التقارب بين العراق وسوريا لم يك جغرافيا فقط ، بل تقاسم المعاناة والالام وتشابه
الظروف الامنية الصعبة والازمات والمصير المجهول للشعبين الجريحين ، تكاد تجتمع في
توحيد المصير لشعبي البلدين ، حتى وصل الحال الى تقاسم مخيمات النزوح بين نازحي
العراق وسوريا ، حيث تتقاسم آلاف العائلات العراقية معاناة المخيمات مع النازحين
السوريين في المخيمات المنتشرة شمال سورية ، وبالرغم من التصريحات الحكومية بعودة
القسم الأكبر من النازحين العراقيين إلى مناطقهم خلال الأشهر الماضية تزامناً مع
انتهاء المعارك والعمليات العسكرية فيها ، إلّا أن واقع الحال يثبت عكس ذلك لوجود
أعداداً كبيرة منهم ما زالت في المخيمات السورية بعدما فقدت كلّ ما تملكه في العراق
وباتت كلّ أماكن النزوح لديها سواء.
واكدت مصادر صحفية مطلعة في تصريح لها ان ” مخيم المبروكة هو أحد المخيمات
التي استقبلت لاجئين عراقيين في سورية، تديره الإدارة الذاتية الكردية، التي أصدرت
أخيراً قراراً بنقل نحو 15 عائلة عراقية من مخيم المبروكة بريف مدينة رأس العين
بمحافظة الحسكة، إلى مخيم الهول، جنوبي شرقي الحسكة، بالقرب من الحدود السورية
العراقية، تمهيداً لنقلهم إلى العراق، ويقضي القرار بضرورة عودة العراقيين تدريجياً
لمدنهم وقراهم بعد استتباب الأمن فيها ” بحسب المصادر .
واوضحت المصادر نقلا عن ناشطين في مجال حقوق الانسان أنّ “الإدارة الذاتية
تنوي إعادة العراقيين المتواجدين حالياً في مخيم المبروكة تدريجياً من المخيم الذي
أنشئ عام 2016 على بعد 40 كلم من مدينة رأس العين، ويضم نحو 8 آلاف نازح ولاجئ،
أغلبهم من دير الزور وريفها، بالإضافة إلى أعداد من ريفي حلب والرقة ومن العراقيين
، مما أتوا من مناطق الموصل وتكريت والفلوجة وتلعفر ومحافظة نينوى وخصوصاً سنجار،
وتمركزوا في مخيم الهول بريف الحسكة الجنوبي”.
وبينت المصادر نقلا عن ناشطين ان ” مخيم الهول يعد من أكبر مراكز تجمع
اللاجئين العراقيين في سورية، لكنه يعاني من ضعف في المساعدات المقدمة من الوكالات
التابعة للأمم المتحدة والإدارة الذاتية الكردية المسيطرة على المنطقة ، حيث يعاني
المخيم من قلة الرعاية الصحية، ما أدى لانتشار الأمراض، بالإضافة إلى غياب وسائل
التدفئة في جو شتوي صحرواي بارد جداً، ما يؤدي لانتشار الأمراض التنفسية ونزلات
البرد الحادة خصوصاً لدى الأطفال وكبار السن، إلى جانب عدم توفير شروط النظافة
العامة كجمع القمامة والحمامات الصحية، وبنتيجة الاكتظاظ السكاني أنشئت حمامات
مؤقتة عن طريق بناء حفر فنية، ما يشكل خطراً صحياً في الصيف المقبل على سكان
المخيم”.
واضافت المصادر في تصريحها ان “هناك طبيب تابع للإدارة الذاتية يزور المخيم
كلّ فترة، لكنّها لا تقدم لنا الأدوية اللازمة، لذلك نضطر لشرائها من العراق وجلبها
عن طريق المهربين، لعدم توافر الدواء السوري في المنطقة، ما يحمل النازحين أعباءً
مادية زائدة لا طاقة لهم بها، بسبب البطالة المنتشرة بينهم ” ، مبينة ان ” المجتمع
المحلي والجمعيات الخيرية في المنطقة يحاولون تقديم العون للأهالي، كالمساعدة في
تأمين المواد لإصلاح الخيام المهترئة ونقل المياه الصالحة للشرب، بالرغم من الأوضاع
السيئة للسكان المحليين التي خلفها الصراع في سورية والمعارك التي استمرت طويلاً
للسيطرة على المنطقة”.
ويقع مخيم الهول غربي بلدة الهول على بعد 5 كيلومترات من الحدود السورية
العراقية، ويتألف من 130 منزلاً، لكنّ العدد الهائل من اللاجئين والنازحين، دفعهم
لنصب خيام بالقرب منه. أنشأت الأمم المتحدة المخيم في فترة الحرب الأميركية على
العراق، لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين الفارين من العراق، وتم استهدافه بالقصف من
قوات النظام السوري عدة مرات، حتى سيطرت قوات الحماية الكردية عليه ليعود استثماره
كمخيم للاجئين.
ويعتبر كثير من العراقيين الأراضي السورية محطة مؤقتة في طريقهم إلى تركيا،
لاسيما وان الاف العراقيين حطت بهم الأقدار في تلك المخيمات ،وان معظمهم من أصول
تركمانية من منطقة تلعفر، جاؤوا إلى ريف إدلب كمرحلة أولى للعبور نحو الأراضي
التركية، لكن انقطعت بهم السبل.
الاحد ٢٥ جمادي الاولى ١٤٣٩هـ - الموافق ١١ / شبــاط / ٢٠١٨ م