توقفت الكثير من الخطوط الإنتاجية لأدوية سامراء، بسبب الإهمال الحكومي، بعد أن
كانت تغطّي حاجة السوق المحلية في العراق لأكثر من أربعين عاماً بـ350 منتوجاً
طبياً، وبكفاءة عالية تضاهي المناشئ العالمية.
وتعتبر شركة “أدوية سامراء” من أبرز الشركات الدوائية في منطقة الشرق الأوسط؛
لما تتمتّع به من سمعة كبيرة في مجال صناعة الدواء، تأسست عام 1965 على أساس معاهدة
التعاون الإقتصادي والفني بين العراق والإتحاد السوفييتي، عام 1959.
حيث يقول الدكتور “عبد العزيز السامرائي” أحد الخبراء الذين كانوا يعملون فيها:
“كانت الشركة قبل إحتلال العراق عام 2003 ورشة عمل صاخبة مزدحمة بالنشاطات
التعليمية والبحثية، وبطلبة كليات الصيدلة، فضلاً عن الخبراء والمختصين بعلم
الصيدلة والكيمياء والتصنيع الدوائي، أما اليوم فتعيش مصانع الشركة أسوأ مرحلة في
تاريخها؛ بسبب الإهمال المتعمد من قبل وزارتي الصحة والصناعة”.
وأضاف السامرائي إن “الإهمال الحكومي لمنشأة مهمة وعريقة مثل منشأة سامراء أدى
إلى إنحسار إنتاجها إلى 60 منتجاً بعد أن كان أكثر من 350 منتجاً”، مؤكداً أن
“الإهمال مقصود ومخطّط له للقضاء على أي مشروع إقتصادي يُنعش إقتصاد العراق ومدينة
سامراء على وجه الخصوص؛ لأسباب سياسية وطائفية بامتياز”.
وأكد عدد من العاملين في الشركة أن “وفداً إيرانياً مكوّناً من مستثمرين كبار
زار الشركة وتفقّد أجهزة المصنع، وذلك من أجل إستثماره ومن ثم شراء الشركة
بأكملها”، معربين عن إستيائهم من قرار وزارة الصناعة عرض الشركة للإستثمار، فضلاً
عن المصير المجهول الذي ينتظرهم.
وبهذا الخصوص يقول موظف في وزارة الصناعة والمعادن العراقية، طالباً عدم الكشف
عن هويته لأسباب أمنية: إن “هناك اهتماماً كبيراً بشركة سامراء للأدوية من قبل
مستثمرين إيرانيين كبار، لذلك زار وفد مكوّن من ثلاثة رجال أعمال إيرانيين، وعدد من
أعضاء السفارة الإيرانية في بغداد، الشركة العامة لصناعة الأدوية والمستلزمات
الطبية في سامراء”.
وأكد أن “هناك دعم كبير للشركات الإيرانية من قبل مسؤولين وجهات حزبية متنفّذة
في الحكومة العراقية لاستثمار المنشآت والمصانع المهمة في البلاد”.
وعلق الخبير الإقتصادي “خالد السعدي” على قرار وزارة الصناعة العراقية بعرض شركة
سامراء للأدوية لـلاستثمار واصفاً القراربأنه “مهزلة إقتصادية”.
وأوضح إنه “من السهولة النهوض بالإقتصاد العراقي إن إعتمدت الحكومة العراقية على
الخبرات والكوادر العراقية، وتشغيل المصانع ودعم الإنتاج الوطني”.
وأضاف السعدي: إن “إيران سيطرت على القرار العراقي من خلال وجود أتباعها في أكبر
مراكز السلطة في البلاد، واليوم تسعى إلى بسط سيطرتها على المشاريع والمصانع
الحيوية؛ من أجل إنعاش إقتصادها المنهار”.
واستطرد بالقول: “تعمل الشركات الإيرانية في العراق بحرّية كبيرة، في حين تواجه
شركات محلية وحتى أجنبية عقبات كثيرة أبرزها تهديد المليشيات، الأمر الذي يضطرها
لترك العمل”.
وتابع السعدي حديثه قائلاً: “أغلب الوزارات والمؤسسات الحكومية في العراق ليس
لها خطط أو أهداف استراتيجية لتطوير المنشآت والمصانع، وخاصة وزارة الصناعة التي
تنتهج سياسة غير علمية، فالأجدر بها عرض شركات خاسرة للاستثمار أو البيع وليس
الشركات الرابحة التي تعمل ولها سمعة جيدة”.
وكان عدد المصانع العراقية التي تعمل بكل طاقاتها الإنتاجية، قبل عام 2003، نحو
178 ألف مصنع، بين حكومي تابع لوزارة الصناعة والمعادن، وآخر تابع للقطاعين المختلط
والخاص، بلغت نسبة مساهمتها بدعم الناتج الوطني نحو 23% حتى نهاية عام 2002.
|