بجيش الفرس، فلما عاد بدأوا يكبرون الله، فاستغرب، فأشاروا له بأنهم ظنوا به سوءا، فغضب طليحة وقال: سبحان الله العظيم، والله، لو لم يكن لي دين أعتمد عليه إلا أني عربي فقط لما كنت بالذي اختار هؤلاء الأعاجم على العرب، فكيف وقد هداني الله عز وجل إلى دين الإسلام وعرفني فضله!

وينتقل بنا المؤلف الى جبهة آسيا الوسطى ليتحدث عن اهم القادة الذين فتحوا البلدان بمعارك وفنون قتال قل نظيرها، كالمهلب بن أبي صفرة في خراسان وطبرستان، وقتيبة بن مسلم في دخوله الى الصين، ومحمد بن القاسم في تحرير الباكستان. أما في جبهة افريقيا والاندلس فيلقى الضوء على مبادى الحرب وفنون القتال التي قادها عمرو بن العاص في تحرير مصر وعبد الله بن ابي سرح في معركة ذات الصواري، وعقبة بن نافع وموسى بن نصير وطارق بن زياد وعبوره الى الاندلس، والسمح بن مالك وعبد الرحمن الغافقي في معركة بلاط الشهداء، وأسد بن فرات بتحرير جزيرة صقلية. وينتقل الكاتب الى الفكر العسكري الاستراتيجي للمعتصم ومعركة عمورية وصلاح الدين الايوبي وتحرير القدس وسيف الدين قطز في عين جالوت ضد التتار، لينتهي في تحرير القسطنطينية على يد محمد الفاتح.

الفصل الخامس: مقارنة العبقرية العسكرية الاستراتيجية العربية والفكر العسكري المعاصر
في مقارنة موجزة بموضوع الاستراتيجية والعمليات والتكتيك (التعبئة) فان المنطق العلمي والحدث التاريخي يؤكدان أن أفكار القادة المعاصرين كانت معتمدة قبل مئات السنين من قبل قادة العرب، ومثلنا في ذلك القائد العسكري التاريخي العربي خالد بن الوليد رضي الله عنه الذي لم تعرف معاركه معنى للفشل طيلة خدمته العسكرية في الجزيرة العربية والعراق والشام. فالجنرال الفرنسي أندريه بوفر مثلا يصف إستراتيجية المعركة في كتابه (مدخل إلى الإستراتيجية العسكرية) بالقول: (إن التطويق والخرق لا يتمان إلا بعد سلسلة من عمليات الخداع والإنهاك المتبادلة، وغاية هذه العمليات تثبيت قوات العدو وهز روحها المعنوية بالخوف والتعب وتتابع الخسائر، وتركيز الجهد بعد ذلك على نقطة حساسة قابلة للتأثر في الجناح أو القلب).

وبنظرة سريعة إلى الفكر العسكري الثاقب لخالد بن الوليد، نرى أن إستراتيجية المعركة التي اعتمدها أندريه بوفر، كان قد طبقها ابن الوليد رضي الله عنه في معركة اليرموك، فقد كان تصميمه للمعركة يستند على ما يأتي:
• تثبيت العدو أولا وتطويقه بقوات عمرو بن العاص (الرتل الأيمن) وحصره في سهل الواقوصة بعد غلق منفذه الوحيد.
• لم يتم تنفيذ عمليات الخرق إلا بعد تطويق قطعات خيالة العدو وعزلها عن المشاة وإنهاكها وتكبدها خسائر كبيرة.
• إن عملية الخداع قد تمت بكفاءة بارعة عندما اندفع جناحا قوة الضربة الرئيسة بقيادة كل من القعقاع وعكرمة للهجوم على العدو ثم خداعه في التظاهر بالانسحاب والتقهقر لدفعه إلى اتجاهات غير مجدية بغية مقاتلته فيها.

ويؤكد المؤرخ والمنظر الانجليزي (ليدل هارت) على أهمية المخادعة لدى القائد عندما يخاطبه بالقول (عليك أن تعلم إن جميع أنواع الحروب تستند إلى الخدعة). ولم تكن اليرموك المعركة الأولى التي شهدت عبقرية خالد بن الوليد في تنفيذ خطط الخداع، فقد شهدت ذات السلاسل صورة أخرى لها عندما اعتمد الاستراتيجية التالية:
• استدراج القوات الفارسية بالإيحاء لها بانسحاب القوات العربية، بعد أن قسم قواته إلى ثلاثة فرق وحدد ثلاثة اتجاهات مختلفة لانسحابها إلى أرض قتال محددة في ربوع الصحراء تجتمع فيها الفرق الثلاث في وقت واحد.
وما أن عقبت القوات الفارسية الفرق العربية لمسافات شاسعة في رمال الصحراء حتى أصيبت بالإنهاك والتعب، فأصدر أوامره بالهجوم على القوات المعادية فتحقق له النصر الحاسم بعد أن قتل قائدهم وتبددت قواتهم.

استدراج قوات العدو المدافعة
يؤكد الجنرال الانكليزي ج.ف. فولر في فكره العسكري بأن (الهجوم على الجبهات لا يعطي النتيجة الأخيرة للحروب والأفضل إجبار العدو على تغيير موقعه وفصله بعد ذلك عن خطوط تموينه ومحاولة استدراجه إلى منطقة لا يتمكن الخروج منها). وبنظرة فاحصة إلى خطة ابن الوليد في معركة اليرموك يتجلى لنا هذا الفكر بشكل منسجم تفصيلياً، حيث أن خالداً لم يهاجم على الجبهات بل استدرج قوات العدو المدافعة أولاً إلى تغيير مواقعها واستدراجها إلى منطقة قتل ملائمة، ثم فصل قطعات الخيالة عن المشاة وخطوط تموينها بعد أن دفع عكرمة بن أبي جهل لإسناد قوات عمرو بن العاص وإحكام تطويق الخيالة وعزلها عن المشاة. كما أن دفعه لقوات عمرو بن العاص حال نشوب القتال للمناورة من الجناح الأيمن وغلق منفذ الواقوصة يؤكد لنا ابتعاد خالد بن الوليد عن انتهاج سبيل الهجوم على الجبهات.

عمليات الخداع واستدراج العدو في نهاوند

وكان النعمان بن مقرن قد طبق عمليات الخداع واستدراج العدو الى ارض منتخبة في معركة نهاوند، فقد كانت القوات الفارسية تتخندق في مواضعها الدفاعية الحصينة، فأراد النعمان إخراج تلك القوات من مواضعها بغية مقاتلتها في العراء وتدميرها فأوعز إلى القعقاع بن عمرو شن هجوم بلوائه على القوات الفارسية، ثم يتظاهر بالتقهقر والانسحاب، وما أن نفذت خطة المخادعة هذه حتى خرج الفرس من خنادقهم ليطاردوا قوات القعقاع، فأصدر النعمان رضي الله عنه أوامره بشن هجوماً عزوماً في أرض القتل المنتخبة التي ساق القعقاع القوات الفارسية لها فهزمت بعد تكبدها خسائر جسيمة.

استدراج العدو في معركة فحل
وكذلك فقد نفذ هذا النمط من التكتيك شرحبيل بن حسنة في معركة فحل عندما استدرج العدو للخروج من مواقعه الدفاعية، ثم شن الهجوم عليه ليوقعه في المستنقعات فكان من السهل تدميره.

الحصار والتطويق في معركة حطين
أما البطل صلاح الدين الايوبي ضمن عمليات الحصار والتطويق في معركة حطين فقد ارتكزت خطته على استدراج الاعداء بعيداً عن حصونهم، فقامَ بحرقِ طبرية، وتنفيذِ خطته حتى جاءوه الاعداء مجتمعينَ وعلى رأسهم ملكُ بيتِ المقدس، وكانوا خمسين ألف مقاتل، فساروا إليه في أرضٍ جرداء وعرة، فعانوا من التعب، والحرِ، والعطش، كما وكان قد خصص فصائل من المقاتلين تقوم بعمليات الاغارة على جيوش العدو لإعاقة تقدمهم وانهاكهم قبل التحامهم بالجيش العربي. وكان معسكرُ العرب على هضاب حطِّين في انتظار وصول جيش العدو، ولما وصلوا الهضبة، طوَّقهم صلاح الدِّين بجيشه، ومنع عنهم الماء، وأحرقَ المقاتلون الأراضي المكسوة بالأشواكِ، وكانت الريح باتجاه العدو، فحملت إليهم النار والدخان.

القيادة والسيطرة رغم ضعف الاتصالات
ولا يتسع المجال للإشارة الى ما نفذه القادة العرب في مجال القيادة والسيطرة ودراسة الأرض والحصول على المعلومات ورد الفعل السريع والمعنويات التي تفوقت على مثيلاتها في الحروب المعاصرة بالرغم من عدم توفر الحد الأدنى من الاتصالات والمواصلات والتسليح والتسهيلات التي تتمتع بها الجيوش المعاصرة وقادتها.

آداب الحرب والقيم الانسانية
أما في مجال المقارنة في آداب الحرب فإن رسالة العرب وقيمهم أقرت آداب وأخلاقيات محددة في ميادين القتال، فاعتبرت القواعد والاسس التي
اعتمدها كافة القادة العرب في الفتوحات. ولعل أهمها تمثل في الحفاظ على البشر الذين لا علاقة لهم بالحرب، بل ذهب أكثر من ذلك في ضمان الحفاظ على الحيوان والشجر، فالرسالة التي يحملها العرب هي رسالة الرحمة والإنسانية، التي تحرم قتل النساء والأطفال والشيوخ الذين لا يقاتلون في الحرب.

أما في القانون الدولي، فآداب الحرب تعني مجموعة القواعد الإنسانية التي تستهدف حماية الأشخاص المدنيين والمصابين، ويتمثل ذلك في مجموعتين معروفتين من الاتفاقيات الدولية المنظمة للحرب، المجموعة الأولى تبنتها مؤتمرات لاهاي للسلام التي عقدت في عام 1899م، وعام 1907م، وأما الثانية فتتضمن 4 اتفاقيات أبرمت في جنيف سنة 1949م لحماية ضحايا الحرب وهي مستمدة من تعاليم وقوانين الفتوحات العربية الإسلامية.

وأن الفارق الواضح عن القواعد العربية تلك إن هذه القواعد القانونية الوضعية الآن غير ملزمة للدول، ولذلك تفتح الباب على مصراعيه كي يعتدي القوي على الضعيف، حيث تتضمن القوانين الوضعية العديد من الثغرات التي كثيراً ما تستغلها الدول القوية الان.

في حين ان القيم العربية تنشد العدل والخير والسلام وتساعد على ذلك من خلال تعاليم رسالتها السامية. فحتى القتال كان وفق منظومة متكاملة من الأخلاق والآداب دون استكبار ولا ظلم ولا عدوان، فحدد العرب سبل معاملة الفئات غير المقاتلة أو غير المشتركة في الحرب، والذين أطلق عليهم وصف “أهل الممانعة والمقاتلة” كالنساء والصبيان والشيوخ والمسنين والرهبان والفلاحين والتجَّار والصنَّاع وأصحاب العاهات والمرضى ونحوهم، كما حرموا الاعتداء على الأشجار والحيوانات وعدم تخريب البنى التحتية.

عرض كتاب ” الفكر العسكري الاستراتيجي بين المنظور العربي الإسلامي والرؤية المعاصرة”  المؤلف: الدكتور حازم الشيخ الراوي الجزء (1)

 

  برنامج

  كتاب الشهر

 

للكتاب والقراءة أهمية عظمى في حياة الأمم والشعوب، وفي عالمنا المعاصر حيث تحتدم التحديات والمتغيرات في مختلف الاصعدة والمجالات ، اصبحت المعرفة احد اهم الاسلحة التي تتسلح بها الشعوب في كفاحها حتى اضحت حاجة جوهرية لا غنى عنها من اجل البقاء وتحقيق التطور والازدهار. وفي ظل عمليات التجهيل المنَظَم والمتَعَمَّد للاجيال الصاعدة من الشباب في وطننا العربي يحتل هذا الامر اهمية استثنائية. وتساهم العديد من الاصدارات العربية الحديثة في القاء الضوء على القضايا الملحة في وطننا العربي، وتنوير الرأي العام ونخبه الفكرية والثقافية، وتعميق الوعي لديها، فتشكل منارات هادية تضئ الطريق امام ابناء الامة ولا سيما اجيالها الصاعدة ، لتتزود منها بالمعرفة اللازمة لمواصلة الطريق في دفاعها عن خيارات الامة وحقها في الحياة  ومواصلة رسالتها الخالدة بين الامم. يسلط برنامج  ” كتاب الشهر ” الضوء على هذه الكتب ويتناول بعدها القومي وتأثيراتها ودورها في تعميق الوعي فيقدم خلاصات للنصوص الجديدة  في مجالات الثقافة القومية والفكر العربي المعاصر والتحديات الراهنة في مختلف المجالات ، تشترط الرصانة الموضوعية ،وتضمن  الفائدة العامة  لجميع القراء والمتصفحين . ولإثراء  النص وتعميق مضامينه ، يشرع  كتاب الشهر نوافذ للحوار العلمي ، وتبادل وجهات النظر . كتاب هذا الشهر يحمل عنوان : ” الفكر العسكري الاستراتيجي بين المنظور العربي الإسلامي والرؤية المعاصرة” للمؤلف الدكتور حازم الشيخ الراوي.

 

عرض كتاب

الفكر العسكري الاستراتيجي

بين المنظور العربي الإسلامي والرؤية المعاصرة”

 المؤلف: الدكتور حازم الشيخ الراوي

الجزء (1)

 

المقدمة

صدر الكتاب عن دار المتحدة للنشر والتوزيع في العام 2023م بعدد صفحات 215 صفحة. ويتصدى لاهم الاتهامات التي توجه للعرب من قبل الغرب اليوم زيفا وعمدا وفي مقدمتها أنهم نشروا حضارتهم العربية الاسلامية  بحد السيف. بينما يتعمدون هم بنشر الباطل واستباحة الحمى بقاذفات الطائرات، وأطنان القنابل المدمرة، وبالمدرعات والبارجات..وها

 

 

هو العراق الجريح وفلسطين السليبة ولبنان الحبيبة وسودان الشهامة وليبيا الممزقة وسوريا العروبة تستباح حرماتها وتسفك دماء أبنائها بلغة القوة التي ما أن حصل عليها أعداء الأمة ممن لا أخلاق لهم، ولا عهود عندهم، حتى صبوا جم حقدهم على الأمة العربية المسالمة ويتشدقون بإعلامهم الدكتاتوري الجوهر المتلفع باغطية الديمقراطية الزائفة، بما يسمى بالحضارة المادية المشوهة والزائلة والخائبة. وهكذا أثبتت التجارب مع هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم دعاة العصر المتحضر فيتشدقون بالحديث عن السلام و الوئام، وبناء المحبّة وإرساء المؤاخاة وحقوق الإنسان، بينما يقدمون على تهجير الملايين وهدم البنى التحتية، وتدمير منافع الناس، ورسم الوحشة بدل الابتسامة في وجوه الأطفال، و نشر الرعب بدل الأمان، وزرع الكراهية وغرس الحقد و تعميق الهوة وزيادة البغضاء بين الشعوب وبين افراد الشعب الواحد.

 

وفي الوقت الذي لا يترك فيه الاعلام الغربي فرصة الّا وعمد الى تشويه صورة العرب والحضارة العربية الاسلامية ونقطة انطلاقها الانسانية متعمداً اخفاء حقيقة ان نشر رسالة العرب التي قادها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في حياته، والفتوحات العربية الإسلامية التي خاضها أجدادنا العظام التي استمرت لأكثر من ثمانين عاماً متواصلة، كانت قد أفصحت عن فكر انساني وحضاري متجذر اضافة الى فكرعسكري خلاق، وأنتجت انجازات علمية وتقنية وتشريعية وفكرية اغنت الحضارة الانسانية جميعاً، كما اسست مدرسة عسكرية استراتيجية وعملياتية وتكتيكية مثيرة، كانت إشعاعاتها، ومازالت، وستستمر مضيئة الدرب لمن يمتهن الحياة العسكرية.

 

الفصل الأول: المفهوم المعاصر للفكر الاستراتيجي العسكري

 

المفهوم العام للاستراتيجية العسكرية:

تبنى المؤلف تعريف الاستراتيجية العسكرية بأنها: (علم وفن إدارة واستخدام الموارد والقوى المتاحة لتحقيق أهداف السياسة). والموارد والقوى هنا تأتي بمعانيها الشاملة، فقد تكون عسكرية (جوية، برية،

 

بحرية، وغيرها)، أو اقتصادية (صناعية، زراعية، تجارية، وغيرها)، أو اجتماعية (إعلامية، معنوية، بشرية، وغيرها)، أو سياسية (دبلوماسية، تحالفات، تفاوض، وغيرها). وجميعها تشكل الإطار العام للاستراتيجية الوطنية، وتتفرع منها الاستراتيجيات المختلفة. وتتصف الاستراتيجية بالمرونة، كما أنها تتكيف باستمرار وفقا للمتغيرات والمستجدات المحلية والإقليمية والدولية، سواء كانت تلك المتغيرات جغرافية أو سياسية او عسكرية أو حتى اقتصادية، ووفقا للظروف المتعاقبة. وعموما فان الظرف السياسي والتحديات والتهديدات والمواقف هي التي تحدد للقيادة السياسة للدولة تبني أي من الاستراتيجيات بأولوية متقدمة على الاستراتيجيات الأخرى.

 

المفهوم العام للعقيدة العسكرية:

العقيدة بشكل عام من الاعتقاد، وهو العقد الذي يجري بين القلب والضمير من ناحية، والشيء الذي يؤمن به الإنسان من ناحية أخرى. وأصل العقيدة ديني. الا ان هذا المصطلح تطور ليشمل كافة أوجه الحياة. فأضحت العقيدة مجموعة من الأفكار والنظريات والقيم والمبادئ التي توجه الإستراتيجية لتتمكن من تحقيق أهدافها. والعقائد أنواع، منها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والعسكرية والأمنية. وما يهمنا هو العقيدة العسكرية التي تنبثق من العقيدة السياسية للدولة، أو ما تسمى بالعقيدة الوطنية. وهناك مبدأ أشار له الرئيس الشهيد صدام حسين يقول ان العقيدة العسكرية هي (ظل السياسة في الميدان).

 مبادئ الحرب:

وهي مجموعة القواعد التي تعتمدها القوات المسلحة في إدارة الصراع المسلح، وتشكل هذه المبادئ في اعتمادها واحدة من أهم عوامل النجاح في إدارة الصراع.  وتختلف هذه المبادئ من دولة الى أخرى وفقا لعقيدتها العسكرية.. وعادة ما تستخلص من الخبرات والتجارب القتالية السابقة، وبالرغم من أنها مبادئ محددة، الا أن تطبيق كل مبدأ منها يعتمد على

 

حنكة وحكمة وذكاء القائد ومرونته الذهنية وخبرته العملية وتجاربه القتالية، فهي ليست قواعد جامدة، بل تتطلب فكراً خلاقاً وفق متطلبات  المواقف المختلفة. وتختلف مسميات بعض المبادئ عند المفكرين، ولكنها تدور في المسميات التالية:

 

  • اختيار وتوخي الهدف، تحشيد القوة، الاقتصاد بالجهد، أمن القوات، المباغتة، المرونة، الروح المعنوية، التعاون الاستخبارات، والشؤون الإدارية.

 

 اعداد الدولة للحرب:

الحرب صراع بين إرادتين متناقضتين، تهدف كل منهما كسر شوكة الطرف الآخر وتحقيق مصالح محددة، كما أن الحرب ظاهرة اجتماعية قديمة بقدم البشرية نفسها. وأدى التطور المستمر في مجالات التسليح وأساليب القتال، إلى شمول ساحة الحرب مساحة الدول المتحاربة كلها. كما تعرض المدنيون للقتل والإصابة، مثلما يتعرض لها العسكريون المحترفون. ودخلت المناطق الخلفية والمدن دائرة التدمير.

 

يعنى إعداد الدولة للحرب، تهيئة كافة المستلزمات المادية والمعنوية لاستخدام كافة القدرات والإمكانيات المتيسرة للدولة، في كافة جوانبها السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية لتحقيق الأهداف الوطنية، وسلامة أراضيها. ويعبر هذا المفهوم عن شمولية الإعداد ليشمل كل مكان واتجاه ومجال، وفي كل وقت وزمن، وفي كل أوجه النشاط الإنساني. وعموما فان أية دولة لا تستطيع مهما كانت قدراتها الاقتصادية مرتفعة أن تحتفظ بقوات مسلحة كبيرة وعاملة لفترة طويلة من الزمن، إذ ان في ذلك عبئاً ضخماً على اقتصاد الدولة، لذلك تعمد أغلب الدول إلى الاحتفاظ في زمن السلم بحجم محدد من القوات قادر على مواجهة الأحداث المفاجئة، مع وضع نظام دقيق لتعبئة الحجم اللازم لاستكمال القوات المسلحة زمن الحرب، في أقل وقت وبأفضل طريقة.

 

الفصل الثاني: أسس بناء العقيدة العسكرية العربية

العوامل المؤثرة في بناء العقيدة:

كانت الظروف السياسية الدولية عند ظهور الرسالة تتمثل بنشوب الحرب الطويلة بين الروم والفرس، وان وجود القوتين الكبيرتين في ذلك الزمن، الفرس والروم، وتهديدهما للدولة العربية الإسلامية حديثة النشأة، تطلب من العقيدة العسكرية العربية ان تتبنى مبدأ الأمة المقاتلة المستندة إلى الجهاد والنفير العام، وهو بدون شك كان عاملاً من عوامل بناء هذه العقيدة. وقد اتاح تطبيق هذا المبدأ في زمن حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم تحقيق النصر ضد الكفار من ناحية، وتحقيق الانتصارات الكبرى ضد كلتا الامبراطوريتين في العهد الراشدي من ناحية أخرى، وفي الفتوحات اللاحقة في مختلف بقاع الأرض.

 

 وقد اجتمع في شخص قائد الدولة (الخليفة في حينها) الدين والسياسة والقيادة العامة للقوات المسلحة، وانعكس ذلك على تماسك المقاتلين من خلال صهرهم في بوتقة الجهاد والإيمان . وكذلك فان العوامل الاجتماعية كان لها تأثير واضح في بلورة العقيدة العسكرية العربية، فالعرب هم مادة الإسلام، وهم الذين تحملوا نشر الرسالة بما يحملونه من قيم مجتمعية معروفة كالشجاعة والإقدام والتضحية والكرم وغيرها. وهنالك عدد من الثوابت التي بلورت العقيدة العسكرية العربية تمثلت بالآتي (النفير العام، استراتيجية الردع، نقل المعركة الى ارض الخصم، الثبات في القتال، ونظام البدلاء).

 

 الفكر العسكري الاستراتيجي في صدر الرسالة ودولة الخلافة الراشدة:

 على الرغم من جسامة المسؤولية التي تحمل أعباءها الرسول القائد صلى الله عليه وسلم في نشر الرسالة، إلا أنه كان في الوقت نفسه قائداً للمجتمع في أمور السلم والحرب، العدل والقضاء، وكان مثلاً للقائد الذي لم يجعل

 

لنفسه مستوى خاصاً من العيش والرفاه، فترفَّع عن مظاهر الحياة ومغريات السلطة، وأمسى كثيراً وهو جائع، وأضحى نموذجا للنزاهة والبساطة على الرغم من تيسر كافة أسباب الحكم والسلطان. وقبل كل شيء كان قائداً بخصاله الأساسية الممثلة بالتواضع والنبل والعدل والحكمة والثقة من أجل القيادة السديدة، وكان القائد الذي يصغي لأصغر الناس من أصحابه ويناقشه في رأيه، ويساعد أصحابه في مجابهة كافة الصعاب، ويحكم بينهم بالحق والعدل والمساواة.

 

أما الأسس التي اعتمدها بوصفه قائداً أعلى للجيش، فتمثلت في :

  • تهيئة الجيش من حيث الإعداد والتنظيم وأساليب القتال بشكل مغاير لما اعتاد عليه العرب قبل الإسلام، حيث كانوا يقاتلون بشكل بدائي، وهو أسلوب الكر والفر. فتم التخلي عن هذا الأسلوب القتالي، وتبني اتجاهًا عسكريًّا جديدًا هو نظام الكر فقط . والكر، هنا يعني اعتماد العمليات التعرضية (الهجومية) .
  • وفي مجال التنظيم ادخل نظام الصفوف .
  • وفي تنظيم المسير، أو ما يسمى اليوم بصفحة التقدم في عصرنا الراهن، اعتمد نظام الخميس، ويعني تقسيم القوات إلى خمسة أقسام هي مقدمة وقلب وجناحين (ميمنة وميسره) وساقه (المؤخرة). وحقق هذا التنظيم إمكانية الرصد والاستطلاع والقتال إلى جميع الجهات ودعم الروح المعنوية من خلال التماسك بين المقاتلين والقوات، وسهولة الحصول على المعلومات عن العدو.

 

  • الردع المزدوج

 

اما في دولة الخلافة الراشدية فمن فكره الاستراتيجي العسكري اعتمد الخليفة الاول أبو بكر الصديق رضي الله عنه اسلوب الردع المزدوج حين اصر على إرسال جيش أسامة بن زيد إلى الشام، في ذات المنطقة التي وقعت فيها معركة مؤتة، والذي سبق وان أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم إلا ان وفاته حالت دون ذلك. وبالرغم من ظهور بدايات الردة التي تتطلب المعالجة العسكرية السريعة فضلا عن ان خروج جيش أسامة من المدينة المنورة وترك النساء والأطفال والشيوخ فيما يعرضها لاحتمالات الغزو، إلا أنه حقق ردعاً لكل من المرتدين وقوات الروم في آن واحد بحركة أسامة، كنوع من المناورة الاستراتيجية، ليتصوروا ان حجم القوات العربية الإسلامية كبيرة وتشكل قوات أسامة جزءاً يسيراً منها.

 

  • الصبر الصبر

أما الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد أصدر ثلاث توجيهات الى سعد بن ابي وقاص قبل خوض معركة القادسية. أشار في التوجيه الأول (إني قد وليتك حرب العراق فاحفظ وصيتي، فإنك مقدم على امر شديد كريه لا يخلص منه الا الحق، فعود نفسك ومن معك الخير واستفتح به واعلم ان لكل عادة عتادا، فعتاد الخير الصبر).

  • الاستطلاع ودراسة الارض

وفي التوجيه الثاني (صف لي منازل المسلمين والبلد الذي بينكم وبين المدائن. صفه لي كأني أنظر اليه، واجعلني من امركم على الجلية) . في هذا التوجيه التأكيد على الاستطلاع والمعلومات ودراسة الأرض وطبيعتها لكي يكون القائد العام على بينة من كافة الامور المتعلقة بإدارة الصراع المسلح بالرغم من عدم توفر وسائل الاستطلاع والاستخبارات الحديثة في ذلك الوقت.

  • توخي الهدف الاستراتيجي

 وفي التوجيه الثالث (أقم بمكانك حتى ينقض الله لك عدوك، واعلم ان لها ما بعدها، فإن منحك الله ادبارهم فلا تنزع عنهم حتى تقتحم عليهم المدائن فإنه خرابها إن شاء الله) . يتضمن هذا التوجيه

ان يتحشد في المنطقة التي وصل اليها،  ثم مراقبة سلوك العدو حتى اذا ما توفرت الظروف الملائمة فعليك مهاجمتهم ومطاردتهم ولا تتوقف حتى تحرر(المدائن) وهي مقر الإمبراطورية الفارسية آنذاك..

  • اعادة الاقاليم المتمردة :

 وكان لعثمان بن عفان رضي الله عنه له دوراّ مهماً في فتوحات جبهة المشرق وجبهة الشام وجبهة أفريقيا، وكانت توجيهاته ومواقفه حاسمة من مسالة إعادة الأقاليم والمدن التي تمردت في

 

المشرق إلى نفوذ الدولة العربية الإسلامية وتحقيق الانتصارات الكبيرة والمتتالية في حركات التحرير في جبهة الشام وأرمينية وفي جبهة أفريقية.

 

  • الروح التعرضية

ومن الفكر العسكري الاستراتيجي لعلي بن ابي طالب رضي الله عنه انه كان يدعو المقاتلين إلى الروح التعرضية في القتال محفزاً فيهم الروح المعنوية وفي ذلك يقول: الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه وهو لباس التقوى ودرع الله وجنته الوثيقة، فمن تركه ألبسه الله ثوب الذل وشمله البلاء.

 

مبادئ الحرب في المنظور العربي:

 تبنت العقيدة العسكرية العربية الإسلامية عدد من مبادئ الحرب ومنها:

  • تحديد الهدف

وهي اختيار وتوخي الهدف ونذكر هنا توجيه القوات التي تحركت الى الشام والتي تضمنت تحديد الهدف النهائي في خوض معركة اليرموك، وكذلك التوجيهات الى سعد بن ابي وقاص لاقتحام المدائن كهدف استراتيجي كما اشرنا اليه سابقاً.

  • المباغتة

ففيها قال الرسول القائد الله صلى الله عليه وسلم: الحرب خدعة. وهي واحدة من مبادئ الحرب التي تبناها ومن صورها ما جرى في معركة الخندق.

  • الكتمان

في ضمان عدم تسرب قرار الغزوة الى الطابور الخامس.

  • المناورة :

كما تم تبني مبادئ المناورة والروح المعنوية والحرب النفسية والاستخبارات والتعاون وغلق الثغرات والاستشارة.

 

يتبع لطفاً..

الماجدة العراقية…عطاء لا ينضب

الماجدة العراقية…عطاء لا ينضب

 سكينة بنت الحسين

 

ها هو آذار، ها هو يوم المرأة العراقية الماجدة الأصيلة فهي الأم والأخت والزوجة والابنة والحبيبة عاشت وتعيش الأيام الحلوة والأيام المرة عاشت في زمن الخير أروع وٱحلى القصص والبطولات واعطت وضحت بالغالي والنفيس وعاشت معززة غالية ولم ولن تبالي واستمرت تعطي وتعطي وحتى ان جاء الاحتلال وعانت ما عانت من معترك الحياة وواجهت اشد واصعب الحالات من مآسي وظلم وحرمان ولكنها صمدت وبقت تعنى برسالتها وامومتها وحرصها على عدم تشويه اللقب التاريخي بحقها والتي تشرفت به من الرفيق الشهيد البطل القائد صدام حسين رحمه الله واطلق عليها الماجدة العراقية كانت المرآه العراقية كانت المرأة العراقية الزوجة الوفية المخلصة التي مهما عانت من شظف العيش ومصاعب الحياة فهي الصبورة والمساندة لزوجها وعائلتها وهي الأم الحنونة لأولادها والمربية لهم على ما تربت به من قيم واخلاق وعزة نفس تجوع ولا تشتكي لأحد كانت قنوعة بالشيء اليسير كانت امرأة مكافحة وفيه وساندت الرجل في اتخاذ موقف الأب والٱم في ٱن واحد عندما كان يدافع عن ارض الوطن بحيث كانت المرأة تقاس على انها رجل بالإقدام والثبات والعزيمة وتوصف بأحن مخلوق على وجه الأرض.

كانت المرأة العراقية في زمن العز والكرامة زمن عنفوان المرأة العظيمة التي أنجبت الأبطال المفروض ما ننسى دور المرأة التي ضحت بأغلى ما لديها من المال والولد والزوج والأخ واعطت ما أعطت في وقت ظهور الطائفية وغيرها من محاولات التعنيف و التهجير والقتل والخوف والرعب إلا أنها صمدت وبقت ولم ولن تضعف او تنهار لأنها الأصيلة الوفية التي عاشت وتربت على الدين والقيم والأخلاق وحافظت على نفسها وأولادها وما تبقى لها من عائلتها لأنها الأصيلة الماجدة العراقية والتي تبقى وستبقى الماجدة كما سماها الشهيد البطل صدام حسين رحمه الله، وخاب كل من يحاول أن يسيء للمرأة العراقية وستبقى أم الأحرار وأخت الأبطال صامدة وإلى الأبد.

 تحية للمرأة العراقية في عيدها في اليوم الرابع من اذار وتحية لاتحادنا المناضل في ذكرى تأسيس الاتحاد العام لنساء العراق وعاش العراق وعاشت المرأة العراقية وحتى تحقيق النصر المبين بإذنه تعالى.

يوم المرأة العراقية والعنف

يوم المرأة العراقية والعنف

فاطمة حسين

 

يوم المرأة العراقية هو فرصة لتسليط الضوء على قضايا النساء في العراق وعلى رأسها العنف المتزايد الذي يتطلب تدخلا جادا من المجتمع الدولي والمحلي.

تشير التقارير الحقوقية إلى ارتفاع ملحوظ في معدلات العنف ضد النساء في العراق، حيث تتعدد أشكاله بين العنف الأسري والتمييز في العمل، والزواج القسري، والحرمان من التعليم، وتعزى هذه الظاهرة إلى عدة عوامل منها ضعف القوانين الرادعة، إضافة إلى أنها تفتقر إلى التطبيق الفعلي، مما يترك النساء بلا حماية كافية، وتفشي المخدرات، الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة، ساهمت في تفاقم العنف، حيث تستغل بعض الجماعات المسلحة الفوضى لممارسة الانتهاكات ضد النساء، الفقر والبطالة تؤدي الظروف الاقتصادية الصعبة إلى زيادة الضغط داخل الأسرة مما يزيد من حالات العنف الأسري.

يجب أن تلعب الحكومة العراقية دورا أكثر فاعلية في مواجهة العنف ضد المرأة من خلال تشريع القوانين وتطبيقها بشكل صارم، كما يجب تكثيف جهود الدولة للحد من انتشار المخدرات التي تفاقمت بشكل خطير وأثرت على الأسرة والمجتمع. من الضروري ان تتبنى الدولة سياسات علاجية وتأهيلية للمدمنين، بالإضافة إلى ملاحقة شبكات الترويج والتهريب.

إن تفاقم ظاهرة المخدرات أدى إلى زيادة معدل الجرائم العائلية، حيث شهد العراق حالات مروعة مثل قتل الأبناء لآبائهم أثناء تعاطيهم المخدرات، لذا يتوجب على الدولة اتخاذ إجراءات فورية تشمل تعزيز الرقابة الأمنية، لملاحقة تجار المخدرات، وتطبيق أقصى العقوبات على المروجين والمتاجرين، كما ينبغي توفير برامج علاجية متكاملة لإعادة تأهيل المدمنين وضمان عدم عودتهم للإدمان. كما ينبغي دعم الأسر المتضررة من هذه الظاهرة عبر توفير مراكز استشارية وخدمات اجتماعية لمساعدتها. تمكين المرأة من خلال دعمها اقتصاديا وتعليميا يساهم في تقليل حالات العنف، حيث تكون المرأة أكثر قدرة على الاستقلالية واتخاذ قراراتها.

لسيدة العطاء الماجدة العراقية في عيدها

لسيدة العطاء الماجدة العراقية في عيدها

د. مجاهدة العراقي

 

كان للمرأة العراقية دور مهم في مجتمعنا فهي البنت والأخت والزوجة والجدة، وكل منها كان لها دور لا يقل شأناً عن الرجل في مجتمعنا، وخاصة بعد الاحتلال الامريكي البغيض وأعوانه منذ سنة ٢٠٠٣ ولحد الآن، حيث شرد وغيب الرجال ما بين مفقود أو شهيد أو سجين أو مهجر في وطنه أو في البلدان الأخرى أينما تتوفر الحياة بشكل أفضل واحيانا اسوء ولكن واقع فرض علينا وصارت هي المسؤولة عن العائلة وتقوم بدور الأم والاب بالوقت نفسه وتعاني صعوبات العيش وايجاد الأمن والأمان للأسرة ومواصلة الحياة وباتت قصصها كثيره وكبيره في مجتمع ضاعت فيه كل القيم والمبادئ وصار التحدي فيه كبير على المرأة ..وصبرت وعبرت المحن وتحملت كل شيء حتى توصل أبناءها وتفخر بهم..

وفي هذه المناسبة يسرني أن أتقدم بالتهنئة وكل الاحترام والتقدير لكل امرأة عراقية عبرت عن وطنيتها وانتمائها للعراق بالصبر والعطاء والوفاء لأرض الرافدين .. ولنساء فلسطين الصابرات الباسلات كل الحب والدعاء للباري عز وجل أن يوفقهن ويحفظ بلادنا وكل عام وأنتن بخير …

الرابع من آذار عيد الماجدة العراقية

الرابع من آذار عيد الماجدة العراقية

 د. إياد الزبيدي

 

يوافق يوم 4 آذار يوم المرأة العراقية وذكرى تأسيس الاتحاد العام لنساء العراق وهو عيد الماجدة العراقية .

في العراق قرر مجلس قيادة الثورة اعتبار يوم 4 من آذار من كل عام يوماً ” للماجدة العراقية” لما قدمته من تضحيات ومواقف وطنية شجاعة من خلال تبرعها بالمال والذهب لدعم الجيش العراقي البطل في الدفاع عن العراق في حرب نظام الملالي الفارسي المجوسي الطائفي الظلامي الإرهابي التي شنها في الرابع من أيلول سنة 1980 على العراق، وطيلة ثماني سنوات عجاف قدمنَ أبناءهن وأشقاءهن وأزواجهن قرابين من الشهداء دفاعاً عن الوطن الغالي.

وجاء تكريم القيادة والرئيس الشهيد القائد صدام حسين رحمه الله، بإطلاق صفة التكريم لها ( الماجدة العراقية ) تمجيداً وتخليداً لمواقفها الوطنية والقومية المتميزة على ساحة الوطن والأمة العربية.

لقد كانت مساهماتها في كل أنشطة القطر العراقي وذلك من خلال المساهمة الفعالة في ثورة مكافحة الأمية في الريف العراقي ونشر الوعي والتعليم والنور والقضاء على الجهل والتخلف، حتى انتصر العراق على الخميني الدجال وتجرعه كأس السم.

 بعد الاحتلال الأميركي للعراق سنة 2003 ، أصبحت المرأة العراقية .. استثناء ! .

 لأنها الوحيدة بين نساء العالم التي تعرضت الى معاناة قاسية نتيجة الاحتلال الأميركي و التخادم الإيراني الفارسي المجوسي في الهيمنة على سلطة البلد .

 

فسرقت الفرحة من عيونها وأفقدتها الزوج والأب والابن والأخ والأحبة، وحفر الزمن تجاعيده بوجهها على عجل، وما تزال تنظر بريبة وخوف من المجهول، لوجود ملايين الأرامل نتيجة العنف المتواصل والقتل والاختطاف للرجال وللنساء أيضاً، إضافة إلى ملايين الأيتام بسبب عمليات القتل التي تنفذها المنظمات الإرهابية والمليشيات.

 وابعادها عن المناصب العليا التي يمكن من خلالها تحقيق قدر أكبر من الإنصاف لها، إضافة إلى أن مجمل ما تتعرض له اليوم المرأة العراقية من سوء معاملة اجتماعية وتهديد بالقتل في المنزل والعمل والشارع، إضافة إلى الكثير من الآلام بسبب الانتهاكات الصارخة لحقوقها، حيث الكثير من الفتيات قد حرمن من التعليم، وأصبحت العراقية لاجئة أو نازحة داخل حدود البلاد.

تعرضت الماجدة العراقية للاعتقال والتعذيب من خلال انتهاكات قوات الاحتلال الأميركية، كما تعرضت للاعتقال والتعذيب والاعتداء من قبل أجهزة الأمن بعد الاحتلال أثناء وجود القوات الأمريكية وبعد انسحابها أواخر 2011، حسب منظمات حقوقية ودولية،

 فضلاً عن تراكمات الهم المتزايد يومياً بأعداد الأرامل والعوانس والشابات بعمر الزهور نتيجة انتشار الطائفية المقيتة وتشريعاتها الظلامية والفقر والجوع والحرمان وملايين الشباب من أبنائها العاطلين عن العمل بينما سلطات الاحتلال تسرق المليارات، وشاشات التلفزة تظهر يومياً الامهات يبحثن عن الطعام لأطفالهن في حاويات القمامة وبلدنا من البلدان النفطية والغنية، ولكن سلطة الأحزاب الإيرانية مع مئات الميليشيات الإرهابية الموالية لإيران سرقت وما تزال تسرق المليارات من خلال سطوتها على مقدرات البلد.

إن الماجدة العراقية تتمنى أن تتحقق لها ظروف أفضل كظروف النظام الوطني لتتمكن من الاحتفاء بهذا اليوم الكبير فبقيت معظم أمنياتها مؤجلة.

 

 

الذكرى العطرة الخالدة

الذكرى العطرة الخالدة

والد الشهيد

 

يصادف يوم الرابع من آذار استذكار للمرأة العراقية الماجدة. وفي الوقت نفسه ذكرى تأسيس الواجهة النضالية المجتمعية الباسلة الواعية ، وهي ذكرى تأسيس الاتحاد العام لنساء العراق.

إن الاحتفاء بهاتين المناسبتين يعيد للذاكرة الدور العظيم للمرأة العراقية التي وقفت إلى جانب أخيها الرجل في الدفاع عن العراق عبر كل الوسائل ووفق الإمكانيات المتاحة من قتال ومال وتوعية مجتمعية، ولبت نداء الوطن، وقدمت أغلى ما لديها روحها وزوجها وولدها وشقيقها دفاعاً عن المقدسات وضد الاستعمار والتوغل الدولي والإقليمي. وبعد احتلال العراق من قبل أعداء الحق والإنسانية، تعرضت للأذى والتهجير الداخلي والخارجي بسبب رفضها الهوان.

إن الماجدة العراقية كانت وما زالت تتصدر نساء العالم في النضال والصمود. وقد تولى الاتحاد العام لنساء العراقي المشهود له بالمواقف المتميزة، قيادة نساء العراق في ظل هدى وأفكار البعث العروبي وقادته الميامين وعلى رأسهم شهيد الحج الأكبر .

تحية إجلال وإكرام للماجدة العراقية الوطن الأول ورحم الوفاء والإباء. وكل عام وهن بخير، وموعدنا النصر القريب بإذن الله بعد طرد الغزاة والدخلاء وإلى أمام.

في ذكرى يوم المرأة العراقية وتأسيس الاتحاد العام لنساء العراق.

 في ذكرى يوم المرأة العراقية وتأسيس الاتحاد العام لنساء العراق.

د. ياسين شاكر العبد الله

 

منذ أكثر من قرن من الزمان، تمتعت المرأة العراقية بحقوق أكبر نسبياً من حقوق نظيراتها في أي من دول المنطقة، مما جعلها تتبوأ مكانة بارزة في مختلف مجالات الحياة.

ويعود ذلك الإنجاز للشخصية الاجتماعية والسياسية التي تمتعت بها المرأة العراقية، وعلى الرغم من كل التحولات السياسية التي مر بها العراق منذ أن كان تابعاً للدولة العثمانية مروراً بالعهد الملكي وصولاً إلى تسلم حزب البعث العربي الاشتراكي  السلطة عام ١٩٦٨ وما تلا ذلك، فقد لعبت المرأة العراقية دوراً مهماً في جميع أدوار ومراحل التنمية السياسية والاقتصادية. والاجتماعية في البلاد، وعلى الرغم من التحولات التي شهدها العراق في أدوار الأنظمة السياسية من الملكية إلى تأسيس الجمهورية، وصولاً إلى العهد الوطني، وما ركزت عليه مبادئ الثورة المباركة في تحقيق نقلة نوعية ليس في حياة المرأة فحسب وإنما في دورها القيادي في بناء العراق الجديد وتطويره، فلقد لعبت المرأة العراقية دوراً مهماً في التنمية السياسية والاقتصادية واستطاعت أن تحقق إنجازات كبيرة ومهمة في المجتمع العراقي وذلك من خلال الاتحاد العام لنساء العراق ودوره في المحافظات والأقضية العراقية وفي الوسط النسوي بشكل خاص، ومن خلال برامج استهدفت تطوير المرأة علمياً وثقافياً وسياسياً فأصبحت بحق رائدة في مجالات عملها في البيت وفي المدرسة وفي جميع منظمات المجتمع المدني، ونافست أخوتها الرجال، وكانت عوناً لهم في الإنجاز والبناء الذي اعتمدته ثورة ١٧ – ٣٠ تموز القومية التقدمية الاشتراكية، في بناء العراق الجديد الذي أخذ يضاهي الدول المتقدمة في التطور البشري والتقني والذي أغاض الأعداء الذين لا يريدون للعراق والأمة العربية التقدم والتطور والوحدة التي هي الأساس والقاعدة الرصينة لإحياء وبعث الأمة من جديد وبناء مكانتها الحضارية التي فقدتها لقرون عديدة من الزمن.

إن القاعدة الأساسية لتطور أمة أو شعب لا يمكن أن يتحقق ذلك إذا لم تكن هناك امرأة واعية مثقفة تفهم كيف تتعامل مع الحياة ومفرداتها ومعطيات الواقع، وتلتزم من خلالها بكل ما يتعلق بالبناء والتقدم وبالحرية والكرامة والسعادة والعيش بعيداً عن التبعية والذل والمهانة التي حاول ويحاول الأجنبي صاحب المصلحة بممارستها على الشعوب وانتقاص سيادتها الوطنية.

إن بناء المجتمع وفق المعايير والقيم المعرفية والاجتماعية والسياسية لا يتم الا من خلال المرأة ذات القدرات على تحقيق الأهداف المنشودة، ولهذا جاء القول المشهور:

 الأم مدرسة إذا أعددتها ….. أعددت شعباً طيب الأعراق

وهنا لابد أن نذكر القارئ الكريم والقارئة الكريمة أن الحركة النسوية الأولى في العراق بدأت في عشرينيات القرن الماضي وقبل تأسيس الدولة العراقية في العام ١٩٢١، وبرزت خلال الفترات المتعاقبة نساء عراقيات دخلن التاريخ وساهمن في أحياء الحركة النسوية العراقية بغض النظر عن الأنظمة والأدوار السياسية التي مرت بالعراق، فنشاط المرأة الوطني الهادف إلى الحرية والاستقلال وتحقيق العدالة والمساواة هو حجر الزاوية في وصف المرأة العراقية، وهناك نساء عراقيات برزن منذ ما يزيد عن قرن من الزمن في مجالات مختلفة في القضاء والسياسة والصحافة والنشاط الحقوقي، وعند الحديث عن القيادات النسوية العراقية تبرز أمامنا الكثير من خريجات كليات الطب والصيدلة والهندسة واللغات منذ عشرينيات القرن الماضي، ومنهن من نلن شهادات الدكتوراه في مختلف العلوم الجامعية، ومن تولت أول وزيرة في تاريخ العراق السياسي، ومن ترأست وأصدرت العديد من الصحف المحلية الهادفة ومن تبوأت مواقع متقدمة في إدارة شؤون الدولة ومرافقها الحيوية والمهمة.

وفي الدستور العراقي الذي صدر عام 1970، تقول المادة 19 إن جميع المواطنين متساوون أمام القانون بغض النظر عن الجنس، أو الدم، أو اللغة، أو الأصل الاجتماعي، أو الدين.

وفي يناير 1971، صدّق العراق على المواثيق الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إذ توفر حماية متساوية للجميع بموجب القانون الدولي.

لكن أوضاع المرأة، والمجتمع العراقي عموماً والذي وصل بناؤه عالياً، تدهور بسرعة بعد الاحتلال الامريكي الأطلسي الأسود للعراق في التاسع من نيسان ٢٠٠٣ .

وعلى الرغم من ذلك وعلى عمق الجروح التي أصابت نساء العراق ، بدأت النسوة العراقيات ومن خلال الاتحاد العام لنساء العراق في ممارسة دورهن الوطني في مقاومة الاحتلال والمحتلين من خلال الفعاليات السياسية المناهضة والمقاومة للاحتلال ومشاركة الرجل في الدفاع عن العراق وحقوق شعبه وكانت سنداً للمقاوم العراقي في سوح الشرف والمقاومة.

ويأتي اليوم الرابع من آذار يوم المرأة العراقي ليؤكد ثبات المرأة العراقية ونضالها وبيان جوهرها ومواقفها من أجل الدفاع عن العراق والتمسك بالمنهج الوطني والقومي، وتحقيق ما تصبو إليه من حقوق اغتصبها وغيبها الاحتلال وحكوماته التي خرقت وألغت تلك الحقوق ونالت من كيانها الاجتماعي والإسلامي ومن خلال اصدار التشريعات التي تحط من مكانتها الاجتماعية والدينية، وجعلها سلعة بيد المعممين والطائفيين والمزورين ولشهواتهم الدنيئة، ومن المؤكد أن ذكرى يوم المرأة العراقية في هذا العام ٢٠٢٥ سيكون انطلاقة متممة للأدوار والفعاليات التي تحققت على مدى قرن من الزمان، وفي أولوية ذلك هو تحقيق الانتصار الكبير الذي ينشده ويؤمن به ويتمناه كل أبناء شعب العراق، وهو طرد كل المحتلين من عراقنا العزيز وتحريره من السيطرة الأجنبية الأمريكية والإيرانية ومن الأحزاب والميليشيات الطائفية وبناء عراق محرر كامل السيادة والاستقلال والقرار الوطني المستقل.

 الرابع من آذار عيد المرأة العراقية المجاهدة

 الرابع من آذار عيد المرأة العراقية المجاهدة

 إيمان العبيدي

 

بدايةً لا بد أن نحيي المرأة العراقية الأصيلة ونبارك لها في عيدها ويومها الأغر يشاركها فيه كل أبناء شعبنا، لأنها هيّ كل المجتمع فهي الأم والأخت والزوجة والحبيبة والعمة والخالة والجدة، هيّ المربية المعلمة والمدرسة والأستاذة في الجامعة وهي الضابطة والموظفة وهيّ في كل مفاصل الحياة من الأسرة وتكوينها والمجتمع وحركته وهيّ في العراق تحمل أجمل لقب وهو الماجدة العراقية ذلك اللقب الذي اكتسبته في ظل النظام الوطني السابق في تسعينيات القرن الماضي عندما واجهت أعتى حصار اقتصادي ظالم على العراق..

وقد وصفها الدكتور بهنام أبو الصوف في مقال خاص بها مُستل من كتاب (التاريخ من باطن الأرض) يقول فيه.. ارتقت المرأة في الحضارة العراقية مكاناُ متميزاُ منذ ومضات الوعي الأولى، ارتبطت بالأرض فهيّ الأم وهيّ المانحة للحياة وهي الملكة الراعية وهيّ الربة الحامية، ولذلك أعطاها المجتمع حقها ومكانتها بتميز وتقدير لم تألفه الحضارات المجاورة….

تصنع المرأة العراقية الرجال، فعندما ترى رجال العراق، تشعر بالهيبة والشموخ والشجاعة، وعندما تسألهم عن الأثر الذي أثر في شخصيتهم وزرع فيهم تلك الأصالة، يردون بسرعة وبدون تردد (أمي).

ويقول الشاعر الكبير المرحوم نزار قباني في المرأة العراقية من لم يتزوج عراقية، مات أعزباً…

يقول الشاعر سعد محمد الحسن:  حتى بكاء المرأة شعر، النساء عندما تريد أن تبكي شعراّ فتقول المرأة العراقية (هب الهوى وتحرك الباب حسبالي يايمه جيت أحباب تاري الهوى والباب جذاب)..