أكد الناشط البصري “محمد الزيداني” أن “أعداد المتظاهرين الذين تم إعتقالهم منذ
بداية التظاهرات في يوليو/ تموز الماضي، إقتربت من 120 معتقلاً، تم إطلاق سراح 20
منهم، بعد إجبارهم على التعهد بعدم التظاهر مرة أخرى، والاعتداء عليهم بالضرب،
بأساليب لا تقبلها المنظمات الحقوقية والإنسانية، فيما بقي قرابة 100 متظاهر في
سجون المدينة، والسلطات الأمنية ترفض إطلاق سراحهم، بل وترفض أن يلتقوا بأهلهم
وذويهم”.
وأضاف الزيداني أن “أحياء أبي الخصيب، والقرنة ومناوي باشا والجزائر، والقبلة
والهارثة، وشط العرب والبراضعية، شهدت الأسبوع الماضي إرتفاعاً كبيراً في أعداد
المصابين بالتسمم ومعظمهم من الأطفال والنساء. ومنذ إنطلاق التظاهرات وسقوط العشرات
من القتلى، لم تشهد المحافظة أي تطور على صعيد الخدمات، سوى الزيارات السياسية
الفارغة، التي لم تساهم في حل أي مشكلة”، مبيناً أن “الحكومة المحلية في البصرة
بالتعاون مع ناشطي البصرة، كشفوا للحكومة الاتحادية في بغداد، عن أسماء المتجاوزين
على المياه الصالحة للإستخدام البشري في مناطق شمال البصرة، لكن الحكومة لم تحرك
ساكناً لأن بعض المتجاوزين، سياسيون معروفون في بغداد، وقادة في مليشيا “الحشد
الشعبي” وقد وضعوا أقفاصا للأسماك وحوروا مسارات بعض الجداول في شمال المدينة،
لصالحهم”.
ولفت إلى أن “وزارة الموارد المائية عملت خلال الأيام الماضية على توفير المياه
الصالحة للشرب عبر طريقة المراشنة، أي أن كل منطقة لها نصيب من ساعات توفر المياه،
وهي طريقة فاشلة، لأن مدينة البصرة كبيرة، وتشهد كثافة سكانية، فليس من المعقول أن
حيّاً يتألف من 100 ألف نسمة، تتوفر لديه المياه الجيدة لمدة ساعة واحدة في اليوم،
مضيفاً هذه الحلول الترقيعية نرفضها، وسنستمر بالتظاهرات حتى تُعالج الحكومة
العراقية أزمة البصرة بشكل جذري”.
من جانبه، أكد الشيخ العشائري “عبيد ساجت” وهو من وجهاء مدينة البصرة، أن
“الوعود التي تعهدت الحكومة بالوظائف للمتخرجين من أبناء البصرة، لم تتحقق، ودماء
القتلى الذين سقطوا من أجل المياه لم يتم محاسبة المقصرين فيها والمسؤولين عنها”،
مشيراً إلى أن “التحركات الشعبية الحالية لدى أهالي البصرة هي العصيان المدني
للموظفين في عدد من أحياء المدينة، بإستثناء العاملين في القطاع الصحي والأمن
الداخلي للمناطق”.
وخلال الأسبوع الماضي، زار رئيس البرلمان الجديد محمد الحلبوسي، مع وفد برلماني
وحكومي ضم نائبيه وعددا من البرلمانيين وممثلي الوزارات الخدمية والسيادية، مدينة
البصرة، للاطلاع على وضعها، وانتهت بإعلانه جملة من القرارات، تمثلت بتشكيل لجنة
لإعداد تقرير مفصل عن المحافظة، بالإضافة إلى المدن المحررة من سيطرة “تنظيم
الدولة”، والمدن المحررة، في حين أعلن عن إطلاق سراح 13 شخصاً من معتقلي التظاهرات،
وطالب في الوقت نفسه، قائد شرطة البصرة بإطلاق سراح باقي المتظاهرين المحتجزين ممن
لم يتسببوا بالضرر أو إلحاق الأذى بالممتلكات العامة أو الحرق.
في غضون ذلك، أشار النائب في البرلمان عن مدينة البصرة، “عامر الفايز” إلى أن
“الحكومة العراقية لم تعالج حتى الآن أي مشكلة من مشاكل البصرة، فما تزال أزمة
المياه تؤرق الأهالي، لا سيما اللسان الملحي ونقص الخدمات إضافة إلى إستمرار
الإعتقالات العشوائية للناشطين والمتظاهرين”، مبيناً أن “جماهير أهالي البصرة، في
حالة إستغراب حول عدم الإستجابة لمطالبهم، واستمرار المشاكل واللسان الملحي ونقص
الخدمات رغم كثرة المناشدات”.
وتابع، أن “الجهود البرلمانية الحالية تعمل على منع إستمرار الإعتقالات التي
فاقت كل التوقعات، وصارت عشوائية لدرجة أن الكثير من المعتقلين لم يكونوا ضمن
المتظاهرين، أو كانوا من السلميين إلا أنهم تعرضوا إلى إتهامات كثيرة وتم تحميلهم
جرائم لم يرتكبوها، فضلاً عن منع حرية التعبير، وبث الرعب تجاه المتظاهرين الذين
يخشون مداهمة منازلهم واعتقالهم”.
تستمر التظاهرات الشعبية في الجنوب بعد إرتفاع أعداد المصابين بالتسمم والأمراض
المعوية والمغص، جراء المياه الفاسدة التي تصل إلى بيوت المواطنين، إلى 80 ألف
مواطن بحسب مصادر مختصة، وبلوغ عدد المعتقلين لدى القوات العسكرية أكثر من 100 شخص.
حيث إستمرالمتظاهرون بالمطالبة بإصلاح منظومات المياه وبناء محطات تحلية لماء
البحر ليصبح صالحاً للإستخدام البشري، وإصلاح الكهرباء وتوفير فرص العمل ومحاربة
الفساد، والتحقيق بمقتل عشرات المتظاهرين خلال الأسابيع الماضية واصابة المئات،
بنيران القوات الحكومية ومليشيات “الحشد الشعبي”، التي واجهت المحتجين على سوء
الخدمات بالرصاص الحي في أحياء متفرقة من البصرة، وأعقب ذلك أعمال عنف واسعة النطاق
تمثلت بإحراق القنصلية الإيرانية ومقار حكومية ومكاتب أحزاب شيعية بارزة مقربة من
طهران، على رأسها مليشيا “منظمة بدر” بزعامة هادي العامري و”عصائب أهل الحق” بزعامة
قيس الخزعلي.
وتطور المشهد، حتى باشرت القوات الحكومية من الجيش والرد السريع “سوات”،
والاستخبارات وجهاز “الأمن الوطني”، بحملة إعتقالات كبيرة لناشطين وقياديين في
التظاهرات لا سيما أعضاء اللجان التنسيقية في الأحياء، واختفاء العديد منهم، فيما
شهدت الأسابيع الماضية، بروز ظاهرة لم تكن موجودة في البصرة، وهي العثور على جثث
لمتظاهرين، قضوا بعد مشاركتهم في الإحتجاجات.
|