عمل زعماء الميليشيات الطائفية على ارسال شباب النجف وكربلاء وذي قار والقادسية وميسان والبصرة والمثنى وبغداد، إلى ساحات القتال في سوريا واليمن ولبنان، بحجة الدفاع عن المذهب، ثم تركوا عوائل وزوجات وأبناء من قتل منهم على قارعة الطرقات، من دون مأوى يستجدون الغذاء والدواء.
لقد تعمّدت الطبقة السياسية تدمير مستقبل الشباب في العراق كي يبقى عامل الاستغلال لهم ممكنا، وتبقى هذه الطبقة رهن العوز والفاقة، ما يدفعها للقبول بالمشاركة في الأجندة السياسية الطائفية لهؤلاء الساسة، لذلك كان خروجهم في الانتفاضة تهديدا حقيقيا لهذه الاستراتيجية.
وكما كانت المشاهد المأساوية للشباب الذي يموتون في الشوارع، والرؤوس المحطمة بقنابل الغاز المسيل للدموع، واستخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين العزّل، والتخوين والطعن بأخلاقهم والحط من قدرهم، بناء على طبيعة أعمالهم وانحدارهم الاجتماعي، كلها دليل على التهديد الحقيقي الذي شكلته الانتفاضة العراقية، وأهمية الحراك الذي يقومون به، والإمكانية المتحققة في أن يكون هذا الفعل عاملا حاسما في صنع عراق جديد.
لقد وصلت الطبقة السياسية الحالية إلى طريق مسدود أمام التحدي الحالي الذي صنعه شباب الانتفاضة العراقية، وبرهنت مجددا على حالة الشلل التي تعانيها، بسبب المحاصصة الطائفية التي تستند إليها كنظرية حُكم.
وارادت احزاب السلطة سحب بساط الشرعية من تحت أقدام المنتفضين، من خلال ترشيح أحد أعضاء حزب الدعوة لتولي رئاسة الحكومة المؤقتة، بعد أن استقال من كل مناصبه الحزبية يوم الجمعة الماضي.
في حين كانت الانتفاضة واضحة جدا في الدعوة إلى تغيير في أسس النظام السياسي القائم. كما أعلنت، ومنذ البداية، رفضها العيش في النموذج الذي تعيشه منذ عام ٢٠٠٣ وحتى اليوم. |