حِزْبُ البَعْثِ العَرَبي الاشْتِرَاكي   أُمةٌ عرَبِيةٌ وَاحِدَة   ذاتُ رِسالَةٍ خَالِدَة
القيادة القومية   وحدة    حرية   اشتراكية
     
 
 
 

القيادة القومية : بمقاومة العراق وفلسطين وانتفاضة تونس ومصر الامة تنهض من جديد

 
 
 
شبكة المنصور
 

يا جماهير أمتنا العربية المجيدة

أيها المناضلون العرب

أيها الأحرار في العالم

منذ بدأت العواصف الثورية تنطلق من تونس الخضراء وتبعتها مصر العروبة تتابع القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي تطور الاحداث بدقة وتدرس وتحلل الاوضاع في ضوء خبرات عقود من النضال القومي والوطني وتوصلت الى ان ما يجري الان هو عواصف ثورية شعبية كبيرة وليس ( عاصفة هوجاء ) كما وصفتها هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية ، والقيادة القومية تدرك جيدا أن أمريكا والصهاينة والفرس هم من يريد تحويل العواصف الثورية الى عواصف هوجاء تدمر الاقطار العربية ووحدتها الوطنية وتعيد تثبيت النفوذ الامريكي والصهيوني بعد ان وصل الى حالة الترنح بانتظار السقوط على يد عواصف الجماهير العربية الثائرة . ان ما يجري هو عواصف الثورية  وهو تعبير دقيق عن حالة واقعية تراكمت وتفاعلت لعدة عقود من الزمن، في ظل الفقر و البطالة و الفساد والاستبداد والتبعية لأمريكا وتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، بتخطيط وبدعم أمريكي- صهيوني كامل لكل تلك الظواهر .

 

وحينما اختمرت عوامل الاحتقانات الطويلة والكبت المستمر والمتزايد، بادرت فئات جماهيرية غاضبة في تونس بتفجير انتفاضة وطنية صادقة أعطت المئات من الشهداء والآلاف من الجرحى والمعتقلين ، وأسقطت أحد رموز أمريكا الفاسدين والمستبدين وهو زين العابدين بن علي، ثم أعقب ذلك تفجير انتفاضة شعبية أضخم وأوسع في الخامس والعشرين من يناير بمصر، قدمت بسخاء من أجل انتصارها المئات من الشهداء الأبرار والآلاف من الجرحى والكثير الكثير من المعتقلين وسجناء الرأي الأفذاذ، و تمكنت من إسقاط حسني مبارك بعد أن عبث بمصر وقيم الأمة العربية والعالم الإسلامي بشكل عام وحاول بكل ما امتلك من القدرة إخراج شعب مصر من خارطة الأمة وفرض سياسة العزل والهيمنة الأمريكية الصهيونية على مصر ومن خلالها على الأمة العربية والعالم الإسلامي .

 

ان هذه الانتفاضات ما تزال اتجاهاتها وعواصفها مفتوحة بهدف تحقيق أهدافها الكبيرة التي أعلنت انتفاضتها من أجل تحقيقها، وبين هذا الذي وقع ويقع في تونس ومصر جرت وتجري محاولات لتفجير الأوضاع في الجزائر وأقطار أخرى، كما أصاب القلق الاحتلال وقوى تابعة له في العراق فأراد احتواء انتفاضة شعبية عراقية وطنية حقيقية وجذرية بدأت تتكون عن طريق الاندساس في المظاهرات الشعبية التي تجري منذ فترة في مدن عراقية والتي ترفض الوضع المأساوي في العراق الناجم عن الاحتلال والحكومة التابعة له ومحاولة تحويلها الى اداة لخدمة الأحزاب المشاركة في العملية السياسية والاحتلال .

 

أيها المناضلون العرب

إن الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج العربي وقواها السياسية ونخبها المثقفة تقف أمام هذه (العاصفة) بثبات مبدئي مؤمن بانتصار إرادة الشعب، وهي تحمل آراء مختلفة حول أهدافها الحقيقية مما يتطلب تحليل ما يجري من حراك شعبي عظيم بموضوعية وامانة الثوار وما قد يؤدي إليه، وتحديد من هي القوى المشاركة فيه ودعمها للانتفاضات من اجل تطويرها لتكوّن لحظة تغيير تاريخية جذرية للواقع العربي الفاسد وتحقيق آمال وطموحات الجماهير العربية التي بدأت تتعرض للخنق المنظم منذ هزيمة عام 1967م ودخلت مرحلة خطيرة بزيارة السادات للقدس، والاعتراف بالكيان الصهيوني، محدثة انقلابا إستراتيجيا خطيرا ضد المصالح القومية العربية.

 

وفي ضوء ذلك فإن حزب البعث العربي الاشتراكي الأمين على مصالح هذه الأمة والمؤسس الفعلي للتيار القومي العربي التحرري الحديث في الأربعينات من القرن الماضي، والذي تشّرف بقيادة عملية مواجهة الردة الساداتية من خلال نظامه الوطني حيث عُقدت بدعوة منه وبرعايته، قمة بغداد التي عزلت السادات ونظامه، ففتح بذلك آفاق صراع إستراتيجي وفرز جاد بين حركة التحرر الوطني العربية والتحالف الأمريكي- الصهيوني وأتباعه في المنطقة وأخذت حلقات الصراع تتوالى واحدة إثر أخرى، ودخلت المنطقة في أتون مبادرات (سلام) استسلامية وتطبيع ذليل مع الكيان الصهيوني، في محاولة لتصفية القضية المركزية للعرب - قضية فلسطين - لتبلغ ذروة حلقات هذا الصراع في الغزو الأمريكي- الصهيوني للعراق المدعوم بصورة فعالة من قبل ايران ، ومع  انطلاق المقاومة العراقية الباسلة وصمود المقاومة في فلسطين وُضِعت أمريكا ومن معها في حالتي الفشل والهزيمة المعنوية والمادية.

 

 إن القيادة القومية وهي تتابع ما يجري من أحداث خطيرة كان آخرها تنحي حسني مبارك، مجبرا، وهو أحد أخطر رموز الهيمنة الأمريكية والحليف الرئيس للكيان الصهيوني، تحرص كل الحرص على إلقاء الضوء على ما يجري في وطننا العربي الكبير وعلى النحو التالي:

 

أولا: إن الانتفاضات التي وقعت في تونس ومصر والتي قد تقع في أقطار أخرى هي انتفاضات وطنية الدافع والمسوغات والأداة، التي هي جماهير الشعب وطليعتها الشباب المنتفض الثائر الشجاع المؤمن بحقه وبإرادة شعبه في مواجهة الفساد والاستبداد والعمالة لأمريكا ، لذلك فإن دعم الانتفاضات واجب فرض عين وطني في كل قطر وواجب فرض عين قومي ملزم على الصعيد العربي وليس فرض كفاية.

 

ثانيا: من الضروري أن تبادر كافة القوى الوطنية العربية التحررية إلى رفد الشباب الثائر، بالخبرة والتجربة التي تمتلكها، لمواجهة، تعقيدات العمل السياسي، وما ترتبط به من مخططات معادية وخبيثة تحيط بالأمة من محيطها إلى خليجها العربي.

 

ثالثا: من الشروط الحاسمة الأساسية لإبقاء الانتفاضات في خدمة الأهداف الوطنية للقطر، والأهداف القومية للأمة، هي معرفة الثوار أن هذه الانتفاضات تواجه من قبل الأنظمة والمخابرات العربية والأجنبية، بأساليب ملتوية وخبيثة وليس بالعنف وحده، ومن بين تلك الأساليب محاولات احتوائها بدس عناصر وكتل مشبوهة في صفوفها، للتأثير على مسارها التحرري ومحاولة السيطرة عليه، والعمل على تحويل الانتفاضات إلى عملية تنفيس عن الغضب الجماهيري المتراكم منذ عقود ضد الأنظمة وأمريكا والكيان الصهيوني، ودفعها في مسار الاحتواء التدريجي عن طريق تضحية أمريكا بأتباعها الحكام الفاسدين والديكتاتوريين، لإرضاء عواطف المنتفضين، ولكن بعد ذلك تسعى بسلاسة وحيل مختلفة إلى تنصيب عناصر  موالية لها، وربما للكيان الصهيوني أيضا في الحكم، غير مجَرَبَة وغير مُدانة، لكي تواصل جوهر عملية التبعية لأمريكا، ولكن بأساليب جديدة، وفي ظل إصلاحات محدودة وشكلية، لإكمال امتصاص النقمة الجماهيرية، وسرقة وتبديد وقت جديد قد يمتد لسنوات أو عقود قادمة، تستمر فيه الهيمنة الأمريكية، وهنا تكمن اللعبة الأمريكية - الصهيونية الخطيرة، المصَمَمة لإجهاض الانتفاضات الوطنية واحتواءها وتحييد رموزها.

 

إن الانتباه الخاص لهذه الحقيقة هو الذي يضمن إبقاء الانتفاضة وطنية الدافع ووطنية المسار وقومية الأهداف، ويمكنها من مواجهة كافة التحديات التي تعترض مسارها في حقولها المختلفة.

 

رابعا: وفي خطة احتواء الانتفاضات من الضروري بل من الحيوي والحتمي عدم نسيان حقيقة معروفة وهي أن الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد فشلها في العراق أمام قوة وإصرار المقاومة العراقية على طردها من العراق، ونتيجة لانفضاح معظم  الأنظمة العربية وعزلتها عن جماهيرها، تبنت أمريكا والصهيونية إستراتيجية جديدة، وهي نشر (الفوضى الخلاقة) في كل الوطن العربي في عهد مجرم الحرب جورج بوش الصغير،  والتي أعلنت عنها وزيرة خارجيته كونداليزا رايس.

 

ولا بد هنا من الانتباه إلى أن نشر الفوضى يقوم على الرغبة في تحقيق عدة أهداف خطيرة أهمها :

 

1-   شرذمة الشعب وتقسيم قواه ومكوناته الثقافية، وتعميق الصراعات تحت مسميات مختلفة، منها ادعاء نشر الديمقراطية ودعم الأقليات الدينية والاثنية  من أجل تمزق النسيج الوطني للقطر.

 

2-   تحويل مجرى الصراع من صراع تحرري ضد الاحتلال والنظم التابعة له، أو تلك المؤيدة لأمريكا، تخوضه القوى الوطنية العربية وطليعتها المقاومة المسلحة في العراق وفلسطين، إلى صراعات هامشية لا ضرورة لها، بل إنها مضرة ومدمرة، لأنها تضعف الصراع التحرري الوطني والقومي وتهدد بإنهائه . فانشغال الشعب بمشاكل الخبز والخدمات وبما يسمى (حقوق الإنسان) و(الديمقراطية) و(الفدرالية) أو (حق تقرير المصير)، بالإضافة لعمليات الإرهاب المنظم ضد الوطنيين البسطاء، قضايا حيوية ومهمة ولكنها يجب أن لا تصرفنا عن القضايا الهامة كمواجهة الإمبريالية و الصهيونية كما انها يجب ان تسخر في لحظة ما من تطور الانتفاضة ضد الاحتلال والعملاء مباشرة .

 

لذلك فإن المعيار الحاسم للتمييز بين الانتفاضات الوطنية التحررية وبين عمليات مشبوهة تستهدف إجهاض تلك الانتفاضات التحررية ومحاولات احتوائها، يتجسد في الأهداف التي تتبناها الحركات الوطنية الثورية، والتي يجب أن تدمج بين النضال ألمطلبي والنضالين الوطني والقومي، ولا تفصل بينهما لأن أصل الفساد والدكتاتوريات، هو القوى المعادية للأمة وفي مقدمتها أمريكا والكيان الصهيوني، بالإضافة لضرورة تبني أساليب نضال تركز هجماتها على الاحتلال أو النظم الفاسدة والتابعة وليس على أبناء الشعب ، وتضع خطة للانتقال من شعار مطلبي مشروع لاخر سياسي تحرري حسب تطور الحالة الثورية .

 

3-   إن تخريب منشآت الدولة والمواطنين أثناء الانتفاضة ليس من مظاهر أي انتفاضة وطنية بل هو عمل قوى مندسة تحركها المخابرات، بهدف إرباك الانتفاضة ومشاغلتها بل ومحاولة عزلها عن القوة الأساسية التي تحميها وتديمها وتغذيها، وهي الجماهير البسيطة، لذلك يمكن فرز المندسين عن طريق ما يقومون به من أعمال مثل النهب والحرق أو الاعتداء على منتفضين آخرين ومحاولتهم نشر الخلافات بينهم.

 

وفي هذا الاطار لابد من توضيح إن وصف (الفوضى ) بأنها ( خلاقة ) يعود لسببين:

 

السبب الأول: أنها فوضى مسيطر عليها وليست فوضى منفلتة لأن هدفها هو تحقيق أهداف من يسيطر عليها وغالبا هي أجهزة مخابرات، وأهمها نشر اليأس من تحول الانتفاضة إلى تغيير يخدم الشعب ولا يؤذيه أو يضلله، ويحقق الاستقرار والكرامة والديمقراطية .

 

والسبب الثاني والأهم: هو استغلال حالات التشرذم والصراعات والخراب والتناقضات... الخ، لأجل إعادة تشكيل المجتمعات والحكومات وفقا لمصالح أمريكا أو الصهيونية أو كلاهما.

 

 فصفة (الخلق) التي تقترن بمصطلح (الفوضى) هي التي تحدد هويتها المخابراتية والمعادية لمصالح الأمة العربية.

 

 لذلك فإن أول درس يستخلص من هذا المفهوم هو أن على القوى الوطنية في أي ساحة وعلى قيادات الانتفاضة تحقيق أشكال متقدمة وفعالة من التوحد والتنسيق والاتفاق على قواسم مشتركة لأجل إبقاء الانتفاضة في إطارها ومنع الخروج عليها وتحويلها الى فوضى لا تخدم الا العدو .

 

4-   إن ما جرى ويجري في السودان ومصر ولبنان وتونس والجزائر وغيرها هو مزيج من تطلعات الشعب المشروعة للتخلص من أنظمة الفساد أو العمالة، ومن تنفيذ لمخططات القوى المعادية للأمة، فما جرى في السودان من فصل لجنوبه لم يكن ثمرة عمل داخلي صرف، لأن المشكلة في جنوب السودان أصلا من صنع الغرب الاستعماري والصهيونية، اللتان أرادتا تقسيم السودان باستغلال وجود خلافات أثنية ودينية، وجاءت سياسات الحكومات السودانية لتغذي الانفصال وتعطيها المسوغات والدوافع خصوصا حينما (حُشِر) الدين واستخدمت الشريعة السمحاء كأداة للقمع والإرهاب مع شمولها لأبناء الجنوب من غير المسلمين، فوجدت القوى الدولية والإقليمية في ذلك حجة لجعل الانفصال وليس إصلاح الأخطاء الهدف الرئيسي، وتلك من مظاهر (الفوضى الخلاقة).

 

وما جرى في مصر قبل الانتفاضة المباركة، انتفاضة شعب مصر العظيم، من إثارة فتن طائفية وصلت حد القتل ومهاجمة دور العبادة بعنف لم يسبق له مثيل، كان تمهيدا مرسوما من قبل محركي (الفوضى الخلاقة)، وظيفته تمزيق الشعب العربي في مصر العروبة والتاريخ والحضارة، في حالة حدوث تطورات سياسية خطيرة، وظهر ذلك واضحا في محاولات تحويل الانتفاضة في أيامها الأولى إلى عمليات قتل متبادل بين أبناء الشعب، إلا أن وعي وإيمان وتلاحم الجماهير حال دون ذلك. وما حصل في فلسطين بعد نشر وثائق ويكيليكس، وقيام قناة الجزيرة بنشر وثائق، أكدها البعض وشكك بها البعض الآخر، أدى إلى وصول الصراعات الفلسطينية-الفلسطينية بين حماس وفتح ذروة من التوتر والكراهية لم يسبق لها مثيل، وتلك دون أدنى شك جزءً أساسيا من متطلبات نشر (الفوضى الخلاقة) في فلسطين لتمكين الكيان الصهيوني من تحقيق أهدافه الإستراتيجية.

 

إن هذه الأمثلة وغيرها كثير تقدم لنا صورة واضحة عن التطبيقات العملية، وفي مسارح الأحداث للخطط الأمريكية الصهيونية القائمة على نشر الفوضى والتشرذم والصراعات في الأقطار العربية، من أجل تقسيم مواصلة تجزئة الأمة وتعميق شرذمة أقطارها في إطار تنفيذ سايكس بيكو الثانية، والتي تتمحور حول تقسيم الأقطار العربية وتجزئة المجزأ بعد أن قُسمت الأمة إلى أقطار في سايكس بيكو الأولى في بداية القرن العشرين.

 

من هنا فإن الخطأ القاتل الذي قد يرتكب هو عدم الانتباه إلى ان ما يجري الآن وما سيجري لاحقا، من احداث مزلزلة اطلقت عليها هيلاري كلينتون وزيرة خارجية أمريكا وصف (عاصفة هوجاء) ، هو في بعض حالاته ومظاهره التطبيق العملي لما سمي ب ( الفوضى الخلاقة ) ، وإذا لم تتوحد الرؤى والإرادة الوطنية والقومية وترتقي إلى مستوى الفعل التاريخي وتميز بين الانتفاضات الوطنية وبين الفوضى المخططة فإن ما قد يحدث لن يخدم الا المخططات الاستعمارية الغربية والصهيونية، والتي تستثمر الفساد والتبعية والدكتاتورية، وتحاول استغلال الغضب الشعبي العام وتفجيره وإدخاله في قنوات لا توصل إلى التحرير، أو تحقيق أهداف الشعب الحقيقية في هذا أو ذاك من الأقطار العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج العربي .

 

5-   ومن الظواهر المتصلة بتلك المخططات هو ضرورة الانتباه أيضا إلى أن التلاقي الإستراتيجي الأمريكي- الصهيوني- الإيراني حول شرذمة الأقطار العربية وطمس معالم العروبة ومنع أية وحدة عربية، لم يتأثر بوجود تنافس على المغانم بين أمريكا وإيران، وأحد أهم مظاهر ذلك عدم تطور الخلافات الأمريكية - الإيرانية إلى تبادل إطلاق نار، رغم كل المعارك الكلامية والإعلامية بينهما، والتي ثبت بالدلالات المتواترة بأنها عبارة عن  صراع  لاقتسام النفوذ والسيطرة على اقطارنا في ظل عجز وإفلاس وفساد وتبعية النظام الرسمي العربي ومحاولة تغطية خطورة التلاقي الإستراتيجي الأمريكي- الإيراني.

 

6-   ورغم كل ما بذلته أمريكا وقوى الصهيونية وإيران في العراق لأجل إنهاء المقاومة العراقية ونشر الشرذمة وتقسيم العراق، فإن وحدة المقاومة والقوى الوطنية الداعمة لها ووعي شعب العراق المناضل، قد أفشل تلك المحاولات والخطط . والآن نلاحظ عودة الهجمات الكارثية من خلال استهداف المواطنين المدنيين في العراق، متزامنا مع العودة لمشروع تقسيم العراق إلى فدراليات شبه مستقلة، وآخر خطوة كانت طرح مشروع فدرالية الأنبار. وليس ثمة شك في أن هذه التطورات في العراق ما هي إلا محاولات استباقية أمريكية - إيرانية لمنع نجاح الثورة المسلحة في نقل الجماهير من الدعم غير المباشر لها إلى تفعيل قدرات الجماهير على دعم المقاومة بعزل الحكومة التابعة للاحتلال وكشف خيانتها وفسادها المذهل، وتشجيع أبناء الشعب على الوقوف بوجهها وتحديها في انتفاضة شعبية هي بحق امتداد للمقاومة المسلحة وتطوير خلاق لأم المعارك ومعركة الحوا سم.

 

يا أبناء أمتنا العربي المجيدة

إن هذا الاستعراض المركز للأوضاع العربية يقودنا إلى تأكيد أن الأحداث الحالية بقدر ما تنطوي على احتمالات تحرر الأقطار العربية من الهيمنة الأجنبية والمؤثرات الصهيونية والفساد الداخلي، فإنها مرشحة أيضا لاستغلالها لتكون عبارة عن عمليات استباقية وإجهاضية للمشروع الوطني في كل قطر وللمشروع القومي العربي النهضوي على المستوى العربي، لذلك فإن منع الاستغلال المعادي لحالات تكامل الثورة ونضجها، والانتفاضة ضد الأنظمة الفاسدة والعميلة، يكمن في تحقيق دعواتنا المخلصة والمتكررة منذ عام 1992م بعد مؤتمر حزبنا القومي الثاني عشر، تلك الدعوات التي ركزنا عليها بعد غزو العراق، وهي الضرورة القصوى لتوحيد كافة القوى الوطنية والقومية والإسلامية في الوطن العربي وتبني إستراتيجية واضحة محوراها هما محور التغيير الثوري الجاد والصادق ومحور التحرير الجذري الحقيقي، مؤكدين أنه لا سبيل إلى إجهاض المخططات الصهيونية- الإمبريالية- الإيرانية، إلا بالتوحد الجاد تحت سقف الثوابت الوطنية والقومية والإسلامية، والتعالي على الخلافات السياسية والإيديولوجية.

 

وفي هذا الإطار تؤكد القيادة القومية على أهمية دعم كافة القوى الوطنية العربية للشباب الثائر ومساعدته في الوصول إلى أهدافه، أهداف الأمة وحرمان الأعداء من استثمار أي نقص في المواجهة للتنكيل بالثوار وإجهاض الانتفاضات الشعبية التي تعتبر اليوم ترسيخا وتعميقا لمفهوم الثورة الشعبية والشرعية الثورية التي تعيد للأمة مكانتها بين الأمم وحقها في الوجود الحر والسيادة الكاملة.

 

 إن القيادة القومية تطالب وتنصح الأنظمة العربية باستيعاب دروس إسقاط بن علي ومبارك والاتعاظ بما حصل لهما وعدم التعويل على أمريكا  وغيرها من القوى الخارجية أي كانت في البقاء في دست السلطة، والانتقال الجاد والصادق إلى دعم المطالب الشعبية في التغيير والإصلاحات الحقيقية واحترام الشعب وإرادته، وبخلاف ذلك فإن مصير الأنظمة العربية ودون إي استثناء سوف لن يكون أفضل من مصير نظامي حسني مبارك وبن علي.

 

إن القيادة القومية تحيي صمود وتضحية أشقائنا في كل من  تونس ومصر الكنانة خصوصا الشباب , الذين قدموا الكثير مضحين بالغالي والنفيس من أجل الانتصار وسقوط النظامين الديكتاتوريين، وتؤكد ان انتفاضتهم هي السند القوي لمقاومة أبناء العراق الذين يواجهون الاحتلال الأمريكي- الصهيوني– الإيراني.

 

تحية لكل الثوار العرب في تونس ومصر والعراق وفلسطين والاحواز وفي أي ساحة عربية تتصدر الجماهير فيها عملية رفض ومواجهة الفساد والظلم وغلاء المعيشة واتساع رقعة البطالة وازدياد الهيمنة الأجنبية بكل ألوانها وأشكالها وأطيافها.

 

تحية إجلال لشهداء الانتفاضات الشعبية والمقاومة في تونس ومصر والعراق وفلسطين.

والله أكبر ... الله أكبر ... الله أكبر وليخسأ الخاسئون.

 
 

القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكيِ

١٢ / شبــاط / ٢٠١١ 

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد  / ١٠ ربيع الاول ١٤٣٢ هـ

***

 الموافق ١٣ / شبــاط / ٢٠١١ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور