فتنة الغزو والاحتلال ياهالكي

﴿ الحلقة التاسعة ﴾

 
 
شبكة المنصور
زامــل عــبــد

توقفت عند التشريعات التي تحافظ على وحدة التراب الوطني والمجتمع ووجوب  قيام الحكومة التي لا تعد متممه لحكومات الاحتلال الأربعة لأنها  التي تقع عليها المسؤولية الوطنية لمقاومة ما تمكن الشعوبيين والغازي المحتل من زرعه في عقول البسطاء الذين تغلب عليهم العواطف ، ومن هنا لابد من الاشاره إلى بعض التشريعات التي سبقت وكانت نتاج الخروج من كبوت الغزو والاحتلال التي تعرضت لها أراضيها و منها التشــــــــــريعات الفرنسية جاءت تحت عنوان التمييز الطائفي  (( حيث جرمت كل تمييز موجه ضد فئة من أفراد المجتمع بسبب أصولهم أو جذورهم أو جنسهم أو حالتهم العائلية أو الصحية أو الأخلاقية أو مذهبهم السياسي أو انتمائهم النقابي  )) إن هذا القانون هو استجابة واعية لوثيقة حقوق الإنسان وسابقتها مبادئ الثورة الفرنسية التي اتخذت من العدل والمساواة  مقياس للتعامل الاجتماعي  وأسلوب الاتصال فيما بين السلطة والرعية ، واليوم العراق بحاجة ماسه وملزمه لإشاعة مثل هذه المفاهيم القانونية الأخلاقية كي يعاد التوازن الاجتماعي  والترابط فيما بين أطياف المجتمع العراقي   لان السنوات السبع العجاف المنصرمة تمكن فيها المغالين والشعوبيين والجادين لهدم القيم الإنسانية الأخلاقية التي يمتاز بها الإسلام المحمدي من زرع  ما أرادوا مما سمح للكثير بإثارة الطائفية والبغضاء من قبل بعض الأفراد ضد آخرين بالطعن في انتمائهم الوطني أو السخرية من الفئات الاجتماعية التي ينتمون إليها أو طرح آراء ذات صلة بهم بشكل ساخر وتهميش من شأنه أن يقلل بأشخاص بين أفراد آخرين ،  إن القوى المعادية للعرب ترغب في إقامة خارطة اجتماعية تنضوي تحت خيمتها القوى المستغلة والمستغلة وتؤمن في تشكيلتها الرهيبة للقلة الطائفية القائدة الجاه المعنوي والامتيازات المادية وإدارة لعبة الطوائف طبقا للمقتضيات المطلوبة وهذا ما نراه اليوم واضحا في العراق العظيم من خلال الأحزاب الطائفية، ألهالكي ، الحكيم ، الجعفري ، الحسني ، التكريتي..الخ.

 

وبهدف ذلك تكون المهمات المحددة لهذا الاصطفاف الهجين هو الهاء اكبر ما يمكن من القاعدة الشعبية وإبعادها عن جوهر قضاياها الوطنية والقومية وعلى رأسها تحرير العراق والأرض العربية من جمع الكفر نصارى يهود وحلفائهم الصفيون الجدد، وجرها بالاتجاهات المغلوطة بحيث توضع في مواقع حائرة وأخرى متناقضة لطبيعة مصالحها الحقيقية ، والتأثير المضاد على فعل المقاومة الباسلة ، لأن هبة الطوائف تحاول إقامة استقطاب طائفي يضيق بأهداف حركة التحرير ويحاول تسكين الفعل المقاوم في بحر زائف من السلام الاجتماعي وشعارات المصالحة الوطنية التي تعد السكين بيد ألهالكي وحزبه الجريمة ، وان هذا الاصطفاف المشوه هو اقرب إلى الخليط غير المتحد وهو يرمي من خلال جهده لإيجاد كتلة جماهيرية إلى التباهي بها والتنافس من خلالها ، على الطريقة العشائرية والذي تجسد ذلك في مجالس الإسناد الحكومي التي استثمرها ووظفها ألهالكي لأغراضه وتطلعاته الغير مشروعة  معززا ذلك بالمال السحت الحرام الذي أغدق به على من هوايته بيع الذات  لمن يدفع أكثر  ويلوح بالمغانم الدنيوية  الزائلة بزوال مروجها  ويرمي إلى إشاعة روح الحقد الطائفي لإيجاد حالة من جعل التوتر قائما للانشداد إلى مركز التأثير الطائفي وبقاء حالة من الاستنفار والهياج لاستثمارها عند المقتضيات المحددة ، وهنا لابد من الإشارة بوضوح أن جميع التشريعات التي جرمت التمييز العنصري قصدت محاربة الطائفية واستخدمت مصطلحا مهما جدا حيث ذكرت كلمة الإنسان ولا يجوز التمييز بين المواطنين بمصطلح عنصري إن كان بسبب اللون أو الدين أو المذهب أو الحرفة أو القومية...الخ ، كما أســـــتشهد بمقالتي هذه بما أوضحه المحامي علي العصفور حيث قال أن الفتنة الطائفية هي كل ما من شأنه إثارة البغضاء والشحناء بين شرائح المجتمع سواء مذهبيا أو عرقيا أو طبقيا وأضاف قائلا إن إثارة مثل هذه النعرات من شأنها أن تمزق المجتمع وتثير الضغائن والعداوة بين أفراده ، وذلك بعدم احترام المعتقدات والأعراف والأجناس التي ينحدر منها أفراد المجتمع  ،  ما يجعل مجتمعنا  هذه الأيام عرضة للانتقال إلى مرحلة العنف لفرض الآراء على الآخرين وهي مرحلة خطيرة ، أن الفتنة الطائفية خطيرة ولا يمكن التهاون بها ويجب أن تكون العقوبة صارمة ورادعة بقدر خطورة الفعل ، فالتاريخ مليء بالقصص والعبر ومن العار أن تكون المؤسسة التي تدعي أنها حكومة وحدة وطنية من المساهمين في ايقاض الفتنة وتجيرها لتدمير بلدنا المتآخي النابذ لكل الفكر الطائفي ويجب علينا أن نتبنى قانونا يبين الأفعال المجرمة والعقوبات التي تقابل هذه الجرائم ، لو رجعنا بالذاكرة للخلف وحصرا للمرحلة التي سبقت الغزو والاحتلال ، فإننا نحمد الله على أننا لا نجد هناك قضايا صدرت فيها أحكام حول موضوع الفتنة الطائفية التي كانت ترتكب من عناصر حزب الدعوة العميل  وان الأحكام التي صدرت بحقهم لم تكن ببواعث مذهبية  قط بل لأنهم مارسوا أفعال تجسس لصالح عدو خارجي اتخذ من تنظيمهم  القدم المتقدمة والمتدخلة بالشأن العراقي الداخلي إن كان من خلال  الأعمال الإرهابية التي ارتكبت بحق مسئولين أو عناصر أجهزة أمنية أو التعامل مع قوات العدو بتقديم المعلومات أو التسهيلات الحدودية ، وخلاف ذلك لا يكاد يذكر قط ، ولكن هذا لا يعني عدم حاجتنا للقوانين  الرادعة فالمؤشرات الموجودة خطيرة وسُحُب الفتن مع الأسف الشديد تكاد تلبد أجواء الوطن العربي وها هي اليمن تكوى بها والمغرب العربي  يزداد ألما لما يقع  من أفعال في الريف الجزائر وغيره بين الحين والأخر ،

 

ويجب العمل على تبديد هذه السحب المظلمة حتى ننعم بسماء صافية تظل هذا الوطن الصغير الذي اثبت مدى تلاحم أفراده على مر السنين العجاف وبأنه نسيجه متين لا يمكن لسكين الفتنة أن تمزقه ، كما أتوقف عند تفسير المحامي محمد ألخالدي لمعنى الطائفية حيث يقول ((  نود أولا إلقاء الضوء على معنى الطائفية عامة ، فهي باختصار شديد شَرْذَمة المجتمع أو الدولة إلى فئات وطوائف أو مجموعات تضم كل منها مجموعة من المواطنين الذين يجمعهم أصل أو شيء مشترك أو مصلحة مشتركة يلتفون حولها ويسعون إلى الحفاظ عليها ، إن ذلك يعتبر من أوجه التمييز أو الطائفية غير المشروعة أو المبررة ، وهو شيء مخالف لتعاليم الإسلام والإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين ))   


الأساس الإسلامي لمحاربة الطائفية غير المشروعة وفتنها هو أن دين
الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع ، ولمحاربة أسباب الطائفية  لابد وان يكون هناك نص في الدستور  لا  أن يتضمن إقرار  للشعائر والممارسات التي هي لا تنطبق  والقيم الإسلامية الحق ومنهج أل البيت عليهم السلام  لان الذي يحصل حاليا ما هو إلا  استنساخ للسلوك البويهي  والقاجاري  والسلجوقي الذي أريد منه ومن خلاله فرض النفوذ الشعوبي وإشـــــــاعة الفتنة لإضعاف الشعب  ومقاومته للأقوام الغازية  ، أن ألعدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع ، والتعاون والتراحم صلة وثقا بين المواطنين     


إن الطائفية بالمعنى  أعلاه تشكل خطرا لا يستهان به ليس على العراق فقط، وإنما على أعتى الدول في العالم ، ولذلك فقد سعى القانون الوضعي مرتكزا على الدستور ما قبل الغزو والاحتلال ، الذي مرجعه الشريعة الإسلامية الغراء لإيجاد حلول ووضْع أوامر ونواهٍ تحدّ من حجم الفئوية والطائفية في المجتمع العراقي وتحبط من شرها الفتاك و أن القوانين الحالية وصياغتها لا تكفي وتتسع لمعاقبة مثيري الفتن الطائفية أو الشغب وأعمال التخريب لان من شرعها يعيش قي ذات الأجواء التي  يراد لها  الغور في ذات الفرد وسلب  الرأي منه ، لكننا نفضل أن يتم تنظيم تلك المسائل بتشريع منفصل دون المحاباة والتهميش والإقصاء وأن المتابع للأحداث الأخيرة في البلاد يستشعر بأن ما أثير من مسائل ، هي بالأصل دخيلة علينا نحن شعب العراق، ولا بد أن يدعونا ذلك إلى التفكير والتأمل العميق، وتجب محاربة جميع ما يحدث من محاولات لتنمية الفتن بنصوص قانونية
.

 

يتبع بالحلقة الاخيرة

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت  / ٠١ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٥ / أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور