الصين الشعبية تخذل القضية الفلسطينية

 
 
شبكة المنصور
دجلة وحيد

فوجئنا اليوم بخبر مفاده أن الصين الشعبية رفضت التوقيع على وثيقة سياسية  تعتبر القدس الشرقية عاصمة "للدولة الفلسطينية" المقترحة. جاء هذا الرفض المخذل للتطلعات العربية الفلسطينية أثناء إنعقاد الدورة الرابعة للإجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني الذي شارك فيه وزراء الخارجية العرب والأمين العام للجامعة العربية في مدينة تيانجين الصينية. المسؤولين الصينيين الذين ركزوا على التعاون الإقتصادي والتجاري فقط مع الدول العربية لم يتوقفوا عند هذا الحد من خذلان العرب المشاركين في الملتقى بل أيضا أهانوهم من خلال منع الصحفيين توجيه أسئلة للجانب العربي في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقد بعد إنتهاء اللقاء وكذلك منع الصحفيين بالقوة من الإقتراب من الوفد العربي بعد إنتهاء المؤتمر الصحفي. بينما كان رئيس الوزراء الصيني "ون جيا باو" يتبجح بزيادة حجم التبادل التجاري من 36 مليار دولار الى 107 مليار دولار بين بلاده والدول العربية خلال الست سنوات الماضية يفاجأ العرب المشاركين باللقاء بالرفض الصيني لإحدى مطالبهم السياسية الملحة ألا وهي الإعتراف بالقدس الشرقية كعاصمة "للدولة الفلسطينية" المقترحة. يعتبر هذا الرفض الصيني ليس فقط صفعة بوجه العرب ولكن يجب أن يعتبر أيضا كصافرة إنذار لهم بأن تشرذمهم المزمن سيغرق هذه الأمة في بحور المتاهات الأزلية وسيكون سبب إنقراضها من الوجود لأن الروابط الأساسية بين الأمم هي روابط مصالح وليس روابط عواطفية أو روابط أيديولوجيات متقاربة.  

 

أمتنا العربية مع الأسف أمة مشتتة وضعيفة القوام لا حول ولا قوة لها على الرغم من إمكانياتها المادية والبشرية الهائلة وقد تعرضت الى هزائم تلو الهزائم في الماضي وفي وقتنا الحاضر وقد خذلت من قبل القريب والبعيد وخصوصا من قبل أبنائها المارقين من عملاء وخونة وجهلة، ولهذا لا نستغرب من السلوكية الجديدة للنظام الصيني إتجاه قضايانا المصيرية الملحة. الصين كانت في الماضي القريب صديقة للعرب وتربطها بهم مصالح سياسية وإقتصادية خصوصا قبل سقوط الإتحاد السوفيتي. الصين كانت من الدول المهمة المناصرة للقضايا العربية في المحافل الدولية وخصوصا القضية الفلسطينة، ولكن مع الأسف وبمرور الزمن خصوصا بعد سقوط الإتحاد السوفيتي السابق حدث تقارب وتعاون في مجلات مختلفة منها الإقتصادية والعسكرية والعلمية بينها وبين الكيان الصهيوني الذي أصبح يصدر لها التكنولوجية والتقنيات الغربية التي تحتاجها في عجلة تطورها الصناعي والإقتصادي والعسكري وكذلك أصبح لهذا الكيان المسخ قوة تأثير على السياسية الخارجية للصين الشعبية. الصين الشعبية تراعي مصالحها الإقتصادية والسياسية الخاصة فقط ولا تعير أهمية لأيديولوجيتها السابقة في علاقاتها مع الدول الأخرى. الصين الشعبية ليست الدولة الكبرى الوحيدة في قارة آسيا التي لها علاقات إستراتيجية مهمة مع الكيان الصهيوني بل أن الهند أيضا تربطها علاقات قوية مع هذا الكيان المسخ.  لقد ذكرنا في مقال سابق نشر تحت عنوان "الأمة العربية المشتتة بأقطارها مريضة وتحتضر.. لماذا وإلى أين؟!!!" بأن الأمم الضعيفة والمستهلكة لا تحترم ولا ترحم وإذا بقيت أمتنا على شاكلتها المشتتة وتبقى تعاني من التشرذم فإنها ستختفي من الوجود عاجلا أم أجلا.

 

نحن العرب إتفقنا على أن لا نتفق وأتفقنا على أن نتأمر على بعضنا البعض وندمر إمكانياتنا المادية والبشرية ونتلذذ بعذاب أنفسنا وعذاب إخوتنا والأقربون منا ونشبع غرائزنا ونعيش للحظتنا ولا يهمنا مصير أجيالنا القادمة وخير دليل على ذلك هو تأمر العرب على العراق وشعبه. مع هذا فإن بإستطاعة العرب لو ارادوا تغيرر هذا الواقع المذل والمر من خلال تغيير سلوكيتهم وأساليبهم الدنيئة نحو الحد الأدنى من الإتفاق والتوافق الجماعي. فعلى سبيل المثال لو ارادوا تحقيق مبتغاهم من الجانب الصيني ألا وهو التوقيع على وثيقة الإعتراف بالقدس الشرقية كعاصمة "للدولة الفلسطينية" المقترحة بدلا من الجفول وإظهار خيبة أملهم لعملوا على توجبه الضغط والتهديد بإيقاف التعاون السياسي والإقتصادي والتجاري مع الصين وبشكل إجماعي. هذا العمل سيجبر الصين على التفكير بمصالحها لأنها تحتاج العرب أكثر من إحتياج العرب لها لأن للصين مصالح كثير في الدول العربية خصوصا في مجال الطاقة على سبيل المثال مشاريعها النفطية في منطقة دارفور في السودان إضافة الى ذلك أن الدول العربية تعتبر سوق كبير لتصريف المنتجات الصينية. هل سيصحى العرب في يوم من الأيام ويحسوا بقوتهم من خلال إتحادهم وإتخاذ القرارات الصائبة بصورة جماعية بدلا من التشتت والتأمر بعضهم على بعض؟!!!

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة  / ٣٠ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٤ / أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور