اهل الموصل العائدين من نزوحهم عقب انتهاء العمليات العسكرية على مدينتهم لتسعة
اشهر كاملة كانوا يدركون أنه من الصعب العيش وسط الركام الذي خلفته تلك العمليات ،
والمخلفات الحربية والعسكرية التي تهدد حياتهم في كل لحظة ، وصولا الى شبح الموت
المتمثل بالجثث التي ترقد تحت انقاض المباني المهدمة ، بما لايقل عن حجم المعاناة
عن التي كانوا يعيشونها في مخيمات النزوح التي تفتقر لكل شيء مهما كان بسيطا.
قالت مصادر صحفية مطلعة نقلا عن احد العائدين مع اسرته الى احد احياء الموصل
القديمة غربي الموصل بالساحل الايمن ان ” المواطن لا يريد أن يمشي أطفاله العائدون
بعد فترة نزوح قاسية بجوار جثث القتلى في الشارع كل يوم ، مضيفا اننا نقدر على
العيش بلا كهرباء لكننا نحتاج لأن ترفع الحكومة الجثث فهي تنشر الأمراض وتذكرنا
بالفظائع التي عشناها”.
واوضحت المصادر نقلا عن اهالي الموصل في تصريحها ان ” رائحة الموت التي تزكم
الأنوف تتصاعد من أركان تمتلئ بالركام وسط الخراب الذي حل بالشطر الغربي من الموصل
ومن سيارات يأكلها الصدأ لا تزال مفخخة بالمتفجرات ومن بيوت مهجورة بعدما فر من
استطاع ، مبينة ان غالبية الجثث الملقاة في العراء في شوارع الحي القديم الذي لم
يعد إليه سوى نحو 5000 فقط من الذين ضاقت بهم الدنيا فاضطروا للعودة اليه بعد ان
كان عددهم يبلغ 200 ألف نسمة “.
واوضحت المصادر نقلا عن الدفاع المدني في الموصل إنه ” تم جمع جثث 2585 مدنيا
حتى منتصف يناير (كانون الثاني) وإنه لم يتم التعرف على أصحاب الكثير منها وإنه استكمل عملياته ، ولا يريد
الدفاع المدني إهدار موارده هباء، موضحا ان الخلاف على جثث القتلى بزيادة غضب سكان
المدينة الذين أرهقتهم حرب صعبة وكذلك فإن العدد النهائي للقتلى من المدنيين مسألة
سياسية لها حساسية كبرى في العراق بل وخارجه “.
وبينت المصادر ان ” مديرية البلدية اضطرت إلى تشكيل فريقها المتخصص لتلقي
طلبات سكان المدينة للعثور على أكثر من 9000 مفقود أغلبهم كانت آخر مرة يشاهدون
فيها في الحي القديم ومن المفترض أنهم دفنوا تحت الركام ، حيث يعمل الفريق حاليا
على إنجاز طلبات لرفع 300 جثة ويرسل مجموعات لانتشالها كلما أمكن ، لكن هذه الجثث
هي التي شاهدها جيران أو أفراد العائلات أو المارة وحددوا مواقعها “.
الثلاثاء ٢٠ جمادي الاولى ١٤٣٩هـ - الموافق ٠٦ / شبــاط / ٢٠١٨ م