تتبادل القوات التابعة للحشد الشعبي في العراق، الأدوار مع إيران ذات العلاقة
الوطيدة مع قادة تلك الفصائل والموالية لها منذ تأسيسها ، في تنفيذ عملية دعائية
واسعة النطاق، هادفة لتأكيد الحضور على الأراضي العراقية والسورية، والإمساك بمناطق
ذات أهميّة في صراع النفوذ، على غرار منطقة الحدود بين سوريا والعراق، والتي قفزت
إلى صدارة الاهتمام مع بروز ملامح توجّه إيراني لإنشاء محور طويل مفتوح يصل طهران
بضفة المتوسّط عبر الأراضي العراقية والسورية واللبنانية، وظهور توجّه أميركي مضادّ
لمنع إقامة مثل ذلك المحور.
وقال قيادي في الحشد الشعبي بتصريح صحفي ، إنّ ” الحشد الشعبي بمختلف فصائله
على أهبة الاستعداد للعبور إلى الأراضي السورية لملاحقة تنظيم “داعش” “، وهو إعلان
في حال تجاوز البعد الدعائي وحظي بالمصداقية لا يخلو من حرج لحكومة بغداد، كونه
يجعل من العراق طرفا مباشرا في صراع تخوضه إيران على الأراضي السورية، حيث تتعرّض
مواقع عسكرية إيرانية لقصف من قبل “إسرائيل” التي تؤكّد إصرارها على التصدّي لأي
تمركز لقوات إيرانية أو لفصائل تابعة لإيران في سوريا، حيث وسّعت “تل أبيب” تهديدها
ليشمل الأراضي العراقية، متوعّدة أي فصائل موجودة على تلك الأراضي تكون لها صلة
بتمرير السلاح والمقاتلين إلى سوريا ولحزب الله اللبناني.
ومؤخرا تحدثّت مصادر عراقية عن “إبلاغ وزير الخارجية الأميركي “مايك بومبيو”
الحكومة العراقية إنذارا بنيّة إسرائيل مهاجمة أهداف على أرض العراق تابعة لفصائل
مسلحة تقاتل في سوريا، وأنّ واشنطن لن تستطيع أن تقف إلى الأبد في وجه تلك الرغبة
الإسرائيلية”.
ويحقّق جرّ العراق ليصبح طرفا في “معركة” ضدّ الولايات المتّحدة وإسرائيل،
مصلحة كبرى لطهران التي يبدو أنها أوكلت للحشد الشعبي مهمّة الزجّ بالبلد في تلك
المعمعة.
وقال قائد عمليات الحشد الشعبي لمحور غرب محافظة الأنبار غربي العراق، “قاسم
مصلح” في تصريح صحفي ، إنّ” قواته مستعدة لمطاردة “داعش” داخل الأراضي السورية “،
مبينا إنّ “قوات الحشد الشعبي المنتشرة على طول الشريط الحدودي مع سوريا أكملت كافة
استعادتها لاقتحام مناطق ارتكاز داعش داخل العمق السوري قرب الشريط الحدودي مع
العراق وتحريرها من التنظيم “.
وأنشئ “الحشد الشعبي”، المكوّن أساسا من عشرات الآلاف من المقاتلين “الشيعة”
وتنضوي تحته العشرات من الميليشيات، سنة 2014 على عجل استنادا إلى فتوى من المرجع
في العراق “علي السيستاني”، عرفت بفتوى “الجهاد الكفائي”، وذلك بغرض التصدّي لتنظيم
“داعش” الذي غزا في تلك السنّة مناطق شاسعة بشمال وغرب العراق، حتى أصبح على مشارف
العاصمة بغداد في ظلّ انهيار غير متوقّع للقوات العراقية المشتركة .
وفتح إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخّرا عن نيّته سحب قوّات بلاده من
سوريا فصلا جديدا في صراع النفوذ الذي تشارك إيران في خوضه، وذلك بالتوازي مع
العقوبات الشديدة المفروضة على طهران من قبل واشنطن والتي تطالب إدارة ترامب بغداد
بالالتزام بها.
الثلاثاء ٢٣ جمادي الاولى ١٤٤٠هـ - الموافق ٢٩ / كانون الثاني / ٢٠١٩ م