إضاءات فكرية_ البعث ورمضان وقيم العدالة في نمط المسؤولية

إضاءات فكرية

البعث ورمضان وقيم العدالة في نمط المسؤولية

أ.د.طارق السامرائي

 

 

قال المفكر الراحل ميشيل عفلق عن  الرسول محمد صل الله عليه وسلم(إذا كان محمد كل العرب فليكن العرب اليوم كلهم محمد )، مقولة عميقة المعاني عالية المقام ونوعية القيمة الدينية في الإسلام شفافة من طراز ونمط فلسفي رفيع .

في شهر رمضان أثلجت هذه المقولة صلب عقولنا وأثلجت شغاف قلوبنا فمحمد الرسول العربي  تم اختياره بدقة إلهية تم صناعتها وزخرفة شخصيتها من خالق الكون العالم العليم الرشيد المقسط ،اشار  بها مسؤول انبثاق ووجود حزب البعث في أوليّات الأربعينيات من القرن الماضي بنبرة عميقة هادئة تخاطب الوجدان وتحاكي غياهب النفوس وتملأ الأرض إيماناً والتصاقاً بالحقيقة !

هكذا صورت عقلية البعث بالرسول وعقيدته وأيمانه بالله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد، هكذا فتحت فلسفة التاريخ والحياة لدى البعث ومنظره الاول وجعل كل من ينتمي للحزب هو من استوعب سيرة وسلوك والثورة التي احدثها الرسول القائد محمد صل الله عليه وسلم في الامة العربية ، وعقيدته ونمطه الإيماني بوحدانية الله وعزته ووضع لمسات مكانته الرفيعة فالله نور على نور !

هكذا انطلقت فلسفة الحزب متجاوزة كل أنماط الفلسفات التقليدية الميتافيزيقية والأفلاطونية والهندوسية والغيابية والوجودية وانما انطلقت من حالة وجود وتفكير عقلاني لما وراء العالم الخارجي والقدرة في بحث خصائص الخالق والمخلوق وتبعا لذلك صاغت نظرية البعث المسألة الدينية بشكل مركب من تجانس فكري وتطلعي عميق اقترن بالواقع والمنطق فمحمد القائد العربي الذي اجتباه الله ودعاه بالحبيب هو ظاهرة بشرية كونية لمن تسبح له السموات والأرض ،هكذا دعي البعث بعثييه المنتمين الى أن يكونوا طليعة ما تحلي به محمد من صفات نادرة اخلاقية وسلوكية وكما نوه عنها الراحل المثقف والواعي الشهيد صدام حسين (نحن لسنا دعاة حركة دين ولا دعاة فلسفة دينية ولكننا نحترم الدين كسياق تشريعي للحياة ونحن مسلمون لأنه دين الله كما نؤمن بما أمن به رسولنا محمد !

والبعث منذ انطلاقته يؤمن وباحترام مميز وعالي  بكل الاديان كونها موجهات وبوصلة للأخلاق السامية ونبذ ما يضر الكائن البشري والانسان .

من هذه الانطلاقة تم العمل على بناء الإلهام الإيماني للبعثيين في سياقين متوازنين (الإيمان والتطبيق) وهما عنصرا الحياة وطريق التطور.

وتبعا لطبيعة المناضلين اتجهت الفلسفة البعثية الي التطبيق في القيم والمبادئ وعدم التمييز في اللون والجنس والعقيدة واصبح البعث (قاعدة من مزيج متجانس  غير متمايز )نجد فيه كل أنماط الدين والعرق واللون يجمعهم عقيدة النضال من اجل قيم الوطنية والقومية والعلم والتقدم والانسان ،وقد عززه في نظامه الداخلي وضرورة ان تكون عملية الاستقطاب والانتماء للبعث بعيدة عن امراض التعصب الديني والطائفي والعشائري والعرقي ويكون الايمان والاخلاص والعمل الصادق ونشر العدالة والتزين بالديمقراطية والتحلي بأدب أسس الحياة واعتبار الانسان قيمة عليا في الحياة ،لذا فقد واكبت مسيرته النضالية الالتزام الكلي بهذه القيم وترجمتها الي واقع ملموس سطره له التاريخ ………

فأهلا برمضان الكريم وهلا ببعثي رمضان وعنوان قيمه الإنسانية.