متى تستفيق أمة غلبها سباتها ؟!

 
 
شبكة المنصور
سعد فوزي رشيد

سلّط إعلامنا الوطني قبل الاحتلال الضوء كثيراً على حجم المؤامرات التي تستهدف عراقنا الغالي وقيادته الوطنية المبدئية الشجاعة، وحذر كثيراً من مخاطر هذه المؤامرات على واقع الأمة العربية ما لم تتخذ موقفاً حقيقياً ثابتاً إلى جانب العراق في التصدي لهذه المشاريع الدنيئة الخبيثة.


فقد تم الحديث مراراً وتكراراً والتحذير مما جاء في بروتوكولات بني صهيون من نصوص تشير إلى مخطط غزو العراق واحتلاله، فقد جاء في هذه النصوص (ستقصف أرض بابل من السماء والبحر والبر وستتصاعد فيها أعمدة الدخان ولا يبقى منها إلا الخراب).. إضافة إلى فلتات لسان المجرم بوش عما في دواخله عندما أشار بأكثر من مرة بأنها (حرب صليبية) وبأنها بأمر من الرب!!


كما سلّط إعلامنا الوطني الضوء كثيراً على الدور الإيراني واشتراكه الفعلي في المؤامرات على العراق، فقيام النظام الإيراني في مطلع الثمانينيات بالاعتداء على الحدود العراقية وافتعال تفجيرات داخل بغداد بهدف دفع العراق إلى الرد ونشوب حرب طويلة الأمد لإضعاف القوة العسكرية العراقية لم يكن بعيداً عن قيام الكيان الصهيوني بقصف مفاعل تموز النووي أثناء انشغال العراق بالحرب مع إيران، فكله تخطيط مُسبق ومنظم بالضد من العراق وقيادته وشعبه.. إضافة إلى الدور الإيراني في صفحة الغدر والخيانة التي رافقت انسحاب الجيش العراقي من الكويت، حيث قامت الطائرات الأميركية بنقل الآلاف من المرتزقة والخونة والمخربين من داخل إيران إلى جنوب العراق ليغرزوا خنجرهم المجوسي المسموم في جسد العراق، وما المقابر الجماعية في جنوب العراق إلا ضحايا القصف الأميركي العشوائي للمدنيين في جنوب العراق عام 1991، وشهداء جيشنا الباسل الذين طالتهم أيادي الغدر والخيانة القادمة من إيران أثناء عملية انسحابهم من الكويت، إضافة إلى شهداء البعث من الرفاق ومنتسبي الأجهزة الأمنية الذين تمت تصفيتهم والتمثيل بجثثهم بصورة بشعة يندى لها جبين الإنسانية، إلا أن أجهزة الإعلام الأميركي ومن ينفذ أجندته سلّطوا الضوء عليها بهدف تشويه تاريخ النظام الوطني العراقي كجزء دنيء من مؤامرة تم إعدادها سلفاً.


القيادة السياسية العراقية قبل الاحتلال والمتمثلة بالنظام الوطني بقيادة الرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله، استطاعت بنظرتها ذات المدى البعيد أن تكشف التآمر الخطير الذي تديره الصهيونية العالمية ضد العراق، وحذّرت منه كثيراً خاصة بعد أن دخلت بعض الدول العربية، والخليجية منها خاصة، ضمن مشروع هذا التآمر وبصورة معلنة بعد مكيدة الكويت التي دفعت نظامنا الوطني للصدام المباشر بأميركا وتحالف الشر الذي تقوده.
على الرغم من كل هذه التحذيرات التي كان يطلقها النظام الوطني للكشف عن حجم المؤامرة ضد العراق وشعبه، استمر العديد من السياسيين الجهلة بكشف الأمور، بقصد أو بدون قصد، بتفنيد هذه التحذيرات والتقليل من شأنها، أما العملاء والخونة من الطابور الخامس فكانوا يتعمدون حجب الحقيقة لغرضهم السيء في تشويه مسيرة 35 عاماً من النضال، وباتت تنطلق الأقاويل والإشاعات من هنا وهناك بأن سبب دمار العراق هو (السياسة الفاشلة) لنظامه الذي قاده إلى حروب أدت به إلى هذه النهاية، وبأن ليس ثمة وجود لمؤامرة ضد العراق وبأنها مجرد أوهام وشكوك؟!


بعد الاحتلال بدأت خيوط هذه المؤامرة تتكشف يوماً بعد يوم، أحياناً عبر دراسات تحليلية للواقع تثمر نتائجها بالكشف عن حجم هذه المؤامرة وتشابك خيوطها بما لا يقبل أدنى شك، وفي أحيان أخرى عبر اعترافات علنية تنطلق من هنا وهناك لمسؤولين في الإدارة الأميركية وفي الإدارات التي شاركتها العدوان على العراق، وبإمكاننا أن نأخذ أمثلة بسيطة منها تصريح وزير الخارجية الإيراني بعد احتلال العراق، والذي قال فيه بأنه لولا إيران لما استطاعت أميركا احتلال أفغانستان والعراق، أما كتاب (عامي في العراق) للمجرم سيء الصيت بول بريمر ففيه من الاعترافات ما يكشف مدى الدور الذي لعبه العملاء وأجهزة الإعلام الأميركي من تضليل للحقائق واشتراك واسع في التآمر على العراق، كما كشف كتاب (خطة الهجوم) لبوب وورد عن حجم الاشتراك الكبير لبعض دول الخليج العربي في المؤامرة على العراق منذ أوائل التسعينيات، ليطل علينا قبل أيام وزير الأمن الصهيوني الأسبق (آفي ديختر) في محاضرة حول الدور الصهيوني في العراق بعد احتلاله عام 2003، ليرسم الصورة الحقيقية للدور الذي لعبته الصهيونية العالمية في التخطيط للمؤامرة الكبرى ضد العراق ونظامه الوطني.


إن التحذيرات التي كنا نؤكد عليها دائماً حول سعي الكيان الصهيوني لإنشاء (إسرائيل ثانية) في شمال العراق، أكّدها (آفي ديختر) في محاضرته بما لا يقبل الشك، مشيراً إلى أن نفط شمال العراق سيتدفق إلى (إسرائيل)، ولن يأتي ذلك طبعاً إلى بعد ضم كركوك إلى ما يُسمى بـ(كردستان) أو (إقليم الشمال)، وهذا ما يسعى إليه الكيان الصهيوني وفق اعتراف وزير أمنهم الأسبق بأن يكون العراق مُجزءاً ومقسماً، مؤكداً بأن الهدف الاستراتيجي للكيان الصهيوني هو عدم السماح للعراق بأن يعود لممارسة دوره المحوري عربياً وإقليمياً.


بعد كل هذه الشواهد الحية المدعومة بالاعترافات أحياناً عن حجم المؤامرة ضد العراق وقيادته الوطنية، هل هناك ثمة من يعيد القول علينا بأن المؤامرة مجرد وهم يطرق مخيلتنا؟! وبأن أطراف ما تُسمى بالعملية السياسية في العراق أناس وطنيون لا ينفذون أجندة خارجية تتمثل بأجندة صهيونية ينفذها الحزبين الكرديين العميلين، وأجندة فارسية ينفذها أقطاب الائتلافين الطائفيين؟! أما الأجندة الأميركية فهي ما بين هذا وذاك حسب ما يتوافق مع مصالحها في العراق والمنطقة.. وهل هناك ثمة من سيقول أن لا وجود لشراكة أميركية صهيونية فارسية تسعى إلى تدمير العراق وتقسيمه إلى أقاليم؟!


وهنا يبقى السؤال قائماً: متى تستفيق أمة غلبها سُباتها؟!

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس  / ١٣ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٧أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور