أعلنت صحيفة “لوموند الفرنسية” في تحقيقها حول التظاهرات العراقية، أن مظاهرات
الصيف الحالي في العراق تميزت ببزوغ جيل جديد من الناشطين العفويين والعنيفين
أحيانا، لا يتبعون لزعيم معين ولا ينضوون تحت راية أي حزب ولا يجمعهم سوى تطلعاتهم.
وتقول الصحيفة، الى أنه تحت وطأة حرارة الصيف ونقص الكهرباء وشح مياه الشرب و
البطالة ، عجت شوارع البصرة بآلاف العمال اليوميين والخريجين العاطلين عن العمل
والناشطين والمدونين وغيرهم، إحتجاجا على تراجع الخدمات واستشراء الفساد.
وتنقل مراسلة الصحيفة الخاصة بالعراق “هيلين سالون” عن أستاذ العلوم السياسية
بجامعة البصرة محمد عطوان قوله إن حراك “جيل 2018” يختلف عن سابقيه إذ إنه متحرر من
الأيديولوجيات السياسية والدينية، فلا هو مرتبط بالأفكار القومية ولا بالخطاب
الديني الشيعي الذي جسده محمد باقر الصدر ولا بثورة الخميني بإيران.
وتتفق المراسلة مع هذا الطرح، إذ تقول إن شعارات ترددت من البصرة إلى النجف
مرورا ببغداد كلها، ترفض الأحزاب الدينية ونظام المحاصصة
الطائفي الذي يسيطر على البلاد منذ عام 2005، كما تخللت تلك المظاهرات شعارات
مناهضة لإيران مثل: ” إيران برة”- واتهامات لها بالتدخل في الشؤون الوطنية للعراق
من خلال دعم هذه الأحزاب السياسية.
وتنقل “سالون” عن المدون الناشط “طائف خضير” قوله إن أيقونات شيعية اعتاد الناس
تقديسها، أصبحوا اليوم يستهجنونها.
ويقول الصحفي والناشط “حسام كعب” أن ثمة تصعيدا في المطالب، إذ لم يعد
المتظاهرون -بحسب رأيه- يقبلون بأنصاف الحلول، إنهم يريدون تغييراً جذريا وقد
أصبحوا ينظرون إلى الأحزاب السياسية بوصفها “بلاء”.
ويرى المتظاهرون أن السياسيين لا يأبهون بمطالبهم وأن كل واحد منهم مشغول
بمصالحه الشخصية، ولذلك فإنهم يرفضونهم، وقد فاقم هذا الرفض من قلق الطبقة السياسية
الشيعية التي ينبع المحتجون من قاعدتها الانتخابية، كما أظهر وجود استياء واضح في
صفوف هذه القاعدة وهو ما عكسته نسبة المشاركة الضعيفة نسبيا خلال الانتخابات
التشريعية في 12 مايو/أيار.
ويبدو أن الزمن الذي كان فيه المتطوعون الشيعة ينضمون لمليشيات تقاتل عناصر
“تنظيم الدولة” في العراق -بل حتى في سوريا – قد ولى.
ويتفق “جيل 2018” على أن ما يمر به العراق “ثورة او انتفاضة “، وبعضهم يدعو إلى
إنشاء “نظام رئاسي”، بينما يحن آخرون إلى زمن لم يعيشوه، فيدعون حتى إلى عودة حكم
“الرجل القوي” كما كانت الحال أيام صدام حسين.
|