حذر سياسيون وخبراء اقتصاديون الحكومة الحالية من نقل المصانع الإيرانية إلى العراق؛ لأنها ستساهم في تدمير الاقتصاد العراقي الذي يعاني أصلا من الشلل، مؤكدين أن هذه الخطوة لها أبعاد سياسية من أجل مساعدة إيران في الحصار الاقتصادي المفروض عليها.

وكانت وزارة الصناعة الحالية قد تعاقدت مع عدد من الشركات الإيرانية لنقل مصانعها إلى العراق وفق ما يسمى "نظام المشاركة في الإنتاج" الذي ستكون منتجاتها بموجبه خاضعة للمواصفات القياسية العراقية، وفقا لما صرح به وكيل الوزارة الأقدم مكي الديري.

ونسبت مصادر إعلامية اليوم السبت إلى رئيس ما تسمى "اللجنة الاقتصادية" في مجلس النواب أحمد العلواني قوله: إن هذا الأمر له بعد سياسي واضح بامتياز، وإن هناك عدة قوانين تجيز استثمار الشركات العراقية بطريقة المشاركة مثلما حصل مع معامل الإسمنت ومعمل الحديد الصلب الذي استثمرته شركة تركية بمبلغ جيد.

وتابع: أما أن يجري التعاقد مع إيران لنقل مصانعها إلى العراق، فإنها مسألة غريبة وبحاجة إلى وقفة؛ لأن الجميع يعلم أن إيران تعاني من الانهيار الاقتصادي بسبب الحصار الدولي المفروض عليها.

وشدد العلواني على عدم السماح للحكومة الحالية بأن تخفف الضغط الدولي عن الاقتصاد الإيراني من خلال نقل المصانع إلى العراق، داعيا إلى متابعة هذا الأمر وإيقافه بأية وسيلة كانت، حسب تعبيره.

وطالب بموقف جاد من خلال عدم السماح لإيران بنقل معاملها إلى العراق، مبينا أن العراق لديه مصانع ومعامل يمكن استثمارها أو إعادة تأهيلها، وأنه ليس بحاجة إلى مصانع من إيران.

من جانبه، استغرب الأمين العام لاتحاد رجال الأعمال العراقي محمد شاكر الدليمي تعاقد وزارة الصناعة مع الجانب الإيراني لنقل مصانعه إلى العراق، قائلاً في حديث نقله موقع الجزيرة: إذا كان الأمر واقعيا وجديا، فإنه مصيبة؛ لأن العراق سينتقل من سيئ إلى أسوأ، مشيرا إلى أن المصانع الإيرانية تصنف بأنها من الدرجة الثانية أو الثالثة على مستوى العالم.

وتساءل الدليمي قائلا: ما هي مصلحة العراق في نقل هذه المصانع؟؟. وهل هي لنقل التكنولوجيا أو حقوق الامتياز؟؟.

وأضاف أن العراق يمكن أن يلجأ إلى شركات عالمية معروفة في الدول الأوروبية والأمريكية، لها سمعتها في السوق لنقل مصانعها إلى العراق من أجل بناء الاقتصاد العراقي، أما هذا الأمر، فإنه أشبه بغطاء آخر للفساد.

ودعا الدليمي وزارة الصناعة إلى إعادة النظر في هذا القرار؛ لأنه كارثة ستصيب العراق لا سيما وأن الحكومة في وادٍ، وواقع الحال في وادٍ آخر، مؤكدا أن الاقتصاد العراقي يعاني كثيرا؛ لأن القطاع الخاص بالصناعات العراقية مشلول بالكامل.

من جانب آخر، قال الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي: إن وزارة الصناعة عملت من خلال الشركة العامة لصناعة السيارات على التعاقد مع شركات من مختلف الجنسيات في صناعة السيارات، من ضمنها شركات إيرانية وصينية وأوروبية وآسيوية بهدف تطوير الصناعة المحلية عبر استيراد خطوط جاهزة لتطوير الصناعة المحلية.

وأضاف أنه على الرغم من عدم اقتناع الشارع العراقي بالنوعية والمتانة الخاصة بالصناعتين الصينية والإيرانية، إلا أن انخفاض سعر المنتج منهما قياسا بالأوروبي والآسيوي والكوري والياباني جعل الإقبال عليه أعلى من بقية المنتجات، مؤكدا أن عدم تفعيل قانوني المواصفات العراقية وحماية المستهلك جعل السوق العراقية مكانا خصبا لتسويق منتجات أقل جودة في الوقت الذي تشهد فيه الصناعة العراقية تراجعا كبيرا.

وأشار علي إلى أن هذا التراجع أدى إلى توقف العديد من المصانع في العراق بسبب عدم قدرتها على منافسة السلع الرديئة، فضلا عن أزمة الطاقة، وهو ما فتح السوق العراقية على مصراعيها للسلع الأقل جودة، ومنها السلع الإيرانية التي لا تنتج عبر العراق لتصدر إلى خارجه، وإنما لتستهلك داخل العراق؟؟!!.

وختم الخبير الاقتصادي حديثه بالقول: إنه في حال تطبيق قوانين حماية المنتج المحلي وحماية المستهلك والمواصفات العراقية التي بموجبها، ستوضع مواصفات للسلع على مستويات عليا، الامر الذي يمنع كثيرا من السلع الصينية والإيرانية الرديئة من الدخول إلى السوق العراقية.