مقال تم حجبه من صحيفة الصحافة السودانية - المشوره الشعبية 

 
 
شبكة المنصور
الدكتور : صديق تاور كافي

مع إنكفاء الحركة الشعبية الزائد جنوبا وشغفها بمسالة الاستفتاء وترسيم الحدود  من باب التهئية للانفصال ,طفحت على السطح موضوعة (المشوره الشعبية) كمتلازمة لتحديد اتجاهات الحدث فى المناطق التى خصها مهندسو الاتفاقية ببرتكولات (مفخخة) فى النيل الازرق وجنوب كردفان .وعلى الرغم من ان نصوص الاتفاقية نفسها تشير بوضوح الي أن هاتين الولايتين جزء من شمال السودان  ,وعلى الرغم من أن البرتكولات الخاصة والقوانين المعتمدة لحسم النزاع فيهما قد سمت العملية بالمشورة الشعبية لا الاستفتاء على تقرير المصير. إلا أن مايدور داخل الشريكين (المؤتمرالوطنى و الحركة الشعبية) يؤشر الى وجود اختلافات كبيرة بشان هذه القضية حد التضارب ,بما جعل الاحتمالات ُتفتح على كل الابواب مع إقتراب قطار نيفاشا2005م من محطته الاخيرة فى يناير 2011م القادم.


مركزيا حزمت الحركة الشعبية امتعتها (وتوهطت) مقعدها على الدرجة السياحية في القطار صوب الجنوب وتخلصت من امتعتها الشمالية في مزاد علني تاركة الجمل بما حمل لغريمها (المؤتمر الوطني) الذي يستعجل هو الاخر دفع الامور الي نهايتها عله يتخلص من هذه الشراكة (العكننه)
,وينفرد بما تبقي له من وطن يكفي الحزب الحاكم والمرتبطين به , ولاعزاء لشعب السودان. ولم يتبق لقطاع الشمال في الحركة الشعبية بما فيه قطاع جبال النوبة والنيل الازرق إلا عبارات الوداع والأمنيات بإقامة سعيدة فى حضن دولة المؤتمر الوطنى التى تأخذ (الرحمه) فيها صفة (المواسير).


من هنا تعددت أسئلة المصير المجهول لمن هم خارج دائرة الجنوب مع إحتمالات تحول البلاد إلي دولتين فى غضون الستة اشهر القادمة. ماهو مصير قطاع الشمال برمته والذى ظل وجوده ضمن الحركة الام أملا لدعاة (السودان الجديد) ,بعد ان يختفى السودان نفسه كخارطه مستهدفه بهذا المشروع.ويصبح هناك سودانان يسير كل منهما فى إتجاه ويسيران معا ضد حركة التاريخ وصيرورته. هل سيتحول الى حزب جديد ووفق أى رؤي سيتشكل هذا الحزب؟ وماالذى تبقي له من ماء وجه حتي يقابل به شعب السودان الذى إرتكب فى حقه مع الحركة الأم ومع المؤتمر الوطني جريمة تمزيق بلاده فى وقت تتنادي فيه كل بلدان العالم حتى المختلفه بالتوحد والتماسك, والبحث عن صيغ تربطها ببعضها وليس العكس. وماهو مصير النيل الازرق او جبال النوبة من حيث العلاقة مع الجنوب او مع الحكومة المركزية؟


على سبيل المثال تنص اتفاقية نيفاشا 2005م بشأن القوات والجيش علي أنه فى حال جاءت نتيجة الاستفتاء فى الجنوب لصالح الوحدة تعتبر القوات المشتركة نواة للجيش الوطنى بحيث تتم اعادة صياغة القوات المسلحة بناء على ذلك بدمج قوات من جيش الحركة الشعبية وجيش الحكومة على مستوى اوسع .اما اذا لم تكن النتيجة فى صالح الوحدة فتبلغ كل وحده الى قيادتها حيث هناك دولتان سوف تتشكلان. بمعنى آخر فإن على قوات الجيش الحكومي المتواجدة جنوبا خارج حدود 1956م ان تبلغ الى رئاستها فى الخرطوم ونفس الشئ للقوات التابعة للحركة الشعبية خارج هذه الحدود شمالا أن تعود الى قيادتها فى الجنوب .هذه واحدة من النقاط التى تؤرق اعدادا كبيرة من ابناء جبال النوبه بالذات المرتبطين بالجيش الشعبى والذين يعملون ضمنه فى الجنوب او فى مناطق اخرى .وهناك مجموعة كبيرة موجوده الان فى منطقة( الابيض) خارج ولاية جنوب كردفان عند الحدود مع ولاية الوحده باعتبارها قوات تتبع لجيش الحركة على الرغم من أنهم من جنوب كردفان. ووفقا لإتفاقية نيفاشا فمثل هولاء لا يحق لهم التواجد فى الولاية بصفتهم هذه فى حال انفصال الجنوب ويبقى املهم الوحيد هو ان تتحول المعطيات بقدرة قادر الى صالح الوحدة .وغير هؤلاء كثيرين من ضحايا المصير المجهول.


ولان برتكول جبال النوبة بالذات قد جاء محبطا ومخيبا لامال أهل الاقليم جميعهم إذ لم تكن الحصيلة بعد عشرين عاما من الموت المجانى والقتل الفوضوئ وخراب البناء المجتمعى ودمار البنية التحتية وغير ذلك كثير ,لم تكن الحصيلة اكثر من صفر كبير .لا تستطيع الحركة الشعبية قطاع الجبال ان تواجه به المواطن .خاصة وأن اداءها فى فترة الاربعة سنوات الماضية كان منفرا لقطاعات واسعة من مجتمع ولاية جنوب كردفان .لذلك تستعيض الحركة عن عجزها هناك بالتعبئة الفاعدية باتجاه تصعيد موضوع المشورة الشعبية الى مدياته القصوي بحيث تضعه  فى مستوى تقرير المصير للاقليم واهله فى حين كان بمقدورمصممى الاتفاقية ان يسموا الاشياء باسمائها من اول وهلة .ففى ندوة بدار حزب الامة ينسب الى ياسر عرمان قوله أن المشورة الشعبية هى حق تقرير المصير لجبال النوبة !! كما نسب الى مرشح الحركة الشعبية الفائز بدائرة الدلنج فى الانتخابات الاخيرة عمار أمون فى ندوة عامة قبل اسبوعين قوله بتمسك الحركة فى الجبال بحق تقرير المصير وأنهم قادرون على الوصول بالموضوع الى (لاهاي) ,فى إشارة الى تحكيم (أبيي)الذى يعتبر أزمة تم افتعالها من الحركة والموتمر الوطني والدوائر الاجنبية استهتارا من الاولين وعمدا ووعيا من الاخيرين.


بحسب قانون تنظيم المشورةالشعبية لولايتى جنوب كردفان والنيل الازرق لسنة 2009م فانها(يقصد بها حق ديمقراطى وألية لتاكيد وجهة نظر شعب ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق كل على حده بشأن اتفاقية السلام الشامل بخصوص أى من الولايتين التى توصل اليها بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان).
والمادة 15 من نفس القانون تنص على أنه (عند ممارسة حقهم الشرعى فى المشورة الشعبية تكون خيارات شعب ولايتى جنوب كردفان والنيل الازرق عبر المفوضية المعنية كالاتي:-


(أ)الموافقة واعتماد اتفاقية السلام الشامل واعتبارها حسما للنزاع السياسي فى الولاية المعنية أو (ب)اعتبار ان الاتفاقية لم تحقق تطلعات شعب تلك الولاية). وبغض النظر عن التفاصيل الفنية فى القانون مثل ممارسة المشورة عبر المجلس التشريعى (المنتخب)وتكوين مفوضية خاصة بها وغير ذلك الاان هناك اشكالات كثيرة مرتبطة بموضوع المشورة الشعبية هذا مما يجعل البحث عن ماهو المقصود بها والمغالطة فيها وفى طريقتها بين الشريكين بالذات امر فى غاية الغرابة.فهما قد وقعا على الاتفاق قبل خمسة سنوات والشئ الطبيعى أن كل مفرده منصوص عليها هناك فهم مشترك واضح على معناها ومدلولها حسب الظرف الذى وضعت فيه .أما أن ناتى بعد كل هذا الزمن لنتفاكر ونتجادل حول أننا نقصد بها كذا وهم يقصدون كذا فان هذا لايمكن أن يدخل فى غير الاستخفاف بمصائر الخلق والتلاعب بمصير البلد بكلياته .فالموضوع ليس مزحه حتى تتم معالجته هكذا من قبل الموتمر الوطني والحركة الشعبية مركزيا أو ولأئيا.


فمن حيث المفهوم تعنى المشورة الشعبية (public consultation) قياس اتجاهات وميولات الرأى العام فى منطقة ما او بلد ما فى شأن من الشئون العامة .وهى لها اشكال مختلفة باختلاف الموضوع والهدف والاليات .ولكن اهم عناصرها المفتاحية هى الاعلام او التعريف بالعملية (Notification)


ثم المشاورة اى اصطحاب اراء الجمهور (consultation)  فالمشاركة (participation) اى اشراك مختلف القطاعات المعنية بالعملية بشفافية وحرية تامه.وهو الاساس الذى انبثق منه تعريف


المشورة فى القانون المشار اليه على مايبدو ,وبالتالى فهى الية ديمقراطية لقياس رأي مواطنى الولايتين بمختلف تكويناتهم وانتماءاتهم ومرجعياتهم بخصوص الاتفاقية من حيث تحقيق مرتجاهم منها ام لا .ومن اهم عناصرها بهذا المعنى المناخ الذى تجري فيه وعدم اجرائها بطريقة فيها اقصاء لاى وجهة نظر . 

 

المشورة الشعبية 2-2 


وفقا لترتيبات نيفاشا 2005م فانه تجب ممارسة عملية المشورة الشعبية علي صعيد ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان في يوليو 2011م ،أي بعد  ستة اشهر تقريبا من إجراء الإستفتاء علي تقريرالمصير لسودانيى الشطر الجنوبي من البلاد في يناير 2011م .المطلوب من عملية المشورة هذه أن تقدم إجابة من مواطنى الولايتين عن مدي تحقيق اتفاقية نيفاشا 2005 لطموحاتهم ام لا. وسوف تصبح العملية بهذه الكيفية م مجرد تحصيل حاصل لانه فى حال ما إنتهت عملية الاستفتاء في الجنوب الى انفصال (لاقدر الله)، يكون السامر قد انفض والمرجعيات قد تاهت وتفرقت الالتزامات والمسؤوليات أيدي سبأ.


كان من من الطبيعي قراءة راى مواطنى هذه المناطق منذ البداية بإستصحاب كل المكون السياسي والاجتماعي عند صياغة البروتكولات الخاصة بهما في اتفاقية نيفاشا, ولكن ذلك لم يحدث شأنه شان برتكول ابيي وشان الاتفاقية التى لم يهتم مهندسوها براى اهل السودان فى اتفاق سوف يقرر في امر دولتهم وخارطتها واستقرارها. لقد اهتم مهندسو الاتفاقية بتمرير الصفقة الثنائية بين الموتمر الوطني (الحاكم)والحركة الشعبية (المتمردة) فقط. 


المأزق الآخر فى قضية المشورة الشعبية فضلا عن إفتراق المفاهيم وتضاربها بخصوص تعريفها بين طرفي اتفاقية نيفاشا فى المركز او فى الولاية، هو العقلية الاقصائية للشريكين. تنص المادة 14-1 من قانون المشورة الشعبية على انه يجب على الحكومة وحكومة الولاية ضمان توفير الفرص والمعاملة المتساوية لشعب الولاية والقوى السياسية المختلفة حول المشورة الشعبية عبر الاجهزه الاعلامية المملوكة للدولة والولاية المعنية. كما تنص المادة 14-2 على انه يحظر تقييد حق التعبير او اساءة استعمال السلطة لغرض تحقيق ذلك …..الخ الخ .وبالتالي فمعالجة امر المشورة الشعبية ابتداءا من إعداد القانون نفسه وإجازته بتلك الطريقة الفجة,  وايضا الجدل حول المفهوم والصيغ المناسبة ،هذه المعالجة تتناقض مع فكرة المشورة نفسها ومع مبادئها وشروطها.
واذا كان الشرط الاول من شروط اي مشورة وفق الفهم السائد عالميا هو التعريف والإعلام بالمسألة موضوع المشورة, فإن هذا يتطلب مناخا ديمقراطيا مهيئا يستوعب جميع الاطراف التى يراد لها ان تشارك في هذه العملية.


أى تهيئة الظروف لحراك سياسي واجتماعي واسع وحر وعميق، يؤدي الي وعي المجتمع المعني بمقاصد العملية ومترتباتها عليه. هذه النقطة تستلزم بالضرورة عدم التعامل مع موضوع المشورة الشعبية كبند من بنود صفقة ثنائية بين الحركة الشعبية والموتمر الوطني كما هو حاصل الان وكما تنص علي ذلك اتفاقات تحت الطاولة, بل يجب اعتبارها موضوعا جوهريا لكل مكون الولاية المعنية من مختلف المواعين السياسية وغير السياسية دونما حجر أو إقصاء أوتمييز لاي وجهة نظر .فالتعريف بالمشورة ومفهومها ومقاصدها يحتاج الي اتفاق عليها من جميع الاطراف ويحتاج ايضا الى تحاور شفاف فى الهواء الطلق وتحت الاضواء الكاشفة وليس ترتيبات (دكاكينية) فى الغرف المظلمة حسبما تفيد مجريات الاحداث من حين الى اخر، مثل عملية توقيف اللواء تلفون كوكو ابوجلحه بجوبا قبل يوم واحد من سفره للخرطوم فى طريقه الى ولاية جنوب كردفان فى مهمه بوصفه المبعوث الخاص لرئيس حكومة الجنوب لهذه الولاية. فاللواء تلفون لديه رأى واضح وصريح بخصوص إخفاقات إتفاقية نيفاشا وبروتكولاتها الظالمة لمواطني جبال النوبة وعدم تلبية هذه البروتكولات لطموحات وتطلعات اهل الولاية من وجهة نظره التى تجد صدى واسع داخل مجتمع ولاية جنوب كردفان. لذلك لايمكن النظر الي عملية توقيفه بتلك الطريقة المفاجئه بمعزل عن الصفقات الثنائية بين الشريكين بخصوص عملية المشورة الشعبية فى جنوب كردفان بما يضمن لهما السيطرة على مخرجاتها(هناك وثائق متداولة على نطاق واسع تتضمن اتفاقا بين قيادتى الموتمر الوطنى والحركة الشعبية فى جنوب كردفان ينص على التنسيق الكامل بين الطرفين فى الانتخابات لضمان استمرار الشراكة فى المستقبل إضافة الى بنود اخرى اهمها الاتفاق على اسكات اى صوت ناقد للاتفاقية).


أيضا ماحدث في النيل اازرق بخصوص نتيجة الإنتخابات التي لم تقنع حتى الموالين لحزبي الشراكة ولائيا اومركزيا. فقد جرت العملية وسط اجواء من الشحن والاستعداد الامني والتوتر لتنتهي بفوز الحركة الشعبية بمنصب الوالي فى الوقت الذى فاز فيه الموتمر الوطني بمقاعد المجلس التشريعي بفارق كبير (29الى18)وهذه مفارقه لاتستقيم عقلا ومنطقا اللهم الا إذا فسرت بمنطق الصفقات والمساومات وطباخة النتائج لأمر يتعلق بموضوع المشورة الشعبية لاحقا.


اذن أول خلل في امر المشورة الشعبية هو ادارة عملياتها بثنائية إقصائية باعتبارها أمر يهم المؤتمر الوطنى والحركه الشعبية فقط. وهذا شئ مخالف لقانون المشورة نفسه. من الواجب توفير أكبر قدر من الحريات ووسائل التعبير للجميع وإتاحة المجال لكل وجهة نظر فى هاتين الولايتين أن تعبر عن نفسها من حلال المنابر الحكومية والمداولات الرسمية . وفى هذا الاطار فان الحزبين يتحركان بإمكانات الدولة وإعلام الدولة وأجهزه أمنها، فى مقابل مساحه شكليه هامشية لمشاركه الاخرين .  وإلى الان تعانى الاحزاب السياسية بصورة خاصة من عدم تكافؤء الفرص الاعلامية والامكانات اللوجستية ومن استمرار مصادرة ممتلكاتها مركزيا وولائيا الامر الذى يتنافى كلية مع مبدأ المشورة نفسه بمشاركة الاخرين (PARTICIPATION). الناحية الاخرى هى وجود مناطق مقفوله امنيا وسياسيا تتبع للحركه الشعبية بالذات، لا يجوز لاى جهه كانت ان تمارس اى نشاط فيها بحرية ودونما مضايقات, وقد ظهر ذلك بجلاء فى فترة (الانتحابات) الاخيرة، حيث كانت الممارسات فى هذه المناطق أسوأ منها فى اى مكان من ناحية الحراك الانتخابى الديمقراطى. ويتوقع ان يتواصل هذا النهج فى المرحله المقبلة مع انتخابات المجلس التشريعى لولايه جنوب كردفان وانتخابات منصب الوالى بعد الفراغ من عمليه الاحصاء السكانى الحالية. فاداء الحركه الشعبية فى الانتخابات  لم يكن افضل من اداء المؤتمر الوطنى  ان لم يكن أسوأ منه على صعيد جنوب كردفان. والتجاوزات التى رصدت هناك كانت كبيرة وقبيحه أفقدت العملية برمتها أى معنى لها. من جانب بدات الحركه الشعبية خطواتها نحو المشورة بالاتجاه للتعبئة القبلية العنصرية بجنوب كردفان، وهذا مؤشر خطير يمكن ان يعيد هذه الولاية الى مربع المواجهات المسلحة والفتنه القبلية من جديد. لقد تقاسم المؤتمر الوطنى و الحركه الشعبية فى جنوب كردفان إثارة الفتنه بين مكونات المجتمع على اساس عنصرى (مخرب) طيلة سنوات الحرب وما بعدها. وكان يتوقع ان يتعلم الطرفان من تجربة الحرب اللعينة, ولكنهما لا ينظران لأبعد من قدميهما وتعميهما السلطه ومصالحهما فيها عن رؤية ما يمكن أن يترتب على اعادة استنساخ نفس التجارب المؤذية للمجتمع. فبينما بدأت الحركه الشعبية تنشط تعبويا وسط مجتمعات قبائل النوبة بخصوص المشورة التى تصورها لهم بانها حق لتقرير المصير، يتحرك المؤتمر الوطنى وسط قبائل البقارة مستغلا المخاوف المشروعة لهم من خطاب الحركه الشعبية العنصري. هذه الطريقة فى الخطاب السياسى المتعلق بالمشورة الشعبية سوف تعيد موضوع الارض والمواطنه من جديد الى السطح بذات الطريقة التى ظهر بها سابقا فى مناطق مختلفة من ولاية جنوب كردفان. وأيضا الطريقة التى ظهر بها فى موضوع استفتاء ابيي . من الذى يحق له التقرير فى الامر وما هو الافق المراد من العملية وهل هى خاصه بفئة دون غيرها ام انها عامه للكل؟ وغير ذلك من اسئلة لا تفيد اكثر من كونها تدخل المنطقة فى عدائيات بين مكوناتها الاصلية من جميع القبائل.
على الحركه الشعبية فى جنوب كردفان ان تستوعب ان منطقة جبال النوبة ليست حكرا على قبائل بعينها وفق المعيار القبلى العنصرى فهى تضم النوبه والحوازمه والمسيرية والفلاته وغيرهم مثلما يتواجد النوبه فى مختف بقاع السودان فى الشرق والشمال والجزيرة ودارفور والجنوب.

 

وليس من مصلحة المنطقة ولا مصلحة مجتمع النوبه نفسه افتعال صراعات بإسمه مع مجتمعات هى جزء من نسيجه, و متعايشة معه تاريخيا, بل و مرتبطة به مصيريا إرتباطا لا يمكن فصمه. و يبقى السؤال هو ما الهدف من الدعوة لتصعيد فكرة المشورة إلى مستوى تقرير المصير؟ هل هو محاولة للبحث عن ثغرة لربط المنطقة بدولة الجنوب أم تطلعات نخب تريد أن تحكم بأى كيفية؟ فإلى الان لاتملك الحركة الشعبية (مركزيا و ولائيا) أى برنامج يخص جنوب كردفان أو النيل الأزرق ذى صلة بالمواطن و همومه.


كما أنه على حزب المؤتمر الوطنى أن يبتعد عن الإصطياد فى الماء العكر, بإلجام رموزه من تجار الحرب و أمرائها الذين يمارسون الخطاب التعبوى التصعيدى وسط المسيرية و الحوازمه. فهؤلاء يمارسون بوعى تعبئة  قاعدية وسط هذا المجتمع تستهدف تهيئة المسرح من جديد لمواجهات عنيفة. و مركزيا يتعامل (مثلث حمدى) داخل المؤتمر الوطنى بالمنظار الإقتصادى فقط لهذه المناطق. أى أنه ينظر إليها بإعتبارها جنوب ما بعد إنفصال الجنوب. يهمه منها ما بها من ثروات نفطية و زراعية و حيوانية, أما الإنسان فليذهب إلى الجحيم مثله مثل إنسان الجنوب.


للخروج من مأزق المشورة الشعبية القادم لابد من إدارة العملية بجماعية متكافئة, و بهمة وطنية سقفها الأعلى محاصرة نزعات الفتنة و التفتيت من خلال برنامج مناطقى يستهدف إزالة الإختلالات التنموية فى المنطقتين, و يطمئن الناس على حقوقهم و يحسن من أحوالهم كمواطنين ضمن دولة السودان الواحد الموحد, التى هى ليست دولة المؤتمر الوطنى و لا دولة الحركة الشعبية بكل تأكيد. 

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ١٠ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٤أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور