كشفت صحيفة "إندبندانت" في عددها الصادر الثلاثاء أن حكومة توني بلير ناقشت غزو العراق قبل أكثر من عامين من وقوعه، وحذّر مسؤولون من وزارة الخارجية البريطانية خلال النقاش من أن الغزو سيكون غير قانوني وسيسبب خسائر كبيرة ويؤدي إلى انهيار العراق.
وقالت الصحيفة إن هذا التحذير جاء ضمن وثيقة استراتيجية سرية لوزارة الخارجية البريطانية عام 2000 وضعت فيها خيارات التعامل مع صدام حسين، وتُعد واحدة من الوثائق الرئيسية التي حجبها رئيس لجنة التحقيق في حرب العراق جون تشيلكوت، وحصلت عليها وتنشرها للمرة الأولى.
وأضافت أن الوثيقة عارضت سياسة تغيير نظام صدام حسين، ورأت أنها لن تحظى بدعم دولي مفيد، وتتطلب جهوداً عسكرية واسعة النطاق، بما في ذلك الغزو البري، "تنطوي عليها مخاطر كبيرة في الضحايا ربما تقود في نهاية المطاف إلى أعمال ردع أو تحد من قبل صدام حسين".
واشارت الصحيفة إلى أن الوثيقة ذكرت "أن غزو العراق سيكون غير قانوني، كما أن المحاولات السرية من ناحية أخرى، تبدو مستبعدة النجاح وتخاطر في تفتيت العراق، والذي يدير سياسة تتعارض بوضوح مع مصالحنا الأوسع في المنطقة".
واشارت إلى أن الوثيقة تشكك بمزاعم بلير بأن استخدام القوة العسكرية لازاحة صدام حسين من السلطة لم يتم مناقشته إلا بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، كما أنها ستزيد من الضغوط على لجنة التحقيق في الحرب لدعوة بلير مرة أخرى لتقديم المزيد من الأدلة هذا الصيف.
وقالت الصحيفة إن الوثيقة الاستراتيجية وضعها ويليام باتي، سفير بريطانيا حالياً لدى السعودية، حين كان يشغل منصب رئيس قسم سياسة الشرق الأوسط بوزارة الخارجية البريطانية، قبل انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة عام 2000 والتي ادخلت جورج بوش إلى البيت الأبيض، ونصت على "أن قرار الأمم المتحدة عام 1999 الذي طالب باعطاء مفتشي الأسلحة حرية الدخول إلى العراق، سيبدأ قريباً بفقدان مصداقيته في حال رفض صدام حسين التعاون مع المفتشين".
واضافت الصحيفة أن الوثيقة أوصت بأن سياسة احتواء صدام حسين وربما تخفيف العقوبات المفروضة وقتها على نظامه "لا تزال الخيار الأفضل من أجل تحقيق أهداف سياستنا تجاه العراق، لأن البدائل الأخرى غير جذابة في هذه المرحلة".
ويأتي هذا الكشف قبل ثلاثة أيام من مثول رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون أمام لجنة التحقيق في حرب العراق في الخامس من آذار/مارس الجاري لتوضيح الدور الذي لعبه في القرار الذي اتخذته حكومة سلفه بلير لغزو العراق.
وكانت صحيفة "الاوبزرفر" قد ذكرت الاحد ان رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير اصيب بالاكئتاب بعد احتلال العراق لدرجة انه اراد الاستقالة في الصيف التالي لشن الحرب في 2003، الا انه عاد وغير رايه.
وقالت الصحيفة ان بلير اصيب بحالة شديدة من الاجهاد الجسدي والعقلي لدرجة انه ابلغ اصدقائه ان ذهنه كان يغيب عدة مرات خلال جلسة البرلمان الاسبوعية للمساءلة.
وقال الصحافي السياسي اندرو راونسلي في كتاب "نهاية حزب" الذي تنشره الصحيفة على حلقات ان بلير كان منزعجا لدرجة كبيرة من حالة الفوضى وسفك الدماء في العراق اضافة الى الضغوط التي كان يمارسها عليه غوردون براون الذي كان وزيرا للمالية في ذلك الوقت، للاستقالة.
وصرح راونسلي ان بلير استطاع ان يخفي اكتئابه عن عامة الناس ومعظم موظفيه الا انه قرر سرا الاذعان الى رغبة براون وتسليمه القيادة في منتصف ولايته الثانية.
الا ان بلير الذي كان حليفا قويا للرئيس الاميركي جورج بوش في غزو العراق في 2003، عدل عن رايه وقاد حزب العمال الى النصر في الانتخابات العامة عام 2005، ليعود ويستقيل من رئاسة الوزراء بعد ذلك بعامين.
وقالت سالي مورغان مديرة العلاقات الحكومية في حكومة بلير لراونسلي ان "العراق كان كالرمال المتحركة التي كانت تبتلع بلير خاصة الفظائع والصور الفظيعة (لاساءة معاملة سجناء سجن ابو غريب)".
|