التحركات العسكرية لميليشيا “الحشد الشعبي” أثارت مخاوف رئيس الحكومة المنتهية
ولايتها ” حيدر العبادي “، خصوصاً أنّها أصبحت خصماً سياسياً له، لارتباطها رسميا
بمعسكر الفريق الثاني المكون بزعامة “نوري المالكي ” و”هادي العامري ” المتصارع مع
معسكر “العبادي و الصدر” لتشكيل الكتلة الكبرى في البرلمان ، حيث تفاقمت حدّة فقدان
الثقة بين الجانبين بعد قرار قيادة ميليشيا الحشد الأخير، بانسحابها من مقرّاتها في
الجبهات والمحافظات المستعادة في المناطق العراقية الشمالية والغربية، ما دفع
بالعبادي إلى اتخاذ قرارات مشددة تمنع أي تحرّكاتها وتقيّدها باستلام الأوامر منه
شخصياً، وبابتعادها عن أسوار بغداد.
واكدت مصادر صحفية مطلعة في تصريح لها انه ” ووسط هذه الأجواء المشحونة أمنياً
وسياسياً، تثار مخاوف من خروج “الحشد” عن سلطة العبادي، ما قد يدفع باتجاه أزمات
خطيرة ، لاسيما بعد ان قررت قيادة “الحشد” أخيراً الانسحاب من المحافظات المحرّرة،
وبدأت بتطبيق القرار فعلياً من دون أخذ موافقة العبادي المسؤول عنها نظرياً بصفته
قائداً أعلى للقوات المسلحة وبعدما ضمها إلى مؤسسة الجيش ، ما دفع بالأخير إلى
اتخاذ قرار بمنع أيّ تحرّك لها ، إلّا بموافقته شخصياً، ما أثار غضب قياداتها، التي
احتجّت على قرار العبادي”.
واوضحت إنّ “قرار الحشد بالانسحاب من معسكراتها، أثار مخاوف العبادي من تحرّكات
مشبوهة تعتزم المليشيا القيام بها”، مبينة أنّ “ما عزّز مخاوف العبادي حصوله على
معلومات من السفارة الأميركية في بغداد، عن تحركات مريبة للحشد، ومساع للاقتراب من
العاصمة بالتزامن مع التنافس على تشكيل الكتلة الكبرى” بحسب المصادر .
وبينت أنّ “العبادي سارع بتلافي الموقف، واتخذ قرارات بمنع أي تحرّك للحشد إلّا
بموافقته حصراً، وعدم تنفيذ أي توجيهات من أي جهة أخرى”، مضيفة أنّ “العبادي اتخذ
قراراً أيضاً بتغيير بعض قيادات الحشد، وإبعاد القيادات التي تكنّ العداء له” ،
مشيرة إلى أنّ “العبادي وجّه أيضاً القيادات الأمنية بأن تكون على أهبة الاستعداد
للتصدي لأي تحرّك مشبوه، وأن تكون على تواصل مباشر معه شخصياً، كما وجه لجاناً
سريّة بمتابعة تحركات الحشد أولاً بأول، وأنّ قرارات العبادي تسببت بخلافات وأزمة
حادّة بينه وبين قيادة الحشد، ما صعّد من حدّة المخاوف أكثر” بحسب قولها .
واضافت ان ” ذلك يأتي في وقت دعا فيه زعيم العصائب وهو فصيل ضمن الحشد “قيس
الخزعلي”، إلى التعاون لتغيير النظام السياسي في العراق من برلماني إلى رئاسي”،
محذّراً “من بقاء المفسدين في السلطة، والدفع باتجاه حكومة طوارئ” ، في وقت ردّت
قيادة الحشد على قرار العبادي، معتبرةً أنّه “يستخدم سياسة ليّ الأذرع، من أجل
البقاء في السلطة” ، مؤكدة انه “كان الأولى بالعبادي إعطاء رواتب المقاتلين
والاهتمام بالجرحى والشهداء، بدلاً من قرارات لي الأذرع تجاه قوات الفتوى المباركة
( في إشارة إلى الحشد الذي شكّل بفتوى المرجع “علي
السيستاني”)”، واصفةً قرار العبادي بـ”السياسي، وجزء من معترك الحصول على ولاية
ثانية” بحسب تعبيرها .
وافادت ان قيادة ميليشيا الحشد كذلك اتهمت العبادي بـ”استمرار سياسة الضغط ضدها،
خلال الأعوام الأخيرة، مجاملة للأميركيين، ولتحقيق مصالحه الخاصة”، مبينةً أنّ
“أساليب العبادي تركّزت على عدم إعطاء مخصصات مالية كافية لمنح رواتب للحشد الشعبي،
أسوة ببقية القوات الأمنية، وإهمال ملف القتلى والجرحى تحت ذرائع عدّة” ، متابعة
انه “لم يكتف العبادي بالضغط المادي، بل هاجم الحشد مراراً وتكراراً، من أجل تسقيطه
معنوياً؛ فتارةً يتّهمه بوجود منتسبين وهميين، وتارةً يمنعه من الحصول على مدرعات
وهمرات، أسوة بصنوف الجيش ، الأمر الذي دفع مقاتلي الحشد إلى الاعتماد على انفسهم
“، عادة قرار العبادي “خروجاً على توصيات المرجعية، وعلى تأكيداتها مراراً، على عدم
التهجّم على رموز الحشد”.
|