تاريخ العصابات البرزانية والطالبانية وتأمراتهم على العراق

﴿ الجزء الرابع

 
 

شبكة المنصور

نبيل ابراهيم

دور الصهاينة في استخدام البرزاني وعصابته خدمة لمصالحهم

 

يتحدث شلومو نكديمون في كتابه الموساد في العراق و دول الجوار عن التعاون بين الكيان الصهيوني وتحديدا جهاز الموساد بين مصطفى البرزاني للفترة بين الاعوام 1963م والى عام 1975م وتغلغل الموساد داخل شمال العراق , ليس لنوازع انسانية ـ كما يدعي الصهاينة ـ بل لاستخدام البرزاني وعصابته جسرا للعبور نحو دول الجوار, ايران وتركيا و اضعافا للعراق الذي كان ينظر اليه الكيان الصهيوني دوما على انه الخطر المزعج , ويستند المؤلف في معلوماته الى مقابلات مع رجال الموساد الصهيوني الذين كلفوا بالاشراف المباشر على النشاطات المخابراتية الصهيونية في شمال العراق, ويستند ايضا على وثائق سرية و تقارير اعلامية  واراشيف خاصة و عامة و مذكرات و رسائل كتبها مستشارون صهاينة ابان تواجدهم في شمال العراق.

 

مما يذكره هذا المؤلف دور شخص كردي يدعى الامير بدير خان في عملية  التنسيق بين البرزاني وبين الصهاينة و يتحدث عن لقاءه بالمقدم يهودا بن ديفيد ـ نائب الملحق العسكري في سفارة الكيان الصهيوني في باريس و مسؤول الاتصالات مع الجهات الاستخبارية المحلية والاجنبية, وكان بدير خان يتنبأ بشرق أوسط ممزق و مفتت الى كيانات صغيرة تحظى فيه كل مجموعة او طائفة عرقية بحق تقرير المصير في اطار حدود معقولة تمكنها من تجذير استقلالها الحضاري.

 

يتحدث المؤلف عن كيف أن محاولة لبلورة دولة كردية مستقلة كانت تلقى معارضة فورية مستميتة من لدن تركيا وايران والعراق وسوريا كل على حدة و جميعها مجتمعة, ولم تات هذه المعارضة مصادفة (والكلام للمؤلف), فقد كانت تدرك هذه الدول أن اقامة كيان كردي مستقل سيلزمها بالتخلي عن مناطق واسعة من اراضيها خصوصا انها غنية بالكنوز الطبيعية وخاصة النفط, وهذا ما دفع الغرب الى معارضة الاستقلال الكردي ولم يبق من التعاطف مع الاكراد سوى قيام بعض اجهزة المخابرات الغربية بأنشاء علاقات و صلات مع جهات كردية كبديل محتمل قد يحتاجون اليه في مرحلة ما ...و يصف المؤلف الامير بدير خان بأنه عميل اسرائيلي ليس بالمفهوم الكلاسيكي للعملاء وانما كان يقوم بتكليف من الكيان الصهيوني باعمال سياسية حساسة على افتراض انه سينال مقابلها مساعدات صهيونية للنضال الكردي (حسب زعمه), وقد قام بدير خان بعدد من المهمات السياسية في عدد من العواصم العربية مثل دمشق  والقاهرة وبيروت بتكليف من الصهاينة وان هذه المهام لازالت طي الكتمان لسبب ما.

 

في اب 1965م نظم الموساد دورة تدريبية لمدة ثلاثة اشهر لمقاتلي عصابة البرزاني (البيشمركة) والتي كان جلال الطالباني احد القياديين فيها حينها, واعقبتها دورات مشابهة لمجموعات اخرى من عملاء البرزاني وقد اطلق على الدورة الاولى الاسم الرمزي (مارفاد) اي السجادة.

 

في اواخر صيف 1966م طلب اثنان من مساعدي ليفي اشكول رئيس وزراء الكيان الصهيوني من المتخصصين بالشؤون العربية بالقيام بعملية مسح في شمال العراق وبالتنسيق مع البرزاني لغرض تقديم دراسة ميدانية وقد تم اعداد الدراسة واعتمادها من قبل الموساد و ووضع البرنامج تحت رئاسة (حاييم ليفاكوف), حيث تم ارسال فريق طبي من اطباء و ممرضين صهاينة مع مستشفى عسكري ميداني الى شمال العراق وتم نقلهم بالطريق البري من ايران...!

 

يقول الييف سكرتير حزب العمل الصهيوني في بداية السبعينيات انه وصل الى حاج عمران في شمال العراق على رأس وفد صهيوني وقد نظمت الزيارة بواسطة احمد الجلبي وهو عميل صهيوامريكي وايراني طائفي صفوي  مزدوج وكان ذلك عام 1972م , انه كان بانتظارنا (كما يقول الييف) بعض مساعدي البرزانيوبعد قضاء ليلة هناك اخذونا على البغال الى المقر السري للبرزاني في الجبال...((اول و افضل من ساعدنا ساعة الشدة ـ ويقصد البغال!! ـ ))ثم قدم البرزاني خنجره الخاص هدية لي ( اي الى الييف) واعطاني خنجرا اخر وناقشنا خلال اللقاء المساعدات الصهيونية للعصابات البرزانية , وقد قال البرزاني لي (والكلام مازال لالييف), ـ ارجو ابلاغ رئيس الوزراء والوزراء الصهاينة اننا اخوة وسوف لن ننسى افضالكم ولن ننسى  للصهاينة ما قدموه لنا ــ .

 

عندما كشف الييف هذه المعلومات في 1978م كان البرزاني مريضا و مسلوب القوى يعيش ايامه الاخيرة (سجينا) لدى وكالة المخابرات المركزية الامريكية متنقلا ما بين الفندق والمستشفى في واشنطن.... ويضيف الييف أن عضو الكونغرس الامريكي ستيفن سولارز اليهودي قد ابلغه بانه يتمنى أن لا تكون نهاية البرزاني انتهاء للعلاقة بين  الاكراد وبين الصهاينة.

 

خلال شهر العسل الصهيوني البرزاني , قام البرزاني بعدة زيارات الى فلسطين المحتلة , زار خلالها المستوطنات الصهيونية وقادة صهاينة سياسيين بارزين من امثال مناحيم بيغن و موشيه دايان و ابا ايبان و شيمون بيريز و غيرهم, كما أن الموساد كان قد اسس نواة المخابرات البارزانية و دعمها والتي اطلق عليها ـ الباراستان ـ وكان المنسق في ذلك مردخاي هود في الكيان الصهيوني و الياهو كوهين في مقر البرزانيفي كردستان ,,وكانت تصل الى البرزاني شهريا دفعة مالية بمقدار خمسين الف دولار لاستخدامها في التهياة لاعداد مقاتلي البيشمركة والقيام بعمليات لاشغال الجيش العراقي .

يواصل الكاتب حديثه عن مصطفى البرزانيي واتصالاته بالكيان الصهيوني حيث أن البارزاني زارها سرا في نيسان 1968م بترتيب من بدير خان وتم استقباله هناك استقبالا رسميا فخما وانزل في بيت الضيافة الحكومي وقام رئيس الموساد اللواء مائير عاميت بتعريف البرزاني على يوفال نثمان رئيس ششعبة الاستخبارات الصهيونية.


مما يذكره عن البرزاني عندما كان في روسيا انه ولتدبير معيشته اشتغل البرزاني قصابا في احدى المدن الروسية وكانت معاملة القادة السوفيت له سيئة لغاية وفاة ستالين 1953م حيث تحسنت معاملته وخصص خروتشوف له شقة خاصة وارسله لاستكمال تعليمه وتثقيفه في معهد اعداد الكوادر التابع للحزب الشيوعي , وكان البرزاني ياتي بين فترة واخرى الى سوريا وقابل جمال عبد الناصر .


بعد ثورة 14 تموز 1958م كان البرزاني في براغ حين اصدر عبدالكريم قاسم عفوا خاصا عنه وعن عصابته, ووجه الدعوة له للعودة الى العراق واصدر قرارا بان العرب والاكراد شركاء في الوطن وعاد البرزاني واستقبل استقبال الابطال في العراق.


ادت عودة البرزاني الى العراق الى اشعال العديد من الاضواء الحمراء في الغرب, خاصة بعد ورود معلومات عن أن البرزاني مستمر في اجراء لقاءات مع دبلوماسيين سوفيت في سوريا من من يعملون في بغداد, ومما زاد الشكوك الغربية ,في انه يعمل بتكليف من الاتحاد السوفياتي ,و لهذا شرع الغرب في البحث عن زعيم كردي موالي لهم فاتجهت انظار امريكا ومعها الغرب أن بدير خان قادر على القيام بهذا الدور.


عرض جهاز السافاك الايراني على بدير خان أن يسكن في ايران ويعمل داخلها, وكان يرأس السافاك وقتها الجنرال تيمور بختيار وهو من اصل كردي وكانت مطالب بدير خان أن يتم تعيين موظفين اكراد رفيعي المستوى في المقاطعات الكردية واصدار جريدة كردية وفتح مدرسةكردية. فيي هذه الاثناء كان بدير خان قد تزوج من فتاة بولندية اصغر منه بكثير, من عائلة ثرية للغاية, بيد انها فقدت كل ثروتها في اعقاب تسلم الشيوعيين حكم بولندا, وهاجرت الى باريس و درست في السوربون وحين تزوجت من بدير خان تعلمت الكردية ونقلت لعريسها مزرعة واسعة على بعد 80كم من باريس وحين حاول الايرانيون اقناعه بالذهاب والعيش في ايران عرضوا عليه شراء الارض بمليون دولار اي بعشرة اضعاف ثمنها الحقيقي لكنه رفض ومع ذلك استمرت اتصالات بدير خان مع السافاك.


وخد بدسر خان شريكا له في افكاره واراءه وهو سامي الصلح رئيس وزراء لبنان الذي اطيح به في حزيران 1958م واخذ يفتش عن وسائل تعيده الى الحكم وكان يسعى الى تشكيل اتحاد فيدرالي يضم لبنان سوريا العراق ومن ثم تضم كردستان والحجاز واليمن وتركيا وايران ومن ثم ضم الكيان الصهيوني.كان بدير خان يسعى الى الغاء الجامعة العربية واستبدالها بالجامعة الشرق اوسطية التي تنمي التفاعل المشترك بين مختلف الاديان في المنطقة من اجل الاندماج بين دول الشرق الاوسط واندماج الاكراد في هذا الكيان الجديد.


في 25 تموز 1959م ارسل البرزاني رسالة الى عبدالكريم قاسم وصف نفسه في نهايتها ب ( الجندي المخلص لعبد الكريم قاسم) الذي يناضل بالتعاون معه من اجل انشاء جمهورية عربية كردية, وفي ايلول 1961م بدأ تمرد البرزاني حين التحق بمدينة بارزان كي يركز نشاطه وعمله المكثف لقيادة التمرد فيما عاد بدير خان لممارسة دوره التنسيقي مع الاستخبارات الصهيونية والامريكية لدعم البرزاني , فأزداد اهتمام الكيان الصهيوني بما يدور في شمال العراق وحمل بدير خان الى الصهاينة معلومات جديدة حول النقص الخطير الذي يعانيه افراد عصابة البرزاني طالبا مساعدة جدية في انشاء محطة بث جديدة وخصص الكيان الصهيوني لنشاطات بدير خان مبلغ عشرين الف دينار وقام بشراء اجهزة راديو للاتصال بين قيادة تمرد البرزاني مع مركز النشاطات الكردية في اوروبا الغربية وتحدث عن دور كل من رشيد عارف وابراهيم احمد السكرتير العام للحزب الديمقراطي في التنسيق مع جهات صهيونية في اوروبا لتقديم العون الى البرزاني.


في 17 كانون اول 1961م ارسل قاسم مبعوثا عنه هو ـ الضابط حسن عبود ـ مقترحا منح عفو عام عن افراد البرزاني, لكن البرزاني اكتشف جهاز اتصال مباشر داخل سيارة حسن عبود مخصصا للدلالة على مكان وجود البرزاني وبالتالي مهاجمنه.


يذكر بدير خان أنه مخول من البرزاني بطلب المساعدات من الصهاينة و وقد طلب تدريب 6 من قادة البرزاني في الكيان الصهيوني وبدت محاولات برزانية لكسب دعم امريكا و عارضا لهم أن الاكراد قادرون على تطويق اي تقدم سوفياتي في الشرق الاوسط خاصة وانهم قادمون من جبال القوقاز.


يتحدث المؤلف ايضا عن العلاقات والاتصالات بين المخابرات الايرانية والصهيونية منذ ايلول عام 1957م و دور الجنرال بختيار (ابن مطلقة شاه ايران ثريا) في التنسيق , حيث المح بختيار عن ارتياح ايران للضربة التي نالت الجيش المصري في حرب 1956م و كما ويتحدث عن ثورة رمضان في العراق ومجئ الحزب الى السلطة و بداية التعاون بين حكومة الثورة والاكراد, بل سبقت وقوع الثورة حين اتصل طاهر يحيى في شباط 1962م بابراهيم احمد السكرتير العام للحزب الديمقراطي الكردستاني عارضا التعاون مع رجال الثورة ضد السلطة القاسمية .


حمل بدير خان مبادرة من البرزاني في 1 نيسان الى الصهاينة واجتمع مع بن غوريون ومع غولدا مائير و رئيس الاركان تسفي زامير و رئيس الاستخبارات وينقل عن شاه ايران حول الوضع الكردي في العراق (نحن نرغب في استمرار لهيب التمرد الكردي في العراق شريطة أن لا يتحول هذا اللهيب الى حريق كبير), و من ناحية اخرى اعتبر الصهاينة القضية الكردية بمثابة فرصة لا تثمن بالذهب لاضعاف مخالب الجيش العراقي يذكرها بالايام الخوالي البعيدة ولاعتبارت اخرى.


عملية اثينا بدأت في باريس... يتحدث الكاتب عن لقاء تم بين موظف صهيوني رفيع واخر ايراني يوم 30 حزيران 1963م في باريس حيث قال الايراني أن الاكراد يطلبون مساعدتنا, ومصلحتنا تقتضي تقديمها لهم بيد اننا لا نعتزم عمل ذلك دون موافقتكم , وسميت ـ عملية اثينا ـ وتعني اتفاقية دعم البرزاني بالمال ومحطة للارسال , وان المواد المرسلة من الكيان الصهيوني الى البرزاني تمر عبر ايران بواسطة السافاك ... وبنفس الموضوع يذكر الباحث ادموند غريب في كتابه ( القضية الكردية في العراق ) ذكر بان السافاك والموساد شكلا جهاز مخابرات كردي متطور لجمع المعلومات عن الحكومة العراقيةو اوضاع العراق وتنقل مباشرة الى الموساد والسافاك وكانت الدعاية البرزانية تعتمد المبالغة والتهويل فمثلا حين تقتل حظيرة من الجنود العراقيين كانت تعلن عن مقتل مائتي جندي عراقي.


في تشرين الثاني 1963م وصل ابراهيم احمد وصهره الطالباني الى سفارة الكيان الصهيوني في باريس و طلب الاجتماع مع ممثلي الموساد وقالا بالحرف الواحد ( نحن جائعون ) وطلبا ذخائر حربية واموال و مساعدات .. وكان الايرانيون قد بداوا الغضب من تصرفات البرزاني لانهم يباشرون مفاوضات سرية مع العراقيين لوقف النار .

وقد طرأ تغير جديد على المصالح الايرانية في منتصف كانون الثاني 1964م وطلبت ايران من ممثل الموساد أن يستانف عمليات ارسال السلاح الى البرزاني ,واستجاب لهم لكن الايرانيين لم يوصلوا الاسلحة بدعوى أن البرزانيين توصلوا في شباط 1964م الى اتفاق هدنة مع الحكومة العراقية فعاد التوتر في العلاقة بين الشاه والبرزاني. وفي تلك السنة بدات القطيعة بين الطالباني والبرزاني والتزمت ايران جانب ابراهيم احمد والطالباني ضد البرزاني وقامت بتسليحهم.


في عام 1965م بدأ البرزاني يتوجه نحو امريكا بطلب المساعدة بعد أن صرح بان اي امة او دولة لا تستطيع التواجد او العيش الا اذا حظيت بتأييد احدى الكتلتين الكبيرتين , وبعد الموقف السوفياتي السلبي , طلب البرزاني من الصهاينة أن يساعدوه في طال المساعدة من امريكا, وحاولت السفارة العراقية في واشنطن أن تفشل جولة المبعوث الصهيوني ومارست ضغوطا على الخارجية الامريكية وحققت بعض النجاح حيث رفضت جميع الجهات الرفيعة ـ عدا بعض اعضاء مجلس الشيوخ ـ من استقبال فانلي مبعوث الكيان الصهيوني والتحاور معه, وكان رأي الخارجية الامريكية (أن الوضع في العراق معقد بما فيه الكفاية وان الولايات المتحدة لا تريد أن توجه لها اصابع الاتهام بمعاونة العصاة البرزانيين).


حاول المبعوث الصهيوني لاحقا أن يقنع اعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب بالحملة التي تشنها الحكومة العراقية آنذاك ضد الاكراد وبمساعدة تسليحية من الاتحاد السوفياتي والجمهورية العربية المتحدة وادعى أن الحمهورية العربية المتحدة بعثت طائرات واسلحة و جنود وان هناك 12 طائرة تابعة لسلاح الجو المصري في مطار الموصل اضافة الى 24 طائرة مصرية اخرى في مطار كركوك وكلها متهيئة لقتال الاكراد, فيما قام الكيان الصهيوني بتزويد البرزاني بالسلاح من بنادق بازوكا والغام ومتفجرات زنتها تسعة اطنان و هبطت ال طائرة التي تحملها في طهران ونقلتت الى شمال العراق بواسطة السافاك.


وقع اختيار الكيان الصهيوني على ديفيد قمحي لاجراء اول اتصال مباشر مع البرزاني ..و قمحي هو من كبار ضباط الموساد في بريطانيا ودخل قمحي من ايران الى شمال العراق والتقى البرزاني واوضح له أن الكيان الصهيوني مستعد لتدريب افراد عصابة البرزاني على حرب العصابات واعمال التخريب واكد له أن مجموعة قليلة من افراد البيشمركة يمكن أن تنفذ عمليات مؤثرة وفعالة داخل العراق. فيما قال البرزاني انا معني بالتحالف مع الصهاينة , لقد بئست من العرب ولست مهتما فيما اذا تم اعلان علاقتي معكم و وعد البرزاني برد الجميل الى الكيان الصهيوني حال نيله استقلاله, وكتب رسالة بنفسه الى ليفي اشكول رئيس الحكومة الصهيونية يهنئه بذكرى انشاء الكيان الصهيوني وبقى قمحي فترة من الزمن في شمال العراق وارتدى الملابس الكردية وخالط البيشمركة و حين عودته الى فلسطين المحتلة كان تقرير قمحي مشجعا و زاد الرغبة لدى الكيان الصهيوني بدعم البرزاني و تم اختيار الضابط ( ب) ـ لازال اسمه غير مصرح بنشره ـ على راس وفد للتنسيق بين الموساد والبرزاني و وصل الى شمال العراق عن طريق السافاك الايراني وقد حرص الصهاينة على الظهور بمظهر الاكراد .


شجع الصهاينة البرزاني على فكرة تدمير آبار النفط العراقية في الشمال وتم الحاق ثلاثة من البيشمركة بدورة فنية في فلسطين المحتلة للتدريب على عمليات تفكيك حقول الالغام و حصل البرزانيين من الصهاينة على راجمات ذات قطر 120 ملم يصل مداها ستة كيلومترات, وقد اكتشف الجيش العراقي خلال عمليات التطهير نهاية 1965م أن البرزاني استلم راجمات من الصهاينة و ذكرت ذلك صحيفة بغداد نيوز يوم 1 تشرين الثاني 1965م.


كما أن عددا من الاكراد البرزانيين المختلفين مع مصطفى البرزاني فضحوا وجود الصهاينة في شمال العراق حيث صرح كل من عقراوي وعبيدالله البرزاني الى محمد حسنين هيكل أن الصهاينة يرافقون مصطفى البرزاني ويتصلون مباشرة باللاسلكي مع الكيان الصهيوني ويقومون باعمال تجسس في العراق.


في تشرين الثاني 1965م تم تنظيم دورة خاصة في طهران لمقاتلين من البيشمركة واتضح بان الايرانيين يرغبون بان تكون هناك حروب مستمرة بين العرب و الصهاينة بحيث تشغل الجيوش العربية ـ بما فيها الجيش العراقي ـ ولا تدع مجالا للالتفات اليها. وكان يشرف على التدريب ضابط صهيوني اسمه (تسوري) والذي لم يبخل باعطاء ارشاداته ونصائحه للجيش الايراني مواجهة القطعات الحربية العراقية في شط العرب , وفي اذار 1966م عاد المتدربون البيشمركة من فلسطين المحتلة الى شمال العراق وتوجهوا الى ساحات القتال لمقاتلة الجيش العراقي.


توجه اربعة صهاينة في اذار 1966م نحو شمال العراق عن طريق ايران بمساعدة السافاك وفي العام نفسه تسلل الطالباني الخصم اللدود للبارزاني مع 300 من مؤيديه الى شمال العراق و كان البرزاني يعتقد أن دخول الطالباني هو مؤامرة ايرانية تسعى للسيطرة على التمرد الكردي وعلى ادارته حسب رغبات الشاه.


في 8 شباط 1966م بدأ هجوم الربيع العراقي من محور راوندوز ـ حاج عمران , مثلما توقع تسوري مسبقا, حيث كان قد خرج مع مجموعته في جولة استطلاعية في هذا المحور و راقبوا مواقع العراقيين وكان معهم كل من مصطفى البارزاني وولديه ادريس و مسعود.


اقترح تسوري ومرافقيه على البرزاني أن يقوموا باعداد عبوات جانبية ضخمة تتمثل في براميل كبيرة مائى بالحجارةوالمتفجرات, ويؤدي انفجارها الى سد طرق الوصول الى المواقع وقد قبل البرزاني الاقتراح بسرعة وكلف احد رجاله وهو طهار احد الذين خاضوا الدورة التدريبية التي عقدها تسوري مسؤولا عن هذه البراميل كما كلف المدعو يوسف جميل بالاشراف على عملية تصنيع قنابل يدوية محلية, بعد أن علم أن احتياطي القنابل اليدوية قد استنفذ بالكامل, ولخوف تسوري من الوقوع في الاسر بيد القوات العراقية هو و مرافقيه فقد اعدوا خطة للخروج عن طريق ايران.


اثارت اعمال البرزاني و عصابته اهتمام المسؤولين الصهاينة الثلاثة الذين يشرفون على عمليات المساعدات المقدمة للبرزاني و كل من رئيس حكومة الكيان الصهيوني و وزير دفاعه ليفي اشكول ورئيس الاركان عزرا وايزمان ورئيس الموساد عاميت وبدا أن هناك سببا رئيسيا يدعوهم لزيادة حجم المساعدات الى البرزاني لمواجهة العراقيين.


في 24 ايار 1966م طار وايزمانالى طهران للاجتماع بالشاه في طائرة نقل عسكرية كانت تحمل على متنها 5 اطنان من التجهيزات للاكراد تم ايصالها يوم 10 حزيران 1966م من قبل السافاك الايراني.


يقول زئيفي انه عند اجتياز الحدود من ايران الى العراق وصل ليلا بسيارة جيب كانت هدية من الكيان الصهيوني الى البرزاني , تفاجأ بمشاهدة مصطفى البرزاني متواجدا في نقطة الحدود تبين انه قطع مسافة 3 ساعات مشيا هو و ابناءه و كبار حاشيته من اجل استقبال المبعوث الصهيوني , وقد اثنى مصطفى البرزاني على الكيان الصهيوني و دورها في استتمرارية اعمال العصيان المسلح والمساعدات المتواصلة التي تقدمها من تسليح و تدريب و دعم مادي و معنوي و استشاري, لان عدونا مشترك و كوننا شعب مضطهد وقد قام زئيفي الموفد الاسرائيلي بخلع رتبته واهدائها الى البرزاني وقد تقبلها الاخير بسرور و تأثر. يقول زئيفي ـ لقد بدات اشعر بالضيق الشديد من الايمان الزائد الذي يكنه البرزاني لنا ومن اعتقاده اننا قادرون على فعل كل شئ دون أن يعرف طبيعة المصالح التي يريدها الكيان الصهيوني منه ـ .


عاد (م) مع مائير عاميت الى فلسطين المحتلة بانتهاء مهمته وكان تسوري على وشك المغادرة لاستكمال دراسته في كلية القيادة والاركان الامريكية وتم تحديد شخصين اخرين لشغل مناصبهما في شمال العراق, هما حاييم ليفكوف و اليشاع رروني, اضافة الى المقدم ارييه يجوف وطولب هؤلاء بالاستعداد للسفر في حزيران 1966م و قيل لهم أن الامور تتجه اتجاها خطيرا وان تقارير تسوري تفيد بان البرزاني على استعداد لاعلان دولة كردية في شمال العراق تحت رعاية الكيان الصهيوني.


وصل هؤلاء الى حاج عمران في شمال العراق عن طريق طهران وطلبا من تسوري تفسيرا لمسألة اعلان هذه الدولة وقال البرزاني لهم أن سيارات جيب تحمل ضباطا عراقيين قدمت الى المنطقة وهي تحمل اعلاما بيضاء وطلبت التحدث معهم وقال اقدمهم انهم مخولون بالتفاوض مع البرزاني بصورة تؤدي الى الحفاظ على الحقوق الكردية وفقا لما يطالب به البرزاني .

لا أن البرزاني تردد وسأل المسؤول الصهيوني عن رأيه في اعلان استقلال كردستان فرد عليه ( لا استطيع أن اعطيك الرد سوف ارجع الى المسؤولين واسألهم), وحين عاد تسوري اجنمع به رئيس الاركان الصهيوني اسحاق رابين و شجعه على الاستمرار بتقديم العون للبرزاني وزمرته.

 

في حزيران 1966م بدات مفاوضات مع حكومة عبدالرحمن البزاز في بغداد وارسل البرزاني مندوبا عنه هو محمد حبيب كريم وكان تلميذا سابقا لدى عبدالرحمن البزاز في كلية الحقوق, وقد اثارت المفاوضات العراقية مع البرزاني ثائرة الايرانيين وحينها قال ممثل السافاك انه لا حاجة بعد لبقاء الصهاينة الثلاثة في شمال العراق الا أن البرزاني قال لن اسمح بمغادرة الصهاينة فانتم السلاح الحقيقي الموجود في حوزتي واضاف له أن حلم الايرانيين يتمثل في استمرار اقتتال العراقيين و الاكراد بحيث يقتل كلاهما الاخر.

 

في اب 1966م بعد تسنيم عبدالرحمن عارف رئيسا لجمهورية العراق بعد مقتل شقيقه عبدالسلام عارف في حادث تحطم طائرته فوق البصرة,تحسنت العلاقات مع ايران وبدات اتصالات وكشف رئيس السافاك ذلك للبرزاني واحتمالات قطع الامدادات عنهم, وجاء في رسالة بعثها الكيان الصهيوني ـ أن ايران تعتبر البرزاني مجرد وسيلة سياسية وبمجرد توقف هذه الوسيلة عن العمل يجب التخلص منها,كما شعر المستشارون الصهاينة أن العراق يعلم بوجودهم, لذلك وضع البرزاني حرسا خاصا من البيشمركة لحراستهم, كما أن الموساد كان يعلم أن مسؤولا برزانيا رفيع المستوى سرب لجهة اجنبية نبأ قال فيه أن هناك ثلاثة ضباط صهاينة موجودين في شمال العراق وان الكيان الصهيوني يرسل الى البرزاني مساعدات عن طريق ايران, كما أن الكيان الصهيوني فام بتدريب البيشمركة لديها ويكشف زيد حيدر رئيس شعبة العلاقات الخارجية في حزب البعث العربي الاشتراكي النقاب عام 1976م أن المخابرات العراقية تلقت تقريرا حول قدوم ثلاثة ضباط صهاينة الى شمال العراق وتم نقل اسلحة سوفيتية وصهيونية الى الاكراد من الكيان الصهيوني.

وفي 16 اب 1966م فر طيار عراقي مسيحي اسمه منير روفا بطائرته الحربية ـ ميغ 21 ـ الى الكيان الصهيوني , وتوقع الصهاينة  أن تقوم وحدات كوماندوز لاخذهم كرهائن حتى اعادة الطائرة والطيار لذلك وردت برقية من تل ابيب تطالب باقصى درجات الحيطة والحذر .

 

قام الكيان الصهيوني بانشاء مستشفى ميداني بمنطقة حاج عمران يضم 40 سريرا ويستقبل المرضى والجرحى وفي 29 ايلول بدا عقد دورات للمضمدين وفق نفس سياقات الجيش الصهيوني , يقول اشماريه جوتمان من الموساد ومسؤول هجرة اليهود العراقيين ...لقد جلبت لنا مساعدتنا للبرزاني الكثير من الجدوى, فقد كنا نساعدهم في حربهم ضد العراق كي نمنع من شن حرب علينا او المشاركة في مثل هذه الحرب...

 

وفي شباط 1967م عاد جوتمان الى فلسطين المحتلة وتم ارسال وفد صهيوني جديد الى شمال العراق برئاسة بن تسبون وحال وصوله شمال العراق وضع خطة للفرار عند الضرورة مثلما نصت اوامر الموساد  فيما يقول ميتييف انه في شمال العراق عرف انه لا جدوى من ادارته و في اي اتجاه لانه سيعود الى سيرته الاولى, فقد وجد في البرزانيين قدرة خاصة على التفكير باسلوبهم كما وجد في ادريس و مسعود ابني البرزاني اهتماما خاصا بدراسةتاريخ وايديولوجية الحركة الصهيونية ورغبة بمعرفة تطورها وكانا يدركان جيدا أن الايرانيين سوف يتخلون عنهم ويرمونهم وان تاييدهم لهم هو تاييد مؤقت ينتهي بأنتهاء الحاجة لهم.

 

في 2 حزيران 1976م قدم الى مقر البرزاني نائب رئيس الاركان العراقي وعدد من كبار ضباطه وطلب منه أن يتعاون مع العراق ضد الكيان الصهيوني الذي يخطط لشن عدوان على الدول العربية وقال البرزاني لمراسل جريدة لوموند الفرنسية انه قال للعراقيين ـ انتم تطلبون مني أن اعلن تضامني مع العرب ولكن الطريقة الوحيدة للحيلولة دون نشوب الحرب هي مطالبةعبدالناصر بسحب قواته عن الحدود وان يفتح خليج عقبة من جديد في وجه الملاحة الصهيونية والا فان الهزيمة سوف تلحق جميع الجيوش العربية وقلت لهم(والكلام للبرزاني) انتم منذ 6 سنوات تشنون حربا ضدنا فكيف تطلبون منا أن نعاونكم؟ ـ ورفض البرزاني حتى مجرد فكرة ارسال قوة رمزية كردية الى بغداد للمشاركة مع الجيش العراقي في الحرب ضد الكيان الصهيوني. ويقول المؤلف أن البرزاني كان يرى في الحرب بشرى وايضا انتقام وكان يحث المندوب الصهيوني على تدمير اسلحة العراق.

 

البرزاني يذبح كبش لمناسبة هزيمة العرب في حرب 1967م.....وفي 5 حزيران 1967م قال لبكوب للبرزاني ( أن اكبر سلاح جو عربي باق هو سلاح الجو اللبناني!!..وان الكيان الصهيوني دمر جميع اسلحة الجو العربية وقام لبكوب برسم خارطة لتوضيح سير المعارك , وقد احتفل البرزاني بهذا الانتصار على طريقته الخاصة اذ احضر خدمه كبشا ضخما علق عليه في رقبته شريطا ازرق و ابيض ـ دلالة على العلم الصهيوني ـ وكتب عليها ( هنئوا معي الصهاينة لاحتلالها جبل البيت) , الليلة سيذبح خروفا قربانا لاحتلالكم القدس...واستمر البرزاني في مساعبه و طموحاته في أن يقوم الصهاينة باقناع الولايات المتحدة الامريكيةفي مساعدة البرزانيين في اعمال العصيان المسلح.

 

في نيسان 1968م قام البرزاني بزيارة الكيان الصهيوني حيث هبطت طائرة اقلته من ايران في مطار اللد وكان بصحبته الدكتور احمد والمفتي وخمسة حراس شخصيين مسلحين واجتمع مع رئيس الكيان الصهيوني زيلمان شوفال وحضر هذا الاجتماع ولبكوب وقد رفض البرزاني كل التوسلات بان يتخلى عن مسدسه الشخصي المحشو بالعتاد وقال ولبكوب لتبرير الموقف ( هل شاهدتم كلبا يتخلى عن ذيله؟), وقد نصح الرئيس الصهيوني البرزاني أن يتخلى عن فكرة الحكم الذاتي وان يعمل من اجل اقامة دولة كردية مستقلة وقد قابل ايضا وزير الدفاع موشيه دايان , كان من المفروض أن تبقى الزيارة سرا لكن امر الزيارة سرب وانتشر خاصة بعد مقابلة جرت بين البرزاني و محرري الصحف الصهيونية.

 

في عام 1968م زار شمال العراق اهارون ديفيدي قائد صهيوني ستراتيجي و زار راوندوز و راقب خلالها اللواء العراقي المتمركز هناك وكان الصهاينة يخططون لعملية ضخمة تدعى عملية اناناس ترمي لتوجيه ضربة قاصمة للجيش العراقي في شمال العراق وكان موشيه دايان وزير الدفاع الصهيوني هو الذي اتخذ القرار في 10 ايار 1968م على أن تكون القوة المهاجمة المنفذة من البيشمركة البرزانية و غير أن دراسة الموضوع معمقا من قبل خبراء عسكريين صهاينة اظهرت استحالة تنفيذه لانه يحتاج الى اساليب قتال و هجوم و اسلحة و ذخائر لايتمكن منها البيشمركة , وكان من المؤمل أن يشرف عليها رئيس الموساد.

 

مما قاله شلومو نكديمون في مذكراته أن البرزاني ارسل مبعوثا الى بغداد لكي يعرب عن مشاعر الود وطلب من الدكتور احمد عبدالستار أن يحمل معه هدية (مصحف اثري قديم) الى الشهيد صدام حسين رحمه الله وكان وقتها نائبا لرئيس الجمهورية, وحين عودة الوزير العراقي الى بغداد من حاج عمران ومقابلته للشهيد صدام حسين اخخبره أن مصطفى البرزاني بعث له بهدية ثمينة ( قران اثري قديم), وثآرت شكوك الشهيد لما كان يتمتع به من حس امني ولمعرفة الشهيد بالنوايا الحقيقية للبرزاني , فأمر بفحص الهدية من قبل خبراء المتفجرات وتبين فيما بعد أن الهدية عبارة عن متفجرات !!.

 

يذكر ايضا أن آمال البرزاني سرعان ما انهارت عندما قام المرحوم احمد حسن البكر بتعيين احد مقربي الطالباني وهو مكرم الطالباني وزيرا في حكومته,  وما أن مرت بضعة شهور حتى كان البيشمركة يتجمعون من جديد تحت اشراف ايراني صهيوني في منطقة محمد الواقعة في الاراضي الايرانية و بعد اشهر عاد اعاد العراقيون رغبتهم في التوصل الى اتفاق مع الاكراد.

 

في ايلول 1968م ماتت خطة الاناناس الى الابد وحين سئل ديفيدي عن السبب في ذلك قال...لايوجد لدي رد شاف و ربما يرجع السبب الى عقلية البرزاني نفسه وشعبه غير المتجانس و تحاربهم فيما بينهم ولم ينجح البرزاني في توحيد شعبه وكسب تأييد الشعب الكردي.

 

في شباط 1969م توفي ليفي اشكول رئيس وزراء العدو الصهيوني وخلفته غولدا مائير وبعث البرزاني تعازيه الحارة الى الكيان الصهيوني ,فيما واصلت مائير جهود من سبقوها في تقديم المساعدات للبرزاني.

 

في اذار 1969م اندلعت النيران في مصافي تركيز النفط الخام الكبرى في مدينة كركوك بعد أن نفذ البيشمركة عملية تعرضية ضخمة وبمنتهى الدقة والتخطيط  و ذكرت جريدة الديلي تلغراف البريطانية في 11 اذار 1969م أن العراقيين يعتقدون أن الصهاينة هم الذين نفذوا العملية. وفعلا كان الصهيوني المشرف والمتورط في تخطيط هذه العملية موجودا في فلسطين المحتلة و سميت تلك العملية بـ (عملية الكسندرا) , وكان قد وصل الى شمال العراق كأعارة من الموساد في 1 كانون اول 1968م وان قيادة العصيان المسلح قررت توجيه الضربة الى منشآت النفط في كركوك من اجل ثلاثة اسباب هي...

 

ـ خلق تهديد لاصحاب اسهم شركة نفط العراق من اجل ارغامهم على ارسال اموال الى البرزاني وعصابته لاتقاء  شرهم مستقبلا للحيلولة دون تدمير منشآتهم البترولية في  كركوك.

ـ اضعاف الاقتصاد العراقي وانهاكه.

ـ خلق اصداء واسعة لدى الرأي العالمي حول ما يسمى بالقضية الكردية وابراز القضية الى الواجهة.

 

يتحدث الكاتب ايضا عن عملية سد دوكان .. حيث وضعت خطة بمساعدة الصهاينة بتدمير السد الا أن العملية لم تنجح ويتحدث المؤلف في هذا الفصل عن دور الشهيد صدام حسين رحمه الله في تركيز السر بأتجاه حل شامل للقضية الكردية وسماه بـ ( عراب القضية الكردية ) حيث بدات المفاوضات في ايلول 1969م و تواصلت على ثلاث مراحل و شارك البرزاني نفسه في المفاوضات... واحيانا يشترك معه الدكتور محمود وولدي لبرزاني كل من ادريس و مسعود وكانت مفاوضات مضنية وفي 21 كانون الثاني 1970م تم اكتشاف مؤامرة صهيونية ايرانية امريكية ضد حكومة الثورة وتم اعدامم مرتكبيها من من قبض عليهم فيما فر الباقون الى ايران.

 

في 8 اذار 1970م وصل الشهيد صدام حسين رحمه الله الى قرية ناوفردان الكردية في اربيل وشرع بالتفاوض مع البرزاني و توصلا بعد مفاوضات مضنية الى اتفاق من خمسة عشر بندا و منح الاكراد حكم ذاتي. ويذكر أن البرزاني كان قد ارسل تقريرا الى الصهاينة حول سير المفاوضات و تطرق الى اتفاق سلام.

 

في اعقاب حرب حزيران 1967م كان عدد اليهود في العراق حوالي ثلاثة الاف نسمة, وقد ادى بيان اذار الى تخفيف القيود في الوصول الى المناطق الكردية و وضعت خطة لتهريب اليهود عن طريق شمال العراق باتجاه ايران و استمرت و وصلت ذروتها في شهري ايلول و تشرين اول 1970 و قد نجحت عمليات الفرار في اخلاء العراق تقريبا من اليهود ولم يتبق منهم سوى 500 الى 1500 يهودي ثم انخفض عددهم بحيث لم يبق منهم سوى اقل من خمسين يهوديا , وفي 3 كانون الثاني 1973م كتبت جريدة الثورة الناطقة باسم الحكومة العراقية قائلة انه مقابل المساعدات التي يقدمها الكيان الصهيوني للبرزاني, فانه يساعد اليهود العراقيون على الفرار الى فلسطين المحتلة ويقول المؤلف..في 30 ايار 1972م وبعد حوالي شهر من توقيع  اتفاقية الصداقة العراقية الروسية اجتمع شاه ايران مع الرئيس الامريكي نيكسون  حيث كانت ايران ترى في المعاهدة خطة لتطويق ايران وكانت ايران زمن الشاه من افضل اصدقاء امريكا واشدهم اخلاصا و خلال حوار الشاه مع الرئيس الامريكي طرح عليه فكرة تقديم السلاح الى البرزاني وبيشمركته لمعاونتهم في اعمال العصيان المسلح ضد العراق ولم يعط نكسون قرارهحول الطلب وبعد شهرين وافق نكسون بعد نصيحة كيسنجر.

 

يعترف كيسنجر في كتابه انه بعد حرب تشرين 1973م بان القرار الخاص بمنع بمنع البرزاني من شن حرب على العراق ابان حرب تشرين كان قرارا صحيحا.

 

بدأ العراق يتخذ خطوات باتجاه اقرار منح الاكراد الحكم الذاتي وتم اشراك 3 وزراء اكراد و بعد اتفاق العراق مع ايران الموقع في الجزائر انهار التمرد الكردي ومنذ انجاز الاتفاق الايراني الامريكي تحول كيسنجر الى فارس احلام البرزاني في وقت كانت فيه التصرفات والتفكير الامريكي تجاه الاكراد بمثابة مناورة هزيلة . وبعد فترة صرح الشهيد صدام حسين لوكالة الانباء ..( أن الحد الادنى الذي يمكن أن نقبله هو أن يرفع البرزاني العلم الابيض), لكن البرزاني لم يعتزم عمل ذلك .

 

خلال عام 1974م كانت تدور معركة كبيرة المبادرة كانت بيد البرزاني اذ تمكن من السيطرة على منطقة عالية وعرة يبلغ طولها 725 كم على طول الحدود مع تركيا وايران فيما بدا الجيش العراقي يعد العدة لهجوم الربيع حال ذوبان الثلوج و حدد يوم 15 نيسان 1974م موعدا لبدء الهجوم , لكن توقيع كل من العراق وايران  لاتفاقية الجزائر ادى الى انهيار اعمال العصيان المسلح وانهيار مصطفى البرزاني والبيشمركة حيث اعترف البرزاني اخيرا ....)بان الايرانيين لا يحبوننا  انهم يريدون استخدامنا كجسر لتحقيق مطامحهم ومصالحهم).... وتناسى هذا البرزاني أن الصهاينة والامريكان حالهم حال الايرانيين هم ايضا لا يحبون الاكراد انما يريدونهم جسرا لتحقيق المصالح الصهيونية الامريكية في المنطقة.

 

ـ يتبع ـ

 
كيفية طباعة المقال
 
 

شبكة المنصور

الجمعة / ١٩ جمادي الاولى١٤٣٠ هـ

***

 الموافق ١٥ / أيــــــار / ٢٠٠٩ م