أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
حزب البعث العربي الاشتراكي
القيادة القومية- قيادة قطر سوريا
تعليقاً على الأحداث الأخيرة، أصدرت قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي البيان الآتي نصه:
شهدت سوريا خلال الايام الاخيرة تطورات سياسية وامنية بالغة الخطورة، خاصة تلك التي شهدتها منطقة الساحل وقبلها محافظتي السويداء ودرعا وما أعقب ذلك من توقيع اتفاقية تفاهم بين ادارة الحكم ومنظمة “قسد”، واشهار الاعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية.
ان قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي، التي سبقت ونبهت الى جملة التحديات التي تواجه عملية الانتقال السياسي التي اعقبت سقوط النظام وما ترتب عليها من تداعيات، لم يغب عن تقديرها ان المتضررين من عملية التغيير من الداخل والخارج، لن يسلمّوا بسهولة خسارة مواقعهم في السلطة والامتيازات التي مكنتهم من الامساك برقاب العباد ومقدرات البلاد.
واذا كان العدو الصهيوني اول المبادرين لاستغلال الوضع المستجد ،بإقدامه على تدمير القدرات العسكرية للدولة وتوسيع رقعة احتلاله من جبل الشيخ الى درعا واخيراً تدخله السافر في الشأن الداخلي عبر تقديم نفسه حامياً لطائفة كريمة من ابناء شعبنا وهي المشهود لها وطنيتها وتجذر انتمائها لعروبتها ،فإن النظام الايراني الذي لم يستوعب بسهولة الضربة التي تلقاها وادت الى اخراجه من سوريا يستمر بالتحريض ضد عملية التغيير عاملاً على تحريك خلاياه النائمة وفلول النظام السابق عله يعود من بوابة الساحل بعد اخراجه من البر السوري .
ان قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي، لا ترى فيما أقدم عليه العدو الصهيوني امراً غريباً عن طبيعته العدوانية والتوسعية، كما لا تستغرب سلوك النظام الايراني وابعاد تغوله في العمق القومي العربي لأن الطرفين يضمران عداءً وجودياً للعروبة وكله على حساب الامن القومي سياسياً ومجتمعياً. وإذا كان هذان العدوان اللدودين للامة تتكامل نتائج مشاريعهما حيث وصلت امداءات اعتداءاتهما على الساحة العربية وخاصة في الاقطار المتاخمة لفلسطين وسوريا بالدرجة الاولى، فإن الآلية التي اعتمدها الادارة الجديدة في ادارة الشأن العام ووضع الاسس لإعادة البناء الوطني، وفرت ثغرات للقوى المتضررة من اسقاط النظام وما ترتب عليه من نتائج لان تنفذ منها وتمارس التخريب بكل السبل المتاحة. فالسلطة الجديدة التي تدير ما تسميه بالمرحلة الانتقالية، لم تبادر الى إطلاق عملية سياسية واسعة المشاركة من كل الطيف السياسي الوطني المعارض للنظام السابق من شأنه أن يوفر حزام امن سياسي ووطني، بل العكس هو الذي حصل إذ أن المؤتمر الوطني الذي عقد مؤخرا، افتقر الى شمولية التمثيل الوطني بعدما اقتصرت الدعوات من قبل اللجنة التحضيرية على حضور شخصيات لا حيثية سياسية لها كما حضور ممثلين لهيئات ذات تمثيل ديني وطائفي. وأكثر من ذلك فإن الادارة الجديدة لم تتدارك خطورة اقدامها على حل الجيش الوطني وهو الذي افضى الى إحداث فراغ أمنى لا تستطيع القوى الامنية غير النظامية والتشكيلات العسكرية الهجينة التكوين ان تملأه، وهذا ما سبق وحذر منه الحزب قومياً وقطرياً واعتبره محظوراً وطنياً وقعت فيه سلطة الادارة الجديدة في وقت كان يفترض فيه ان يقتصر الحل على الفروع الامنية وتنظيم عملية اعادة هيكلة لمؤسسة الجيش يطال التطهير فيها المتورطين في عمليات القمع والفساد دون المساس ببنية المؤسسة العسكرية.
ولهذا فإن القيادة القطرية للحزب ترى ان الذي جرى في منطقة الساحل ما كان ليحصل او ليأخذ هذا البعد الخطير من فعل ورد فعل طال العناصر الامنية والمدنيين الذي اخذوا بجريرة ممارسات النظام السابق وفلوله، لولا استغلال القوى التي تناصب عملية التغيير العداء الفراغ في معطى الامن الوطني واستبعاد القوى السياسية الوطنية الداعية لبناء الدولة المدنية الديموقراطية عن المشاركة والمساهمة في صياغة البناء السياسي للدولة.
وعليه فإن القيادة القطرية للحزب التي تدعو الى اعتبار تحدي الاحتلال الصهيوني السابق واللاحق تحدياً وطنياً وقومياً ومجتمعياً وتدعو الى مواجهته بكل بالسبل المتاحة ، تدين التدخل الايراني السافر في الشأن الداخلي لسوريا، كما تدين بشدة عملية التعرض بالقتل لمن كان مولجاً حفظ الامن في البلاد ولمن ارتكب اعمال القتل والتصفيات التي طالت ابناء شعبنا في مدن الساحل واريافها سواء كانت مدفوعة بعمليات ثأرية على ما قامت به فلول النظام أو ببواعث طائفية ومذهبية وقد ذهب ضحيتها ابرياء من المدنيين الآمنين في استحضار لأبشع الجرائم التي ارتكبت بحق جماهير شعبنا منذ انطلق الحراك الشعبي مطالباً بالحرية والتغيير الوطني الديموقراطي.
ان القيادة القطرية للحزب ، وهي تدعو لمحاسبة كل من يثبت ارتكابه اعمالاً جرمية بحق المدنيين واحالتهم الى العدالة لينالوا القصاص العادل ، ترى ان التصدي لهذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان وعدم تكرارها إنما يتطلب الاسراع بوضع الالية العملية لتطبيق احكام العدالة الانتقالية لتعزيز ثقة الافراد بمؤسسات الدولة وتعزيز سيادة القانون والاعتراف بحقوق الضحايا وتدعيم احترام حقوق الانسان وهذا ما يفسح المجال امام معالجة المظالم استناداً الى ضوابط القانون والحد من الانقسامات بين ابناء الشعب الواحد والاسراع بعملية اعادة التأهيل المجتمعي.
كما أن القيادة القطرية للحزب وهي تنظر بإيجابية الى توجه السلطة الجديدة اجراء تحقيق شفاف ومحاسبة لمن تلطخت يداه بدماء الابرياء ومن استهدف من كان يتولى مهمة حفظ الامن ، ترى ان الاعلان الدستوري وإن انطوى على معطيات ايجابية وخاصة التأكيد على اسم الجمهورية العربية السورية كاسم رسمي للدولة تعرّف به كما مبدأ الفصل بين السلطات وعدم تغول بعضها على بعض وحرية الرأي والتعبير والمحاسبة ، الا انها تسجل تحفظها على طول الفترة الانتقالية وعلى تحديد الانتماء الديني لرئيس الدولة والذي يتعارض مع مبدأ مدنية الدولة مع الاشارة الى أن الفقه الاسلامي كان يفترض ان يرد بصيغة مصدر اساسي من مصادر التشريع وليس المصدر الاساسي.
كما ان القيادة القطرية للحزب، وهي تنظر بإيجابية الى الاتفاق الموقع مع منظمة “قسد”، انما تدعوا الى تفعيله والالتزام بأحكامه لما ينطوي عليه من تأكيد والتزام بوحدة الارض السورية وبسط لسيادتها على كامل التراب الوطني، وتشدد في الوقت نفسه على الاسراع في انجاز الخطوات الاجرائية ببعديها السياسي والامني من اجل احتواء الوضع في جبل العرب واعادة انتظام كل ابناء شعبنا تحت مظلة الدولة العادلة والتي تحكمها قواعد العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات.
اننا ونحن نترحم على ارواح الشهداء الذين سقطوا في مواجهة نظام الاستبداد والقمع وضحايا التفلت الامني والاعمال الثأرية، تعيد التأكيد على توسيع دائرة المشاركة الوطنية في انتاج نظام جديد تحكمه ديموقراطية الحياة السياسية وتحصين الجبهة الداخلية من الاختراقات المعادية وكل اشكال التخريب الوطني والمجتمعي، وهذا من شأنه ان يضع سوريا على سكة المسار الصحيح في مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها واولها مواجهة تحدي الاحتلال الصهيوني وكل اشكال الوصايات الدولية والاقليمية والبناء الوطني للدولة.
قيادة قطر سوريا لحزب البعث العربي الاشتراكي.
14 / 3 / 2025