تساؤلات متواصلة عن مصير تظاهرات مدن جنوب العراق، وتحديداً احتجاجات البصرة،
التي تشكّل حديث العراقيين بعد انتهائها في ظروف قد تبدو غامضة للعامة، ومعروفة
أسبابها لمراقبين ومسؤولين سياسيين ، رغم أن الحكومة لم تحقق أياً من الوعود التي
أعلنت عنها بعد أيام من اندلاع الاحتجاجات، مثل توفير 10 آلاف فرصة عمل وصرف 3.5
ترليونات دينار (نحو 2.8 مليار دولار) وإطلاق برنامج تخفيف من الفقر وإيصال الماء
والكهرباء لكل الأحياء السكنية في البصرة ، بل على العكس من ذلك، زادت الأوضاع
سوءاً، إذ أعلنت السلطات الصحية عن ارتفاع عدد حالات التسمم إلى نحو 90 ألف حالة
جراء الماء الملوث وزيادة ساعات انقطاع الكهرباء وتراجع نسبة تجهيز الماء الحلو
بالصهاريج.
واكدت مصادر صحفية مطلعة في تصريح لها أنه ” وعلى الرغم من عدم الاستجابة
للمطالب وقفت التظاهرات، مايشير مراقبين للشان العراقي أن سبب توقف التظاهرات يعود
إلى آلة قمع وحشية تصدرتها فصائل مسلحة بالحشد الشعبي مقربة من إيران وخلية الصقور
الاستخبارية، وهي تشكيل استخباري أسسه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وينشط في
محافظات جنوب العراق وأغلب اعضائه من كوادر حزب الدعوة الإسلامية “.
واضافت أن ” ملاحقة أبرز قادة التظاهرات الذين ظهرت وجوههم على شاشات التلفاز
وفي الصور المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الاحتجاجات كانت سببا بتوقف
التظاهرات ، حيث تم اعتقال العشرات منهم واغتيل عدد آخر في ظروف غامضة وعثر على
جثثهم ، ولا يبذل أهالي البصرة عناء في تفسير سبب مقتل أحدهم أو العثور على جثته
صباحاً بل يبادرون إلى القول إنه “من جماعة التظاهرات”، في إشارة إلى أنه قتل بسبب
مشاركته في التظاهرات “.
وبينت أنه ” بلغ عدد الذين تم قتلهم خلال التظاهرات أو اغتيالهم بعدها 51 ناشطاً
ومتظاهراً من بينهم سيدة قتلت الأسبوع الماضي وسط البصرة بعدما كانت تتصدر المشهد
النسائي في التظاهرات، كما يتراوح عدد المعتقلين بين 700 و900 شخص، جرى إطلاق سراح
معظمهم، وأكدوا تعرضهم للتعذيب، في حين يستمر فقدان أثر نحو 30 شخصاً يُعتقد أنهم
لدى المليشيات وليسوا لدى قوات الأمن” .
واكدت ايضا أن ” الجماعات المسلحة، التي تنتمي لـ”الحشد الشعبي” تلاحق الناشطين
منذ بدء التظاهرات. وكان الأمر لا يتعدى المضايقة، لكن الأسابيع الأخيرة شهدت حملة
اغتيالات واسعة، في أحياء البصرة كافة ”
وأضافت نقلا عن ضابط في جهاز الاستخبارات في مدينة البصرة، اشترط عدم ذكر اسمه،
إن “القيادة الأمنية تعرفت على بعض سيارات الجماعات المسلحة التي تلاحق الناشطين
وتغتالهم، لكنها لم تتعرف على أرقام ومرجعيات هذه العجلات” ، مشيرا إلى ان “هناك
اتهامات لعناصر ضمن فصائل تابعة للحشد الشعبي بالمحافظة، لكننا لا نعرف حقيقة هذه
الاتهامات، لأن الأمن في البصرة لم يستقر منذ العام 2003، والمدينة معروفة بكثرة
السلاح فيها، والتصفيات الجسدية بين القبائل، لكن التحقيقات مستمرة لغاية الآن”.
ولفت الضابط نفسه إلى أن “قادة الشرطة والجيش والعمليات العسكرية في البصرة،
يمارسون تعتيماً إعلامياً على هذه الاغتيالات لأنهم لا يملكون أي معلومة حقيقية عن
هوية القتلة أو جهة انتمائهم ، فمنهم من يفسّرها بأنها جزء من انتقام فصائل في
الحشد الشعبي عقب حرق مقارهم والقنصلية الايرانية خلال الشهرين الماضيين “، موضحا
أن “الكثير من المعتقلين لدى الجيش تم الإفراج عنهم، إذ تم الإفراج عن أكثر من 100
معتقل خلال الأسبوعين الماضيين، في حين بقي العشرات منهم، وسيتم الإفراج عنهم بعد
أن تنتهي إجراءات التحقيق الخاصة بعمليات حرق مقار الأحزاب ومبنى مجلس المحافظة
بالإضافة إلى التجاوز على الممتلكات العامة”.
|