ثورة الثامن من( شباط/فبراير) 1963 معجزة البعث
أبو مصطفى
في صبيحة الرابع عشر من شهر رمضان المبارك عام 1963 كانت جماهير شعب العراق والأمة العربية على موعد مع أول ثورة شعبية عربية مظفرة تطيح بالديكتاتورية المحلية في التاريخ الحديث، حيث تمكن ثوار البعث من إسقاط نظام عبد الكريم قاسم الذي حارب القومية العربية والقوى المعبرة عنها بمعاونة الزمرة الشعوبية الحاقدة في محاولة بائسة لإنكار عروبة العراق وإحباط حلم الملايين في الوحدة العربية. لقد كانت ثورة الثامن من شباط رداً عملياً على انحراف الزعيم الشعوبي وزبانيته عن أهداف ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 والغدر بالضباط الأحرار، كما كانت ثأراً للعرب جميعاً الذين هزتهم نكسة الانفصال بين سوريا ومصر سنة 1961.
نجحت ثورة الثامن من شباط والتي أطلق عليها الرفيق الاب القائد احمد حسن البكر عروس الثورات الخالدة بإيقاف حمامات الدم التي أغرق بها الشعوبيون العراق، و ما مجازر الموصل وكركوك وبغداد والمسيب سنة 1959 إلا شواهد على جرائم ذلك العهد القاسمي الأسود. لقد تلاحمت كوادر البعث من مدنيين وعسكريين تساندهم كل القوى الوطنية والقومية في عملية التغيير وإسقاط النظام، ومهدت تنظيمات الحزب المدنية ليوم الثورة عبر تصديها البطولي للسلطة القمعية في إضراب البنزين في السابع والعشرين من آذار عام 1961 ومن ثم إضراب الطلبة في العشرين من كانون الأول عام 1962 الذي استمر حتى يوم اندلاع الثورة وشل أركان الحكم القاسمي المستبد وبشر بقرب زوال الديكتاتورية الغاشمة الفردية. وما ان أذاعت إذاعة بغداد البيان الأول للثورة حتى هبت جماهير الشعب لمؤازرة أبطال الجيش والحرس القومي في مواجهة التحركات الشعوبية البائسة التي حاولت الدفاع عن حكم الفرد المستبد.
لقد حققت ثورة الثامن من شباط الكثير من المنجزات خلال التسعة أشهر التي حكم بها الحزب فارست دعائم العمل القومي العروبي كالتوقيع على ميثاق الوحدة الاتحادية الثلاثية بين العراق وسوريا ومصر في السابع عشر من نيسان، واعلان الوحدة العسكرية بين العراق وسوريا عام 1963 لتوحد الجيشين في جيش عربي واحد، ووضع حجر الأساس للعديد من المشاريع التنموية و المباشرة بإجراء إصلاحات جذرية في نظم الدولة العراقية وقوانينها. ان اندفاع الثورة العروبي وسلسلة الاجراءات التنموية التي بوشر بتطبيقها رغم قصر الفترة الزمنية لم يرق للقوى المتنفذة في المنطقة فعملت على اجهاض ثورة البعث الاولى وفي الثامن عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1963. لكن حزب البعث العربي الاشتراكي نهض كطائر العنقاء من تحت الركام وفجر ثورة السابع عشر – الثلاثين من تموز عام 1968، لتبدأ مسيرة التنمية الظافرة والمنجزات العملاقة التي شهدها العراق قبل الاحتلال سنة 2003.
وكان للحزب وقفة شجاعة في مؤتمره القطري الذي انعقد في بغداد عام 1974 حيث شكل وقفة تحليلية لتجربة حكمه لتسعة أشهر عام 1963، لدراستها والاستفادة من تجاربها، في رؤية ثورية ناضجة من حزب عريق واثق من نفسه، لرسم معالم المستقبل على اسس راسخة تسد على الاعداء ابواب التسلل الى التجربة في محاولة لمنعها من تحقيق اهدافها، تمهيداً للاجهاز عليها وقتل الحلم العربي.
ستبقى ثورة الثامن من شباط/ فبراير في العراق محطة بارزة في تاريخ البلاد الحديث، حيث شكلت تحركاً قومياً وحدوياً لإعادة بناء الدولة وفق مبادئ العدل الاجتماعي والتضامن القومي، فجاءت هذه الثورة لإنهاء حقبة الحكم الديكتاتوري الشعوبي، والعمل على تحقيق تطلعات الشعب في الحرية والعدالة والتنمية.
تحية وفخر ووفاء لأرواح قادة الثورة وشهداء الحزب الذين ضحوا بارواحهم في سبيل انجاح الثورة.
تحية لشهداء البعث وفي مقدمتهم شهيد الحج الاكبر الرئيس القائد صدام حسين المجيد وشيخ المجاهدين الرفيق عزت إبراهيم الدوري وكافة شهداء الأمة العربية في العراق وفلسطين وسوريا وفي كل مكان سقط فيه شهيد ليروي ثرى الأرض العربية.