أقاويل حول تصريحات خطيرة

 
 
شبكة المنصور
حديد العربي
نشرت صحيفة الأهرام المصرية في عددها 45083 الصادر بتاريخ 13/5/2010م  حواراً أجرته الصحفية أماني ماجد مع علي أكبر صالحي رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية وأمير موسوي الخبير الستراتيجي والمستشار المقرب في وزارة الدفاع الإيرانية، ومع أني لست من عشاق قراءة الأخبار والتورط في الانشغال بالرد عليها، لكن أمرا ما جعلني أخرج عن قاعدتي تلك وأمسك بقلمي لأحاور صالحي وموسوي، لعل تلك الصحفية وجريدتها العريقة يتعلمون شيئا من حقائق الواقع والتاريخ الماثل في الذاكرة وليس البعيد المدون في صفحاته الصفراء، رغم أني لا أبني عليهم أي أمل كي يكونوا متحمسين للدفاع عن قضايا أمتهم، فهم كغيرهم مستعبدين لمصالح دنياهم.


يقول علي أكبر صالحي:
" إذا كان الغرب متعقلا سيقبل الاقتراحات وتنتهي المشكلة،[ يقصد مسرحية البرنامج النووي الإيراني] أما نحن فلن نتنازل عن برنامجنا النووي، ثم إن الإعلام الغربي قادر على اختلاق الأكاذيب والترويج لها وعادة ما يروج لذلك، مثلما حدث مع العراق التي احتلوها بدعوى وجود أسلحة دمار شامل فيها، ثم قالوا بعد ذلك ((عفوا))... وإذا لم يكن هذا الملف موجودا فكانوا سيخترعون ملفا اخر.. عن حقوق الانسان او الديمقراطية.. او أي شيء اخر".


أقول:
وذلك من أعجب ما يسمعه المرء في هذا الزمن المتناقض في كل مفرداته، فصالحي إذن يعلم ويقر بأن الأمريكان لفقوا الأكاذيب حول أسلحة الدمار الشامل العراقية وروجوا لها، ويعلم كما يقر ويعترف – ولا أدري إن كان هذا الإقرار من فرط الغباء، وذلك ما لا يمكن تصوره مع عالم ذرة، أو أن هذا الرجل يغرد خارج سرب الملالي الصفويين، فتتدفق الحقائق من بين شفتيه رغم أنفه – بأنهم اخترعوا ولفقوا ملفات حقوق الإنسان والديمقراطية والمقابر الجماعية والدكتاتورية ومظلومية الشيعة والأكراد من قبل غزو العراق كذرائع لاحتلاله.


فلم إذن يا صالحي كان نظامكم الشعوبي ولا زال يعمل على توفير كل مستلزمات تلك الأكاذيب والاختراعات الباطلة ضد العراق ونظامه الوطني؟ وإن كان الأمريكان أعداءً لكم فما الذي دعاكم لأن تجعلوا من أتباعكم الذين حملوا هوية العراق في غفلة الزمن والعرب كأدوات لترويج تلك الأكاذيب والافتراءات؟ ألم يكن مجلس الحكيم وعصابات بدر وحزب الدعوة الإجرامي وجيش المهدي وحزب "الله" الهاربين من الخدمة العسكرية إلى الأهوار، وغيرهم ممن يتربع اليوم على عرش العمالة والنذالة والخيانة تحت يد الاحتلال وقدمه في العراق، من أتباعكم ودماكم المضللين بفكركم الشعوبي الحاقد؟


أليس الجاسوس صاحب "الشريعة الفضية" احمد الجلبي هو رائد بيتكم الشيعي في العراق وجنديكم المطيع هو أحد أهم أبواق الأكاذيب الواهية التي نسجتموها مع المخابرات الأمريكية والبريطانية والموساد الصهيوني لكي توقعوا بالعراق العربي المسلم؟


أليست أدواتكم الإجرامية الطائفية هي التي سرقت الانتصار، الذي كادت المقاومة العراقية المجاهدة، والمستندة إلى عقيدتها وشرفها وحقها، أن تحققه عام 2006م حين أوعزتم لها بإشعال نار الفتن الطائفية، فحققتم لأمريكا ما لم تكن تحلم به، بعد أن ضاقت عليها الأرض بما رحبت، وكاد تفردها وعنجهيتها تدفن في تراب العراق؟


لكم الحق بالحنق، والحق يقال، على أمريكا، لأنكم قدمتم لها جل الخدمات والمساعدات، فمن النذالة أن تكافئكم بالعدوان، إن كان ذلك العداء ينطوي على شيء من الصحة والمصداقية.


فما الذي دعى حكامكم ومعمميكم يا صالحي لأن يقدموا كل تلك التسهيلات لغزاة العراق! وما الذي أفرحهم كل ذلك الفرح المتشفي حين دنست دبابات الكفر والاستكبار لعاصمة الخلافة الإسلامية بغداد! وما الذي دعاكم كي تندفعوا كل هذا الاندفاع في تدمير العراق وتحطيم كيانه وذبح شعبه! إن كنتم تعلمون أن العدوان على العراق قد استند إلى أكاذيب ودعاوى باطلة، كما تقول يا صالحي أصلحك الله؟


يقول صالحي أيضا:
" ايران مستهدفة سياسيا، فأمريكا تريد من إيران الدوران في فلكها، ولو حدث هذا فوقتها ستقول لنا ((خذوا القنبلة النووية)) أما مسألة الملف النووي، فهي وهم لا وجود له، فهم يؤكدون سعينا لتطوير صواريخ ((من الممكن )) في المستقبل أن تحمل قنبلة نووية، وهذا شيء غريب، حقا لأنه يؤسس لأمر مبني على ((النيات)) وليس على الواقع كما أن جزءا من الأزمة مرتبط بموقفنا من القضية الفلسطينية!


ونحن لا ننكر أننا نقف بجوار الفلسطينيين، وهذه المواقف نابعة من الدستور الايراني والقناعة الدينية بنصرة المظلوم، وهذا سبب اخر لاستهدافنا وعموما، نحن مقتنعون باننا يجب ان ندفع ثمن مواقفنا".


وأقول:
فلم تقولون أن النظام الوطني العراقي كان عميلا لأمريكا! إن كان حقا وكما تقول، من يدور في فلك أمريكا يأخذ قنبلة نووية، فمن يعطى قنبلة نووية لا يعتدى عليه أبدا، لا من قبل أمريكا ولا من غيرها يا صالحي، أصلحنا الله وإياكم، ولا تمارس ضده مثل الجرائم الوحشية التي ارتكبها أعداء العراق بحق شعبه وقيادته.


ثم تقول بأن موقفكم من القضية الفلسطينية شكل جزءً من مبررات الأزمة، ونحن نعلم ونملك الأدلة القاطعة، ومن أفواهكم، أن مواقفكم من القضية الفلسطينية ماهي إلا تجارة فاسدة تسوقون من خلالها مشاريعكم القومية الشعوبية تحت ستار التشيع، بهدف الانتقام والتشفي بالأمة التي أطاحت بإمبراطورية أسلافكم الأكاسرة الساسانيين بعقيدة التوحيد، لكنا لو افترضنا أنكم صادقين - والتاريخ أقنعنا تماما أن الصدق أبعد ما يكون عن لحاكم – وأن مواقفكم صادقة مع الشعب العربي الفلسطيني وأنكم تريدون المساعدة على تحرير المسجد الأقصى، كما فعل أتباعكم في لبنان عام 1985م حين حملوا السلاح فقتلوا الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية، فحققوا للكيان الصهيوني مالم يكن يحلم به، حين أمنتم له جبهته الشمالية من هجمات الفدائيين الفلسطينيين، كجزء من الإعداد لتحرير الأقصى، وعبروا عنه حين احتشدوا في شوارع بيروت يهتفون "لا إله إلا الله العرب أعداء الله" ولا أضن السيد حسن نصر الله إلا واحدا منهم لأنه كان ضمن قيادتهم منذ ذلك الحين. فلماذا إذن تحرفون الحقائق التي لم يستطع أحد من الأعداء قبل الأصدقاء نكرانها، حين تختلقون الأضاليل والأكاذيب حول موقف العراق ونظامه الوطني من القضية الفلسطينية ودعمه العملي وفي الميدان لشقيقه الشعب الفلسطيني منذ عام 1936م وحتى غزو العراق، وتشككون في مصداقيته رغم أنها حقائق لا تقبل التشكيك؟ أليست الأكاذيب الفجة والسمجة التي تقول، أن النظام الوطني العراقي كان عميلا للغرب فتمرد عليهم، من صنع عقولكم الشيطانية الغبية؟ ونحن نعلم أن الغانية تتصور وتتمنى أن تكون كل النساء مثلها مدنسات، وأنتم كذلك والله، فعار "إيران غيت" وصفقات الأسلحة الأمريكية التي أرسلها لكم الكيان الصهيوني مع الخبراء لا يفارقكم أبد الدهر، ويجعلكم تنسجون الأكاذيب على الغير لكي توهموا أتباعكم أن الكل في العار سواسية، لكن هيهات فالتاريخ لا يستغفل.


تقول:
" لدينا قناعة دينية تمنعنا من محاولة امتلاك القنبلة الذرية، فلقد حرم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية على خامنئي إنتاج القنبلة النووية أو تخزينها أو الاستفادة بها بأي شكل من الأشكال".


فأقول:
من أين استقى المرشد الإيراني علي خامنئي ظاهر عقيدته التي تحرم عليه امتلاك وسائل الهلاك والقتل من غير ذنب يوجب القتل ؟ أليست هي العقيدة التي أرغمكم عليها العرب مرورا من بوابة العراق، أليست هي عقيدة أهل العراق ونسبهم وانتسابهم قبل أن تتستروا بشعوبيتكم خلف أستارها؟


فما الذي إذن دعاكم لتتحالفوا مع هؤلاء الذين تدعون أنهم كاذبون ومخادعون ويريدون الاعتداء عليكم – كما تدعون، ولا أعتقد ذلك صحيحا بل هو جزء من الخداع نفسه – من أجل تدمير العراق وتحطيم كيانه السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وتتصارعون اليوم معهم على الاستحواذ عليه ونهب خيراته؟!


يقول: ويصرح بوضوح عن قناعاته بان الرئيس الأمريكي  وغيره " يدركون تماما إن إيران بلد عريق ومفتاح الشرق الأوسط".


وأصرح من جانبي بالقول:
وتلك هي حقيقة العقدة القاتلة التي استحوذت على تفكير وسلوك الفرس منذ أربعة عشر قرنا، واستحكمت في عقولهم ومشاعرهم وأحاسيسهم من أجل استعادة تعاليم زرادشت وما تفرع عنها، ذلك الإرث الشيطاني الخائب الذي أذهبه الإسلام وطوى صفحته إلى الأبد.


ثم يأتي أمير موسوي الخبير الاستراتيجي والمستشار في وزارة الدفاع الإيرانية ليعترف بنصف الحقيقة رغم أنفه حين قال" كان صدام حسين يريد إنهاء الحرب بعد عامين واستمرت 8 سنوات ".


وهذه وإن كانت كذبة أخرى، فالعراق لم تكن له مصلحة في حرب إيران وليست له أطماع في أراضيها، ولم يكن نظامها السابق حليفا له كي ينتقم من الذين انقلبوا عليه، ولم تكن الموجة الصفوية الشعوبية التي ركبها الخميني انطلاقا من دهاليز المخابرات الغربية ليحط على عرش الشاه لتخيف العراق أو تشكل تهديدا لاستقراره، فإن المنازلة التاريخية التي دامت ثمان سنوات كان أغلب فرسانها العراقيين من الشيعة وفي مختلف المواقع وأهمها وأخطرها، فالذي يخشى من التشيع الخميني لا يقاتله بالشيعة، وتلك حقيقة لا يستطيع أحد أن يزايد عليها مطلقاً، ولو كان العراق يطلب الخميني بثأر فهو كان كالفأر يلوذ في حمى العراق وقيادته قرابة خمسة عشر عاما، ولو كان في نية القيادة العراقية أن تتخلص منه لما أعجزها، في ذلك الزمن الذي شهد التفافا للشعب العراقي خلف قيادته يندر حصوله في التاريخ، بسبب الانقلاب الكبير في الواقع العراقي والتغيير الحقيقي الذي شمل كل مفاصل الحياة العراقية؛ الأوضاع الاقتصادية الجيدة والرفاهية والأمان والمكتسبات الكبيرة التي تحققت للشعب خلال تلك الفترة بعد أن بدأ يجني ثمار تأميم الثروات النفطية وطرد الشركات الاحتكارية التي كانت تمتص دم الشعب وتجلده بعد ذلك بالسياط.


فالعدوان كان حقدا فارسيا شعوبيا هدفه الأمة العربية وعقيدتها الإسلامية انطلاقا من بوابتها الشرقية، تطلبته أيضا وحبذته وهيأت سبله وأسبابه مصالح الغرب الصليبي والصهيونية المجرمة وأمنها في فلسطين.


لكن أمير موسوي رغم ذلك فقد كذب الخميني وكل أتباعه حين قال أن الشهيد صدام حسين أراد وقف الحرب بعد عامين، فهو بذلك يكشف جزءا من الحقيقة التي تفيد بأن الفرس هم من أشعلوا الحرب بالعدوان وهم من أطالوها كل تلك السنين ولم يتوقفوا حتى تجرعوا سم الهزيمة، كما قال الخميني حينها.


فلكم هو إعلامنا العربي - من مثل ما تقولنا فيه آنفا - ضحل وذليل وسطحي وفاقد لشرعيته ولا يرتجى منه أن يكون صوتا عروبيا يدافع عن انتمائه وهويته ووجوده ودوره في الحياة، ويضحي في سبيل الحقيقة الصادقة، كما هو حال كل إعلام الأرض إلا العربي!

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ٠٣ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٧ / أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور