بسم الله الرحمن الرحيم
{مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}
صدق الله العظيم
يا أبناء عراقنا العظيم
يا أبناء أمتنا العربية المجيدة
أيها الرفاق القابضون على الجمر الثابتون على شرف الموقف:
تمر على البعثيين وعلى أبناء العراق والأمة العربية والشرفاء في الإنسانية، اليوم، الذكرى الأولى لاستشهاد القائد المجاهد عزة إبراهيم الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي ارتقت روحه الطاهرة إلى بارئها جَلَّ في علاه في مثل هذا اليوم الخامس والعشرين من تشرين الأول عام 2020.
وإننا إذ نحيي هذه الذكرى على ما فيها من ألمٍ وحزنٍ عظيمين لفقده الكبير، فإننا نستذكر تاريخ رجلٍ عرفته كل الساحات، عرفته ساحات العمل النضالي منذ شبابه، وساحات العمل السياسي الذي أثبت فيه قدرةً وحنكةً وصلابةً في مواجهة التحديات والصعوبات، كما نستذكرُ تاريخه النضالي المقاوم المشَرِّف في مواجهة الغزو الأمريكي ومن تحالف معهم، وثباته في ساحات الوغى منذ الدقيقة الأولى لدخول قوات الغزو إلى العراق، نستذكر وقفة رجلٍ شجاعٍ وقائدٍ مقدام تحدى المحتلين والعملاء، وبقي ثابتاً راسخاً فوق ثرى العراق، فكان نموذجاً بهياً ناصعاً للشجاعة والثبات على المبادئ.
أيها الرفاق الأباة الشرفاء
أيها الشعب العظيم
في كل حقبة مفصلية تمر بها أمتنا العربية المجاهدة يهبها الله رجالاً أفذاذاً وقادة عظام، يخوضون غمار المعارك والتحديات والبناء بإيمان وصدق وشجاعة فيغلبون بأمر الله، ثم بتضحياتهم الغالية، ويخرجون الأمة من اليَمِّ وينتقلون بها إلى حقب جديدة فيها من الإيجابيات والحياة الكريمة ما يعز العرب ويديم عطاءهم للإنسانية ولِذَاتِهم المستهدفة بالعدوان الظالم، والرفيق القائد عزة إبراهيم هو واحد من هؤلاء القادة العباقرة الأفذاذ الذين انتموا لقضايا الأمة وإلى حقوق شعبها، فانصهر فيها وحمل الرسالة في وقت ما كان لأحد غيره أن يقدر على حملها، ومن اصطفاهم الله ليتربعوا على عروش المجد المؤثل والبطولات الفريدة.
ولعل المفارقة الكبيرة التي شهدها عراق الحضارات وشعبه الأبي هي أن يكون حزب البعث العربي الاشتراكي هو حزب الرجال الرساليين الذين تصدوا للعدوان على العراق، وهو عدوان بدأ مع تسلم البعث لسدة الحكم وتطبيقه لمبادئه القومية الوحدوية ولبرنامجه الثوري الذي غير به وجه العراق وانتقل به إلى ضفاف التطور والتقدم العلمي والصناعي والزراعي وبناء الإنسان حيث كان القائد المجاهد عزة إبراهيم أحد أركانه الكبار، وأن تقع حلبة الصراع على أرض العراق بين الإيمان كله ممثلاً بشعب العراق وبرجال وماجدات البعث وبين الكفر والشرك وباعة الشرف وعديمي الإنسانية والمروءة من جهة أخرى.
وهنا برزت البطولة كلها ممثلة برفاق البعث يتقدمهم قادته التاريخيون صدام حسين لصدارة الفعل في ظروف معينة معروفة، وعزة إبراهيم لقيادة الحزب وجبهة الجهاد والتحرير في ظروف مختلفة تماماً، وكان القائد عزة إبراهيم فارسها المغوار الجسور وربان سفينتها المؤمن المفكر المدبر وبما يحق لنا وصفه بأنه قائد فريد من نوعه وطرازه.
يا رفاق الدرب الذي لا رجعة عنه:
لقد حمل الرفيق القائد عزة إبراهيم خصالَ وسماتَ الرجل البعثي الرسالي كلها، وتمثل فكر البعث ورسالة الأمة ومبادئها بثبات الجبال الراسيات وجعل المحال تحصيلاً حاصلاً، وجعل النائي البعيد وكأنه في متناول أهل العزم الرافعين راية الوطن ولا راية غيرها، والقاطنين في ضفاف الشرف والعفة والمروءة ولا ضفاف غيرها، والقابضين على جمر الصعاب ولا خيار لهم غير النصر بالشهادة بتقديم الأرواح أو النصر بفتح مبين تشرق به شمس الحرية والخلاص على وطن الحرية ومنبت الحضارات.
إن طريق البعث كان شاقاً عسيراً قبل غزو العراق واحتلاله، وصار أصعب وأعسر، بل تعمد بالدم الطهور وبالقهر والمعاناة العصية على الوصف بعد الغزو والاحتلال وتسليط الرعاع من الخونة والجواسيس والمرتزقة عديمي الشرف.
وقد كان من بين أعظم إنجازات صاحب الذكرى العطرة أنه قد رسم طريق الرجال الرساليين لمن يقدر على الثبات في السير فيه مترفعاً عن حاجات الدنيا منتمياً إلى خلود الرسالة والوطن والأمة وبين من تهزهم الريح التي لا تهز حتى سيقان الحنطة والشعير وتحركهم الأهواء والمصالح الطالعة من نفوس صَغُرت أمام كبار الأحداث وسقطت مغشياً عليها أمام عظيم المواجهة والمهام، فعصفت بها الأهواء وتلاعبت بها عواصف النفوس الضعيفة ، ومن إنجازاته الخالدة أنه عرف رجاله فجعلهم قادة يرممون ما هدمته الأقدار الطاغية الظالمة، ويبنون ما أسقطته طاقات وتكنولوجيا الساقطين في العالم السفلي وفي رداءة الذات، وأَشَّر بوضوح واقتدار على المهزوزين القابعين بعيداً عن عصف الأحداث ولا يرون من المشهد إلا ما تراه عيون غيرهم ولا يتنفسون روائح التراب والبارود فصاروا مشاريع للردة والتساقط .
يا رفاق البعث المتشبثين بعروة الأمة:
لقد تصرف الرفيق شهيد الصبر والمطاولة مع مهمات الحزب والجهاد لتحرير العراق بأدوات ووسائل حاذقة لا يمتلكها إلا الذين اصطفاهم الله للمهمات التاريخية، حيث غلب بعون من الله العسيرَ فصار يبدو يسيراً ممكناً، وجعل من الواقع البعيد عن البصر والأبصار قريباً تراه العيون المبصرة والأرواح المتفائلة، وجعل من العصي على التحقق متاحاً تطاله يد المجاهدين المؤمنين الصابرين، فأدار شؤون الحزب الشائكة المعقدة بل والمستحيلة في العراق المحتل الذي فرضت فيه على الحزب ظروفاً لم تفرض ولم يواجهها حزب في العالم كله من قبل ولا نظن أن التاريخ اللاحق سيشهد لعدوانية وحقد أعداء البعث شبيه ولا مثيل. حيث اشتغل البعث لإعادة بنائه التنظيمي وتوسيع قواعده وتخطي الحظر الدستوري والاجتثاث الجسدي وظروف الملاحقة الوحشية داخل العراق وخارجه، ونجح في ذلك نجاحاً باهراً يسعد الأحرار ويغيض تجار الموت والعمالة والارتزاق ونجح الحزب بقيادة الرفيق الراحل الحاضر في قيادة أعظم مقاومة تحرر وطني عرفها تاريخ الشعوب، وفي خضم هذا الجهاد والنضال الأسطوري قاد الرفيق القائد عزة إبراهيم القيادة القومية بكفاءة يعجز عنها من تتوفر لهم المكاتب ووسائل الاتصال والسفر والحرية والأمان والصحة التي كان الرجل المؤمن الفذ يفتقدها كلاً أو جزءاً.
يا أبناء شعبنا العراقي العظيم
يا أبناء أمتنا العربية المجيدة
كانت الطاقة الكامنة في شخص الرفيق الغالي أبا أحمد من ولادات البعث الفريدة في الشخصية العربية المسلمة المؤمنة، وكانت حيويته ومرونته وروحه السمحة والمحبة وعقله الراجح وذكاؤه الخارق وتدابيره القيادية المقتدرة حاضرة في قرارات إدارة قيادة قطر العراق والمقاومة، وخاصة في ممارسات تعويض الفقد البشري في أعضاء القيادة والكادر، وسيسجل تاريخ البعث قدرات قيادة قطر العراق في تهيئة القادة البدلاء لرفاق يستشهدون وآخرون يعتقلون ويغيبون دون أن تتأثر لا مسيرة الحزب التنظيمية المتصاعدة المتجاوزة لكل اخفاقات وعثرات الماضي ولا فعاليات الجهاد ضد الاحتلال وأعوانه.
وفي مجال الفكر وإثراء عقيدة البعث يسجل للرفيق القائد عزة رحمة الله تغشاه الكثير والكثير رغم قساوة الظروف وملاحقة مخابرات دول العدوان وسلطتهم الخائنة وميليشياتها وأحزابها، فله يعود الفضل في رفع المعنويات وترميم الانكسارات الخطيرة عبر تواصله المباشر مع رفاقه داخل العراق وخارجه والبيانات والرسائل التي كانت لغة عظيمة واسعة ثرية أحاطت بشؤون العراق والعرب والعالم فضلاً عن شؤون الحزب الداخلية والقومية وفي الشتات إحاطة كبيرة وشاملة.
ويسجل للرفيق القائد عزة معرفته الدقيقة والواسعة والتفصيلية برفاقه وبفعالياتهم وأنشطتهم الجهادية والنضالية والإعلامية وفي مختلف الساحات.
يا رفاق البعث المخلصين الغيارى:
ننتهز هذه الذكرى المؤلمة لنصنع منها ومن سيرة صاحبها الحافلة العطرة روحاً تضاف إلى روح البعث والبعثيين، وتصميماً وتحدياً جديداً لإدامة زخم جهاد البعث ونضاله وتمسكه بثوابته القومية في فلسطين والأحواز والخليج والجولان وكل أرض عربية محتلة ومغتصبة.
يا أبناء عراقنا العظيم
يا أحرار الأمة العربية العظيمة
تتزامن الذكرى السنوية الأولى لفقيد الحزب والعراق والأمة العربية الذي رحل ثابتاً صامداً فوق أرض العراق يواجه المعتدين والغزاة، مع يوم الخامس والعشرين من تشرين الأول، موعد تجدد وتصاعد ثورة تشرين البطلة التي تواجه ذات المعتدين والغزاة والمحتلين والعملاء، فإن هذا التزامن إنما يعبر عن تلاحم نضالي مشرف بين السيرة النضالية والجهادية الناصعة للشهيد الرفيق الأمين العام التي سخرها لخدمة قضايا نضال وطنه وأمته، وبين نضال وثبات شباب العراق في ساحات العز والكرامة، مما يعطي لهذه المناسبة بعداً وطنياً نضالياً جهادياً مشرف.
إن شعب العراق البطل يستحضر الأيام الأولى لثورة شبابه المنتفض ضد الارتهان وانتهاك السيادة الوطنية، وضد منظومة الفساد السياسي والإداري والاقتصادي وتسلط القوى الميليشياوية على كل مفاصل السلطة ومرجعياتها العسكرية والأمنية التي يناط بها قمع الانتفاضة الشعبية تنفيذاً لإملاءات النظام الإيراني المجرم الذي يسعى لتثبيت إمساكه بوضع العراق بعدما اهتزت ركائزه تحت ضغط الحراك الشعبي الذي غصت به الميادين والساحات في بغداد وكل مدن العراق وخاصة في الجنوب والفرات الأوسط، وهو يصدح (إيران بره بره ، بغداد تبقى حرة).
إن الحراك الشعبي الثوري الذي يتعرض للقمع في بغداد والمحافظات الأخرى، تنطلقُ جماهيره مجددة انتفاضتها وثورتها لتؤكد أن انتفاضة وثورة تشرين ماضية على أرضية الموقف الوطني الذي برزت معطياته وتراكمت بالفعل النضالي الذي انخرطت فيه القُوى المقاومة ضد الاحتلال الأميركي والتغول الإيراني وكل ما أفرزه الغزو والاحتلال والتغول من جرائم سياسية واجتماعية ونهب لثروة العراق الوطنية.
إن هذا الفعل المقاوم الذي تقوم به ثورة تشرين المباركة والذي لعب دوراً أساسياً في انضاج وعي الجماهير والتي عبرت من خلاله عن تجذر انتمائها الوطني، كان للشهيد القائد المجاهد الأمين العام للحزب عزة إبراهيم شرف حمل رايته والاستمرار به بعد استشهاد رفيق دربه القائد صدام حسين، وإن الشهداء الذين ضحوا وهم يواجهون الاحتلال الأميركي والتغول الإيراني، وشهداء ثورة تشرين الذين استشهدوا وهم يواجهون بالصدور العارية واللحم الحي سلاح المليشيات الطائفية التي تنفذ أجندة الولي الفقيه الفارسي، هؤلاء الشهداء يؤكدون صوابية نهجهم ووحدة مسارهم في مواجهة الأعداء.
ومع مرور الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائد المؤمن عزة إبراهيم ما زلنا نرى ونلمس استمرار الاحتلال الإيراني الفارسي تحت خيمة الاحتلال الأمريكي للعراق، حيث تهيمن إيران على القرار السياسي فيه وعلى اقتصاده وثرواته وتعمل على تحويله إلى سوق لمنتجاتها، وتحريك المليشيات المجرمة لإنجاز عمليات تمزيق المجتمع العراقي عبر ممارسات طائفية مقيتة وعمليات إبادة وجرائم اعتقالات مليونية وتعذيب وتهجير ونزوح من خلال ممارسات متفردة في ظلمها وطغيانها وإجرامها.
ولقد أيقن شباب وثوار العراق الأبطال أن وطنهم وصل إلى حافة الهاوية بفعل الاحتلال المركب الأمريكي-الإيراني وعملائهما وأدواتهما، فتنادوا بروحٍ وطنيةٍ عالية لإنقاذ الوطن، فكانت ثورة تشرين الثمرة المباركة التي أثبت الشعب العراقي من خلالها أنه شعبٌ حيٌّ لا يمكن لأي قوة غازية محتلة أن تقضي عليه، فخرج في مواجهة العملية السياسية الاحتلالية ومحركيها في أمريكا وإيران كما خرج أبطال العراق يتقدمهم بعثنا العظيم لمواجهة جيوش الغزو الأمريكي البريطاني الصهيوني عبر مقاومته الباسلة.
وما زلنا نذكر ما قاله الشهيد رحمه الله عن هؤلاء الشباب:” صوت ابن البصــــرة في حـراكه ومظاهراته هو نفس صــوت ابـن نينوى وصوت ابن الأنبــار، ورأيـه وموقفه هو نفس رأي وموقـــف ابن النجف وكـربلاء، ولا يوجــد في الدنيا شعب أكــثر تمسكاً بوطنيته وقوميته من شــعب قدم مليونين ونصف المليون شـــهيد دفاعاً عن وطنه وعروبته ووحدته ووحدة أرضه”
نعاهدُ روحَ صاحب الذكرى الطاهرة وأرواح شهداء البعث وفي مقدمتهم الرفيق الأمين العام للحزب الرئيس القائد صدام حسين على الوفاء لقسم الانتماء والولاء، قسم الرجولة والغيرة والشرف، وأن نبقى مشاريعاً للشهادة والعطاء والتضحيات حتى نحرر العراق ونعيد عجلة حركة الثورة العربية في التحرير والحرية والوحدة والاشتراكية من خلال بعث الحياة وسبل الارتقاء بحراك الأمة القومي المقدس.
أيها الرفاق
أيها الشعب العراقي العظيم
يا أبناء أمتنا العربية المجيدة
إن حزبنا المناضل، حزب البعث العربي الاشتراكي، إذ يستحضر في ذكرى رحيل رفيقنا العزيز شهيد الثبات على المبادئ وشرف الموقف والمقاومة الأمين العام للحزب والقائد الأعلى للجهاد والتحرير الرفيق القائد عزة إبراهيم دماءَ شهداء العراق الأبرار الطاهرين، يتقدمهم شهيد الحج الأكبر الرفيق الأمين العام للحزب صدام حسين ورفاقنا أعضاء القيادتين القومية والقطرية وشهداء البعث من الكادر والأعضاء والأنصار والمؤيدين والأصدقاء، رحمهم الله تعالى وأسكنهم فسيح جناته، ومن غادرونا وهم يمسكون ويقبضون على جمر الصبر والثبات في ديار الغربة والنزوح والتهجير القسري، فإنه يؤكد ثباته في مسيرة تحرير العراق واستقلاله بكل السبل المتاحة وثباته في قيادة جهاد ونضال شعبنا ضد الاحتلالين الأمريكي والإيراني، وضد العملية السياسية العميلة التي أنتجها الاحتلال البغيض حتى يتحقق النصر بالتحرير الكامل من أية هيمنة اجنبية، وإنتاج عملية ديمقراطية تعددية وطنية حقيقية ويعود أحرار العراق لإدارة وطنهم وتحقيق نهضته ورفعته.
المجد والخلود لشهداء البعث، وشهداء العراق والأمة العربية المجيدة، يتقدمهم شهيد الحج الأكبر القائد صدام حسين ورفيق دربه شهيد الصبر والمطاولة القائد عزة إبراهيم، رحمهما الله.
تحية فخر واعتزاز لشباب ثورة تشرين الأبطال الذين قطعوا على أنفسهم عهد الوفاء والولاء للعراق، والعز والنصر المؤكد للعراق وشعبه.
وعهداً لدماء شهدائنا أن تستمر المقاومة روحاً وفعلاً ومنهجاً حتى الاستقلال الناجز.
قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي
بغداد / 24-10-2021