تاريخ العصابات البرزانية والطالبانية وتأمراتهم على العراق

﴿ الجزء الخامس

 
 

شبكة المنصور

نبيل ابراهيم

اثناء قادسية  صدام المجيدة حاولت ايران استغلال العصابات البرزانية والطالبانية من جديد حيث كان مسعود البرزاني قد خلف والده بينما كان جلال الطالباني قد انشق عنهم و اسس حزبا لنفسه سمي الاتحاد الوطني وكان على خلاف مع مسعود وقد عمقت الحرب العراقية الايرانية هوة الخلاف بين الحزبين الكرديين فاتجه مسعود بقوة نحو ايران الى درجة اعلان تحالف بينهما عام 1983م بينما اتجه الطالباني الى التحالف مع الحكومة العراقية ففتح قنوات اتصال معها.

 

استغلت ايران ميليشيا مسعود فتمكنت من احتلال منطقة حاج عمران الجبلية الوعرة فيما ادت الخلافات بين الحزبين الكرديين الى اضعاف تاثيرهما على الحكومة المركزية في بغداد باستثناء عمليات القاطع الشمالي التي كان المتمردون التي كان البيشمركة يساعدون الجيش الايراني و نتيجة للعمليات الحربية طيلة ثماني سنوات تمكنت عصابات البيشمركة من احتلال مناطق كثيرة في شمال العراق خصوصا المتاخمة للحدود مع ايران و تركيا لكن بانتهاء الحرب قام الجيش العراقي بحملات عسكرية من اجل تطهير تلك المناطق التي سيطرت عليها عصابات البيشمركة.

 

لم تتمكن ايران المعممة من تنفيذ ما نفذه الشاه في الستينيات و اوائل السبعينيات, من استخدام العصابات البرزانية او الطالبانية بسبب ادراك القيادة العراقية لما يحدث واتخاذها الاجراءات التي من شانها السيطرة على مناطق شمال العراق   بما يحفظ الامن .

 

كانت الحرب العراقية الايرانية حربا نظامية تمتد على خط مواجهة لاكثر من الف كيلومتر و مع ذلك لم تنجح ايران في تحريك عصابات البيشمركة بنحو مؤثر سوى  نجاحها في استغلالهم في منطقة حاج عمران وجعل هذه المنطقة ولفترات طويلة جيبا عراقيا محتلا من قبل قواتها حيث نجحت عبر مساعدة قوات البيشمركة البرزانية و الطبيعة الجغرافية الوعرة لتلك المنطقة والصعوبات التي تواجه اية قوة عسكرية تحاول استعادة السيطرة عليها, وباستثناء ذلك فان العصابات البرزانية والطالبانية لم يكن لها تأثير يذكر في مسار الحرب العراقية الايرانية.

 

كما أن فشل الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني وبالرغم من تبني وجهة النظر الايرانية لم ينجح في اقناع طهران بتسليمه منطقة حاج عمران اذ اصرت طهران على السيطرة عليها بواسطة القوات التابعة لها, وكذلك تصاعد الخلاف البرزاني الطالباني ادى الى اضعاف تأثيرهما على الوضع داخل العراق وايضا سمح تفجير الصراع البرزاني الطالباني الى تغلغل القوى الاجنبية داخل الفصائل والميليشيات البرزانية والطالبانية.

 

لا بد هنا أن نذكر أن وقوف  الشعب الكردي الى جانب العراق والتفافه نحو قيادة العراق ومع جيش العراق في محاربة ايران, حيث  كان اغلب ابناء شعبنا الكردي يقاتل ضمن صفوف الجيش العراقي وقد قدم حاله حال باقي ابناء الشعب العراقي الكثير من الشهداء والجرحى والاسرى ,الا القلة القليلة من من ضحك على عقولهم الساذجة, من من ارتضى لنفسه خيانة الشعب  والوطن, وكان هذا سببا رئيسيا في فشل ايران من استخدام الاكراد كجسر لتحقيق مطامحها اثناء سنوات الحرب.

 

الصراعات البرزانية الطالبانية

 

بعد انتهاء قادسية صدام  وانتصار العراق واندحار الفرس وتجرع الخميني السم الزعاف , سعت ايران الى دفع العصابات البرزانية والطالبانية من جديد الى اثارة اعمال عنف ضد العراق وتطلب ذلك اعادة توحيد جهود فصائل البيشمركة , فعقد في مدينة كولن الالمانية عام 1990م مؤتمرا ضم الحزبين الكرديين لتوحيد الجهود والعودة للتمرد وكتابة فصل اخر من فصول التآمر على العراق وعلى وحدة شعبه من جديد,وبالفعل فبعد انتهاء العدوان الثلاثيني الغاشم على العراق في اذار 1991م شهدت مدن السليمانية و اربيل و دهوك و كركوك موجات عنف شديدة بين المخربين من البيشمركة لكلا الحزبين من جهة وبين السلطات الوطنية العراقية انتهت بطرد المخربين البيشمركة وتكبيدهم لخسائر فادحة بعد أن تمكنوا من حرق كافة المؤسـسات والدوائر الحكومية والمستشفيات و بعد أن قتلوا الكثير من المدنيين من ابناء الشعب العراقي و من جديد استخدم الغرب ورقة الاكراد مرة اخرى للضغط على الحكومة العراقية , اذ تقدمت هذه الدول بقيادة امريكا الى مجلس الامن بمشروع لاستصدار القرار 688 في 5 نبسان 1991م بتشكيل قوة بحجة توفير الحماية للاكراد وتكونت هذه القوة من وحدات امريكية و بريطانية و فرنسية و تحدد لها ثلاثة اشهر لتنفيذ مهمتها, وانسحبت بنهاية تموز 1991م تاركة مجموعة من المراقبين الدوليين ومع انسحابها اعلن انشاء منطقة امنية يحدها خط العرض 36 شمالا وويحظر على الطائرات العسكرية العراقية التحليق فوقها كما يمنع بقاء اي قوة عسكرية او قوات امن عراقية فيها .

 

 
وكانت الامم المتحدة و دول التحالف تساير هذا الخط ولا سيما امريكا التي رات في الحزبين الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة الطالباني ورقة رابحة يمكن من خلالها تحقيق سياستها في مواجهة العراق لذلك عملت منذ اللحظة الاولى في تجنيد هذين الحزبين في مصلحة النفوذ الامريكي في المنطقة.


لم يكن وضع عصابتي جلال و مسعود بدءا من عام 1991م هو الوضع المثالي وظهرت لعديد من المتغيرات التي اثرت فيهم و حيث لم يكونوا مهيئين على اي مستوى للاستفادة من الموقف الناجم عن انكسار العراق بسبب العدوان الثلاثيني والذي اتاح لهم بتحقيق انفراد بالسلطة في مناطق تواجدهم لذلك فان خطواتهم اتسمت بالعشوائية و محاولة حصد المكاسب العشائرية وعلى حساب الشعب الكردي المسكين المبتلي بهم, ونظرا لامتلاك هذين الحزبين الى ميليشيا ومقاتلين مسلحين فقد بدا التنافس بينهما منذ اللحظة الاولى وما لبث أن استحال الى صراع دائم دموي و مرير اعاد للذاكرة الصراعات القبلية الكردية على مر الزمان , فتطور من صراع مبادئ الى صراع مصالح شخصية و زاد من حدة الصراع أن توجهات الحزبين كانت مختلفة بل انتماءاتهما و تحالفاتهما مختلفة و تخضع باستمرار للتوجهات القبلية والعشائرية .

 

 
بعد رسم خطوط 36 و32 من قبل مجلس الامن اصبحت منطقة شمال العراق بعيدة عن السلطة المركزية وقام كل من الحزبين بانشاء ادارته الخاصة وفي ظل العداء التاريخي بين قادة الحزبين و هذا العداء الذي امتد الى اتباعهم ومازال ,تم تشكيل ادارة كردية حملت في داخلها بذور الخلاف ما بين الطرفين حيث تم اقتسام جميع المناصب مناصفة فكل وزير من حزب له نائب من الجانب الاخر و هكذا المناصب نزولا.


نظرا الى افتقاد بنية اساسية والافتقار الى الموارد المالية لادارة شؤونهم اعتمد الحزبين على المساعدات الخارجية ويلفت في هذا الاتجاه تصريح مسعود البرزاني في تموز 1993م أن جهود شهرين في محاولة جمع مساعدات مالية من امريكا و دول اوربية وحتى خليجية قد فشلت وصار امامهم خيارين اما الفرار والجوء الى ايران من جديد او الاستسلام للحكومة المركزية في بغداد.


ومع تفاهم القوى الاقليمية على عدم السماح بانشاء كيان كردي مستقل فلم تعترف اية دولة بوضعهم الجديد اذ لجأت دول الجوار الاقليمي الى شبه مقاطعة سياسية واقتصادية عدا المساعدات المحسوبة في مقابل اهداف محددة يحققونها لهم ومن ثم فأن حجم المساعدات يتقرر من مدى تحقيق الاهداف.


حيال كل هذا انقسم الاكراد وتعددت زعاماتهم و ظهرت حركات سياسية جديدة و تنظيمات كردية جديدة كالحركة الاسلامية الكردية وحالفت هذه مسعود ضد جلال وقد تبنت ايران هذه الحركة .


كانت التحالفات الكردية خلال الحقبة التي نتكلم عنها بالشكل الاتي...


ـالحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني و يعتمد اقليميا على ايران و دوليا على امريكا و ينفذ اهداف ايران في المنطقة.


ـ الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني وكان يعتمد في كل مرة على جهة معينة فتارة يعتمد على تركيا التي تستعمله لمحاربة حزب العمال الكردستاني وتارة على ايران وتارة على سوريا و هكذا .


ـ الحزب الاسلامي الكردستاني والذي اعتمد على ايران بل أن ايران هي من أنشأه يدعم مسعود البرزاني في معاركه ضد جلال الطالباني , ثم اتخذ موقف حيادي من الطرفين ادى الى فتور شديد من جانب ايران تجاهه, والتي كانت تسعى الى تحقيق اهدافها تحقيقا كاملا .


في الفترة من نهاية عام 1993م الى منتصف عام 1994م حدث انقلاب تام في توجهات الحزبين بسبب التدخل الايراني اذ اكتشفت ايران أن هناك تنسيقا بين الحزبين الديمقراطيين الايراني والعراقي هاجم على اثرها الحزب الديمقراطي الايراني اهدافا داخل ايران بنجاح واحتمى العديد من مقاتلي هذا الحزب داخل معسكرات تابعة لميليشيا مسعود في شمال العراق لذلك قصفت المدفعية الايرانية وسلاحها الجوي تلك المعسكرات ولم تكتف بذلك بل عمدت الى التحالف مع جلال الطالباني فأمدته بالسلاح والمال والمعدات ليهاجم هو بنفسه معاقل مسعود البرزاني اضافة الى وجود صراعات بين مسعود و جلال حول عائدات الجمارك من نقطة الحدود التركية العراقية بالاضافة الى الثأرات القديمة وفعلا اشتعل الصراع قي شمالي العراق بين ميليشيا الحزبين في نيسان 1974م وتكبد كلا منهما خسائر فادحة ولم يتوقف الا بتدخل قوات التحالف الدولي .


تغيرت التحالفات للاحزاب الكردية من جديد اذ نادى مسعود أن الحوار مع الحكومة المركزية ببغداد هو الحل الوحيد بتحقيق المطالب الكردية, فيما نادى جلال بان الطريق الوحيد لتحقيق مطالبهم هو التحالف مع ايران وباشراف امريكي اوروبي. فيما اتخذ تحالف الحزب الاسلامي الكردي الحياد .


في نهاية 1993م حدثت مناوشات و صدامات مسلحة بين ميليشيا جلال وبين الحركة الاسلامية .
في بداية ايار 1994م حدثت صدامات مسلحة بين حزبي جلال و مسعود واسفر عن مقتل حوالي 100 شخص .
في الثامن عشر من نفس الشهر استؤنفت المعارك بين ميليشيا الحزبين واستمرت عدة ايام.
في 13 حزيران 1994متجدد الاشتباك مرة اخرى خلال تشييع جنازة احد المسؤولين واسفر عن مقتل اكثر من خمسين اخرين.
في 16 تموز 1994م اجتمع الخصمان في فرنسا من اجل حل الخلافات واقامة تحالف فيما بينهم .
في 25 اب اعلن مسعود و جلال ايقاف المعارك بعدما اوقعت اكثر من 400 قتيل من الجانبين خلال شهر واحد فقط.


نشب الصراع مجددا وهذه المرة اكثر ضراوة واكثر شدة وكان ذلك عام 1996م وكانت ايران تقف وراء هذا الصراع حيث امدت ميليشيا جلال الطالباني بكل الوسائل والاموال وجاء هذا الصراع في الوقت الذي تزامن مع قرب الاتفاق على قرار الامم المتحدة النفط مقابل الغذاء و هو اتفاق ذو علاقة قوية بالمنطقة الكردية يخصص نسبة من عائدات النفط الى الاكراد مما يتطلب أن تضطلع هيئة كردية عليا للتصرف في هذه المخصصات وكلا الحزبين يريد أن يكون هو هذه الهيئة, ناهيك أن النفط المصدر سيمر عبر المنطقة الكردية و تتطلب تامينا في مرحلة اصلاحها مع ضمان عدم تعطيلها بعد ذلك ويرغب العراق في أن تكون الخطوط تحت سيطرته فيما ترغب ايران أن تكون الخطوط تحت سيطرتها من خلال ميليشيا جلال الطالباني للضغط على العراق .

 

 
ولهذا اشتعل الصراع مجددا وبدأ من اوائل عام 1996م بحشود ايرانية على طول الحدود الشمالية الغربية لايران اذ كانت تدفع من وقت لاخر قوات من الحرس الثوري الايراني واخرى من كتائب بدر التابعة للمجلس الاعلى للثورة الايرانية الى مهاجمة معاقل الحزب الديمقراطي الكردستاني الموجودة شمال العراق في مناطق سيطرة مسعود وقد توغلت هذه القوات الى مسافة تصل الى 50 كيلومترا داخل الاراضي العراقية منتهكة سيادة العراق , وكان مسعود يتولى اعلان هذه الاتهامات وكانت ايران تقابل ذلك بالصمت عدا تصريحات قليلة بانها تقصف مواقع الحزب الكردستاني الايراني الخارج عن القانون انتقاما من غاراتها على اهداف حيوية.


في الوقت ذاته تصاعدت اتهامات الحزب الكردستاني الايراني لميليشيا جلال بتقديمه العون والتسهيلات الى القوات الايرانية و توفير طرق المرور اليها.


في تموز 1996م بدات اشتباكات عنيفة بين عصابتي مسعود و جلال و دعمت ايران بالمدفعية عصابات جلال حتى أن مصادر صحفية ذكرت أن الفي جندي ايراني يعبرون الحدود باتجاه العراق كما اتهم مسعود ايران باستخدامها الطائرات المروحية لنقل ميليشيا ميليشيا جلال خلف خطوط مقاتليه وخلال شهر اب 1996م سارت المعارك في غير مصلحة مسعود مما ينذر بالقضاء عليه فاستنجد بالحكومة العراقية لمساعدته وقد تدخلت الحكومة العراقية نظرا للخطر الذي يتمثل بعبور قوات ايرانية الى الاراضي العراقية وبالتالي سيطرتها على مناطق كاملة من شمال العراق.


لذلك كان قرار العراق خطيرا و مفاجئا و قرر الدخول في هذا الصراع و كانت وجهة نظره تتحدد في أن شمال العراق جزء من الوطن العراقي ولا يوجد نص في قرارات مجلس الامن على تقسيم العراق او فصل شماله عن الجنوب فهذا الجزء خاضع للسيطرة العراقية وان الموقف خطير ولا يحتمل انصاف الحلول ولابد من تدخل حاسم لصيانة وحدة العراق وان التخطيط للعملية سيكون سريعا ومفاجئا لتدمير القوة المعادية ثم الانسحاب مع الاعلان المسبق عن عدم استمرار مكوث القوات العراقية في شمال العراق لكنها تنفذ مهمة محددة ثم تنسحب.


في 31 اب 1996م دخل الجيش العراقي مدينة اربيل التي كان استولى عليها جلال واعاد رفع العلم العراقي هناك واوقعت هزائم متكررة بميليشيا جلال خلال ايام القتال الثلاثة التي استمرت فيها المعارك مما سهل عودة مسعود و حزبه و ميليشياته الى اربيل .


لم تكن هذه الاحدات تمر امام اعين قوات التحالف بسهولة لذلك فقد رفعت قوات التحالف درجة استعدادها الى الحالة القصوى في اليوم عينه و وجهت انذارا الى القوات العراقية فيما اعلنت وزارة الخارجية العراقية أن القوات العراقية في مهمة محددة سوف تنسحب بعدها مباشرة وكان لابد لقوات التحالف أن تثبت ذاتها ففي 3 اب 1996م وجهت امريكا ضربة صاروخية بقوة 27 صاروخ من نوع توما هوك ضد مراكز الدفاع الجوي و منصات الصواريخ جنوب بغداد وفي اليوم التالي تكررت الضربة بقوة 17 صاروخ ضد المنشآت نفسها والى منشآت عسكرية اخرى وفي اليوم التالي اعلنت امريكا بصفتها قائد التحالف الدولي توسيع مجال الحظر الجوي ليمتد الى خط عرض 33بدلا من الخط السابق 32 وخلال الفترة نفسها اعلن مجلس الامن استمرار الحظر على العراق و وجهت امريكا طلبا الى رعاياها بمغادرته مما اوحى ببدء اتساع رقعة القتال لذلك فان الشهييد صدام حسين رحمه الله عقد اجتماعا طارئا بالقادة العسكريين من اجل تهدئة الموقف مع الاستعداد لاي تطورات لاحقة, هذا المناخ اتاح لمسعود السيطرة على المدن الرئيسية بشمال العراق والاجزاء التي فقدها في جولته السابقة من المعارك ضد جلال, ففي 9 ايلول 1996م سيطر على السليمانية مما ادى الى نزوح 75 الف كردي الى ايران وعقب ذلك ادى مسعود دور زعيم الاكراد واصدر عفوا عن جلال وعن كل الاكراد المناوئين له.


لم يتوقف الوضع عند هذا الحد على الرغم من التهدئة غير المعلنة اذ سرعان ما اشتعلت المعارك من جديد بين هذين الحزبين وهذه المرة لصالح جلال الذي تمكن من استعادة مناطق كثيرة من مسعود و بدعم من ايران .

 

وقتها خطب مسعود بين اتباعه وهو في غمرة انتصاراته على غريمه الطالباني قائلا... بانه اذا وضع يده بيد الطالباني مستقبلا فانه ليس من ظهر مصطفى البرزاني...اي بمعنى اصح انه اذا تحالف مع غريمه او حتى صافحه مستقبلا فانه ابن زنا او انه ليس ابن مصطفى الشرعي ... ولم تمض فترة طويلة حتى اجبرت مادلين اولبرايت وزيرة خارجية امريكا وقتها

على أن يكون البرزاني الصغير (مسعود) ابن زنا حيث تمت دعوة كل من جلال الطالباني ومسعود البرزاني الى واشنطن ووضع البرزاني يده بيد غريمه الطالباني وتحالفا مجددا لضرب العراق خصوصا بعد اصدار ما يسمى ـ قانون تحرير العراق ـ بزمن الرئيس الامريكي بيل كلينتون وحاجة امريكا الى الاذرع الخبيثة المتمثلة بالحزبين الكرديين وجهات واحزاب عراقية عميلة اخرى.
 

مع بدء استعادة التوازن بين القوتين الكرديتين بدات امريكا تلقي بثقلها لايقاف القتال بينهما وحضر بليترو مساعد وزير الخارجية الامريكية الى المنطقة واجتمع في تركيا مع قطبي النزاع اللذين اعلنا استعدادهما لوقف القتال , ووقع الطرفان اتفاقا لوقف القتال في 31 تشرين اول 1996م وتضمن الاتفاق على تشكيل حكومة كردية جديدة لتولي المسؤوليات في شمال العراق ولم يكن لهذا الاتفاق أن ينهي الصراع بين الحزبين اذ سرعان ما تجدد في اوائل كانون اول 1996م وفي مبادرة منها وتحسبا لتكرار الحكومة العراقية لهجومها الذي شنته نهاية اب 1996م فقد اعلنت امريكا في 4 كانون اول 1996م ترحيل المنشقين الاكراد وهم الاكراد الذين كانت تعدهم لتنفيذ مهام خاصة في  العراق وقد نقلوا اولا الى انقرة ثم الى احدى جزر المحيط الهادي لتاهيلهم قبل نقلهم الى امريكا.

 

موقف دول الجوار الاقليمي من اعمال التمرد في شمال العراق

 

لسوريا موقف خاص من اكراد العراق اذ توجد على اراضيها اقلية كردية , كما انها على خلاف مع قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي, فهي من جهة تتخوف من نشاط  الاحزاب الكردية و تعمل دون أن تصل اعمال التمرد والتخريب الى اراضيها ومن جهة اخرى كانت تستعمل الاحزاب الكردية في العراق كورقة ضغط ضد القيادة العراقية حيث أن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني تأسس في دمشق عام 1975م بدعم سوري , وهي كدولة حدودية يلجأ اليها بعض المتمردين من الحزبين والفارين للاحتماء باراضيها وقد ادى الموقف غير المسبوق في شمال العراق الى فراغ سياسي و اداري خطير في منطقة تعاني متاعبها حكومات الدول المجاورة ومنها سوريا بالطبع ولذلك وعقب انتهاء العدوان الثلاثيني الغاشم على العراق عام 1991م سارعت سوريا الى عقد الاجتماعات والمؤتمرات على مستوى وزراء الخارجية او مستوى الخبراء وكان مجمل ما تضمن من هذه الاجتماعات الدورية يتضمن الاتي ....

 

ـ تأكيد الالتزام بوحدة الاراضي العراقية.

ـ عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية.

ـ بحث الوضع في شمال العراق حؤولا دون الفوضى في هذه المنطقة والتي تمثل تهديدا للامن والاستقرار الاقليميين.

 

جدير بالذكر أن ما تسمى باحزاب المعارضة العراقية نفسها والتي احتلت المنطقة الخضراء في بغداد الان , بسبب الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي والتي كانت تتلقى المساعدات من ايران او من دول اجنبية كانت قد رفضت اي صيغة فيدرالية للاحزاب الكردية في العراق على اساس أن هذا سيكون نوعا من تقسيم العراق واكتفت بالاعلان بحق الاكراد في الحكم الذاتي.

 

اما الموقف التركي فكان واضحا و جليا منذ البداية ففي خلال الثمانينيات كان التعاون العراقي التركي متكاملا لاحتواء اعمال العصيان المسلح ولا يفوتني هنا أن اذكر انه بتاريخ 19تشرين اول 1981م صرح الرئيس التركي كنعان ايفريل لمجلة ديرشبيغل الالمانية قائلا بالنص..(انتفض الاكراد مرارا وثاروا في عهد الامبراطورية العثمانية وعهد اتاتورك و امامنا خطة جهنمية فعندما يدب الضعف في اوصال الجمهورية التركية يتمرد الاكراد فهم لن يتمكنوا من اخذ اي شئ منا ونعمل جاهدين لكي نجتث هذه المسألة من جذورها).

 

تخوف تركيا من انعكاس الموقف في شمال العراق سلبيا عليها كان هاجسه خوفها من زيادة نشاط حزب العمال الكردستاني واتخاذه قواعد له في شمال العراق مع امكانية تجنيده لعناصر جديدة او التحالف مع الاحزاب الكردية العراقية ولازالة هذا التخوف فان تركيا سمحت لنفسها في كثير من الاوقات ولا تزال بدفع قواتها المسلحة الى داخل الحدود العراقية لتدمير قواعد هذا الحزب.

 

بعد انتهاء العدوان الثلاثيني الغاشم على العراق عام 1991م تغير الموقف التركي نتيجة المتغيرات السياسية بتركيا نفسها فالالتزام التركي تجاه قوات التحالف بالحفاظ على الوضع الراهن آنذاك واستكمال حصار العراق من الشمال الذي حرم تركيا من عوائد نقل النفط العراقي عبر الانابيب التي تمر في اراضيها الى ميناء جيهان التركي على الرغم من المقررات التي لم تتلاءم مع العائد الحقيقي ولهذا رغبت تركيا في الظهور بمظهر اخر زكانت تهدف الى...

 

ـ مقاومة اي اتجاه لاستقلال اكراد العراق او اعلان دولة كردية منفصلة.

ـ ضمان عدم تأثيرهم في اكراد تركيا وفي الوقت نفسه الايحاء لهؤلاء انها ترعى اشقاءهم في  العراق

ـ ضمان عدم اثارة المشاكل الحدودية.

ـ اخيرا منع تدفق المهاجرين الاكراد من شمال العراق في حالة عدم وجود استقرار شمال العراق.

 

هكذا انبثقت فكرة عملية توفير الراحة لحماية اكراد العراق التي تبنتها الحكومة  التركية,  وبناءا على ذلك تحددت الستراتيجية التركية من عام 1991م تجاه اكراد العراقفي ثلاثة مبادئ وهي ...

 

ـ عدم السماح بدعم اكراد العراق لاي حركات قومية كردية في تركيا.

ـ عدم السماح بانشاء حزب العمال الكردستاني قواعد له في شمال العراق وتدمير اي قواعد ينجح في انشائها.

ـ ضمان عدم مقاومة اية اعمال عسكرية تركية داخل الاراضي العراقية لتدمير قواعد الحزب المذكور .

 

بالنسبة للحزبين الكرديين العراقيين فانهم قد استوعبوا السياسة التركية تجاههم بل ذهب جلال الطالباني ابعد من ذلك اذ فاجأ الجميع بالحديث عن امكانية دخول اكراد العراق في ترتيب فيدرالي مع تركيا الا ان اقتراحه لاقى الرفض من تركيا نفسها رغبة منها في عدم اضافة اعباء جديدة اليها خصوصا انه لو اضيف اكراد العراق الى اكراد تركيا فانهم سيمثلون 75 بالمائة من مجموع الاكراد في المنطقة وبذلك سيكون لهم مطالب حادة اضافة ان هذا سيعني اقتطاع جزء من العراق بما يعني تقسيمه وهو الامر الذي كانت ترفضه معظم القوى.

 

لم يقتصر الامر على ذلك بل طالب الطالباني ان تكون تركيا الضامن لهم لحصولهم على حكم ذاتي وفق معاييرهم وحقيقة الامر ان الطالباني كان يروم التقرب اكثر الى تركيا والتحالف معها في ضوء المتغيرات الجديدة فاستمرت المزايدات بين الغريمين مسعود و جلال لاستقطاب تركيا وبالغوا في اثارة موضوعات منها تفضيل تركيا لتوافر الديمقراطية فيها و احقية تركيا التاريخية في اقليم الموصل , مقابل ذلك كانت تركيا لتوافر الديمقراطية فيها و احقية تركيا التاريخية في اقليم الموصل مقابل ذلك كانت تركيا ماضية في سياستها الاحتوائية فانشأت منطقة امنة بعمق عشر كيلومترات يتواجد فيها 8 الاف جندي تركي حيث ذكرت ذلك الصحف التركية في 22 تشرين اول 1997م.

 

اما ايران فانها كانت وما تزال ترى نفسها قوة اقليمية ذات وزن و طرف رئيسي معني بالصراع في شمال العراق وكان لها دور  رئيسي يتفوق مع اطراف النزاع الاخرى وكان لها تحالفات عديدة مع عصابات العصيان المسلح في شمال العراق ضمنت لها تنفيذ سياساتها في المنطقة. اثناء حرب قادسية صدام المجيدة كانت ايران تستخدم العصابات المسلحة كورقة رابحة حيث استخدمت هذا الاسلوب بداية السبعينيات وعقب سقوط الشاه و قدوم نظام الملالي ثم توسع الى حد كبير اثناء الحرب حيث كانت الميليشيات البرزانية منحازة الى ايران خصوصا بعد عام 1983م حينما بدات طهران هجومها الواسع على منطقة حاج عمران وكان مسعود يتلقى مساعدات عسكرية ايرانية وتم لها السيطرة على منطقة حاج عمران. 

 

استغلت ايران سياسيا نزوح بعض اكراد العراق الى اراضيها خلال الصراعات العديدة في شمال العراق منذ عام 1991م وحتى الان لتظهر امام العالم الغربي انها تحمي هؤلاء اللاجئين و تقديم المساعدات الانسانية بل تتهم بتوجيه النيران ضد هؤلاء ولتاكيد هذا الدور فانها دعت مرارا المجتمع الدولي والمنظمات المهنية بشؤون اللاجئين الى مساعدتها على استيعابهم و يتحدد الموقف الايراني من الاكراد كما يلي...

 

ـ اثبات وجودها كقوة رئيسية في المنطقة يحسب حسابها لتحقيق اهدافها و فرض نفسها على ارض الواقع .

ـ ملاحقة حزب الديمقراطي الكردستاني الايراني واحباط عملياته العسكرية.

ـ ايجاد نوع من السيطرة على احزاب الكردية العراقية وبما يمنع تأثيرهم أن يمتد الى اكراد ايران.

ـ التنسيق مع  دول الجوار و بعض القوى المهيمنة لمنع نشوء دولة كردية في المنطقة ( كان رفسنجاني قد اعلن في 16 حزيران 1994م أن نشوء دولة كردية هو من قبيل المستحيلات).

ـ استخدام الحزبين الكرديين لتحقيق مطامعها في العراق.

 

الموقف الدولي والاوروبي من اعمال التمرد شمال العراق

 بالنسبة للموقف الاوربي فمنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية كان موقف العالم الغربي بالنسبة الى الاكراد والى حرب الخليج الثانية مبنيا على كونها مسائل داخلية لدول المنطقة تخضع لمستوى التعامل مع حقوق الانسان فيما تغير الموقف عقب الحرب الخليجية الثانية اذ امسكت دول التحالف بورقة الاكراد كعامل ضغط على الحكومة العراقية واجتمعت اراء القوى الغربية على ...

 

ـ رفض نشوء دولة كردية مستقلة على ارض شمال العراق لما يسببه ذلك من تاثيرات اقليمية حادة في اكراد الدول المجاورة .

ـ عدم السماح بتقسيم العراق لما يسببه من نشوء دويلات شيعية و سنية تعكس اثارها في صراعات اقليمية في اهم مناطق العالم الغنية بالنفط , اذ ستسعى ايران بل ستسيطر على جنوب العراق وضم الدولة الشيعية في جنوبي  العراق وسيثير ذلك حروبا عديدة في الشمال والجنوب تهدد المصالح الاوربية برمتها في المنطقة.

 

ـ الحرص على توفير قدر من الامن لتركيا احد اعضاء الحلف الاطلسي والمسيطرة على مضيقي البوسفور والدردنيل لمصلحة الغرب في اتجاه روسيا وان تصاعد مشكلة الاكراد سيؤثر في استقرار تركيا مما يؤثر في دورها ازاء مصلحة اوروبا.

 

ـ تحجيم الدور الايراني في المنطقة الذي يستغل  قضايا اكراد العراق في مصلحته في الوقت نفسه طمانة ايران بعدم التأييد لاقامة دولة كردية وهكذا يضمن الغرب ايجاد نوع من التوازن في المصالح المتبادلة بينهم.

 

الموقف الامريكي من اعمال التمرد شمال العراق

 يتلخص منذ البداية بتحقيق توازنات تضمن مصالحها الخاصة من خلال انحصار المشكلة الكردية في طاق ضيق دون السماح بانتشارها وتضمن بذلك استنزاف القوى الكردية الكردية  واستنزاف القوى الاقليمية المساندة للفصائل الكردية المتناحرة واشعار قادة الاحزاب الكردية بانهم محتاجون الى الدعم الامريكي وبهذا تتحقق السيطرة الكلية والفعلية عليهم وبالتالي استخدامهم بما يحقق مصالحها و توجيه الصراعات الكردية في اتجاهات محددة ترغب امريكا في التاثير عليها وتنفيذا لتحقيق هذه السياسةاتخذت امريكا العديد من المواقف نذكر منها...

 

ـ عندما بادرت الميليشيا الكردية عقب انتهاء حرب الخليج الثانية إلى احتلال المحافظات الشمالية ووصلوا الى كركوك اعتمادا على وعد بوش الأب لهم بدعمهم, لم تتدخل أمريكا حينها عندما بدا الجيش العراقي الوطني بتطهير هذه المدن من هذه الميليشيات واعادة السيطرة إلى المناطق التي عبثت بها العصابات الكردية وطردهم منها.

 

ـ في ايلول 1991م وبعد إعلان الحصار الاقتصادي الظالم على العراق لم تتدخل أمريكا لاستصدار قرار من مجلس الأمن بخروج المناطق الشمالية من تأثير العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي على العراق واقتصر دعمها لهم على المعونات  من الجهات المختلفة بما يحقق توفير مستوى اقتصادي لا يمكن الأكراد من امتداد نفوذهم.

 

ـ  امريكا تعتبر حزب العمال الكردستاني ارهابيا ويجب اقتلاعه

ـ حرصت امريكا على عدم حدوث صراع كردي كردي مسلح وارغمتهم على وقف هذا الصراع حتى تضمن السير في  سياستها وفق خطة التوازن.

 

ـ ذكر هنري كيسنجر في الفصل الثالث من مذكراته التي نشرها عام 1999م في كتاب تحت عنوان ( سنوات التجديد) عن العلاقة الأمريكية الصهيونية  الإيرانية البرزانية وإنها لعبت دورا مهما و حيويا في سبعينيات القرن الماضي.

 

الحقيقة أن ما ورد في تلك المذكرات يضع النقاط  على الحروف في سياسة بوش و خططه قبل غزوه للعراق عام 2003م ولحد الآن, فلقد استطاعت الموسد الصهيونية استغفال حزبي العميلين طالباني و بارزاني حينما قالوا لهم عن قيام فريق من الباحثين بتحليل 526 كر وموسوم ( وآي), وذلك في عام 2001م ... حيث اخذت الكروموسومات من ست مجموعات هم اكراد يهود في فلسطين المحتلة اكراد مسليمن في العراق فلسطينيين عرب يهود شرقيين في فلسطين المحتلة يهود غربيين في فلسطين المحتلة و بدو فلسطينيين و مسلمين عرب من صحراء النقب... وقد اظهر التحليل كما قالت الموساد أن كروموسومات اليهود الشرقيين و اكراد العراق يتطابق الى حد بعيد في البحث المزمع وهذه المعلوماتعلميا غير دقيقة خاصة اذا علمنا أن الاخوة الاكراد هم من العرق الاري الذي يعود الى نسل حام بن نوح وهو عرق اسيوي اوروبي , بينما اليهود هم ساميون كما هو حال العرب والذين يعودون الى سام بن نوح وهو عرق شرق اوسطي , واذا ارادوا القول أن هناك اشتراك وراثي بين اكراد العراق واليهود الشرقيين في فلسطين المحتلة فان ذلك يعود الى امتزاج الكروموسومات العراقية بدءا من الاشوريين والبابليين ووصولا الى العراقيين العرب والتي تمثل خلاصة الامتزاج الكروموسومي لمختلف الاجيال العراقية والتي امتزجت على مدى عشرات القرون مع الكروموسومات اليهودية بدءا من السبي الاشوري ثم السبي البابلي و بقاء اليهود في العراق دون العودة الى فلسطين بعد ذلك وعلى مدى عدة قروون, ولذلك فان الكروموسومات العراقية عموما هي الاقرب الى كروموسومات اليهود ولذلك فالكروموسومات الكردية العراقية كما هو الحال بالنسبة للكروموسومات العراقية والذين يشتركون وعلى مدى مئات السنين في الاباء.

 

من المؤسف انطلت هذه الخدعة الاستخباراتية الموسادية  الصهيونية على الكثيرين في شمال العراق, ولذلك فان الكيان الصهيوني حينما قرر اخذ اعداد من اطفال العراق بحجة العلاج الطبي كان الغرض منه لاستكمال دراستهم على الكروموسومات العراقية في الاجيال العراقية الحديثة مع الكروموسومات اليهودية الماخوذة من الاجيال الحديثة في فلسطين المحتلة لدراسة هذه الحقيقة العلمية.

 

ولهذا فعندما يتحدث كيسنجر عن المصالح الصهيوامريكية في العراق ومدىامكانية توظيف ابناء الشعب الكردي لهذه الاغراض الدنيئة فيقول ــ أن حماية الاكراد من القوة العسكرية العراقية كان يتطلب تدخلات وارتباطات امريكية كبيرةو معقدة في وقت كانت علاقة الشرق بالغرب تسوء وتضعف ــ ,و يلاحظ من سرد كيسنجر هنا في التحدث عن الوضع الاقليمي العربي والعالمي قبل 30 عاما انه يكاد يتطابق بشكل كامل مع الوضع الحالي في العراق فحرب فيتنام و مشاكل ادارة نكسون الداخلية والخارجية يقابلها حرب العراق ومشاكل الادارة الامريكية الحالية الداخلية والخارجية.

عند هذا التقاطع في المصالح الصهيوامريكية جاءت مطالب البرزاني الاب آنذاك بالدعم العسكري واللوجستي والسياسي من الامريكان والصهاينة والمطالب الحالية للبرزاني الابن ومعه الطالباني في الاستقلال بعد ضم مساحات واسعة لاحقا من محافظات الموصل وصلاح الدين وديالى و واسط و ميسان و كركوك والتاثير في الموقف العراقي كبلد عربي اي طمس عروبته وتعقيد الوضع العربي الاسرائيلي في لبنان و مع السلطة الفلسطينية في الوقت الحاضر ولهذا يمكن القول أن افق كيسنجر السياسي طغي على خطط بوش الابن .

 

موقف الكيان الصهيوني من اعمال  التمرد في شمال العراق

 

منذ الستينيات من القرن الماضي استخدم الصهاينة البرزاني وعصابته لاثارة مشاكل للعراق لاشغاله عن دوره في الصراع العربي الصهيوني خصوصا بعد قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي للعراق وكانوا دائما يحرضون البرزاني وعصابته على عدم القبول بالمفاوضات والاتفاقيات بينهم وبين الدولة العراقية كما ذكر الصهيوني اليعازر زافير في كتابه انا كردي أن العلاقة بين الكيان الصهيوني والعصابات البرزانية يجب الابقاء عليها وجعلها متينة زمتواصلة لابقاء الجيش العراقيبعيدا عن الكيان الصهيوني وهو الجيش الذي يتطلع اليه هذا الكيان أن يراه قد انتهى.

 

التدخل والخطر الصهيوني انكشف بصورة واضحة تماما مع بداية الاحتلال الامريكي الصهيوصفوي للعراق حيث تغلغل الموساد في داخل العراق مستغلا البيشمركة الكردية وحزبي البرزاني وطالباني وانشا العديد من المحطات المخابراتية في شمال العراق وبشر في اثارة القلاقل والاغتيال واشعال الفتن بين مكونات الشعب العراقي كما تمكن الموساد وبتنفيذ مباشر من البيشمركة  من قتل واغتيال اكثر من 350 استاذ جامعي والمئات من الاطباء المتخصصين والعشرات من العلماء العراقيين.

 

يذكر الصحفي الامريكي سيمور هيرش في مقالة في نيويوركر في حزيران 2004م أن احد ضباط الموساد قد اعترف له بان الكيان الصهيوني قد بدأ في الفترة القليلة بعد الاحتلال بتدريب وحدات كوماندوس كردية للقيام بعمليات شبيهة بتلك التي بها وحدات الكوماندوس  الصهيونية السرية (مستارافيم)  وان الهدف الاولي للمساعدات الصهيونية لحزبي البرزاني والطالباني هي تمكينهم ما عجزت عنه وحدات الكوماندوس الامريكية وكذلك جمع المعلومات للكيان الصهيوني واغتيال الشخصيات المعارضة للاحتلال.

 

ـ يتبع ـ

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

السبت / ٢٠ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٦ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م