في رحاب الذكرى ٦٣ لولادة البعث : الإسلام السياسي والفهم الديمقراطي

﴿ الحلقة الاولى

 
 
شبكة المنصور
زامــل عــبــد
تعرضت وتتعرض الأمم والشعوب الحية إلى هجمة منظمة من قبل القوى العدوانية المؤمنة بالتوسع وكانت الأمة العربية هي الأكثر تعرضا لهكذا عدوان وتدخل بالشأن الداخلي عبر تأريخها مما أدى هذا إلى انزواء ألامه عن الساحة بالرغم من امتلاكها كل المقومات التي تمكنها من لعب الدور الإنساني الفاعل في خضم الصراع الجاري ضمن المحيط الدولي والإقليمي ، كما شهدت الساحة العربية هجمة فكريه تشويهية يراد منها نخر البنية القومية بتيارات وحركات وأحزاب بعيدة كل البعد عن حاجات الإنسان العربي بل هي وليدة الواقع المتناقض مع أماني وتطلعات وحاجات ألامه العربية حيث تم زرع هذه التيارات أو الحركات أو الأحزاب في الجسم العربي من تلك القوى إن كانت اشتراكية لا قومية أو قومية تعصبيه أو دخيلة على الدين الإسلامي أو الديانات السماوية الأخرى وذلك لتحقيق هدفين أساسين في أن واحد وخاصة على مستوى الفكر الإسلامي لان المستهدف الحقيقي هو الإسلام كقيمة إنسانية ثوريه نقل الواقع العربي والإسلامي من واقع الفساد والإفساد إلى روحية التضحية والعطاء والإبداع في بناء مجتمع قيمي تسموا فيه الأخلاق والتسامح والإنسانية وهذه الحركة كانت ألامه العربية القوة الفاعلة فيها كنتاج للترابط العضوي فيما بين الأمة والدين الإسلامي ومن هنا نرى الفكر الشعوبي كان بتوجه التوغل في المساحة الدينية يهدف إلى منع وحرمان الفقيه العربي من الوصول إلى مركز القرار والقيادة الدينية وخاصة عند إتباع منهج ومدرسة أل بيت النبوة عليهم السلام ، أقول الهدفين الأساسيين بصناعة الإسلام السياسي هما نخر الدين الحق من داخله باستخدامه كوسيلة للوصول إلى الأهداف والغايات ، و إظهار الدين الإسلامي بالمظهر المتعارض مع روح الإسلام والثوابت الإنسانية التي جاءت بالقران الكريم والسنة النبوية الشريفة وكردة فعل علمي واعي من الأمة العربية التي تمتاز بحيويتها انتفض نخبة واعية من أبنائها الذين تفاعلوا مع مخرجات العصر في القرن الماضي وبعد دراسة واعية ومعمقه للواقع العربي والأسباب والمسببين لما هو مرفوض جماهيريا خلصت مهمتهم التحليلية إلى طرح فكرة حركة الإحياء العربي لإعادة الحياة إلى ألامه كي تنهض بدورها الإنساني من خلال الإيمان الواعي بقدرها ودور الإنسان العربي الذي هو قيمه من القيم العليا التي تعمل وصولا إلى المجتمع العربي الديمقراطي الاشتراكي الموحد المتحدي كل أشكال التخلف والعدوان وإفرازاته إن كانت التجزئة أو التخلف العلمي والانزواء الحضاري من خلال سلب ألامه كل مقومات البناء الذي امتازت به عبر تأريخها المشرق وانعطافاته الحضارية الشاخصة في بلاد الأندلس وأوربا التي استثمرت العلم والمعرفة العربية استثمارا حيا ، وأخذت تتبلور هذه ألحزمه الفكرية التي عرضها الأوائل من رواد اليقظة القومية يتقدمهم المرحوم القائد المؤسس لفكرة البعث العربي الأستاذ أحمد ميشيل عفلق كفكر إنقاذي للامه تلمس بعين الواقع العربي المشكلات والمخاطر التي أحاطت بآلامه ووضع الحلول الملزمة للخلاص من ما أريد لأمة العرب أن تكون فيه ، فعرضت الأيديولوجية العربية بنظرياتها الوحدة والحرية والاشــــتراكية بأفقها العربي ألتأريخي المترابط فيما بين الإنســـان والزمن والحاجة وان أي تغير أو تطور في أي منهما يكون انعكاســـه الايجابي على الأخر ، أي أن تطور الزمن لابد وان يرتقي بالإنسان ، وان الحاجة الفردية والجماعية لأبناء ألامه لابد وان تؤثر في الحركة والأداء من خلال الاستجابة المشروعة لها


من خلال القراءة المتفحصة لفكرة البعث العربي والخطوات البنائية التي اتخذها الرواد الأوائل في حركة النشوء نجدها تبدأ تأسيسا" على انبعاث ألامه أي قيمها الإنسانية الحضارية وتفاعلها الإنساني مع حاجات الأمم والمجتمعات التي تلتقي مع امة العرب في ذات المعانات و التعرض للعدوان وان اختلفت أساسياته وأبعاده وأساليبه وان الخطوات التي اتبعت في نشوء الفكر وانتشاره اهتدت بالخطوات التي اتبعها المسلمين الأوائل في نشر فكر الإســـــــلام المحمدي بين المظلومين المضطهدين لتحقيق الانقلاب النفسي لتحمل أعباء الجهاد والتضحية من اجل القيم الجديدة ، وعند الوقوف أمام الخطاب الوثيقة الذي ألقاء المرحوم القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق عام 1943 من على مدرج جامعة دمشق بذكرى ولادة النبي العربي الهاشمي ألمضري محمد بن عبد الله صلى الله عليه وأله وسلم نرى العمق الإيماني الذي تجذر في البعث العربي والوعي الرسالي الذي احكم الرؤية المستقبلية للأمة العربية كونها امة الرسالة الخالدة التي توجب عليها معاني جهادية ، كي ترتقي بمهامها الكفاحية من اجل التحرر وتحقيق أماني وتطلعات جماهيرها ، ومن خلال هذا الفهم أدان البعث مسلك التيارات الإسلامية التي زرعت على الأرض العربية لأنها خرجت على الفكر الإسلامي وأصبحت الأداة التي تنفذ من خلالها القوى الشعوبية لتهيمن على ألامه وتحتكر كل المفردات التي للها العلاقة المباشرة في الارتقاء نحو الأهداف وقد تناول ذلك بالدقة القائد الشهيد صدام حسين رحمة الله عليه وأرضاه في عليين بحديثه الواسع المبوب تحت عنوان الدين والتراث والذي ركز فيه على ضرورة الفصل بين الدين والسياسة وان لا يقوم رجل الدين بالفعل السياسي الميداني لأنه سيتعارض كليا مع ذاته لان الرسالة الدينية رسالة توحيديه جمعيه وعند تسييسها سوف ينتقل إلى التفرد أي أحادية التمثيل والعمل من اجل مصلحة الحيز الذي هو فيه ، بل نجد هذه التيارات أو الحركات أو الأحزاب اتخذت المواقف التي تتناقض كليا مع قيم الدين ومن أهمها عدم موالاة الكافر فنراها تقدم كل ما تتمكن لقوات الغزو والاحتلال للبلاد الإسلامية في أفغانستان والعراق بالاضافه إلى جملة الأفعال الإرهابية المرتكبة على الساحة لتمرير إرادتها السياسية وان كانت متعارضة مع القيم الروحية والأخلاقيات واتخاذ الظلم وسيله لإقرار الأمر الواقع المفروض ، ولنأخذ كقياس ما أفرزته الانتخابات العراقية الاخيره والمواقف التي اتخذها رئيس حكومة الاحتلال الرابعة المنتهية ولايته ألهالكي تشبثا" بالمنصب والوجاهة الدنيوية خلافا لما يدعيه ويتظاهر به كونه إسلامي التوجه والأداء


إعلان فوز القائمة العراقية بزعامة الدكتور إياد علاوي ب 91 مقعد من مقاعد البرلمان الجديد متقدمة بمقعدين على ائتلاف دولة القانون بزعامة الهالكي القابض على السلطة والذي يشعر بالخطر من تقدم وتفوق القائمة العراقية عليه كونها تعبر عن الإرادة الشعبية الجامحة إلى التغيير السلمي في مفردات ما يسمى بالعملية السياسية العراقية التي هي نتاج الغزو والاحتلال وان البناء الذي أرساه المجرم بريمر في قانون إدارة الدول و جملة القوانين والتشريعات التي أصدرها ومن أخطرها على الأمن العراقي وسلامة بنائه الاجتماعي هدم البنية الوطنية من خلال حل الجيش العراقي و الأجهزة الأمنية والخاصة وتشريع قانون اجتثاث البعث ليطلق العنان إلى العقلية الشعوبية لتفعل فعلها في محاربة كل ما يمت إلى العروبة واليقظة القومية ، فأخذ يهدد ويتوعد المفوضية ويطرح عليها الأوامر بإعادة الفرز اليدوي ثم التهديد باعتقال أعضائها إن لم تستجب له وقد تمادى أكثر عندما نوه إلى أن عدم الاستجابة لرغباته سوف يؤدي إلى عدم الاستقرار الأمني تلويحا باستخدام المليشيات التي زج بها هو وسلفه إبراهيم الجعفري في ما يسمى بالجيش الجديد والأجهزة الأمنية وإنشاء مديريتين عامتين في وزارتي الدفاع والداخلية للإشراف على عملية دمج المليشيات التي عاثت في ارض العراق فسادا" من خلال جرائم القتل على الهوية والاسم والتهجير ومحاولة فرض لون واحد على الإفراد من حيث تطبيق الشريعة والتي سميت عام 2006 بخطة تطهير بغداد من مكون أساس وكأن لجيش المهدي الفعل الفاعل بها والكل يتذكر جرائم أبو درع وســــــــــلام المالكي والموسوي وألزاملي وغيرهم ، وإلى آخر ذلك من تدخلات سافرة حازت رفضا شعبياً وسياسياً من الكتل والمرشحين المنافسين ، ألهالكي دخل الانتخابات والسلطة في يديه بكل مواردها المادية والحيز الاجتماعي الذي طوعه بالمال السحت الحرام المنهوب من المال العام والذي كان تحركه تحت يافطة مجالس الإسناد بل حقيقتها مجالس الرشوة والإفساد وبيع العقال لقاء منافع دنيوية لا ولن تدوم وزائلة بزوال من ساهم باستشرائها في المجتمع ،

 

وكانت حسابات ألهالكي ترتكز على الوهم بسحق الكتل الأخرى وسيحقق عددا كبيرا من المقاعد ولن يكون أمامه منافس قوي يمكن أن تكون لديه فرصة جيدة لمنافسته في تشكيل الحكومة خصوصا غريمه المقبول عربياً ودولياً الدكتور إياد علاوي ومن هنا يكون مفهوما لماذا كان ألهالكي على درجة كبيرة من التوتر ، لكن المقلق أكثر في الموضوع ليس أن تجدد الولاية للها لكي أو لا تجدد ، إنما هو مدى إيمانه بالديمقراطية التي من ركائزها الأساسية التداول السلمي للسلطة وحسبما يؤكده الدستور الذي يدعوه ، الواضح أن إيمان ألهالكي بفكرة الديمقراطية وبقيمها وبنتائجها هو إيمان غير عميق ولم يستقر في قلبه وعقله بعد وللأمانة لن يكون ألهالكي وحده غير المؤمن إيمانا عميقا بالاختراع الغربي الرائع الذي اسماه الديمقراطية كي يغزو العراق وتحتل أرضه وتدمر البنية التحتية للدولة ومصادرة النظام السياسي العراقي الذي امتاز بجديته وتأثيره الافليمي والدولي وبشهادة منظمات ومؤسسات أممية وإقليمية وغير حكومية ، بل يشاطره في ذلك آخرين في عراق اليوم لا نهم جميعاً قد جاءوا من بيئات سياسية ودينية وأيدلوجية غير ديمقراطية ، هم ولدوا ونشئوا وترعرعوا سياًسيا وفكرياً في مناخات لم تعرف معنى الديمقراطية ولا جوهرها ولا قيمها ولا ممارساتها سواء من كان منهم في السلطة أومن يقف في صف الانتظار للفرصة للقفز على السلطة ومثل كل حاكم في العالم الثالث المتخلف الذي يتصور أن العناية الإلهية قد اختارته هو وليس غيره لقيادة شـــــــعبه وهذا هو المشاع بين من يدعون أنهم سياسيو العراق اليوم ، لذلك يظل جاثما على أنفاس هذا الشعب ولا يتركه إلا عندما ينقلب عليه طامح جديد للسلطة أو يأخذه الموت لكن يحدث ذلك بعد أن يكون الشعب قد بلغ به البؤس مبلغا عظيما



يتبع لطفا"

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الجمعة  / ٢٤ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٩ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور