يشعر النازحون بحالة من اليأس وخيبة الأمل تجاه العملية السياسية برمتها ، التي لم
تجلب لهم سوى التشريد والخراب والدمار ، ولذلك لا يهتمون كثيرا بالانتخابات التي
ستجرى يوم غد السبت ، حيث يتوقعون أنها لن تغير من أوضاعهم المأساوية شيئا ، وفي
هذا السياق ، يرفض مئات الآلاف من نازحي المدن العراقية ذات الغالبية السُنية،
ومعظهم لايزالون في مخميات تفتقر لأبسط ضروريات الحياة، الإدلاء بأصواتهم في
الانتخابات ، لصالح مرشحي قوائم وكتل سياسية سنية، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية
وانعدام الخدمات الأساسية، ومنع أعداد كبيرة منهم من العودة إلى مناطقهم المنكوبة.
ويسكن معظم هؤلاء المناطق التي كانت ساحة للمواجهات العسكرية بين ( داعش )
والقوّات المشتركة ، في محافظات صلاح الدين والأنبار وديالى وجنوب بغداد وجرف الصخر
شمال بابل.
أحد نزلاء تلك المخّيمات، هو نازح من محافظة صلاح الدين، ويدعى أبو نذير، قال
للقدس العربي إن “أعدادا كبيرة من النازحين، خاصة الذين لم يعودوا لمنازلهم
المهدمة، يرفضون المشاركة في الانتخابات التي ستجري السبت المقبل.
إذ أن معظهم، وفق المصدر يميل لفكرة المقاطعة بسبب ما يعانون من ظروف معيشية
صعبة، يقابلها التذمر والقلق من صعود وجوه سياسية فاسدة كانت سببا بدخول الجماعات
المتطرفة لمدنهم وتهجير الآلاف من المدنيين في صراع سياسي لا ناقة لهم فيه ولا جمل.
فضلا عن تخلي معظم السياسيين المرشحين عنهم وعدم الإلتفات إليهم طيلة السنوات
الماضية وتركهم يواجهون مصيرا غامضا ، طبقاً للمصدر الذي بين أن “مفوضية الانتخابات
لم تنشط في أغلب المخيمات لتحديث السجلات الانتخابية، وهذا بحد ذاته تقصير ، وأضاف
أن هناك عرقلة متعمدة من قبل الجهات الحكومية في ملف عودة النازحين لحرمانهم من
المشاركة في الانتخابات”.
وأوضح المصدر أن “أعدادا قليلة جداً من العائلات غادرت المخيمات بعد صدور
الموافقات الأمنية إلى مناطق سكناهم المحررة، بينما ما زالت عشرات آلاف العائلات
النازحة في العراء ممنوعة من العودة إلى ديارها وأغلبها نازحة من مناطق جرف الصخر
شمال بابل والقائم وهيت وعانة وراة أقصى محافظة الأنبار، وتقبع داخل المخّيمات
بذريعة التدقيق الأمني”.
المواطن “خالد عمر” 34 عاماً ، وهو نازح من منطقة العويسات إلى مخميات
الفيحلات فرّ إليها بسبب المعارك ضد ( داعش ) والتهجير الذي مارسته ميليشيا كتائب
حزب الله ، قال للقدس العربي: “لن أشارك في الانتخابات، ولن أنتخب أي سياسي مرشح عن
محافظة الأنبار حتى أعود إلى بيتي الذي هجرت منه منذ أربع سنوات. لا أريد غير
العودة، ورؤية منزلي ومزرعتي التي استولت عليها الميليشيات ، وأضاف، نحن هنا منذ
مدة تزيد على الثلاث سنوات، نعاني من ظروف معيشية قاسية، تتمثل بقلّة المياه
الصالحة للشرب وانقطاع التيار الكهربائي بصورة مستمرة، يضاف إليها تفشي الأمراض
الجلدية وانعدام المراكز الصحية، فضلاً عن نقص المواد الإغاثية، ولم يتفقدنا أحد أو
يسأل عنا”.
أم صدام المحمدي ، المرأة الأربعينية ، والتي تنحدر من ناحية بلدة الصقلاوية
شمال الفلوجة، تساءلت : “كيف لنا أن نذهب للانتخابات ومازال مصير عشرات الشبان
الذين اختطفوا على يد الميليشيات الشيعية بطريقة تعسفية انتقامية مجهول؟ ، وتابعت:
أحدثك عن مأساتي أنا فقدت ثلاثة أولاد لايزالون شبانا خلال عمليات التحرير منذ ثلاث
سنوات، لم أدع جهة ولا معتقلا إلا ولجأت اليها لمعرفة مصيرهم ولم أعثر على أي أثر
يدلني عليهم في ما إذا كانوا أحياءً أو زج بهم بالسجون السرية، صورهم وذكراهم
لاتفارقني، لن ننتخبهم إلا إذا أعادوا إليّ أولادي، صدام وعثمان وعلي”.
وكانت الحكومة والعديد من السياسيين الممثلين عن المحافظات السُنية التي
تشهدت عمليات نزوح ضخمة قد تعهدوا قبل نحو شهور بإعادة جميع النازحين إلى مناطقهم،
والإفراج عن كافة المعتقلين الذين اعقتلوا أثناء العمليات العسكرية بتهمة الاشتباه
في الانتماء لـ( داعش ) قبل حلول موعد الانتخابات البرلمانية في 12 مايو/أيار
المقبل ، لكي يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات.
السبت ٢٦ شعبــان ١٤٣٩هـ - الموافق ١٢ / أيــار / ٢٠١٨ م