الغداء الأخير بين الثور والحمير

 
 
شبكة المنصور
محمد العماري

من المحتمل أن تكون مأدبة الغداء الدسمة جدا التي دعا اليها الرئيس العميل جلال الطلباني يوم الخميس الماضي جميع الفرقاء في"العملية السياسية"باستثناء قائمة"التغيير"الكردية التي تمرّدت على هيمنة وسيطرة حزب الطلباني نفسه, هي آخر مأدبة غداء له في المنطقة الخضراء. ولكن إستنادا الى تاريخ وسلوك وطبع الرجل فمن المؤكد إن تكاليف الغداء وملحقاته بما فيها الخدم والحشم سوف يدفعها العميل الطلباني كعادته طبعا من جيبه"الرئاسي" الخاص.


فاموال الدولة والشعب العراقي, وهي بالمليارات طبعا, أصبحت في متناول يد أي مسؤول"كبير" في عراقهم الجديد. ولعل الكثير من العراقيين المخدعوعين بساستهم الجدد يجهل أن جيب"الرئيس"العميل الطلباني وراتبه السنوي والمخصصات واالنثريات الأخرى التي يحصل عليها, إضافة الى رواتب رجال حمايته والحراسة التابعة لضخامته, تفوق ميزانية دولة من دول العالم الثالث.


كما لا يخفى على أحد إن"الرئيس" الطلباني ومنذ أن وضعه الاحتلال الأمريكي في القصر الجمهوري, ورغم كونه لا يحل ولا يربط, تصرّف على طول الخط مع بقية العراقيين كرئيس حزب كردي, خصم ومنازيء وإستفزازي وعنصري. وكانت علاقته, وما زالت حتى هذه اللحظة, ببقية رفاقه في العمالة والخيانة من ساسة عراق اليوم علاقة يشوبها الشك والريبة وعدم الثقة. وهل يثق لص بلص آخر أو مجرم بمجرم مثله؟ لكن مع ذلك إستطاع العميل جلال الطلباني, لتراكم الخبرة لديه في هذا الميدان, أن يلعب على جميع الحبال وأن"يلطم في كل عزاء" الى درجة أصبح فيها"سيادته"موضوعا للتندّر والسخرية والترفيه.


ومن المعروف, على الأقل في دول العالم الثالث, إن بعض الرؤساء يصرّون على البقاء في السلطة لفترة ثانية وثالثة وربما رابعة بحجّة مواصلة عملية الاصلاح وتنفيذ البرامج الاقتصادية وأرساء كذا وكذا من القواعد التي بدأوا بها مسيرتهم. لكن المسخرة هي أنه لا توجد لدي جلال الطلباني, الذي بلغ من الشيب عتيّا, أية حجّة أو سبب في بقائه رئيسا للعراق.


فليس له علاقة بالاصلاح, لأنه غير موجود أصلا, وليست له علاقة باية برامج إقتصادية أو قواعد معيّنة لبناء دول حديثة. وباستثناءعمليات النهب والسلب لأموال وثروات العراقيين, كباقي لصوص وسرّاق وفسّاد المنطقة الخضراء, فان جلال الطلباني لا يستحق أن يُذكر من قبل أي شخص. ناهيك عن أن الرجل لا يتمتع بكامل قواه البدنية والعقلية والذهنية بسبب الشيخوخة والمرض وتحجّر المشاعر والأحاسيس لديه.


وتشير الأخبار الآتية من خلف أسوار الحضيرة الخضراء أن الغداء الأخير مع "الرئيس"جلال الطلباني وبقية العصابة لم يؤثّر فيهم كثيرا. فبعد أن أبلوا بلاءا حسنا في الأكل والشرب ونسفوا بالعشرة كلّ ما وقعت عليه أيديهم وعيونهم الشرهة كانت النتيجة ثرثرة على ضفاف دجلة ونكات"كردية وسنيّة وشيعية وعلمانية"وعبارات ترحيب مفتعلة على وزن"شلونك.. شلون الدار, وشلون أهلنا" وغير ذلك. وإتفق القوم على أن لا يتّفقوا الاّ على سفك دم العراقيين يوميا وحرمانهم من أبسط الخدمات الضرورية لحياتهم, وتحويل العراق, الذي كان قبل الاحتلال الأمريكي - الفارسي دولة يُشار لها بالبنان, الى بلد فاشل ومتخلّف من جميع النواحي, وصار أشبه بالمرض المعدي الذي يخشاه الآخرون.


وبالتالي من السذاجة والغباء التعويل على عصابة من العملاء واللصوص وميّتي الضمائر حتى وإن عقدوا مئة إجتماع في اليوم الواحد. فمَن كان الفشل الذريع والتلكأ صفة ملازمة لكل خطوة ومبادرة يقوم بها في حياته, لا يمكن أن يتغيّر بين لقاء وآخر خصوصا وإن الاحتلالين الأمريكي - الفارسي فتح شهيّة"قادة" العراق الجديد على مصراعيها فيما يتعلّق بخيرات وثروات الشعب العراقي.


ويُشار في هذه الصدد الى إنه سبق لحكام المنطقة الخضراء وإن إلتقوا وإجتمعوا عدّة مرات في السابق عندما كانوا يناضلون بشراسة وثورية في الفنادق الراقية والشقق الفخمة وودوائر المخابرات الأجنبية المعادية للعراق. وكانت إجتماعاتهم تلك, وهو ما أثبتته الأيام لاحقا, ناجحة مئة بالمئة لأن موضوعها الأساسي كان تدميرالعراق ونهب ثرواته وخيراته وتفكيك وحدته الترابية والاجتماعية وفكّ أواصر الأخوة والتآلف بين أبناء شعبه الواحد.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ١٠ جمـادي الاخر ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٤أيـــار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور