بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

 هل إيران دولة استعمارية ؟

الملائكة لا تزني ، وان زنت تشيطنت

( 8 - 10 )

من اكمل استدارة حلقة الطائفية في المنطقة ؟
 

 

 

شبكة المنصور

صلاح المختار

 

ليس ممكنا تجاهل اهمية تزامن صعود كل من الطائفية السنية والطائفية الشيعية ، لانه مؤشر خطير يحدد الجهة التي وقفت وراء ذلك الصعود والهدف منه . في نهاية السبعينيات لوحظ بوضوح تام ان الطائفية السنية تصعد في افغانستان ، ممثلة بمن اطلق عليهم اسم ( المجاهدون الافغان ) ، وهي تقاتل الغزو السوفيتي لذلك البلد ، ولكن في نفس الوقت كانت الطائفية الشيعية تصعد في ايران وكأن هناك منسق عام بين الطرفين ! ولقد جاء اسقاط الشاه في عام 1979 وهزيمة السوفييت في افغانستان متزامنين تقريبا ، وكأن المطلوب كان اعلان انتصار التطرف الديني الطائفي على الاستبداد الدولي ، ممثلا بالاتحاد السوفيتي ، والاستبداد الاقليمي ممثلا بالشاه ! ان التزامن وايحاء التزامن كانا مهمين في تحديد مسار التطورات اللاحقة في المنطقة كلها ، لان الانتصار في الساحتين وعلى يد تيارات اسلاموية ، في حين ان التيارات الوطنية والقومية وصفت بانها لم تنجح في ذلك وغيره اعطى دفعا هائلا للاسلامويين وشكل انتكاسة للوطنيين والقوميين العرب .

وهذه الحقيقة استغلها خميني فورا باعلانه ان هدف اسقاط نظام صدام حسين ، والذي وصفه بالكافر والملحد ، هو الهدف القادم ! ماذا حدث ؟ كانت المنطقة تغلي حتى اسقاط الشاه ودحر السوفييت في افغانستان ، بالمشاعر الوطنية والقومية وكان الاسلامويون تيار ثانوي ، وكان التناقض الرئيس هو بين حركة التحرر العربية والاستعمار الغربي والصهيونية ، وعلى اساس هذا التناقض كان الاصطفاف السياسي كالاتي : في صف واحد كانت تقف القوى الوطنية ( اسلاموية وقومية ويسارية ...الخ ) في صف ، ومقابلها كانت تقف القوى الساداتية بمختلف اشكالها ، أي القوى التي تدعم الخط المساوم على القضية المركزية ، قضية فلسطين . نعم كانت هناك خلافات داخل معسكر الوطنيين ولكن كان الاتفاق على النضال ضد الصهيونية والنهج الساداتي والاستعمار هو الطاغي . لكن تبني نظام خميني لهدف اسقاط النظام الوطني التقدمي في العراق واصراره على تنفيذه بالقوة وترجمة ذلك بالاعلان الرسمي عن تبني الارهاب وسيلة مباشرة لاسقاط النظام اجبر الطرف المدافع على الرد لحماية كيانه الوطني من التخريب والارهاب الدموي الذي طال العشرات من العراقيين . لقد فشلت كافة الوساطات الاقليمية والدولية لخل الخلاف بالطرق السلمية نتيجة رفض خميني أي حل سلمي ، مع ان العراق قبل كل المقترحات التي قدمت ، وهذا امر مثبت في وثائق الامم المتحدة ، بمئات المذكرات والمخاطبات .

لقد برز عامل ضاغط بقوة على مجرى الصراع واجبر القوى الوطنية على خوض معركتين في نفس الوقت : معركة مع النهج الساداتي ( الصهيوني – الامريكي ) ، ومعركة مفروضة مع التيار الطائفي الشيعي الخميني . لقد كانت الحرب بين العراق وايران نتاج اصرار خميني على اسقاط النظام الوطني في العراق ، وهي حرب فتحت الباب امام تغيير حاد في تناقضات المنطقة ، وفي مرحلة متقدمة دفعت الحرب كل التناقضات الاخرى الى الخلف واصبح الصراع المحتدم هو الصراع العربي – الإيراني .

وفي نفس الفترة تحول من اطلقت عليهم تسمية ( الافغان العرب ) من افغانستان الى اقطارهم ليمارسوا حرب عصابات ضد النظم العربية ، مستخدمين تجربتهم العسكرية والعقائدية في افغانستان ، لتدمير تلك النظم بالقوة ، وكان هؤلاء يمثلون الطائفية السنية المتطرفة ، وكان اول عمل بارز لهم هو اغتيال السادات رمز الاعتراف باسرائيل ، في حركة محسوبة بدقة لسحب البساط من تحت اقدام الوطنيين العرب وتصدر المشهد السياسي العربي بدلهم . لكن الذي حدث هو ان المنطقة شهدت تحولا خطيرا في اولوياتها ، فبدلا من الاهتمام بالدفاع عن القضية الفلسطينية ، ولو بحدوده الادنى ، راينا صراعا دمويا رهيبا بين الاسلامويين العرب والحكومات العربية ، الامر الذي اكمل استدارة حلقة الطائفية الاسلاموية وطغيانها على المشهد العربي . لقد تراجع الصراع العربي الصهيوني وصعدت الصراعات العربية – العربية وحلت محله ، وكان المبادر في الحالتين هو الطائفية الخمينية والطائفية السنية . وهذا يعني تحديدا تغيير التناقض الرئيسي جذريا بعد ان حل تناقض ثانوي ، الصراعات العربية – العربية ، داخل كل قطر عربي ، والعربية الاسلامية ، الصراع بين بلدان اسلامية ، محل التناقض الرئيس وهو الصراع العربي – الصهيوني .

من خلال دراسة مجرى الاحداث ، منذ الثمانينيات وحتى القرن الحادي والعشرين ، نجد قاسما مشتركا خطيرا يربط بينها وهو ان التكفيريين سنة وشيعة هم المبادرون لاشعال الحرب الداخلية ، ونستطيع الان ان نحدد بدقة ذلك من خلال ما يجري في العراق ، فعلى جبهة الطائفية الشيعية نجد انها تتعاون مع الغزو الاستعماري للعراق ، ومعها الطائفية السنية ممثلة بالحزب الاسلامي ، وفي الطرف الاخر المقاوم للاحتلال نجد ان الطائفية السنية التكفيرية تكاد تغرق زورق المقاومة بثقبه وهو في منتصف النهر ! وفي كل الاحوال فان الهجوم على الوطنيين العرب وتكفيرهم ومحاولة اجتثاثهم هو الذي يقدح الصراعات غير المسوغة وليس التيار الوطني والقومي . ان خطر ما يهدد عملية تحرير العراق الان هو نزعة التكفيريين لشق الصفوف من خلال تكفير المجاهيدين القوميين العرب وتحليل دمهم ! هل كان صعود التكفيريين الطائفيين المتزامن سنة وشيعة صدفة ؟ كلا بالطبع ففي الاحداث التاريخية الكبرى والمستمرة عقودا طويلة لا مكان لفرضية الصدفة او العفوية ، بل هناك تفسير واحد يتحكم فيه المثل العربي البليغ القائل : ( ان الامور بخواتيمها ) . في خواتيم احداثنا المصيرية نرى الاسلامويون هم الطرف الذي يمزق الصفوف بعناد لا يكل ، وهو عناد يفسر الدافع الحقيقي .

بين ثقافة الجيتو اليهودي والجيتو الإيراني

قد يدهش غيرالعارف بطبيعة المزيج ، المندمج عضويا ، والراسخ في الذاكرة الايرانية ، تأريخيا ، من الثقافة والسايكولوجيا الايرانيتين تجاه الامة العربية ، حينما نقول باننا بازاء صهيونية جديدة داخل الاسلام السياسي تتمثل في ثقافة الجيتو الاسلاموي الصفوي الإيراني . فما هي مظاهر وتجليات هذا الجيتو ؟ كما الجيتو اليهودي فان الجيتو الصفوي يعتمد التقية سلاحا جبارة لاختراق صفوف اعداء الصفوية الايرانية . وهنا يطرح سؤال مهم وهو هل التقية فارسية ام يهودية ؟

التقية يهودية ؟ ام فارسية ؟

ان التشيع الصفوي اخذ واحدة من ابرز سمات الجيتو اليهودي وهي التقية ، ومن يعتقد بان هذا السلوك فارسي قديم مخطأ . ما هي التقية ؟ التقية منحدرة لغويا من يتقي ، أي يتجنب او يتخلص مما يعده خطرا او ضررا ، وهذا التجنب يتم عن طريق التظاهر بعكس الحقيقة ، فمثلا اذا كان الفرد مؤمنا بفكر معين فانه ينكره تجنبا للاضطهاد ، ويتظاهر غالبا بعكس ما يؤمن به سرا ، فيصبح لممارس التقية نوع ذكي وخطير من الازدواجية في الكلام والسلوك ، ويكاد يشبه احيانا حالة الجاسوس الذي يضطر عند اختراق العدو للتظاهر بانه من بين صفوفه .

وبعدما اصبحت المسيحية هي الاقوى تعرض اليهود للاضطهاد ، كاقلية دينية ، فاخذوا يبلورون نوعا خاصا جدا من الحياة والسلوك يتسمان بالعزلة والسرية والكتمان ، وكلما ازداد الاضطهاد تعمقت اسس اسوار قلعة الجيتو ، أي الانعزال عن الاخرين ، واخذت سايكولوجية خاصة تتبلور وتزيح السايكولوجية العامة التي كانت تجمع اليهودي بغيره . ولعل ابرز مظاهر التقية هي السرية والتي تصل احيانا الى حد الطقس المقدس ، كما حصل في اليهودية والتي شهدت ظهور انماط من التنظيمات السرية كالماسونية ، او النصوص السرية المقدسة ككتب اليهود المزدوجة او المتعددة المعاني ( الكابالا مثلا ) ويكون معناها الظاهر مختلفا كليا عن معناها الباطن ، والذي لا يعرفه ولا يستطيع تفسره الا كهنة خاصين جدا . ومن ابرز مظاهر التقية اليهودية المعروفة يهود الدونمة في تركيا ، والذين تركوا اليهودية رسميا وظاهريا وانخرطوا في الاسلام لكنهم حافظوا سرا على يهوديتهم ، ووضعوا هدف السيطرة على تركيا من داخلها وتحت غطاء الاسلام ومن هناك يتم تدمير الاسلام الحقيقي .

وأذكر اني التقيت بشخص من جماعة مسيحية تعمل في امريكا ، حينما كنت في الثمانينيات اعمل في البعثة العراقية في الامم المتحدة ، وشرح لي مسألة قد تبدو غريبة لكنها حقيقة ، وهي تقول بان هناك طوابير خامسة من اليهود اخترقت تقريبا كل الديانات ، ومنها الاسلام والمسيحية ، وتبرقعت بها من اجل تخريب الديانات الاخرى من داخلها . واعطوني كراسا صغيرا عنوانه ( الطابور اليهودي الخامس في الاسلام ) ، وهو جزء من سلسلة تكشف تغلغل اليهود في الديانات الاخرى ، وفيه تسليط للضوء على كيفية اختراق جماعات يهودية للاسلام ، من خلال الانخراط فيه والتظاهر بالايمان التام بما انزل بواسطته . ومن اغرب ماورد في الكراس معلومة تقول ان اكثر من اسرة حاكمة في الوطن العربي هي من اصول يهودية ولكنها متخفية باسم الاسلام وتعمل على تدمير الاسلام من داخله بطرق مختلفة ، وربما لا يخطر بعضها على بال ، منها تأسيس فرق وجماعات وطوائف ، تبدو اسلامية في الظاهر ، لكنها تخدم اعداء الاسلام في الواقع ، من خلال سلوكها ونظرياتها وفتواها المدمرة والمسيئة للاسلام او المفرقة لصفوفه . أذن التقية بالاصل يهودية المنشأ ولم تدخل بلاد فارس الا بعد انهيار الامبراطورية الفارسية على يد العراقيين في القادسية الاولى ، فكف دخلت التقية اليهودية الى بلاد فارس واصبحت جزء من ثقافة النخب الفارسية ( وليس الشعب الفارسي ) التوسعية ؟

في ضوء الايضاح السابق يبدو لنا ان التقية بالاصل هي تراث وممارسة يهودية ، نتجت عن ثقافة الجيتو ، لها اهداف متعددة ، منها تجنب ضغوطات الاخرين عليهم ، والمحافظة على معتقداتهم او نشرها سرا ، والعمل على اكتساب القوة تمهيدا لنزع ثياب التقية واعلان القناعة الحقيقية ، ومحاولتهم اختراق الاخرين وتخريب مجتمعاتهم من داخلها وباسم دينها او قيمها او تنظيماتها .

واذا تذكرنا ان الامة الفارسية أمة عظيمة وكانت صاحبة حضارة ولها احساس بـ ( السمو القومي ) ، فانها كانت لاتستطيع ممارسة التقية ، التي هي نهج وممارسة الاضعف في محيط الاقوى ، كما انها ممارسة تنطوي على قبول الذل كثيرا من اجل البقاء وتعزيز النفوذ انتظارا للحظة الكشف عن الهوية الحقيقية ، والثقافة الفارسية التي تقوم على الاعتزاز المتطرف بالذات تتناقض مع قبول التذلل . ولكن تحطيم الامبراطورية الفارسية على يد العرب الفاتحين ، وتحول الفرس من حالة الهيمنة الى حالة الخضوع واجبارهم بالقوة على دخول الاسلام ، وبروز دولة اسلامية بقيادة العرب هيمنت على الاقليم كله ، دفع نخب فارسية لصياغة سلوك تقوي ( من تقية ) تدريجيا كان له هدفان رئيسيان : الاول هو حماية انفسهم من التعرض للعقاب اذا تركوا الاسلام ، والثاني التغلغل داخل الدولة الاسلامية العربية وتدميرها من الداخل ، من اجل تنفيذ قسم النخب ، الذي تبنته يوم سقطت فارس ، بتدمير ملك العرب مهما طال الزمن وباي وسيلة واعادة بناء الامبراطورية الفارسية على انقاض الامة العربية ، وهو ما فعلته نخب البرامكة واولئك الذين عينوا معاونين للخلفاء والامراء والحكام من المسلمين الفرس .

حينما اراد العباسيون اسقاط الدولة الاموية العربية الاسلامية كان الفرس هم من بين اهم قادة الحركة العباسية المسلحة ضد الامويين ، فلقد استغلوا مطالبة العلويين ، وابناء عمومتهم العباسيين ، بالحكم لتحقيق هدفين حوّل تحقيقهما حياة العرب الى جحيم ، وهما هدف اسقاط الحكم العربي واستبداله بحكم غائم الهوية ، باسم الاسلام ، من اجل التمهيد لاعادة بناء الامبراطورية الفارسية ، وهدف شق الاسلام بخلق مذهب يكون انتشاره مقدمة لخلق دين جديد يقوم على انقاض الاسلام . فاستغلت النخب الفارسية وجود التظلم العلوي من حرمان الامام علي ( كرم الله وجهه ) من الخلافة بعد وفاة النبي ( ص) ، لتحقيق الهدفين المشار اليهما . لقد نجح الفرس ، من خلال انخراط نخب فارسية التام والذوبان الظاهري في الحياة العربية وتمكنهم من البروز في الحياة الثقافية والدينية ، في تحويل الخلاف السياسي على السلطة الى مذهب هو التشيع ، مع ان التشيع لغويا يعني التأييد والدعم ، ولم يكن ينطوي على أي معنى مذهبي ! وهكذا كان شق الاسلام الى مذهبين رئيسيين متصارعين ولا يلتقيان قد تحقق ، وهو من اهم اهداف النخب الفارسية ، واصبح ذلك ، خصوصا الان ، مصدر اكبر خطر على الهوية العربية وعلى نقاوة الاسلام . كما نجح الفرس في التعجيل بانهيار الدولة الاموية وقيام الحكم العباسي والذي كانوا فيه اهم قوى التأثير لدرجة ان عائلة الخليفة قد ناسبت بالزواج الفرس وصاروا اخوال ابناء الخليفة والخلفاء اللاحقون !

ومن ابرز نتائج ذلك ان النخب الفارسية في بغداد ، في ظل الحكم العباسي ، كانت تشتم العرب وتحط من شأنهم علنا ودون خوف نتيجة دعم اسرة الخليفة لهم ، وهو ما ضطر الانتلجنسيا العربية ، ممثلة بالجاحظ ، للرد على شتائم الفرس وتحقيرهم للعرب . وكان البرامكة هم الحلقة الاقرب للخليفة ، لدرجة انهم اخذوا ينافسونه على الشعبية ، فنبهه ذلك الى خطورة تغلغلهم فاقصاهم عن السلطة .

وفي ضوء ما تقدم نلاحظ ان التقية الفارسية قد عبرت عن نفسها بطرق مختلفة ولكن اهمها كان شق الاسلام بتحويل ماكان خلافا سياسيا على السلطة الى انشطار مذهبي مدمر ، وخلخلة الحكم العربي العباسي واضعافه بعد المساهمة في اسقاط الحكم العربي الاموي .

وحتى حينما تكون الدولة الفارسية ضعيفة فانها تلجأ الى نوع اخر من السلوك : القذف بالاف الفرس الفقراء الى العراق من اجل لقمة العيش لكنهم يصبحون قاعدة التأمر الفارسي بمرور الزمن . يضاف الى ذلك ان النخب الفارسية كانت وماتزال تستغل الزيارات الدينية الى العراق من اجل البقاء فيه واكتساب الجنسية العراقية ان امكن ، لزيادة مجسات ايران ومخالبها في العراق ، والتي لا تستخدم الا بعد ان تتقوى وتترسخ علاقاتها داخل العراق .

ولعل اخطر ما يترتب على الهجرة المنظمة الى العراق ودول الخليج العربي ، سواء كانت تحت غطاء كسب الرزق او الزيارات الدينية ، هو اعداد ايران لاعلان وجود اقلية فارسية في كل الاقطار العربية الخليجية ، في الوقت المناسب ، ومثال العراق معبر وواضح ، حيث تطالب هذه الاقليات بحقوق قومية كالتجنس الكامل ! لقد ولد الطابور الخامس داخل العراق ، كما ولد داخل اقطار الخليج العربي . واذا كان الطابور الإيراني الخامس داخل العراق والبحرين قد اوقظ واخذ يدافع عما يسميه حقوقه وعن صلته بايران ، فان الطابور الإيراني الخامس ، في بقية اقطار الوطن العربي كله ، ينتظر دورها في الايقاظ والتحرك ، في اطار خطوات تعاقبية مدروسة بدقة .

وهنا لابد من التنبيه الى حقيقة ثابتة وهي ان ولاء المهاجرين الايرانيين ، الى العراق والخليج العربي او الجاليات الايرانية او ذوي الاصول الايرانية ، ليس لنظام معين بل لمشروع قومي ثابت لا يتغير بتغير الحكام ، ويخدمه كل حاكم يأتي ، حتى لو كان الاخر الذي حكم قبله مناقضا له في اكثر الامور ، لان القاسم المشترك بين النخب الفارسية ، القومية والدينية والليبرالية واليسارية ، هو خدمة المشروع الامبراطوري الإيراني .

والمثال على ذلك هو انشاء حزب الدعوة في العراق ، والذي اسسته المخابرات الايرانية في الخمسينيات ، أي في زمن الشاه ، لخدمة اهداف ايران ، ولكن بعد اسقاط الشاه بقرار امريكي – بريطاني ، حوّل هذا الحزب ولاءه الى خميني . ان ما يدعيه البعض من ان هذا الحزب اسسه محمد باقر الصدر ليس سوى اكذوبة تدحضها الوقائع والشهادات الموثقة .

وكذلك فان موسى الصدر الإيراني الشاب الذي ذهب الى لبنان في زمن الشاه للتبشير للمذهب الصفوي في لبنان واسس حركة امل لم يكن ضد الشاه كما يشاع ، بمعنى انه يختلف معه حول كل شيء بل كان معارضا لبعض سياساته ، لكنه لا يحتلف مع الشاه حول التوسع الاستعماري الإيراني ، من هنا فان ايران لم تعترض على نشاطاته بل كانت في الواقع تمولها عبر المؤسسات الدينية ، وهي مؤسسات لم تنفصل عن الشاه بجسمها الاكبر الا عندما قررت امريكا اسقاط الشاه .

 

 

 

 

شبكة المنصور

الاربعاء / 19 / أيلول / 2007