بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 هل إيران دولة استعمارية ؟

الملائكة لا تزني ، وان زنت تشيطنت

( 10 - 10 )

نعم ايران دولة استعمارية
 

 

 

شبكة المنصور

صلاح المختار

 

بعد كل هذا العرض التفصيلي ما هي النتيجة الجوهرية التي توصلنا اليها ؟ بوضوح تام وبلا ادنى شك ايران دولة استعمارية خطيرة ، بل هي الاعتق في تاريخ الاستعمار حيث يعود تأريخها الاستعماري الى اكثر من الفي عام ، وهي فترة كانت فيها اوربا ، اول من مارس الاستعمار في العصور الحديثة ، عبارة عن مجتمعات بدائية ، او متوحشة لم تخرج من الغابة بعد . وكانت امريكا مازالت نطف في ظهور اوربيين قتلة يغطون في نوم عميق في سجون بريطانيا . اما اسرائيل فكانت كلمة تعبر عن اسم في الكتب اليهودية . نعم ايران هي اعتق دولة استعمارية في التاربخ وهي لذلك الدولة الاستعمارية الاكثر دهاء وخبرة في كيفية غزو الشعوب الاخرى وتدميرها او الحاقها بها . وحتى قبل ظهور الحضارة الفارسية كانت القبائل الهمجية الفارسية تنحدر الى الغرب في غزوات متواصلة دمرت خلالها حضارات العراق القديم . والان وبعد ان نهضت ايران الاستعمارية من سبات طويل ومتقطع نجد انها تمثل النزعة الاستعمارية في اكثر اشكالها خطورة وتنوعا وتعددية ،لانها تجمع عدة انواع من الاستعمار في نزعتها الاستعمارية بعكس اغلب الغزاة الاستعماريين الذين كانوا يتميزون بشكل واحد من اشكاله .

ولحسم الموضوع من المفيد التذكير بمعنى الاستعمار واشكاله ، فالاستعمار اذا تجاوزنا معناه االغوي المشتق من يعمر وتمسكنا بالممارسات الاستعمارية كما حدثت في الواقع سنجد انه :

أ – احتلال دولة من الدول لاراضي بلد اخر او احتلال كل البلد والاستقرار فيه ، كوطن بديل او ملحق بوطن الاحتلال ، رغم ارادة سكان الدولة المحتلة . مثال : الاحتلال الاوربي لجنوب افريقيا ، الاحتلال الاوربي لامريكا الشمالية ، الاحتلال الاوربي لاستراليا ونيوزيلندا ، الاحتلال الفرنسي للجزائر والمغرب العربي بشكل عام ، الاحتلال اليهودي لفلسطين ، والاحتلال الإيراني للاحواز والجزر العربية .

ب – نهب ثروات البلد ونقلها الى البلد الاخر ، مثال نهب بريطانيا ثروات من الهند تعادل كل ما كان لدى اوربا من ثروة ، والان تنهب ايران ثروات العراق ، خصوصا النفطية عبر عصاباتها في جنوب العراق ، كما نهبت عقب الغزو اسلحة الجيش العراقي الثقيلة ومصانعه وغير ذلك .

ج – تغيير الهوية الثقافية للبلد المحتل : مثال فرنسّة المغرب العربي ، ونشر ثقافة المحتل ولغته جنبا الى جنب مع اجتثاث ثقافة ولغة الشعب الاصلي ، ومثال اسرائيل التي تجتث لغة الشعب الفلسطيني وتسرق تراثه الوطني ومثال ايران التي تفرس العرب والاكراد والاذريين والبلوش وغيرهم .

د – استخدام العنف المفرط ضد السكان الاصليين لهدم مقومات بقاءهم واستمرار هويتهم . مثال : تصفية الهنود الحمر في امريكا ، تصفية الشعب الفلسطيني من قبل الاحتلال الاسرائيلي ، محاولات تصفية الشعب الاحوازي العربي في ايران .

هـ - تحويل البلد المحتل الى مصد يحميه من الاعداء . مثال احتلال المانيا لاراض في اوربا عدتها مناطق امن حيوية بالنسبة لامنها القومي ، وهو ما تفعله ايران في كافة دول الجوار ومقترباتها الستراتيجية خصوصا في لبنان والعراق .

و – التدخل في شئون الاخرين ومحاولة التاثير عليهم واقتطاع اجزاء من اراضيهم . مثال : اسرائيل التي لم تكتفي باحتلال فلسطين فاحتلت اراضي مصر وسوريا ، ومثال ايران تحتل الاحواز وتتدخل في شئون كافة الاقطار العربية والاسلامية لاسباب تتعلق بنشر الدعوة الصفوية .

ز – دعم الاقليات الاثنية او الدينية داخل البلد الذي يراد احتلاله تمهيدا له ، واستغلالها ضد وطنها الاصلي . مثال : اسرائيل التي تقوم ستراتيجيتها تجاه العرب على دعم الاقليات في الوطن العربي من اجل استنزاف الدلة العربية ، ومثال ايران التي استغلت وتستغل الاكراد وذوي الاصول الايرانية في العراق والخليج العربي .
في ضوء تثبيت هذه السمات للنزعة الاستعمارية نستطيع تقسيم الاستعمار الى ثلاثة انواع : استعمار سكاني يقوم فيه المستعمر بنقل اقسام من سكانه لى البلد المحتل للاستقرار فيه ، واستعمار اقتصادي يقوم على نهب ثروات البلد المحتل دون جلب سكان البلد الذي قام بالاحتلال ، واستعمار جيوبولوتيكي تتركز اهميته في محاولة الاستعمار ضمان سيطرته على مناطق ذات قيمة ستراتيجة كبيرة ، كاحتلال الجولان الذي كان يتمتع بقيمة ستراتيجية عظمى قبل اطلاق صدام حسين الصواريخ التي دكت العمق الاسرائيلي في عام 1991 فاسقطت نظرية الامن الاسرائيلي ، ومعها اسقطت القيمة الستراتيجية للجولان .
والان كيف نطبق هذه المعايير والنماذج على ايران ؟ يمكن القول ، وبثقة تامة ، بان الاستعمار الإيراني يجمع بين كافة انواع الاستعمار المعروفة ، وهذه سمة فريدة للاستعمار الإيراني تجعل خطره متعدد الاتجاهات والاساليب ، وكما يلي :

1 - ايران تمثل استعمارا سكانيا يحتل اراضي الغير ويدمجها باراضيه . مثال الاحواز العربية التي يبلغ عدد سكانها ثمانية ملايين عربي ، وفيها الثروة الاهم لايران وهي النفط والمياه . كما انها تحتل الجزر العربية الثلاث ومناطق حدودية عراقية . وهي في هذا تشبه اسرائيل .

2 – ايران لها مطامع في الارض العربية كالبحرين مثلا ، وهي في هذا تشبه اسرائيل .

3 – ايران تمارس سياسة التفريس تجاه عرب الاحواز ، مثلما تفعل اسرائيل واشد تجاه الشعب الفلسطيني ومثلما فعل الاستعمار الفرنسي في المغرب العربي .

4 – ايران قامت بدور الداعم لامريكا ضد دول وشعوب المنطقة في عهد الشاه محمد رضا ( قمع ثورة ظفار في عمان ) وعهد خميني (في غزو العراق وافغانستان ) .وهي تشبه في هذا الدور اسرائيل ونظم عربية تخدم السياسة الامريكية . ورغم انتهاء ماكان يسمى ( الحرب بالوكالة ) ، التي كانت تتبناها امريكا وتقوم على استخدام دول المنطقة ضد حركات التحرر فيها ، فان الواقع يقول بان امريكا مازالت تستخدم نفس اهم قوة في الخليج وهي ايران ، رغم تبدل النظام السياسي فيها ، والدليل هو مشاركة ايران الاساسية في غزوالعراق . ولم يقتصر دور ايران على هذا العمل بل هي تقوم بمحاولات عقد صفقات مع امريكا على حساب العراق في تأكيد قاطع انها دولة براغماتية وليس لها صلة بالاسلام . انها بهذا العمل ، وبصفتها استعمارا اقليميا ، تدعم استعمارا دوليا وتعمل على تقاسم الغنائم معه .

5 – ايران لها تطلعات امبراطورية ، أي توسعية ، لم تتغير منذ عهد الشاه وحتى الان ، على حساب الجيران العرب وهي في هذا تشبه اسرائيل .

6 – ايران تتدخل في الشئون الداخلية للدول الاخرى ، وهي دول عربية غالبا ، ويصل التدخل حد التفاوض باسم الدول الاخرى دون تفويض منها ! كما حصل عند تفاوضها مع امريكا حول العراق ولبنان وهذا السلوك يقع ضمن خصائص الدول الاستعمارية .

7 – ايران تستخدم الطائفية سلاحا للتدخل في شئون الاخرين وخلخلة استقرارهم الداخلي مثلما تفعل في العراق واليمن وكل الاقطار العربية ، وهي تشبه تدخل اسرائيل بحجة حماية اليهود في كل العالم .

8 – ايران تنهب ثروات العرب النفطية والمائية من الاحواز ومن العراق وهي بذلك تمثل استعمارا اقتصاديا .

9 – ايران رغم ادعاءها انها دولة اسلامية ساعدت امريكا عدوة الاسلام ، كما تصفها هي ، على غزو بلدين اسلاميين ، ووقفت مع ارمينيا المسيحية ضد اذربيجان الاسلامية .

10 – ايران تستخدم القوة بكافة اشكالها ، بما فيها القوة العسكرية ، لتحقيق اهدافها التوسعية في البلدان الاخرى ، تحت شعار زائف هو( نشر الثورة الاسلامية ) ، والذي استبدلته بهدف نشر التشيع الصفوي بالقوة وبالمال والدعاية . وهي في هذا تمارس سلوكا استعماريا كلاسيكيا ، مثل كل الدول الاستعمارية .

11 – ايران تحكمها نخب عنصرية معادية للعرب منذ الاف السنين ، خصصا منذ بابك الخرمي حتى خميني ، الذي يرفض التحدث بلغة القران مع من كان يلقاه من العرب ويصر على التحدث بالفارسية ، رغم ادعاءه انه مسلم وقائد ( ثورة اسلامية ) . وفي هذا الامر تشبه ايران اسرائيل .

12 – ايران تستخدم راضي الغير لتصفية صراعاتها او خصوماتها مع الاخرين كما نرى في العراق ولبنان ، وهي تشبه في ذلك اسرائيل التي تقوم ستراتيجيتها على خوض حروبها خارج اراضيها ، وهي بهذا تمارس استعمارا جيوبولوتيكيا .

أسئلة وأستنتاجات ختامية

والان ماذا يقول ( أصدقاء ) ايران العرب ؟

بعد هذه الملاحظات الاساسية حول الطبيعة الاستعمارية لايران من المفيد ان نطرح اسئلة جوهرية على من يدعم ايران ان يفكر فيها لانها مفتاح الموضوع كله :

1 – ثمة بديهية تحكم المسألة كلها وهي التالية : ان من يدافع عن فلسطين بصدق لا يجوز له ان يحتل العراق ، او يشارك في احتلاله ، وفي محاولات تذويب الهوية العربية للعراق . وفي ضوء تلك البديهية ذلك تطرح الاسئلة التالية نفسها رغما عنا : هل احتلال العراق وتدميره ومحاولات تذويب هويته العربية مسألة ثانوية لتبقى علاقات البعض ودية مع ايران الشريك الرئيسي لامريكا في الغزو ؟ وهل اعتمدت امريكا على ايران في انجاح واستمرار غزو العراق واستخدمت ما تملكه ايران من نفوذ في العراق لانجاح الاحتلال ؟ واذا كان احتلال العراق مسألة جوهرية وخطيرة كخطورة احتلال فلسطين لم اذن يتعاون البعض مع ايران وكأنها لم ترتكب جريمة كبرى بحق الامة العربية ؟ هل هناك اختلاف بين من يتعاون مع اسرائيل من العرب ، حكاما ومحكومين ، ومن يتعاون مع ايران ؟ وهل تختلف فلسطين من حيث القيمة عن العراق ؟ وهل يقبل ، من وجهتي النظر الدينية او القومية ، مقايضة السكوت على غزو العراق مقابل دعم مالي ايراني لبعض التنظيمات الفلسطينية ؟ الا تشبه هذه المقايضة ، من حيث الجوهر ، مقايضة الحكام العرب السكوت على غزو فلسطين ببقاء نظمهم ؟ الم يكن موقفهم ذاك سبب رفض الجماهير العربية لهم خصوصا المنظمات الفلسطينية ؟

ان من يدين انظمة عربية ، كنظام السادات لتعاونه مع اسرائيل ، مع انها تحتل فلسطين والجولان وجنوب لبنان ( وقتها ) عليه ان لا يصبح ساداتيا بامتياز كامل في تعامله مع ايران التي تحتل الاحواز وتشارك في احتلال العراق وتحتل الجزر العربية وتنشر فتنة طائفية خطيرة لم تنجح اسرائيل في زرع مثيل لها ! تذكروا ماقاله خاتمي معترفا بانه لولا مساعدة ايران لما تمكنت امريكا من احتلال العراق وافغانستان ، وابحثوا في معناه العميق ودلالاته البعيدة . ومن المهم تذكر حقيقة لها دور في تقرير طبيعة ايران هل هي شيطان رجيم ام ملاك رحيم ، وهي ان هذا التصريح وغيره لم يتم انكاره رغم مرور اربعة سنوات على صدوره ، فهو اذن موقف ايران الرسمي والفعلي من احتلال العراق . ان مجرد تعاون ايران في تسهيل الاحتلال يجعل منها دولة معادية للعرب.

2 – هل احتلال الاحواز يختلف من حيث الجوهر وليس التفاصيل عن احتلال فلسطين ؟ ان الاحواز عربية واذا كان البعض لا يتذكر ذلك فعليه ان يعرف الان ان ايران تحتل الاحواز الاكبر من فلسطين سكانا وثروة ، فلماذا ندين احتلال فلسطين ولا ندين احتلال الاحواز اذا كنا عربا ومسلمين حقيقيين ؟

3 – ما هو معيار صدق الدعم لقضية فلسطين ؟ هل هو تقديم المال لتنظيمات فلسطينية ؟ هل هو الدعم السياسي والاعلامي ؟ ان دولا اوربية تقدم الاموال قبل ايران للفلسطينين ، كما ان حكومات عربية مثل السعودية ودول الخليج والعراق قدمت اموالا لفسطين اكثر بكثير من ايران منفردة او مجتمعة ، اذن لم لا لاتدافع تلك العناصر الفلسطينية عن الامارات ، في موضوع الجزر مثلا ضد ايران ، وهي تدفع مالا للمنظمات الفلسطينية اذا جمعناه فانه اكثر بكثير من المال الايراني ؟ اما اذا كان الدعم السياسي فان ايران لا تستطيع منافسة الدعم العربي السياسي للقضية الفلسطينية لان كل العرب يصرخون مثل ايران وربما اقوى من ايران منذ غزو فلسطين . اذا وضعنا الدعم المالي والسياسي في خانة الدعم الثانوي وغير المعياري ، فان السؤال التالي يطرح نفسه وهو اذن ما هو المعيار الذي يقرر صدق الموقف من فلسطين ؟ انه الانسجام في التعامل مع كل الاقطار العربية واعتماد قاعدة واحدة في تحديد الموقف ، فما دام دعم ايران لفلسطين ناجما عن كونها اسلامية كما يقولون ، فان هذا المعيار يجب ان يستخدم في تحديد الموقف من العراق الاسلامي ايضا والجزر العربية وهي ارض اسلامية ايضا .

ان ازدواجية معايير ايران في التعامل مع العرب ( هي مع فلسطين لكنها ضد العراق والامارات مثلا ) يطرح عدد لا يحصى من التساؤلات المشروعة ، والتي اشرنا الى بعضها ، ويكشف الستار عن خطورة هذه الازدواجية في تحديد هوية أولئك العرب ، بعض الفلسطينيين بشكل خاص ، الذين يلعنون ليل نهار تخلي حكومات عربية عن قضية فلسطين لكنهم هم اول من باع العراق لقاء ثمن بخس من ايران ، وهو بالتاكيد رشوة مقابل السكوت على الدور الايراني الاساسي والحاسم في غزو وتدمير العراق وابادة شعبه وتشريد ستة ملايين عراقي ، وهو رقم اكبر من عدد من شردتهم اسرائيل من الفلسطينيين ! انني وانا استمع لاسماعيل هنية او خالد مشعل او قادة الجهاد الاسلامي وهم يمتدحون ايران ويعترفون علنا وبفخر بان لحماس والجهاد لاسلامي صلة حميمة بايران ، مع انها تنتهك كل القيم الانسانية والاسلامية في العراق وتمزق وتقتل شعبه ، واكثر واسوأ مما تفعله اسرائيل بالفلسطينيين ، لا استطيع منع ذاكرتي من تذكر السادات مباشرة . نعم ان من يؤيد ايران من العرب ، او يقيم علاقات جيدة معها ، مع انها تحتل وتقتل وتدمر اقطارا عربية ، ليس سوى سادات جديد يقدم فروض الولاء لصهاينة قم مثلما قدم السادات القديم فروض الطاعة لصهاينة التوراة .

4 – هل ندين الاحتلال ونقف ضده عندما يحتل بلدا لكننا لا ندينه حينما يحتل جزء من بلد بحجة ان احتلال الجزء لا يسوغ الصراع مع من احتله ؟ ام ان الاحتلال هو مسألة مبدأ ، وسواء كان لبلد او لجزء منه فهو احتلال وهو اعتداء على السيادة والوحدة الاقليمية لقطر عربي ؟ ان البعض يصدمنا حينما يبرر سكوته على غزو ايران لجزر الامارات العربية بان الجزر لاقيمة لها ولذلك يجب ان لا نخلق مشكلة مع ايران التي تدعم القضية الفلسطينية ! ان هذا المنطق ، الذي يحول القضية القومية وقضية الحقوق القومية والوطنية الى محض مساحة تقاس بالامتار ، يتناسى واحدة من اهم قواعد العمل الوطني ، وهي ان الارض الوطنية سواء كانت صحراء او جنات غناء متساوية القيمة ، ومن يفرط اليوم بصحراء فسوف يفرط غدا بغرفة نومه بالذات حينما تضطره الظروف الى ذلك!

5 – ما معنى تقديم امريكا واسرائيل السلاح والعتاد والمعلومات الاستخبارية لايران لاستخدامها ضد العراق ورفض امريكا تزويد العراق بالسلاح من قبل الاتحاد السوفيتي والمصادر الاخرى ؟

6 – لماذا لم تضرب ايران ولم تتعرض للحرب بعد مرور 28 عاما على بدء خميني حملته ضد الشيطان الاكبر امريكا والشيطان الاصغر اسرائيل ، رغم كل شعاراتها النارية مثل ( الموت لامريكا واسرائيل ) ، ورغم تكرار التهديدات الامريكية بشن الحرب على ايران ، في حين ان اسرائيل ضربت مفاعل العراق النووي وتعرض لحربين عالميتين قادتهما امريكا ، الاولى في عام 1991 والثانية في عام 2003 واشتركت في الاولى 33 دولة والثانية 28 دولة ، وهذين الرقمين للدول وللعتاد والاسلحة التي استخدمت ضد العراق اكبر واخطر بكثير مما استخدم في الحربين العالميتين الاولى والثانية ؟

7 - ان اهم ما يجب ان يعرف الان ، وليس غدا ، لاننا في الغد قد نكون مدفونين بركام وحدة كل قطر عربي قسم ، وبشظايا الهوية العربية المتناثرة من موريتانيا حتى عمان ، اذا تجاهلنا الخطر الايراني الداهم والمميت ، هو ما ينطق به الواقع . ماذا يقول الواقع ؟

أ– انه يقول ان ايران دولة تسيطر عليها نخبة فارسية منظمة تنظيما راقيا منذ سقوط الامبراطورية الفارسية على يد العرب المسلمين في معركة القادسية الاولى العظيمة ، وهذه النخبة تعمل وفقا لخطط مدروسة تخضع لثوابت كثوابت بني اسرائيل ، وهي بروتوكولات حكماء بني فارس ، التي تشبه بروتوكولات بني صهيون ، حلفاءهم التاريخيين منذ قورش الذي حطم الامبراطورية البابلية لانقاذ اليهود في اسرههم بتأثير زوجته اليهودية استير . ومهما ضعفت هذه النخبة فانها تبقى تعمل سرا او علنا ، لان مشروعها تاريخي ويمتد لالاف السنين وليس لعشرات السنين . من هنا فان تغيير هوية النخبة الايديولوجية والسياسية امر مطلوب وطبيعي ، فنراها تارة ترتدي بدلة الشاه محمد رضا بهلوي القومي العلماني المتعصب ، وتارة اخرى تعتمر عمامة خميني الطائفي لكنه القومي الحاقد على العرب المتعصب لبني فارس بوضوح تام . ان الهدف الاساس لهذه النخبة هو اعادة بناء امبراطورية فارس ولكن على انقاض الامة العربية التي دمرتها . وهذا التلازم الحتمي بين اقامة امبراطورية فارس وتحطيم الامة العربية ليس مجرد تعبير عن رغبة انتقامية وثأرية بل هو نتاج فهم جيوبولوتيكي صحيح ودقيق يقول بان امبراطورية فارس لن تقوم الا على موارد عراقية بالاساس وهي المياه والارض الصالحة للزراعة والتي تقتقر اليها ايران ، كما وضحنا ، وتجعلها عاجزة عن اقامة امبراطورية مستمرة وقوية . وليس غريبا هذا التطابق بين الموقف الإيراني والموقف الاسرائيلي الذي يرى ان قيام اسرائيل التوراتية يجب ان يقوم على ارض العرب وبمساعدة اهم مواردهم الماء والارض الزراعية والنفط .

ب – انه يقول ان ايران دولة طائفية رسميا ، حيث ان دستورها ينص بلا مواربة على ان المذهب الاثنى عشري هو المعتمد في الدولة . فهل توجد دولة اسلامية اخرى ثبتت في دستورها انتماءها الطائفي غير ايران ؟ ولماذا تثبت ذلك في الدستور ولا تكتفي بتأكيد اسلامية الدولة فقط دون تحديد الانتماء الطائفي ؟ انها النزعة التامرية الفارسية التي جعلت الملالي يصرون على ان ان ينص دستورهم على طائفية الدولة مع انها دولة قومية وليست دينية او طائفية ، وتستخدم الطائفية غطاء لكسب السذج والخدج من العرب .

ج – انه يقول بان ايران دولة تروج رسميا للمذهب الشيعي الصفوي ، وتخصص سنويا مليارات الدولارات لشراء الضمائر في الوطن العربي او لبناء التنظيمات المستيقظة او النائمة لاجل استخدامها ضد وطنها ، كما حصل في العراق بقيام الاحزاب التي انشأتها ايران بدعم الغزو الامريكي للعراق تسهيلا لتحقيق اهم اهداف ايران ، وهو تدمير العراق وتقسيمه ، لانه اهم عقبة تعترض بروز ايران كقوة اقليمية عظمى فاعلة ، وكما يفعل صفويوا البحرين الان حيث كشفوا عن وجههم الحقيقي وهو ان ولاءهم لايران وليس للبحرين تماما مثلما فعل اخوانهم في العراق .

د - انه يقول بان ايران خميني تلقت اسلحة وعتاد من امريكا ( هل تذكرون ايران جيت ؟ ) ومن اسرائيل ( هل تذكرون الطائرة الارجنتينية التي سقطت في الاتحاد السوفيتي وهي تحمل اسلحة لايران من اسرائيل أثناء الحرب العراقية الايرانية ؟ ) وهذا الموقف الامريكي الاسرائيلي الواضح كل الوضوح يسقط كل الادعاءات التي تقول بان ايران ضد امريكا وضد اسرائيل ، لان هاتين الدولتين لا تقدمان شيئا بلا مقابل . وهنا تكمن إحدى أهم قصص اسلحة الخداع الشامل التي جعلت الكثير من الساسة والكتاب يرددون ، وكانهم يقولون آيات قرانية ، بان امريكا دعمت العراق في الحرب وقدمت له السلاح لاجل الحاق الهزيمة بايران ، والان وبعد غزو العرق ومرور حوالي ربع قرن لم يقدم دليل واحد على ان امريكا قد دعمت العراق على الاطلاق ، بل على العكس قدم اكثر من دليل على ان ايران وليس العراق هي حليف امريكا واحدى اهم ادواتها في تدمير الوطن العربي عبر نشر الفتن الطائفية .

واخيرا نختتم هذه الدراسة بحكمة لا غنى عنها ابتدأنا بها الدراسة وهي تقول : الملائكة لا تزني ، وان زنت تشيطنت. فاذا كانت ايران دولة ملائكة فيجب ان لا تزني ، واحقر اشكال الزنى احتلال الاوطان وتهجير السكان ، كما يجري لشعب العراق الان ، وهو ما تقوم به امريكا وايران . ويجب ان نكرر القول الذي اطلقناه في دراسة اخرى وهو : والله ثم والله حتى لو كانت ايران دولة ملائكة ، وحتى لو حاربت امريكا واسرائيل الف مرة ، فان مشاركتها في احتلال العراق وتدميره وتهجير سكانه ومحاولات تقسيمه ، تجعلنا نقاتلها بلا مساومة او توقف كعدو خطير وكشيطان رجيم ، اشرس من امريكا واسرائيل دون ادنى شك ، حتى طردها من ارضنا هي وامريكا .

اب . أغسطس - ايلول . سبتمبر 2007
Salah_almukhtar@gawab.com

- التومان هي العملة الايرانية ، والبتروتومان هي العملة الايراني الأتية من موارد النفط الإيراني .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الجمعة / 21 / أيلول / 2007