في عيادة المجتمع - ماذا قدم صدام حسين للعراق ؟

 
 
شبكة المنصور
حديد العربي
كثيراً ما سمعنا وقرأنا سموما وتفاهات من هنا وهناك، هي عبارة عن تساؤلات خبيثة في غالبها تقول: ماذا قدم نظام حزب البعث وصدام للعراق والأمة! وكثيرا ما سمعنا تبريراتهم الغبية الخائبة التي يحاولون بها طمس الحقائق وتحريفها، حين يلفت هذا وذاك من المنصفين ورواد الحقيقة والعدول في شهاداتهم – وليسوا كلهم من البعثيين – نظر أولئك المتسائلين بخبثهم المعهود إلى المنجزات التي لا تسعها ذاكرة ولا مجلدات من القراطيس، ويعجز اللسان عن الإحاطة بها لو أراد تعداد عناوينها فحسب، فالواقع الذي كان عليه العراق قبل السابع عشر من تموز عام 1968م لم يكن حاضرا في وعي الكثير ولن يكون، وبخاصة من الذين يعيشون على هامش الحياة، لا يفقهون من متطلباتها إلا ما تتطلبه الحيوانات، ولا أكثر من هذا، فمن أين لمثل هؤلاء - وهم كثير تحت مسميات الرعاع والجهلة والمرضى - أن يختزنوا في وعيهم مظاهر البؤس والجهل والتخلف والمرض والتهميش، والتي كانت يشكل أبرز السمات المميزة للشعب العراقي آنذاك! وهي لا تعني في قواميس أهدافهم الساذجة والمنحرفة في الحياة شيئا، ولا تثير فيهم الحمية والغيرة من أجل التغيير، بل ولم تكن تثير فيهم حتى الشفقة على أنفسهم وعلى غيرهم ولن تكون، وذلك هو ديدن الذين يعيشون على هامش الحياة، لا يستوعبون من أهدافها إلا مصالحهم الشخصية، وبأي وسيلة تتحقق فهم عليها متكالبين.


وذلك لم يأتي من فراغ، ولا هو أصيل المنبت في الوعي ومنظومة السلوك العراقي والعربي، إنما ناتج عن عمليات التشويه التي تعرضت لها منظومة السلوك العربي في مسار التآمر الداخلي ممثلاً بمخلفات الردّة الجاهلية على العقيدة الإسلامية التي اختارها الله تعالى للعرب كما اختارهم لحمل رسالتها وتبليغها لكل الأمم والشعوب، والتآمر الخارجي المتمثل بثالوث المرجل الشيطاني؛ الصليبيين والصهاينة والفرس المجوس، المسار الذي امتد مترافقا مع بزوغ فجر الرسالة المحمدية وحتى يومنا هذا، وسيمتد إلى ما شاء الله تعالى.


لم يخلق الإنسان إلا ليعبد خالقه، فالله تعالى يقول: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (سورة الذريات، الآية:56) وقد عُرف أن العبادة هي الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد في سبيل الله بعد التوحيد، لكن الخلل نشأ حين تحولت تلك العبادات إلى مجرد فروض يؤديها المسلم دون أن يحقق غاياتها، فالصلاة ليست حركات وتلاوة ودعاء مجردة من منهج الحياة الذي شرّعه الله تعالى، لأنها وقفة يقفها المسلم بين وقت وآخر قريب بين يدّي ربه يراجع فيها مدى امتثاله لذلك المنهج في سلوكه خلال تلك الساعات الممتدة بين صلاة وأخرى، والمنهج يقول: { إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}(سورة العنكبوت، الآية: 45) فما جدواها إن لم تنه صاحبها عن السلوك المنحرف، وكل فاحشة ومنكر هي انحراف عن الفطرة التي فطر الله تعالى الإنسان عليها؟ فالذي يعيش على هامش الحياة لا يعنيه منها سوى متطلبات بطنه وملذات غرائزه لا يمكن له أن ينتهي عن إتيان الفواحش والمنكرات، وذلك هو جوهر الانحراف الذي جعل من هؤلاء لا يتحسسون مظاهر البؤس والفاقة والجهل التي كانت تستحوذ على حياة المجتمع – وقد عادت اليوم كما كانت لا يميزها إلا شكل الموت فالذين كانوا يموتون بالتدرن لا تقل نسبتهم عن نسبة الذين يقتلون اليوم بسلاح الغزاة وأتباعهم - ولذلك فهم لا يقنعون أن من رفع تلك المظاهر عن كاهل المجتمع ووسع أمامه أفق النور والكرامة والعيش الآمن ووضع أقدامه على المسار الصحيح والصائب قد حقق إنجازاً لا ترقى لمصافه الكثير من المنجزات المادية على أهميتها وبريقها، فهم كما قلنا لا يفهمون الحياة ولا يستوعبون كنه رسالتها، وهم كالحكام الذين ابتلى الله بهم هذه الأمة المغلوبة على أمرها، بذلوا أموالاً كما أشار القائد الشهيد رحمه الله وبذلوا جهودا في سبيل التآمر على العراق وقيادته الوطنية كانت تكفي لتحرير كل الأراضي المستلبة وبناءها على أحسن ما يكون البناء، لا لشيء إلا لأن العراق ونظامه الوطني كان يشعرهم بخيبتهم وهوانهم لتخليهم عن أداء ما كان يجب عليهم أن يؤدوه بحكم مسؤوليتهم كونهم أولياء لأمر هذه الأمة المنكوبة بهم، لكنهم بمناسبة وبغير مناسبة يكذبون ويزورون التاريخ بقولهم: ومن جاء بالأعداء إلا العراق وصدام حسين؟ هم تعساء، لكن الأتعس منهم هم من يستمعون لقولهم ثم يرغمون أنفسهم على تصديقه، رغم أنهم يعلمون أن ما يقوله الحكام الخونة وما تردده أبواقهم ليست إلا أكاذيب صلعاء لا ينبت عليها شعر.


لذلك فإن الانشغال بهؤلاء كمن يشغل نفسه بمريض قضى عليه المرض ولم يبق منه شيئا قابلا للعلاج والترميم والإصلاح، مهما وضعت أمامهم من حقائق دامغة تفند دعاواهم السيئة لا يذعنون، لأنهم كالبهائم لا تشغلها إلا الأعلاف والتناكح وتفريغ الفضلات.


في واحدة من أصعب الظروف التي يمر الإنسان بها كان القائد الشهيد صدام حسين رحمه الله متمسكا بالمنهج الذي أراده الله تعالى، لم تشغله المحن والنكبات، ولم تلهه الحاجات التي تطلبتها مرحلة من أعقد وأصعب المراحل، تلك هي مرحلة الانتقال بأشراف العراق من مرحلة الدفاع بصيغته العسكرية المعروفة إلى مرحلة المقاومة الشعبية من أجل دفع العدوان وتحرير الوطن. ذلك هو منهج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قانون الفطرة ومنهج الرسالة المحمدية.

 

في رسالته الموجهة إلى الشعب العراقي بتاريخ 7-5-2003م لا ينسى قائدهم واجبه تجاههم فيوصيهم بحنو ومحبة على التمسك بقيم العقيدة التي سعى طيلة عمر الثورة المباركة على ترسيخها في السلوك العراقي، وبذل من أجلها الجهد الكبير، فيقول: " اتحدوا وتراحموا وتعاونوا، فلا يطرد صاحب ملك المستأجر ولا تعتدوا على بعضكم. فأموال أي أحد منكم أمانة عند أخيه وجاره والعراقي عموماً.

 

تذكروا أنكم، عرباً وأكراداً وتركماناً وباقي المواطنين، إخوة في الدين والوطن. وإنكم سنة وشيعة مسلمون وإخوة في الوطن." ولا ينسى حتى الذين تخلوا عن بلدهم حين شحّ عليهم خيره خلال أعوام الحصار الجائر، فيدعو الشعب لأن يحتضنهم ولا يتخلى عنهم، بل ويرشدهم إلى ما يجعلهم أكثر ارتباطا بأرضهم حين يدلهم على منهج التكافل والارتباط والمواطنة بقوله " أما العراقيون في الخارج فاطلبوا منهم مساعدة إخوتهم حالا ونصيحة، شجعوهم على مقاومة الاحتلال، ومن كان قادراً على مساعدة أخيه فليفعل" ثم يدعوهم للتمسك بحقوقهم التي تحققت لهم بجهده وجهد رفاقه خلال كفاحهم الطويل، فهو يعلم أن الغزاة في جانب من أسباب حقدهم عليه وعلى شعبه هي تلك القرارات الشجاعة التي استخلصت حقوق الشعب من أنياب الغزاة بقرار تأميم الثروات النفطية وغيرها فيقول " وحافظوا جميعاً على الوطن واسعوا جميعا للمقاومة، وإياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تمكنوهم من نفطكم وثرواتكم" ثم يذكرهم بما يعزهم برضى الله تعالى حين يدعوهم لأداء واجب حتمه خالقهم عليهم، إن تخلوا عنه أذلهم وأخضع رقابهم للغزاة ومن تولهاهم " وأدعوكم يا أبناء العراق أن تجعلوا المساجد مراكز للمقاومة والانتصار للدين والإسلام والوطن، وأن تشعروا العدو أنكم تكرهونه فعلاً وقولاً" ولا ينسى أن يذكرهم بهويتهم العربية وواجبهم تجاه أمتهم بقوله " فهذا العراق العظيم لكم جميعاً وليس لفرد، وهو للأمة وللمسلمين سنداً وجزءاً لا يتجزأ منها" وليس هذا فحسب، بل لقد أكد مرة أخرى رحمه الله على تفرده في انحيازه لعروبته وقيمها الإسلامية النبيلة، حين دعى شعبه لعون إخوانه وجيرانه رغم ما هو فيه من شدّة وضنك، فيوصيهم قائلا " انتصروا لدينكم وإخوتكم. وانصحوا بقية العرب والمسلمين حتى لا يحدث الخرق الذي ترونه. كونوا لامتكم حتى يكون شعب الأمة لكم. وإن رأيتم العدو يريد النيل من سورية أو الأردن أو السعودية أو إيران، فساعدوا في مقاومته، فهم ورغم الأنظمة إخوتكم في الدين أو العروبة. وساعدوا الكويت وبقية دول الخليج العربي ومصر والأردن وتركيا ليتخلصوا من العدو الأمريكي".


رحمك الله يا صدام فقد كنت كالجبل لا يتثاقل من أحجاره ولا يمن عليها حين يكتنفها بحضنه كل الدهر، وإنك لأجلّ من أن يخوض في سيرتك المنحرفون وشذاذ الآفاق ومرضى الصغار ممن لا يجدون أنفسهم الذليلة إلا كالأحجار الصغيرة عند قدمي جبل شاهق، ولقد وضعك التاريخ، أنت ورفاق دربك، من الذين سبقوك والذين عاصروك والذين سيواصلون مسيرتك الظافرة بإذن الله، على أنصع صفحاته بياضا، وبدد بسفركم الخالد محنته التي دامت زهاء ثمانية قرون من التردي والانكفاء.


والكلاب لا تضر الماضين للمعالي بنباحها ولا الذئاب بعوائها، فما ضر عواء المشركين والمنافقين والكفار من قبل سيدنا وقدوتنا ومعلمنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، ونحن حملة رسالته الأوفياء الصادقين، وسنوصلها إلى غاياتها بإذن الله وعونه ونصره رغم أنوف الخونة والمنافقين والأوغاد، عشاق الرذيلة والدنس والجحور.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاحد  / ٠٩ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٣أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور