تأملات - قراءة متأخرة لدروس إستراتيجية

﴿ الجزء السابع ﴾

 
 
شبكة المنصور
سمير الجزراوي

(5) الحرية والديمقراطية بين الاستيراد والاستنساخ وبين التفاعل


في تقديري أهم ركيزة في فلسفة الحرية هو إحترام أراء الآخرين وطريقة تفكيرهم وإرهاصاتهم ومشاعرهم ايظاً, والمقولة التي تقول أن حريتي تنتهي حينما تبدأ حرية الآخرين تكون ناقصة في تقديري لأني أومن أن حريتي ستبدأء مع حرية الآخرين و ستتفاعل معها لتنتهي بنهاية حرية الآخرين,والمعنى الذي أريد أن أصل له أن حرية المجتمع ليست حصيلة جمع حرية الافراد وفق المتساوية العددية التسلسلية, وفي نفس الوقت لاتكون حدود الحريات الفردية منفصلة عن حدود حرية المجموع,ولايمكن أن تحكمها الحدود بل تتحكم بها وصايا ونوامبس السماء.والتي يترجمها الدين إلى طرق وسلوكيات وطقوس ليتمكن الإنسان من التعامل مع الحياة ,لذا أنتهز هذه الفرصة و أُكد بأننا نؤمن بأن أي حالة استخفاف أو السخرية من أي دين سماوي أو التعرض للرموز الدينية أو الأنبياء يمثل إنتهاكا للحرية ولحقوق الإنسان,ولا يمكن أن تحسب و بأي شكل من الإشكال على حرية التعبير أو حرية الرأي,هذا العنوان الشامل لايماننا بالحرية والتي تندرج التفاصيل الأخرى التي سنتطرق لها ,فالتعرض للانبياء والرسل يمثل تعرضاً لرأي ومعتقد الآخرين, لوأفترضنا جدلاً أن أحداً تعرض بالسب والذم للهوية الوطنية الدنماركية مثلاً إن كان العلم الوطني أوحتى أي قانون وضعي هم يحترمونه لأنه أتفقوا على أحترامه فماذا يكون موقفهم .أو إلا يستهجنون تعرض أحدهم لطفل بكل قساوة ويعتبرونه خروجاً على الذوق وتجاوزاً على عرفٍ أو قانون هم يؤمنون به حتى لو كان هذا المنظرالسئ بين أب و أبنه ويعدونه منظراً مرفوضاً وتجاوزاًعلى حرية الإنسان والمجتمع,ويطالبون باحالته للقضاء؟ ؟ أوعدم احترام إشارة العبور الايحتج ويثير إستهجان المواطنون الدينماركيون على هذا السلوك أيضا ويعتبرونه غير حضاري وهم محقون بذلك,أو أن قام من كان بالسخرية من أحد أساليب التي يتبعونها في حياتهم,أي بمعنى التعرض لخصوصية من خصوصياتهم التي يحترمونا إلا يحسبونها تجاوزاً على حريتهم,فنحن العرب أنبيائنا وقديسينا هم وجه من هويتنا ولا يمثلون رموزاً لنا فقط بل إنهم أكبر من رمزٍ أو قيمٍ بل يشكلون حالة القداسة بالنسبة لنا, وهذا ما يجب إن يعرفه الغرب عن محرماتنا ,وعن الحدود التي لا يحق لهم إن يتجاوزوها وبالقدر الذي يطلبون منا أن لا نتجاوز حدود قوانينهم مثلا ,وهي تشكل خصوصية من خصوصياتنا.فلسنا مجبرين أن نحترم حدود حريتهم وخصوصياتهم وهم لا يلزمون أنفسهم بإحترام حدود حرياتنا وخصوصياتنا,وإلا كيف يفسرون لنا نجاحهم في احترام خصوصيات بعضم البعض,سواء كانت اجتماعية أومعتقدات أو حتى سلوكهم,أليس إحترامهم للمَثلين(فئة منحرفة أخلاقياً في أعرافنا) كفئة إجتماعية و احترام حقوقهم وخصوصيات سلوكهم والزام كل الجتمع بإحترامهم بقوانين وفي داخل المجتمع الواحد,تمثل وجه من أوجه الحريات عندهم؟!,فإن كانوا بهذه الفلسفة يتعاملون فلماذا لا يحترمون خصوصيات الاخرين ..أذا أفترضنا أن شعوب وأُمم العالم يمثلون مجتمعاً إنسانياً واحداً,وهو الأمر هم ينادون به.إذاً حرية الشخصية تبدأ مع حرية المجتمع ولاتنتهي إلا بنهاية حرية الآخرين..

 

هذه قوانيننا وتلك قوانينهم,نحترم الذي عندهم وحتى إن تقاطع مع مبدأ من مبأدئنا,وبالمقابل يحترمون محرماتنا وخصوصياتنا إن تعارضت مع أصول وسلوكياتهم,والحر الذي لا يتهجم ويسفه ويجرم كل سلوك لا يعجبه وينعته مثلاً بالارهاب أو الديكتاتورية ,بل الحر ينتقد ولا يجيش الجيوش لفرض فلسفته أو أحكام لمجرد هو يؤمن بهاويحمل جرائمه أثقال لا تقوى الحرية على تحملها,ويحرفها بالطريقة التي تخدم أنانيته وتجبره المصطنع..


ولآن الانسان هو اللبنة الأساسية لبناء المجتمع,فهو يشعر بانه حر عندما يمارس إرادته في تحديد خياراته المتعددة و المتاحة له وبدون ضغط طبيعي أو بشري يقلص من عدد الخيارات الممكنة له.وقد تكون الحرية على المستوى الشخصي الداخلي تعني هي الفسحة التي يستطيع الإنسان إن يعبر عن شخصيته بشكل كامل وليس عن جزء منها,وبمعزل عن أي ضغط خارجي أو داخلي يؤثر في سلوكه.

 

وأن تتحرك مشاعره وغرائزه بنتاغم موزون مع عقله وبدون أي إضطراب أو تعاكس فيما بينها وهذا يسري على كل جوانب الشخصية الإنسانية,وايظاً يمكن أن ينطبق هذا على المجتمع الواحد أو مجموعة مجتمعات مؤتلفة. فالمحافظةعلى التحرك أو التطور في كل زوايا المجتمع (الاقتصادية والاجتماعية والسياسية)يكون بتوازن معقول وهو أطلقنا عليه بالتنمية, وأن يشمل كل فئات المجتمع الواحد أو كل المجتمعات المنظوية في كيانٍ سياسي محدد في شكل من الاشكال الائتلافية. وهذا قد يكون هدفاً في حد ذاته في عالمنا الحالي,بان يصل الإنسان أو المجتمع إلى أن يعيش هذا النوع من الحريات وتتحقق فيه العدالة الاجتماعية,وهو في نفس الوقت وسيلة لتحقيق إنسانية الإنسان أو المجتمع ,

 

ولكنه من الصعب أن يتحقق في عالمنا الذي نعيشه ألان,لان تعامل إنساننا المعاصر مع الحياة ومفاهيمها محكوم بعناصر و ظروف محيطةً به تتدخل في حياته وبشكل قريب وسريع بحكم التطور التكنولوجي الحديث الذي يتيح للمتغيرات والتاثيرات أن تتنقل بشكل سريع بين الأمم وشعوب الأرض,أي أن الإرادة الانسانية موجهة في كثير من الأحيان و تابعة لمحصلة الظروف الداخلية والخارجية الموجودة حوله,أو وحتى تكون محكومة بعناصر تركيبية في النفسية الواحدة أيضا, وفي بعض الأحيان يلاحظ على الإنسان والمجتمعات أيضاً إنه لا يمكن لهما أن يقرران أي هدف أو غاية وبإرادة خاصة و ذاتية يبغيان في الوصول إليها,,فالعوامل الخارجية والداخلية وما يطرأ عليها من مستجدات وتفاعلات هي التي تحدد المسارات في توجهاتنا و خياراتنا وتتحكم في غالبية تصرفاتنا, وهذا بالضرورة سوف يؤثر كثيراً في رسم نوع المعالجات والترتيبات الواجب إتخاذها تجاه هذا النوع من المتغيرات,وقد تختلف بزاوية ما عن ما كان قبل دخول أو ظهور المتغيرات وأفعالها.أي الحرية بمعناها المطلق ,والتي لا وجود لها في يومنا الحالي,

 

والتي يصعب حتى تحقيق نسب مقبولة منها,وللاسباب التي ذكرناها وهذا يعطينا كل الحق إن نقول أن الحرية بمعناها الواسع يتفق عليها كل البشرسواء الذي يعيشون في شرق الكرة الارضية أو في غربها أو في جنوبها أو في شمالها, إي بمسح جغرافي للانسانية ,وأيضا لا يختلف حوله الإنسان الغريزي أو العقلاني أو المتدين أو اللامتدين.ولكن نقاط الخلاف تظهر في تفسيرنا لنوع الحرية وطرق تجسيدهاوالكيفية التي نريدها (الديمقراطية أو نظام الحكم). وهذا يقربنا إلى الحقيقة التالية أن الديمقراطية من حيث المبدأ,لا خلاف حولها لكن الاختلاف هو على قضايا التي تخص المرجعيات الأيديولوجية لكل طرف ولكل معتقد أو مجتمع.


أن أهم الركائز في المسارات الديمقراطي المختلفة هو إحترام كل ما يتعلق بتجارب الآخرين ,وفيها يمكن تقوية الافكار والتجارب بالتفاعل مع بعضها. ويعد (التفاعل) أرقى سمة بشرية عرفتها النفس البشرية بعد الأخلاق و مفردات اخلاق.وهذا كله تقبله الشعوب المتحضرة و تتعامل به,وبالاخص شعوب دول الغرب,أما المديات التي يذهب بها السياسيين وصناع القرار في هذه البلدان فأني أجزم أن الكثيرين منهم لا يؤمنون بها لأنها لا تخدم أغراضهم الشخصية وخاصة الراسماليون القابضون على الاقتصاد وعلى مصانع التي تنتج الرؤوساء في بلدانهم, وبالنتيجة يكونون مؤهلون بحكم هيمنتهم على مصادر القرار أن يتحكموا بالسياسة وبكل اتجاهاتها والتي تكون في أكثر الأحيان لا تعبر عن إرادة شعوبها. أن كل ذلك يحتم على شعوب العالم أن تعترف بخصوصيات كل شعب أو أُمة ومن ثم تحترمها,وهذا يجعلها تتبلور عندها معايير تقويم الايديولوجيات و التجارب الصحيحة. ولايكون هذا التعرف لمجرد تحديد الهويات وأصول النشأة والدور الحضاري فقط بل يتطلب من هذا الفضول الشرعي أن يكون أحدى القوائم التي تبنى عليها الحوارات بين الأمم والشعوب كحوار الحضارات والثقافات وتبادل الانشطة الاجتماعية الإنسانية, وكذلك في بناء العلاقات الدولية والتي تكون التجارب سواء الفاشلة أو الناجحة هي أحدى المقومات لتقويم سليم وصحيح و حقيقي لدورالشعوب أو الأمم في الحياة,فلا يمكن أن تكون معايير التقويم أو النقد مطلقةً,

 

بل أن يتم التعامل معها بنسبية النشأة والظروف الموضوعية والذاتية والتي يجعل من هذه العوامل ترسم خصوصيات الأمم والشعوب في الافكار وتجاربها وفي صيغ التعبير عن كل أنشطتها الاجتماعية والانسانية.وهذه المعرفة والثقافة تمكن الشعوب من التعرف على بعضها وبدون الحاجة للإدارات السياسية والتي تشوه حقيقة الشعوب وبالاتجاه الذي يخدم أغراضها المصليحة والطبقية..

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة / ٢١ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٤حزيران / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور