استراتيجية احتلال العراق سنة 2003،، والقانون الدولي
دكتور عامر الدليمي
لم يكن قرار رئيس الولايات المتحدة الامريكية جورج بوش الابن لاحتلال العراق قراراً آنياً وليد اللحظة أو قراراً مستعجلاً تم اللجوء إليه نتيجة ظروف وضرورات دعت إليها ،وإنما قراره قد مرٌ بأدوار عديدة وتخطيط إستراتيجي لإنهاك العراق اقتصاديا وعسكرياً وتشويه سمعته إعلامياً بأكاذيب ثبت عدم صحتها للعالم منها قدم ( توني بلير ) رئيس وزراء بريطانيا الأسبق معلومات كاذبة أمام مجلس العموم البريطاني في ٢٤/ ٩ / ٢٠٠٢م عن قدرة العراق بتوجيه صواريخ مدمرة الى بريطانيا ، كما قدم ( كولن باول ) وزير خارجية اميركا الأسبق معلو مات كاذبة بتاريخ ٥/ ٢ / ٢٠٠٣م أمام مجلس الأمن الدولي بأن العراق يمتلك أسلحة تدمير شامل ،وله علاقة تعاون مع تنظيم القاعدة ، وذلك تبرير للدور الذي كان العراق يقدمه على المستوى الوطني والعربي إذ لم يبخل في عطاءاته الإنسانية وتضحياته القومية أينما دعاه الموقف في الساحة العربية ،فالاحتلال العدواني تم التخطيط له بإحكام دقيق خاصة بعد قرار تأميم النفط العراقي من الشركات الاجنبية ،وحل المشكلة الكردية حلاً سلمياً ديمقراطياُ التي كانت قنابل موقوتة بيد أعداء العراق وضد النظام الوطني العراقي خاصة عند إقدامه على بناء قاعدة صناعية عسكرية ومشاريع استراتيجية كبرى في كل المجالات مما أغضب أعداء العراق لدوره المؤثر الفاعل في الوطن العربي ،وتهديده للمصالح والاستثمارات الأجنبية التي لا يروق لها عراق ناهض ، فشنت عليه حرب إعلامية واسعة ،لإبقائه تحت سيطرتها . وفي اجتماع لمجلس الأمن القومي الامريكي برئاسة ( سكروكروفت) قُدم مشروع لتحقيق الأهداف المطلوبة في العراق وهي :-
١- ضمان تواجد دائم في الخليج العربي والشرق الأوسط دون أن يقلقهم أحد أو يطلب منهم الخروج .
٢. إسقاط النظام في العراق وقائده صدام حسين
٣- اجتثاث حزب البعث في العراق
٤- إعطاء فرصة للأحزاب الموالية لأمريكيا لتقليدها مناصب قيادية في العراق .
وفي عام ١٩٩١م كانون ثاني صرح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ( جيمي بيكر) بأنه سيعيد العراق الى العصر قبل الصناعي ، وفي ١٦ / ايلول / ٢٠٠١ م طلب الرئيس السابق ( جورج بوش الأبن) من مستشارة الأمن القومي كوندا ليزا رايز) إعداد خطة طارئة للتعامل مع العراق ، وفي تصريح للجنرال الأمريكي ( ميرمكبيك) قال نحن نقترب من حرب مع دولة من دول العالم الثالث . وبتاريخ ٢٠/ ٣ / ٢٠٠٣م شنت ادارة الرئيس السابق جورج بوش الابن وحلفائها هجوماً عسكرياً برياً وجوياً عدوانياً غير مشروع وإحتلال العراق .
مع أن العراق :-
١- دولة ذات سيادة كاملة وفقاُ للدستور العراقي ،بإعتراف هيئة الأمم المتحدة ،والجامعة العربية ،ومنظمة التعاون الإسلامي .
٢- لم يكن العراق البادئ في حرب مسلحة ضد أمريكيا ولم يمتلك أسلحة محرمةدولياً تصل الى أمريكيا أو بريطانيا .
٣- لم يهدد العراق السلم والأمن الدوليين و منطقة الشرق الأوسط .
٤- لم ينتهك العراق القانون الدولي ،وقرارات ألامم المتحدة أو المعاهدات الدولية أو قانون حقوق الإنسان .
٥- طبق العراق كل القرارات الدولية وقرارات مجلس الأمن القومي .
وبذلك فإن جورج بوش الابن قد إرتكب جريمة الحرب والعدوان على العراق وإحتلاله دون مسوغ قانوني ،وللأسباب التالية :-
١- مخالفة العدوان للمبادئ ألاساسية لميثاق الأمم المتحدة ،ومبادئ القانون الدولي الفقرة الرابعة المادة (الثانية) ،وكلها تمنع أعضاء أعضاء ألهيئة جميعاُ بإستعمال التهديد أوالقوة ضد سلامة أو الإستقلال السياسي لأي دولة.
٢- مخالفته للمادة ( الاولى والثانية ) من المعاهدات الدولية العامة من ميثاق الأمم المتحدة،عدم إستخدام القوة في العلاقات الدولية ،ونبذ اللجوء الى الحرب كطريق لحل النزاعات الدولية ، وإدانة اللجوء إليها .
٣- من واجب كل دولة الإمتناع عن اللجوء للحرب وإنتهاك حرمة أراضي أي دولة ،أو القيام بأعمال تتنافى مع القانون والنظام الدوليين المادة ( التاسعة ) من ميثاق ألأمم المتحدة .
٤- حظرت المادة( تاسعاً و عاشراً) من إعلان الميثاق عدم تقديم المساعدة لأي دولة لا تحترم مضمون المادتين .
٥- لم يمنح مجلس الأمن الدولي بموجب القرار (١٤٤١) لسنة ٢٠٠٣م الترخيص لادارة الرئيس السابق جورج بوش الابن بشن العدوان على العراق وإحتلاله والذي منطوقه يمنح العراق فرصة أخيرة للوفاء بإلتزاماته في مجال نزع السلاح لكن جورج بوش الابن بنى على إفتراص أن قرار مجلس ألأمن رخص ضمناً بإستخدام القوة واصبح تبريرا له بغزو العراق .
٦ – إرتكبت تلك الادارة جريمة ضد السلام وجريمة العدوان المحرمة دولياً بموجب ميثاق نورمبرغ عام ١٩٤٥م ومبادئ نورمبرغ عام ١٩٥٠م والمعاقب عليها كما ورد في الفقرة ( د ) من المادة (٥) من قانون المحكمة الجنائية الدولية الذي يقتصر إختصاصها على أشد الجرائم خطورة موضوع إهتمام المجتمع الدولي بأسره وهي :-
أ-جريمة الحرب .
ب- جريمة العدوان .
ج -جرائم ضد الإنسانية .
د جريمة الإبادة الجماعية .
٧- إنتهاك منطوق المادة (٦،٧) من قانون المحكمة الجنائية الدولية، والمادة (٨) من إتفاقية جنيف في ١٢ في آب ١٩٤٩م والمادة ( ٥) من النظام الاساسي لقانون روما الاساسي .
٨- إنتهاك إتفاقية لاهاي الصادرة في ١٨/ تشرين الاول / ١٩٠٧م ،بشأن قوانين الحرب البرية
٩- إنتهاك البروتوكول الاول الاضافي لإتفاقية جنيف لعام ١٩٧٧م المتعلق بحمايةضحايا النزاعات المسلحة .
١٠- إنتهاك ميثاق الجامعة العربية كون العراق عضواً مؤسساً فيها ومن مبادئها المحافظة على سلامة وإستقلال وسيادة الدول المنضوية فيها .
١٠- إنتهاك منظمة التعاون الإسلامي إذ أن العراق عضو مشارك فيها ومن مبادئها الحفاظ على سلامة اقطارها وأمنها.
ومن كل ماتقدم فإن ادارة الرئيس السابق جورج بوش الابن قد خالفت وإنتهكت كل القوانين الدولية والأعراف القانونية والانسانية ،والتي تشير الى إدانتها وفقاً لما ورد من مواد أقرتها الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الدولي الجنائي والإنساني ، والمحكمة الجنائية الدولية وتوصف بأنها جريمة العصر ،، بإفتعال أكاذيب لإدانة العراق ، التي يجب من منظور إنساني عدم تجاوزها ، مع إرجاع الحق للعراق واهله .