بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

حزب البعث العربي الاشتراكي                                                                                     امة عربية واحدة   ذات رسالة خالدة

        قيادة قطر العراق                                                                                                      وحدة    حرية   اشتراكية

مكتب الثقافة والاعلام القطري

 

ستبقى أهداف ثورة 17 تموز محفزا لتشديد النضال من اجل تحرير العراق

 

تمر اليوم الذكرى التاسعة والثلاثون لقيام ثورة 17 -30 – تموز – يوليو المجيدة عام 1968 ، والتي خطط لها ونفذها حزب البعث العربي الاشتراكي ، وقدمت مثالا عظيما لقدرة حزب مدني شعبي على اسقاط نظام عسكري ، وأقامة نظام وطني نقل العراق من قطر متخلف وفقير وضعيف الدور ، اقليميا وعربيا وعالميا ، الى قطر غني خال من الفقر والتخلف وقوي ، لعب دور القوة العظمى الاقليمية الممثلة للامة العربية ، بمواجهة القوى الاقليمية غير العربية ، والتي لها مطامع توسعية على حساب الامة العربية ، كاسرائيل وتوأمها الطبيعي في الاصطفاف الستراتيجي ايران . اننا ونحن نحتفل بذكرى هذه الثورة العظيمة يجد حزبنا ان من الضروري التذكير بالحقائق التالية :

1 – كان من اعظم انجازات الثورة هو انها نقلت السلطة في العراق من اياد ضعيفة ، او مشبوهة ساعدت بوعي او بدون وعي في زيادة تخلف وتراجع العراق دورا وامكانات ، الى أياد قوية وواعية ومقتدرة تمكنت من ان تغيير مجرى الاحداث بقوة وباتجاه ايجابي .

2 - ان الايادي القوية هذه نجحت في نقل العراق من موقع التخلف والفقر والامية وضياع الدور الفاعل ، وطنيا وقوميا وعالميا ، الى دولة يحسب لها الف حساب من قبل اعداء الامة العربية ويحترمها العالم . ففي الداخل وبعد ان كان العراق يتميز بان نسبة الفقر والامية فيه تتراوح بين 70 – 80 % من السكان ، وان الامراض المستوطنة كانت تحصد ارواح ابناءه دوريا ، جاءت ثورة 17 – 30 تموز – يوليو لتزيل الفقر والامية كليا من العراق ، وتجعل من الرفاهية اهم مميزات المجتمع العراقي ، لدرجة ان الامم المتحدة اشادت بالنهضة التعليمية في العراق ومحو الامية وتمدين الريف العراقي ، والقضاء على الامراض المستوطنة ، وحلول امن اجتماعي نادر الوجود في العالم ، حيث ان ازالة الفقر قد وفرت الفرص لنوم العراقيين وابواب بيوتهم مفتوحة ، نتيجة القضاء على الدوافع الاساسية للصوصية . وعلى صعيد سياسي نفذ البعث وعده بحل مشاكل العراق السياسية ، كالمشكلة الكردية ، حلا وطنيا سلميا من خلال الاعتراف بالقومية الكردية واقامة الحكم الذاتي لشعبنا الكردي ، واقامة الجبهة الوطنية والقومية التقدمية لانهاء التشرذم الوطني وتحقيق الوحدة بين كافة القوى العراقية .

اما في الخارج فبعد ان كان العراق ضعيف الدور نتيجة فقدان السلطة الوطنية القوية والمقتدرة اصبح العراق بعد الثورة احد اهم القوى الاقليمية الاربعة ، وهي العراق وايران وتركيا واسرائيل . وفي هذا التوزع الستراتيجي في ميزان القوى كان العراق حتى غزوه في عام 2003 هو الممثل القوي للامة العربية في مواجهة القوى الثلاثة غير العربية ، والتي تحمل كل منها مطامع اقليمية في الارض العربية . كما ان العراق القوى تمكن من تحويل جيشه الى قوة جبارة اقليميا بفضل التخطيط الدقيق والعلمي ستراتيجيا وسياسيا ، وتحديد هدف الاعتماد على الذات ، بقدر الامكان ، في التسلح في ضوء تجارب العرب المرة مع مصادر تسلحهم ، فأنشأ التصنيع العسكري ليكون اداة تطوير وطنية للجيش العراقي تقلل من اعتماده على التسلح من الخارج ، وهكذا امتلك العراق قدرة جيدة على التحرك بمرونة في مجال حل بعض المعضلات العسكرية الفنية .

3 – ان هذه النقلة النوعية في مكانة العراق تمت بفضل اقدام السلطة الوطنية للبعث على تأميم النفط العراقي وتسخير موارده للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ، لذلك كان من الطبيعي ان تطبق خطة اجتماعية شاملة لتغيير حالة الانسان العراقي جذريا ، ونقله من وضع المتخلف علميا وثقافيا واجتماعيا الى حالة مناقض كليا ، وهي ان الانسان العراقي اصبح وثيق الصلة بتاريخه الحضاري العريق ، فدهش العالم لرؤية (جيش العلماء والمهندسين ) في العراق ، والذي كان ثمرة خطة مدروسة وضعها القائد الشهيد الخالد صدام حسين ، وهو يغير وجه العراق الى الابد . وحينما سئل ديفيد كي ضابط المخابرات الامريكية عقب عدوان عام 1998 على العراق : هل تعتقد بان العراق يمكل اسلحة دمار شامل كي يشن الهجوم الشامل عليه الذي استمر اربعة ايام ؟ فاجاب : بكل صراحة كلا ان العراق لم يعد يمتلك اسلحة دمار شامل منذ عام 1992 لكنه يملك سلاحا اخطر من القنابل الذرية ، هو جيش العلماء والمهندسين الذي يبلغ حوالي اربعين الف عالم ومهندس وفني ! ان هذا الجواب واضح ويكفي لتحديد الانقلاب الذي احدثه البعث في دور العراق وامكاناته العلمية والتكنولوجية .

4 – ان العراق القوي ، والذي ردع القوى الاقليمية الاخرى التي كانت تستخدم بالنيابة عن امريكا في قمع النهوض العربي ، ، ومنعها من تحقيق اهدافها الخاصة او اهداف امريكا ، واهمها استمرار السيطرة على النفط العربي وحماية امن اسرائيل ، ، وقام ، أي العراق ، بحشد الجهد العربي من اجل تحقيق شكل متقدم من اشكال الوحدة العربية الاقليمية ( مجلس التعاون العربي ) كممهد للوحدة العربية ، شكل ( العراق ) تهديدا مباشرة لستراتيجيات الغرب والصهيونية وايران الاستعمارية ( تحت ظل الشاه وخلفه الشاه المعمم خميني ) القائمة على تفتيت الامة العربية ، ومنع نهضتها وتقدمها وتوحدها ، وابقاءها خاضعة للنفوذ الغربي الصهيوني الايراني ، لذلك برز قاسم مشترك جديد بين تحالف شيطاني ضد العراق ، ضم ايران خميني واسرائيل وامريكا ، منذ نهاية السبعينيات هدفه اجهاض تجربة النهضة القومية العربية في العراق ، واعادة العراق الى اوضاع ماقبل ثورة 17 تموز – يوليو ، بكافة الطرق الممكنة بما في ذلك فرض الحروب عليه ومحاصرته واستنزافه وصولا الى غزوه ، اذا فشلت الوسائل السابقة الذكر .
ما الذي يستنتجه المراقب المحايد من عرض هذه الحقائق المثبتة ؟ فيما اهم ما يمكن استنتاجه :

1 - ان غزو العراق جاء بعد الفشل في كل اشكال التامر عليه ، ومنها فرض ايران للحرب على العراق وافتعال ازمة الكويت لتسويغ غزوه ، والدافع الحقيقي كان القضاء على نظام تجاوز الخطوط الحمر ، التي وضعها الغرب والصهيونية خصوصا في سياسته النفطية وسياسته تجاه الكيان الصهيوني ، لذلك فان التحالف الثلاثي الامريكي – الاسرائيلي – الايراني تبنى اهدافا تقوم على اعادة العراق لما قبل الثورة ، أي جعله ضعيفا ومتخلفا ومفككا ، يسهل ردعه ومنعه من الدفاع عن مصالحه ومصالح الامة العربية . علينا الان ، وبعد كل ما حصل ، ان نتمسك بحقيقة انه لم تكن صدفة ان يقترن غزو العراق بتفكيك مصادر القوة العراقية الاساسية ، والمتمثلة بتدمير الدولة العراقية القوية ، وليس اسقاط النظام الوطني فقط ، وحل الجيش وقوى الامن الوطني واغتيال الاف العلماء والمهندسين والكوادر الفنية للدولة ، واستبدال نظام الوحدة الوطنية بنظام المحاصصة الطائفية العرقية ، ونهب ثروات العراق والتمهيد لالغاء تاميم النفط . ان خطة الاحتلالين الامريكي والايراني هذه اصبحت واضحة تماما الان ، من هنا فانه ليس بامكان أي مراقب موضوعي ان يتجاهل حقيقة ان العملية كلها تتم لالغاء ما حققته ثورة 17 تموز ، واعادة العراق الى مرحلة الضعف والتبعية وفقدان الاستقلال الوطني والدور القومي العربي للعراق .

2 – ان انطلاق المقاومة العراقية ، نتيجة الاعداد المسبق لها من قبل البعث والقائد الشهيد ضدام حسين ، احبط المخطط الشرير واوصل الاحتلال الامريكي الى طريق مسدود يهدد بانهيار الامبراطورية الامريكية كلها ، كما انه فضح الدعاوى الايرانية بانها ضد امريكا وانها دولة اسلامية لا مطامع لها ، بعد ان قامت بالمشاركة في الاحتلال والقيام بدور الحليف الاول ، وقبل واهم من بريطانيا ، لامريكا في غزو العراق ومحاولات بناء نظام سياسي بديل يعتمد بالدرجة الاولى على عملاء ايرانيين . لقد كشفت المقاومة العراقية بفضل نجاحاتها الباهرة الوجه الحقيقي لايران بصفتها دول معادية للامة العربية وملتقية مباشرة مع امريكا واسرائيل في ممارسة هذا العداء .

3 – ان احد اهم مظاهر المأزق القاتل الحالي للاحتلال في العراق يتمثل في فشل امريكا التام في تحقيق أي تقدم في مجال استثمار النفط العراقي بعد غزو العراق ، لان الحكومة العميلة والقوات الامريكية فشلتا في منع المقاومة من جعل العراق كله ساحة حرب ضروس ، لم تتوقف او تتراجع بل تزداد حدة وقوة يوما بعد اخر ، لذلك فان حتمية الهزيمة الرسمية التي اقتربت واصبحت واضحة للجميع دفعت امريكا للاستعجال في طرح قانون للنفط يسمح لها بعد الانسحاب من نهب النفط ومنع اعادة التاميم بعد التحرير .

4 – ان الفشل واقتراب موعد الانسحاب الامريكي دفع امريكا الى تنفيذ خطة تقسيم العراق من خلال تصعيد الحملات لاشعال حرب طائفية ، مدعومة بأغراءات منح الاقاليم التي يراد اقامتها رشوة مالية وهي جزء من امتيازات الثروة الوطنية المركزية ، والعمل على تقسيم المقاومة العراقية وتشتيتها ، وتحويل حرب تحرير العراق الى حرب طائفية . ان تلك هي من اهم مكونات الخطة الامريكية ، وتنفيذ ذلك من خلال تعزيز التعاون الامريكي مع ايران لتقاسم وتقسيم العراق .
5 – ان محور الجهد الامريكي – الايراني الحقيقي والرئيسي هو تدمير البعث ، خصوصا فكرا ومبادئ ، لان تدميره تنظيميا يعقب تشويه فكره ومبادءه ، فالبعث هو مهندس العراق القوي والواحد والقوة الاقليمية العظمى الرادعة لمطامع التحالف الشرير الامريكي الايراني ، وهو الحزب الوحيدد الباقي في الساحة العراقية الذي يمثل اطارا تنظيميا وطنيا يمثل كل العراقيين ، بعد ان راى العالم ان احزاب مابعد الاحتلال كلها طائفية ، لذلك فان تقسيم العراق واضعاف دوره اقليميا مقترن ، وبحتمة لا مفر منها ، بشرذمة البعث وتزوير هويته وجر انفار منه الى الاشتراك في العملية السياسية في ظل الاحتلال . وهذا الهدف هو الذي دفع الاحتلال ومخابراته لتحريك زمرة خائنة وعميلة مقيمة في سوريا للقيام بمحاولة لشق الحزب ، والسطو على اسمه ، لاجل الاشتراك في الحكومة العميلة . كما ان الحملة المدروسة ضد البعث من قبل اطراف اخرى تصب في نفس الهدف وهو تصفية الحزب الوطني الوحيد الذي ضمن قبل الغزو حدة العراق ويضمن اعاد تها بعد التحرير.
ان الحقائق السالفة الذكر تعزز ما طرحه البعث مرارا ، منذ الغزو بشكل خاص، والمتجسد في تأكيده على ان الموقف الوطني الصحيح يستند على الثوابت الوطنية المعروفة واهمها

1 - ان تحرير العراق لن يتم الا بوحدة القوى الوطنية العراقية وعلى راسها المقاومة الوطنية المسلحة ، لذلك فان المعيار الاساس لصدق المواقف هو توحيد الصف الوطني خصوصا داخل فصائل المقاومة المسلحة . ان كل استفزاز وكل موقف يؤدي الى اشعال الفتن بين المجاهدين ما هو الا تنفيذ مباشر للمخطط الامريكي والايراني ، وعلى كل الوطنيين في المقاومة عزل العناصر المشبوهة داخلها ، والتي اصبح هدفها الاساس وشاغلها المركزي هو مهاجمة البعث وغيره من القوى العروبية .
2 – ان قيام جبهة واحدة لكل فصائل المقاومة العراقية المسلحة اصبح الان مقدمة حتمية لاستكمال مهمة دحر الاحتلال في اقرب وقت ، وسيقاس دور كل فصيل من خلال موقفه من قيام هذه الجبهة . فالعبرة ليس في محاولة عبور النهر بل اكمال العبور ، وعبورنا نهر التحرير لا يمكن تحقيقه الا بزورق الوحدة بين فصائل الجهاد . وهذه الضرورة تنطبق على القوى الوطنية المساندة للمقاومة ، والتي مازالت تعمل بعقلية ثقافة التناحر الحزبي والسياسي ، بسبب قضايا ثانوية ، وعرقلة استكمال مقومات بناء الجبهة الوطنية والقومية والاسلامية العريضة والشاملة .

3 – ان على الرفاق البعثيين في كل مكان ان يرتقوا الى مستوى المرحلة التاريخية الخطيرة ، وهي انه كما كان غزو العراق مشروطا باسقاط نظام البعث فان تحريره مرتبط بقيام البعث بدور قيادي ونشط واستقطابي لكافة القوى الوطنية ، من اجل تحقيق اهم اهداف التحرير ، كما تبناها الحزب ، وهو اقامة سلطة وطنية ائتلافية تمثل كل الوطنيين ولا يمكن فيها لاحد احتكار السلطة . ان حزبنا الذي يملك التنظيم الاكبر والاكثر خبرة وتجربة ، والاعظم تضحية بالشهداء من بين كل التنظيمات الاخرى ، يتحمل مسئولية اخلاقية ووطنية في حل المشاكل ومعالجتها بالحكمة والمنطق والتعاون وتحمل إساءات الاخرين ، وابداء المزيد من التسامح مع كل وطني يرتكب خطأ بحقه . لقد اختار الله والشعب البعثيين لاعادة بناء الامة كلها ، وفقا لاهدافنا القومية والوطنية ، لهذا لا يجوز ان نساوي انفسنا ، في مجال الحكمة والخبرة ، مع من دخل الساحة مؤخرا بدون خبرة او وعي وطني كاف ومطلوب ، من حيث التصرف الحكيم والمسئول ، فالخطأ المرتكب بحقنا لا يرد عليه بخطأ مضاد منا ، بل بعمل الصواب ، وفقا لمتطلبات الحكمة والشعور بالمسئولية .
ومن بين اهم مهام البعثيين اليوم مهمة تمتين البناء التنظيمي الداخلي على اسس الانضباط الحزبي والديمقراطية المركزية والاحترام التام للمرجعية الحزبية الشرعية ، ممثلة بشخص الرفيق المجاهد عزة الدوري امين سر القطر ، والتصدي للاراء المشبوهة التي تروجها قوى معادية للامة والبعث .

ان اقتراب النصر على الاحتلالين الامريكي والايراني يتطلب المزيد من الحذر والوعي وطول النفس والتحمل ، لضمان استمرار الحشد الوطني المطلوب وتعزيزه وتوسيعه ليشمل الجميع . اننا بهذه المناسبة نذكر بان ثورة 17 تموز ما كان لها ان تنجح وتتقدم ، وتصبح الخطر الاول الذي يهدد مشاريع الاستعمار الامريكي الايراني الاسرائيلي، لولا حكمة الحزب وبالاخص قائده الشهيد صدام حسين ، تلك الحكمة التي نجحت اولا في في تمتين وحدة الحزب قبل الثورة ، مما مكنه من استلام السلطة ، ثم مكنته بعد الثورة من حشد اوسع نطاق جماهيري حوله لتحقيق مهام بناء دولة قوية في العراق تنقله الى مستوى تمثيل مطامح الامة كلها .

- عاشت ثورة 17 \ 30 – 7 - 1968صانعة العراق القوي والمتقدم والمرفه والمستقل .
- المجد والخلود للشهيد القائد صدام حسين باني العراق القوى والعظيم.
- عاش البعث منجز ومحقق الاهداف الوطنية والقومية .
- عاشت المقاومة الوطنية العراقية بكافة فصائلها الامل العظيم في تحرير العراق .
- العار للخونة والمرتدين من المتعاونين مع الاحتلال وباذري الفتنة والتشرذم .
- المجد والخلود لشهداء العراق والامة العربية .
- عاش العراق عربيا واحدا يحترم كل مواطنيه بمختلف الوانهم.

 
 

مكتب الثقافة والاعلام القطري
بغداد عاصمة صدام الشهيد
17 – 07- 2007