غزو العراق جريمة لا مثيل لها

افتتاحية العدد 415 – مجلة صدى نبض العروبة

غزو العراق جريمة لا مثيل لها

 

فجر يوم ١٩ آذار _ مارس سنة ٢٠٠٣ م صار التاريخ والحضارة بكل مكوناتهما وبكل تفاصيلهما الممتدة إلى يوم الخلق الأول للبشرية هدفاً لترسانة السلاح الأمريكية، ومعها تحالف يضم أكثر من أربعين دولة.

في فجر ذاك اليوم المشؤوم صارت كل منتجات العلم والتكنولوجيا والتقنيات المتقدمة نيراناً تأكل أحشاء الإنسانية وتمزق جسد السلام والأمن وتفرض على العالم حالاً جديداً من العدوانية ولغة الهمجية والتوحش.

لقد كان عدواناً لا مسوغ له على الإطلاق فتسويق مبرراته من قبل دول العدوان كانت من غير أي سند، بل مختلقة كاذبة، وكان عدواناً لم يشبهه في التاريخ عدوان من حيث كمية القوة الغاشمة التي تم توجيهها ضد العراق بعد محاصرته لأكثر من ١٤ سنة في غذائه ودوائه وكل مستلزمات الحياة بما فيها القلم والورق والسلاح والبيع والشراء.

إن كمية الصواريخ والقنابل المدمرة والطائرات التي استخدمت لقصف بغداد لم يشهد لها تاريخ الحروب مثيل، فلم تبق عمارة ولا بناية ولا جسر ولا شارع ولا مصنع ولا مزرعة إلا واشتعلت فيها نيران الحقد الأسود، وأعلنت تلك النيران المجرمة عن نمط حرب لم تعرف البشرية مثيلاً لكمية الغل والضغينة والاستهتار بحياة البشر وبالمدنية والحضارة التي انطلقت من ثناياها الممتلئة بقيح العدوانية والكراهية للعراق وشعبه وللأمة العربية وقطب وحدتها وتطورها العلمي والصناعي والبشري.

ورغم حجم العدوان والأسلحة الفتاكة التي استخدمها لإحداث ما أسماه بالصدمة والرعب إلا أن شعب العراق وقيادته الوطنية الشجاعة قد واجهت العدوان بصبر وثقة وثبات وإيمان بالله سبحانه وحاول العراق بإمكاناته المتواضعة مواجهة القوة الغاشمة فقاتل بشرف لعدة أسابيع ولم ينهزم جيشه وقواه الأمنية البطلة، ولم يسجل على ذاته الوطنية والقومية مثلبة فظل مرفوع الهام رفيع الشرف عزيز الكرامة، فكانت مقاومته الأسطورية تقابل بشجاعة نادرة ندرة حجم العدوان وندرة أنواع الأسلحة التي استخدمها، فصنع العراق معادلة للتاريخ وللبشرية قوامها ندرة العدوان مقابل ندرة المقاومة بما يضمن للأمة عزها ومجدها، ويخذل الباطل طال الزمن أو قصر.