تجدد الجدل بشأن رواتب محتجزي رفحاء التي تكلف خزينة الدولة العراقية الخاوية ملايين الدولارات شهريا، بالتزامن مع إعلان الحكومة عزمها تخفيض “رواتب الموظفين الذين يتقاضون مبالغ ضخمة ومعالجة الرواتب التقاعدية لمحتجزي رفحاء”.
ومؤخرا ظهرت مقاطع مصورة لبعض المستفيدين من رواتب رفحاء وهم يهددون ويشتمون من يطالب بإلغائها ويتهمونه بالعمالة.
ونشر ناشطون عراقيون مقطع فيديو لشخص قالوا إنه يقيم خارج العراق، ظهر خلاله وهو يوجه كلمات نابية وتهديدات لمنتقدي منح الرواتب التقاعدية لمحتجزي رفحاء.واختتم تهديداته بالقول “نحجز ونجيكم”.
وامتيازات رفحاء هي رواتب مخصصة لمعارضين لجأوا إلى السعودية فوضعتهم في مخيم بمدينة رفحاء قريبا من حدودها مع العراق، بعد “الانتفاضة الشعبانية” ضد النظام السابق عام ١٩٩١.
وبموجب قانون رفحاء الذي أقره البرلمان العراقي عام ٢٠٠٦ يحصل كل من أقام بمخيم رفحاء، ولو لمدة أسبوع واحد، هم وعائلاهم، على مرتبات شهرية ثابتة تشمل حتى من كان رضيعا آنذاك، وبواقع مليون و٢٠٠ ألف دينار شهريا ( ١٠٠٠ دولار ).
وكذلك يحصلون على علاج وسفر ودراسة مجاني على نفقة مؤسسة السجناء السياسيين، ويبلغ مجموع نفقات ما يترتب عليه هذا القانون سنويا أكثر من ٤٠ مليار دينار ( ٣٥ مليون دولار تقريبا ) وامتيازات أخرى تتمثل بمنحهم قطع أراض ووظائف لأبنائهم.
عراب هذا القانون النائب السابق محمد الهنداوي، المقرب من رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، من جهته اتهم “البعثيين” بشن حملة لإلغاء “تاريخ الشهداء والسجناء السياسيين”.
ودعا الهنداوي في بيان إلى شن حملة مضادة من خلال تنظيم اعتصامات داخل وخارج العراق للضغط باتجاه الإبقاء على رواتب محتجزي رفحاء.
بالمقابل أطلق مغردون عراقيون وسم ” #الغاء_رواتب_رفحاء_وليس_تعديلها” بهدف الضغط على الحكومة العراقية إنهاء هذا الملف المثير للجدل بشكل كامل.
وقررت الحكومة العراقية في ٣٠ مايو تخفيض رواتب الموظفين الذين يتقاضون مبالغ ضخمة، لمواجهة الأزمة الخانقة الناجمة عن انخفاض أسعار النفط التي ترافقت مع جائحة كورونا.
وتتضمن الإجراءات الحكومية “تخفيض رواتب الدرجات العليا في مؤسسات الدولة، وإجراء الإصلاحات اللازمة وفق مبدأ تحقيق العدالة الاجتماعية، ومعالجة ازدواج الرواتب، والرواتب التقاعدية لمحتجزي رفحاء، وفئة من المقيمين خارج العراق الذين يتقاضون رواتب أخرى”.
وعلى وقع الاحتجاجات الشعبية وافق مجلس النواب العراقي على قرار نهاية أكتوبر الماضي يلزم الحكومة بالتنفيذ الفوري بإلغاء الجمع بين الرواتب المأخوذة من قوانين العدالة الاجتماعية ومن ضمنها امتيازات رفحاء.
وخرجت في حينه احتجاجات في عدد من محافظات العراق لمجموعة من الأشخاص وهم يحملون السلاح وقالوا إنهم من محتجزي رفحاء السابقين، وهددوا وتوعدوا كل “من يمس” بامتيازاتهم المالية.
يشار إلى أن المئات من معارضي نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، هربوا إلى السعودية بعد انتهاء حرب الخليج الأولى عام ١٩٩١، واستقروا في مخيم رفحاء القريب من الحدود مع العراق لعدة سنوات، قبل أن يتم منحهم اللجوء في دول غربية أبرزها الولايات المتحدة وكندا والسويد وأستراليا.
ويقف العراق، ثاني أكبر الدول المنتجة للنفط في منظمة أوبك، على شفير كارثة مالية قد تدفعه إلى اتخاذ تدابير تقشفية، بين انخفاض أسعار الخام ووباء كوفيد - ١٩، وخصوصا أن اقتصاده يعتمد بأكثر من ٩٠ في المئة على الإيرادات النفطية التي انخفضت بواقع خمسة أضعاف خلال عام واحد.
ولا يزال العراق يعتمد في مشروع موازنته للعام ٢٠٢٠، والتي لم يصوت عليها بعد، على سعر متوقع للنفط قدره ٥٦ دولارا للبرميل، في ظل تراجع أسعار الخام لما دون ٣٥ دولارا.
وكانت وكالة فرانس برس قالت في تقرير لها في مايو إن الحكومة العراقية تفكر في اقتطاع جزء من رواتب الموظفين والمتقاعدين لمواجهة أزمة اقتصادية خانقة مزدوجة نتيجة انهيار أسعار النفط، وجائحة كوفيد - ١٩.
وبلغت إيرادات العراق من النفط خلال شهر أبريل الماضي ١.٤ مليار دولار، أي أقل من ثلث مبلغ الأربعة مليارات ونصف التي تحتاجها البلاد شهريا لدفع رواتب الموظفين في القطاع العام والتعويضات والتكاليف الحكومية.
ونتيجة للفساد المستشري منذ سنوات في مفاصل الدولة، يتقاضى آلاف الأشخاص أكثر من راتب من الحكومة العراقية، كالسجناء السياسيين وأفراد عائلاتهم ومن أبرزهم معتقلي رفحاء.