متى يستفيق الضمير الإنساني الدولي ؟

 
 
شبكة المنصور
المحامي ودود فوزي شمس الدين

استفاق العراقيون على جريمة بشعة تضاف إلى الكثير من الجرائم التي انتهك حقوقهم بقتل مجموعة من السكان المدنيين في منطقة هور رجب ببغداد إضافة إلى سلسلة  من التفجيرات الدامية بسيارات ملغمة طالت العديد من الأشخاص المدنيين في بغداد ومدن العراق الأخرى في انتهاك فاضح للقانون الدولي تتحمل مسؤوليتها قوات الاحتلال الامريكي وحكومة الاحتلال المنتهية إعمالها برئاسة نوري المالكي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة هذه الجرائم تعد وفقا للقانون الدولي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية.

 

فالجرائم ضد الإنسانية تعني وجود اضطهاد موجه ضد فئة معينة على أساس من العنصر أو الدين أو القومية أو المعتقد(حيث جريمة هور رجب موجهة ضد مكون معين بذاته من مكونات الشعب العراقي ) وهي محرمة دوليا سواء في زمن السلم أو الحرب مع العلم  إن اتفاقية 1968 تقضي بعدم سريان التقادم المسقط للدعوى بالنسبة للجريمتين وكذلك جرائم الحرب التي أصبحت متعلقة بالقواعد الإمرة للقانون الدولي jus cogens وبالتالي لا يسري عليها التقادم.

 

ويجوز إن تلجا كل دولة إلى فكرة الاختصاص العالمي لمحاكمة من ارتكب هذه الجرائم بغض النظر عن زمان ومكان ارتكابها وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الجنائية الدولية في المادة (29) من قانونها .

 

ونصت المادة(3)من اتفاقية لاهاي 1907 على مسؤولية المحارب عن جميع الإعمال التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى قواته المسلحة . كما نصت المادة (1) منها على إن قوانين الحرب وحقوقها وواجباتها تنطبق على الجيش وعلى إفراد الميليشيات  والوحدات المتطوعة وكذلك تلك التي تشكل جزء من الجيش .

ونصت المادة (42)منه على إن الدولة تعتبر محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو .

 

ونصت المادة (3) المشتركة من اتفاقيات جنيف 1949 على حضر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية وبخاصة القتل بجميع إشكاله ,التشويه,المعاملة القاسية,التعذيب,الاعتداء على الكرامة الشخصية وعلى الأخص المعاملة المهينة والمحطة من الكرامة حتى وان كان النزاع  المسلح ليس له طابعا دوليا ,وعلى كل طرف متعاقد ملاحقة المتهمين باقتراف مثل هذه المخالفات الجسيمة أو الأمر باقترافها وتقديمهم إلى المحاكمة أيا كانت جنسيتهم وعليه اتخاذ التدابير اللازمة لوقف جميع الأفعال التي تتعارض مع اتفاقيات جنيف 1949.

 

وبموجب البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف 1949 يتمتع الأشخاص المدنيون بالحماية التي يوفرها القانون الدولي لهم  وتحظر الهجمات العشوائية على السكان المدنيين .

وتعتبر الهجمات عشوائية إذا:

 

- وجهت إلى أهداف غير عسكرية.

- استخدمت طريقة أو وسيلة للقتال لا يمكن إن توجه إلى هدف عسكري محدد.

- استخدمت طريقة أو وسيلة لا يمكن حصر أثارها على النحو الذي يتطلبه البروتوكول الأول من شانها إن تصيب الأهداف العسكرية أو الأشخاص المدنيين أو الأعيان دون تمييز.

 

وتعتبر هجمات الردع ضد السكان المدنيين أو الأشخاص المدنيين من قبيل الهجمات العشوائية  المحظورة في القانون الدولي .

 

وبموجب البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف النافذ في 7/12/1978 تعد الأفعال الآتية محظورة إذا وجهت إلى الأشخاص الذين لا يشتركون بصورة مباشرة أو الذين يكفون عن الاشتراك في الأفعال العدائية :

 

1-الاعتداء على حياة الأشخاص وصحتهم وسلامتهم البدنية أو العقلية ولا سيما القتل والمعاملة القاسية كالتعذيب أو التشويه أو أية صورة من صور العقوبات البدنية .

 

2- إعمال الإرهاب.

 

3-انتهاك الكرامة الشخصية وبوجه خاص المعاملة المهينة والمحطة من قدر الإنسان والاغتصاب والإكراه على ممارسة الدعارة وكل ما من شانه خدش الحياء.

 

4- التهديد بارتكاب أي من الأفعال المحظورة في القانون الدولي .

 

وفي الوقت الذي وجدنا إن المجتمع الدولي تبنى النظام الأساسي  للمحكمة الدولية ليوغسلافيا السابقة بالقرار (827)في 25/5/1993 والمعدل بالقرارين 1166 في 13/5/1998و1411 في 17/5/2002 المتضمن في مادته الثانية محاكمة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف 1949 وتبنى النظام الأساسي للمحكمة الدولية لرواندا في 1994 والمتضمن في مادته الرابعة سلطة محاكمة الأشخاص الذين ارتكبوا انتهاكات جسيمة للمادة(3) المشتركة من اتفاقيات جنيف 1949 والبروتوكول الإضافي الثاني ومن هذه الانتهاكات:

 

- استخدام العنف ضد حياة الأشخاص أو صحتهم أو سلامتهم البدنية أو العقلية  وخاصة :

- القتل

- المعاملة القاسية مثل التعذيب

- العقوبات الجماعية

- إعمال الإرهاب

- الاعتداء على الكرامة الشخصية سيما المعاملة المذلة أو المهينة أو الاغتصاب أو الدعارة قسرا أو أي شكل من إشكال هتك العرض.

 

- التهديد بارتكاب أي من الأفعال المخالفة للقانون الدولي.

 

كما منعت ( اتفاقية منع جريمة  الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها) والمعتمدة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة النافذة من 12/12/1951 الإبادة الجماعية وعرفتها أنها تعني أيا من الأفعال المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية بصفتها هذه وذلك بقتل أعضاء منها أو إلحاق الأذى الجسدي والروحي الخطير بها أو إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها كليا أو جزئيا .

 

وبهذا الاتجاه أخذت المحكمة الجنائية الدولية في المادة (6) من قانونها.

كما إن مباديء التعاون الدولي في تعقيب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية  المعتمدة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3074(د-28)في 3/12/1973 تضمنت إن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أيا كان المكان الذي ارتكبت فيه تكون موضع تحقيق ويكون الأشخاص الذين تقوم دلائل على أنهم قد ارتكبوها محل تعقيب وتوقيف ومحاكمة ومعاقبتهم إذا ما وجدوا أنهم مذنبون.

 

وبموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2391(د-23) في 26/11/1968 تم اعتماد اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية .

 

إن المجتمع الدولي عموما ومجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة خصوصا تتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية في إنفاذ القانون الدولي لوضع حد لمأساة العراق وشعبه حيث أصبح الاحتفاظ بكرسي الحكم أثمن من كل هذه الدماء التي تراق وبسكوت ملفت للنظر من المجتمع الدولي .

 

ففي الوقت الذي يدين فيه المركز هذه الجرائم ويحمل قوات الاحتلال وحكومة المالكي العميلة مسؤوليتها.

يناشد المنظمة الأوربية لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة مباشرة العمل بفاعلية ونزاهة واستقلالية لإنفاذ القانون الدولي بدون معايير مزدوجة ودون تأثير من  الولايات المتحدة الأمريكية لإحالة كل مرتكبي الجرائم الدولية في العراق إلى التحقيق وإحالتهم إلى محاكم دولية مختصة عند ثبوت إدانتهم .

 

ويطالب مجلس الأمن الدولي باحترام قراراته السابقة التي تخص العراق بعد إحداث 1991 بالحفاظ على سيادته واستقلاله وحدوده الإقليمية ومنع دول الجوار من التدخل في شانه الداخلي وخاصة إيران التي بات لها الذراع الطولى لرسم الخارطة السياسية في العراق.

 

ويؤكد على  دعواته السابقة للمقاومة العراقية بكل فصائلها بوجوب الاتفاق على برنامج سياسي موحد وتشكيل مجلس وطني للإنقاذ وبغير ذلك فان التاريخ لن يرحم أحدا مهما كانت الأسباب أو المبررات لان في وحدتهم اختزال لزمن الاحتلال الامريكي وأعوانه  وصون للعراق وشعبه ومستقبله.

 

 

المحامي

ودود فوزي شمس الدين

مدير المركز العراقي لحقوق الإنسان

بغداد المحتلة في الثالث من نيسان ٢٠١٠

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ٢٠ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٥نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور