لم يكن الموقف موجبا لرأي مرجعي ؟

 
 
شبكة المنصور
زامــل عــبــد

تناولنا في الحلقات الاربعة الاخيرة المشهد العراقي واللعبة التي مارستها وتمارسها الان امريكا وحليفها بالسر الغريم بالعلن ايران ودور ادواتها في الداخل العراقي واليوم اتوقف امام موضوع مهم  اوجد الحيرة في ذهن كل فرد من افراد المجتمع العراقي  والمراقبين والمحللين من الداخل والخارج وهو  لماذ السكوت على مايحصل في العراق من قبل المراجع سوى مايقوله من يمثلهم في خطب الجمعة دون فعل ملموس وقبل الولوج في  مفردات الموضوع لابد من العودة الى الايام الصعبة التي سبقت بدء العدوانيين بجريمتهم بغزو واجتياح العراق ، بث لقاء تلفزيوني حضره عدد من رجال الدين ومنهم السيد فرقد القزويني والمرحوم السيد علي الذبحاوي وثلاثة اخرين تناولوا في اللقاء الدور الذي لابد وان تتخذه المرجعية الدينية في النجف الاشرف وجمع الكفر يعدون العدة للبدء بجريمتهم  باجتياح ارض الاسلام واحتلالها وفرض ارادتهم مستشهدين بالفتاوى التي اصدرها  مفتي الازهر ورجال دين من السعودية والاردن وفلسطين وبلاد اسلامية اخرى ، و طالبوا المرجعية الدينية في النجف الاشرف ان تقول قولها بالعلن واتذكر المثل الذي تطرق اليه  السيد فرقد القزويني بلقائه مع السيد علي السيستاني حول ذات الموضوع حيث سأله  ما الفرق بين معاوية  وابنه يزيد واشار السيد فرقد بان المرجع الديني لم يجبه على سؤاله

هكذا كان المشهد العراقي في زاويته الدينية التي تقع عليها مسؤولية الاعداد لمواجهة العدوان والعدوانيين الذين هم بموجب الشريعة جمع كفر مستهدفين ارض الاسلام وارواح المسلمين هي عرضة  للقتل والتشريد والحرمان وهتك الحرمات ، ان انفراط عقد الدولة بغعل الغزو والاحتلال والالية التي اتخذتها الادارة الامريكية للعراق متجسدة بقانون ادارة الدولة العراقية أدت إلى التعارضات والخلافات  التي  لم يشهدها  الشارع العراقي  كون الدولة ساهمت بقيادتها الوطنية بكل الطرق باحتوائها من خلال اشاعة روح المواطنة بين ابناء الشعب واعتمادها اساس لكل الحقوق والواجبات ، لقد سـاهم المحتل عبر أدواته بالعبث بهذا العقد ، وجاءت أحداث كركوك المؤلمة بعد ثمانية أشهر من الغزو والاحتلال ليهجر ابنائها من العرب ويتم الاستيلاء على ممتلكاتهم بل قتل من قتل منهم لالذمب سوى لاثبات الامر الواقع الذي يراد له ان يكون  بان محافظة التأميم هي جزء من اجزاء  اقليم كردســتان الذي يراد له ان يكون دولة في دوله تمهيدا وتأسيسا" للانفصال ، ولتكون النموذج الذي يمكن تعميمه على مدن العراق وقصباته وحصل الذي حصل في نينوى و ديالى واحياء في بغداد وفي البصرة  ، أقول ان الذي حصل كان بفعل غياب مؤسسات الدولة بالاضافة الى اهتزاز أسس البناء الاجتماعي  الذي قامت الدولة  العراقية الحديثة بعملية ضبط توازناتها وخاصة مرحلة مابعد تنبثاق ثورة 17 - 30 تموز 1968 المجيدة  وبالرغم من الصورة غير الحقيقية التي كرسها الإعلام الغربي المعادي وقوى الشر والرذيلة من العملاء والخونه المتعيشين على فتات موائد المخابرات الاجنبية عن وجود كتلتين مضطهدتين تاريخياً شيعة الجنوب وأكراد الشمال تمهيدا  واستعدادا" لتنفيذ برنامجها الاجرامي لبدء الغزو بذريعة اشاعة الديمقراطية وحقوق الانسان والقضاء على النظام الديكتاتوري الشمولي المسبب لها والمهدد لجيرانه

 

كانت العلاقات الاجتماعية التي تربط ابناء العراق قبل2003  مبنية على الالفة والتأخي والمحبة فإن ما قام به المحتلون من تفكيك لبنية المجتمع ، وهتك نســيجه المتشابك والمتداخل ، عشــائرياً ومذهبياً قد أعاد العراقيين لما قبل قيام الدولة الحديثة عام 1921، مع الحركة العنيفة التي لحقت بأسس التعايش برزت موجة جديدة  قدمت نفسها للمجتمع على أنها تمتلك عقيدة خلاص مجربة  إنه الطريق الاسلامي وفق منهج أل البيت وقد أشاع هذا الاندفاع السريع لهذه الكتلة عبر رموزها من مرجعيات وأحزاب ذات ميليشيات مسلحة وهي  ((  تيار الحوزة الدينية العلمية في النجف الذي يستمد قوته من الطاعة التقليدية للمرجعية داخل شرائح واسعة ،  مواطنون عاديون وطلاب وتجار وموظفين و شيوخ عشائر ، المجلس الأعلى الذي اعتمد على ذراعه المسلح "فيلق بدر" في فرض وجوده وهيبته ، وقد تأسس ونما في إيران وبمباركة خميني ليكون اليد الطولى الايرانية في الشأن العراقي ، ولهذا تأثر كثيراً بالنموذج الذي أقامته طهران وان اغلب كوادره وقياداته من الاصول الايرانية او من ارتبط  اسريا بايران ونمت لهم مصالح متبادله مع الايرانيين ، التيار الصدري ورمزه  مقتدى الصدر الذي شرع بتأسيس ميليشيا مسلحة له أطلق عليها  اسم"جيش المهدي"، يتكون في غالبيته من شرائح مهمشة  فقيرة ومعدمة ، تنتشر داخل الأحياء الفقيرة في المدن ، وضمن أحزمة البؤس المحيطة بالمراكز السكانية الكبرى ، حزب الدعوة العميل الذي يدعي بانه هو الحزب التاريخي للشيعة وان نشوئه كان برعاية المرجعية الدينية في النجف  وكل قيادته في حينها من طلبة العلم  في المرجعية او المراجع ، لكن الحقيقة التي يخفيها الحزب  انه اصبح محضورا من المرجعية و طلبت التبرأ منه لانه خرج عن الشرط المرجعي بانه لجنة توعية دينية لتحصين الشباب  ضد الفكر الشيوعي الذي اصبح  متواجدا بشكل غير اعتيادي في اوائل الخمسينات بين الطلبة وشرائح اجتماعية ، ولدخول قياداته في التكتيكات الانتهازية المصلحية أفقده تأثيره داخل الجماهير الشيعية  )) و خوفاً وقلقاً لدى الطوائف والمذاهب والاثنيات الأخرى  من الحالة التي تعبر عن فحوى نوايا  ايران وادواتها والتي شهدها الشارع ومنها جوانب مظلمة شهدتها حالة التنافر التي حكمت العلاقة بين الحوزة العلمية في النجف، والأحزاب الدينية الشيعية  وما انتشر من عبارات التهكم والرفض وعدم الاهلية وغيرها ،  وهنا لابد من القول إذا كانت الحوزة والأحزاب قد لعبت هذا الدور التوافقي أو التنافسي على كسب ولاء جماهير الطائفة ، لأن الدور الذي لعبته إيران وما تزال لم يعد خافياً على أحد ، فإن مشــــاركة المجلس الأعلى الحكيم وحزب الدعوة الجعفري في مجلس الحكم ، لم يكن تعبيراً عن إرادة الشيعة أو الحوزة في النجف ، بمقدار ما كان التنفيذ الفعلي للإرادة الإيرانية وقد بينا بالتفصيل الدور الذي لعبته ايران من خلال  محمد باقر  وعبد العزيز الحكيم ، وهنا يستدعي الامر العودة الى  التاريخ القريب لنقيم المقارنة بين مظاهر التعاون والولاء للمحتل البريطاني كما عبر عنها تيار المجتهدين بين علماء النجف بداية عام 1919، لينقل الصراع باتجاه العراقيين الذين لم يجدوا عير الجهاد والتصدي للمحتل ، حيث كان توجه التيار الشيعي  وخاصة بعد  قتل المرجع الديني  محمد سعيد الحبوبي رحمة الله عليه  من اقرب المقربين اليه  في المرجعية  يتمركز حول قيام دولة شيعية  بدلاً من وحدة الجميع في مواجهة المحتل ، وبهذا يمكننا مقاربة كل ذلك مع الموقف الصامت ، المهادن ، الذي يحكم علاقة المرجعية الحوزة بالوجود الأمريكي البريطاني مابعد 9 نيسان 2003 ، بالرغم من أن هذه العلاقة كانت قد شهدت في العامين الأولين من عمر الغزو توتراً واضحاً لتنتقل بعدها إلى حالة من التناغم مع الإجراءات التي أنشأها المحتل ، وام المجرم بريمر لم يخفي ذلك التناغم في مذكراته التي اصدرها بكتاب او التي لم يتم نشرها وتسرب قسما منها الى وسائل الاعلام المقروء والمسموع  ،

 

استنتاجنا ألاولي ينطلق من تحليل موضوعي وعلمي  للسياقات التي يمكن أن تندفع إليها الأوضاع المتفجرة داخل الكتلة الواسعة التي يدعونها  ذات التوجه الطائفي الاستلابي لحقوق كفلها الدستور الذي هم به يتغنون بفعل التأثير الإيراني الكبير يقابله تكتيك الهروب من كابوس الشرق الأوسط الجديد الذي لم يستطع الاحتلال أن يحققه بأن يكون العراق الجديد هو النموذج لتحقيق فكرة الديمقراطية في المنطقة. فقد تحول الحلم إلى كابوس من الفشل المتلاحق أقضّ مضاجع الإدارة الأمريكية المهزومة وخليفتها التي يورقها وحلفائها المشهد العراقي  وصلابة المجاهدين فيه  وعدم تمكنهم من النيل من عزيمتهم بالرغم من الجور  والملاحقة والحملات الاعلامية المبرمجة لتشويه  الحقبة التأريخية التي مر بها العراق  وهو يتطلع يوميا الى  موقع متقدم من الارتقاء والابداع والتغيير وصولا الى الامل المنشود المشروع القومي النهضوي ، فعشرات الآلاف من القتلى والجرحى من العسكريين والمتعاقدين الذين تنقلهم الطائرات الأمريكية والبريطانية للقبور والمشافي ، دلل بما لا يقبل الشك على غوص المحتلين في رمال متحركة ، لن تتوقف عن ابتلاعهم يوماً بعد يوم ، أن احتلال العراق فضح المتغيرات الهائلة في علاقات القوى الدولية، وكشف عن تبدلاتها الشاملة لقد أكد النموذج العراقي بعد 9 نيسان 2003  على ظهور سياسة استعمارية جديدة يراد منها ترسيخ  ارادة القطب الواحد الهادف الى تأكيد الامبراطورية الفوضى الامريكية ونزعتها انطلاقا من هيمنتها على المنظمات الدولية ولتحويلها إلى أقسام تابعة إلى وزارة الخارجية الأمريكية التي ترسم السياسة الكونية

 

يقابل ذلك وكما اوضحت في  اول المقال السكوت من الذين يقال باسمهم مايقال والمباركة للجهود والمطالبة باحترام راي الفرد العراقي ، وهناك الجرائم اليومية بحق الانسان ومصيره ومستقبله الذي اصبح حلما  بعيد المنال من خلال النزوع نحو الهيمنة المطلقة من حزب الدعوة العميل وعدم اعترافه بارادة الشعب والذي يجسدة التمرد العلني من قبل الهالكي الذي يكافأ بالتحالف معه واعطائه الفرصة تلو الاخرى كي يماطل ويزداد تمردا على الدستور الذي هم يدعونه ويستمر السكوت ، وهنا  السؤال الكبير الذي  يصرخ به المواطن الذي هو عرضة للامتهان والسلب والقتل ألا يكون من الحق ان تقول المرجعية قولها  بهكذا سلوك تمردي على ارادة الناخبين الذين طالبتهم بالتوجه الى صناديق الاقتراع واختيار من يمثلهم ، ألم يكن الواجب الشرعي يتطلب الاعلان المباشر بان هكذا سلوك يتعارض مع روح الحق الذي يدعو له الاسلام ،  والم يكن الوقت مناسبا لتقول المرجعية قولها حتى تنأ بنفسها عن مايدعون ويخدعون المواطنين ، واخيرا وليس اخرا" ألم يكن الصواب  ان تقول المرجعية قولها حتى تتجرد من هيمنت  الارادة الايرانية عليها كما يقول الكثير منهم بانهم من الداعين الى الولاية المحدودة ( العبادات والمعاملات ) وينأون بانفسهم عن السياسة ودهاليزها التي اعدها وحددها جمع الكفر ولكن خير القول  وأبلغه  لله شأن في خلقه

 

 

ألله أكبر                 ألله أكبر                  ألله أكبر

والنصر حليف المؤمنين الصابرين المحتسبين لله القوي العزيز

وليخسأ الخاسئون

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ١٠ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٤أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور