الفكر القومي العربي وشراسة التحديات

﴿ الحلقة الاولى ﴾

 
 
شبكة المنصور
زامــل عــبــد

المرحلة التي مرت بها الامه العربية من القرن الثالث عشر بسقوط الدولة العربية الاسلامية على يد هولاكو باجتياحه بغداد وتدميرها وموروثها الفكري  ولغاية اليوم  مرورا" بالاحتلالات المتناوبة فيما بين العثمانيين والفرس وما نتج عنها من ظروف قاهرة جعلت الامه تنزوي وقتيا" عن دورها الرســــــــــالي الانســــــــاني التي كلفت به  ،  بالاضافة الى اشتداد التأمر عليها  من القوى الهادفة الى  منعها من النهوض والمباشرة بممارسة الدور المطلوب  بجملة المعوقات  والاجندة التي تهدف بذاتها الى  الغاء الصفة القومية والحقيقة التأريخية فكانت الموجات البشرية التي اجتاحت الارض العربية وخاصة مشرقها  واستيطانها باستخدام اسلوب الاندماج المجتمعي  والتصاهر استغلالا للروحية المنفتحة لدى العرب كما هو الحال في العراق والخليج و مناطق من شبه الجزيرة العربية ، والموجات الصليبية  التي ركزت على السواحل العربية  ونتج عنها استلاب اراضي عربية ذات اهمية ستراتيجية  ويقابل ذلك التمدد الفارسي الذي نتج عنه احتلال اقليم الاحواز العربي وضمه الى بلاد فارس بعد الاجهاز على  الشيخ خزعل بالغل الصفوي المشهود  ، كما ان الساحة العربية اخذت تشهد زرع الافكار السياسية التي لاتتناغم اساسا مع الحاجات العربية و تطلع الفرد العربي فكانت هناك الافكار الاشــــــــتراكية اللاقومية و القومية المتعصبة كرد فعل لما حصلل ووقع و الافكارالرافضة لكلا الاتجاهين برؤية الرفض المطلق للفكر القومي والتقارب مع الفكر  الشيوعي من حيث معادات القومية العربية واعتبارها حجر عثرة في طريقها ، وهذا يتجسد في التيارات والحركات والاحزاب التي اتخذت من الدين الاســـــــــلامي  المســيس منبرا لفرض افكارها و استهواء القرد العربي مغررا" مسلوب الارادة كي يصدم مع ارادة الامه وحاجاتها ، وان  الوثيقة الدامغه التي توثق ذلك البيان الذي اصدره حزب الدعوة العميل على اثر مؤتمر الطائف عام 1979  والذي جاء فيه حرفيا (( لاتوجد فيما بيننا والحزب الشيوعي  عقدة او تعارض في عملنا واهدافنا )) 

 

ضمن هذه الاجواء وما لحق بها من تقسيم الوطن العربي الى محميات  مستعمره من قبل الغرب المحكوم برؤية اليمين المسيحي المعبر عن فكر نصارى يهود الذي افرز وعد بالفور المشؤوم واستلاب فلسطين  وتحقيق  التناقض في ذات المكونات الاجتماعية باســلوب الهياكل الاقطاعية التي اعطيت الدور السياسي والاجتماعي في توجيه المجتمع العربي الناشىء وفقا للاجندة التي تنم عن اهدافهم وغاياتهم البعيدة  ، كانت هناك حركة شعبية يمثلها صفوة من الابناء البرره لامتهم وتأريخها ولرسالتها هادفين الى انبعاث الحياة في جسم الامه مستشرقين المستقبل بعد استيعاب  جملة المتغيرات التي تحيط بالامة والعالم وما افرزته  الحربين الكونيين الاولى والثانية باشتراط ان تكون الولادة من رحم الامه حصرا ليكون الوليد الجديد ابنا" بارا" لامته مستلهما  ومستوعبا حاجاتها ومتطلعا لبناء المجتمع العربي الجديد الذي يكون فعلا الامة  بمقوماتها واهدافها ورسالتها ،  فكانت حركة الاحياء العربي ومن اسمها يفهم الغرض الحقيقي وان مانتج من افكاروشعارات واهداف بجملة من المقالات والمحاضرات والبيانات كانت تعبيرا حيا" عن الحاجة الماسه التي تحتاجها الامه  بمن يعبر عن ارادتها واهدافها وامانيها وتطور الامر  بعد ان ادرك  النخبة الواعية بالضرورات التي تحتم النزول الى الساحة بالمباشر والتصادم مع اعداء الامه استشعارا بقوة الامه وامكاناتها التي تحقق النصر  فكان التطوع لنصرة الشعب العربي الفلسطيني بثورته الكبرى عام 1936 والذي يعد الممارسة الاولى لمفهوم الكفاح الشعبي المسلح ومن ابرز المشاركين كان الرفيق المرحوم القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق الذي اصيب بجراح  حين ذك و حركة نصرة العراق باسناد ثورة مايس 1941، والدور الفاعل في تحقيق الاستقلال لسوريا والوقوف بصلابه بوجه الاستعمار الفرنسي من خلال دعم وتفعيل ثورة الريف اللبناني – الفلاحين  وتعبأة الجماهير العربية على مساوى الوطن العربي لدعم مصر بقرارها  الوطني بتأميم قناة السويس والتصدي للعدوان الثلاثي الذي تعرضت له مصر العروبة ، و وصولا الى تنضيج الارضية لقيام ثورة 14 تموز 1958 في العراق  وسابقتها  انبثاق الجبهة الوطنية التي حققت الانتصار في الثورة  ، والتضحية بالبنية التنظيمية في مصر وغزة من اجل تحقيق امنية العرب الاولى الوحدة فيما بين مصر  وسوريا ، وهنا لابد من الاشارة الى ان التحديات بالرغم من عدوانتيتها وهمجيتها لم ترتقي الى المستوى الذي يهدد الامه بشخصيتها وجذورها التأريخية وذلك لان النخبة الرائدة التي تفاعلت مع الشارع العربي كانت هي بذاتها وليدة الحاجه العربية وانصهارها مع الامال والاماني الشعبية  فتحقق الوعي الشعبي بأوجه وكانت كل التحركات الشعبيه  منطلقه من  خط شروع واحد لاغير الا وهو ان الامه العربيه هي الكيان الاشمل لكل العرب ولاغير العروبة وسيلة للتضحية والنضال  وبهذا تمكن الثوار من تحقيق جملة من الانتصارات التي قوضت المخططات الاجنبية وتمكنت  الامه من امتلاك ارادتها من خلال تمكن طليعتها الثورية ادارة دفت الحكم في اهم قطرين عربيين يحتلان المكانة المؤثرة بعد مصر العربية بقيادة الراحل جمال عبد الناصر وهنا اقصد بالتحديد ثورتي 8شباط و8 أذار 1963  في العراق وسوريا والذي كان  المخطط لهما طرح المشروع النهضوي العربي  باعلان الوحدة الثلاثية وفق ميثاق 17 نيسان الا ان اليد الشريرة التي تتحرك في الجسم العربي تمكنت من وئد هذا الحلم ولكن المخاطر بقيت محدودة  التأثير ويقابل ذلك الاصرار  لدى الفتية المؤمنة بقدر الامه وامانيها دون  الاستسلام لارادة القوى الشريره او اليأس بنتيجة الاخفاق الذي حصل ويحصل بفعل الانظمة العربية وضعف المؤسسه القومية المتجسده  بجامعة الدول العربية وبرامجها

 

بايجاز حاد اشرنا الى المتناقضات والصراعات فيما بين الجماهير واعدائها وبالنظر لاقتدار الجماهير العربية التي وجدت بفكر الثورة العربية طريق خلاصها  وتحقيق اهدافها المترابطه ترابطا" جدليا  تعامل العدو وعملائه  مع الحالة تعاملا  غير اعتيادي  من خلال القتيال بالنيابة والنزول الى الساحة بالمباشر ، واعتماد مظرية القطب الواحد اساس في العلاقات الدولية واشاعة مفهوم العلمنه ليكون العالم بكل  مكوناته مسيطر عليه من خلال استلاب الهوية القومية للامم وحرمانها من حقها المشروع في التعامل مع المتغيرات وفق المصالح التي تحفظ الحقوق وترسي العلاقات الايجابية المتبادله فيما بينها ومن هنا استبقت الولايات الامريكية الاحداث باعتماد  نظرية الفوضى الخلاقه التي تمكنها من استخدام قوتها الغاشمه للوصول الى اهدافها وبرامجها وكانت هذه الرؤية الجديده لم تكن مجردة بل  اعتمدت الاساليب والافعال التي  تنخر المجتمعات المستهدفه عودة الى الشعار الذي اعتمدته حكومة الامبراطورية البريطانية في علاقاتها مع الشعوب المحتله  اراضيها  فرق تسد ولكن الشعار المستورث بروحية الخبث المؤذي اكثر لم ينم التعامل به  بمضمونه المجرد بل تم ردفه بادواة تتخذ العناوين الرمزية او السياسية الحزبية او الدينية التي  تعمل باهواء لاتلتقي مع ارادة الشعب المتواجدة في جنباته ، فأصبح هؤلاء المعول الذي يهد فيه البيت العربي باسلوب الحقد الدفين والكراهية الارتدادية التي تنبع من عقلية متفرسه التقت ارادتها مع نقيضها الفكري لانهم يعملنان  لهدف واحد لاغير موت الامة العربية واسقاط مفهوم الامه  الانسانية التي حباها الله الواحد الاحد بحمل  الرسالات السماوية  وارضها موطن الانبياء والرسل  ومنطلق التوحيد ، لان العرب عبر التأريخ كان لهم الدور الفاعل في  نقل العلوم وتمازج الحضارات والانفتاح على الغير بروحية التكامل والابداع  ولخير دليل على ذلك الكم الهائل من العلماء والمفكرين و الفلاسفة الذين تخلدوا بعلومهم وعطائهم في ضل  الاسلام والعروبه المكونان للعصر الذهبي الذي مرت به الامم وهي لم ولن تفقد شيء من شخصيتها بل زادهم العرب المسلمين قيم اخرى صقلت هويتهم ونقلتها الى موقع التفاعل والارتقاء  وما بلاد الاندلس الا رمز لهذه الروحية  و القيم الجديدة التي جسدها العرب الفاتحين .

 

له تابع رجاءا"

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

السبت / ٢٢ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٥ / حزيران / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور