رسائل التبصير :  كشف ألغام التحرير

( الرسالة الخامسة : لغم عفوية انطلاق المقاومة العراقية )

﴿ الحلقة الثانية

 
 
شبكة المنصور
صلاح المختار

الى الماء يسعى من يغص بلقمة فإلى اين يسعى من يغص بالماء ؟

مثل

 

7 – هل ما حصل من صراع مسلح منذ عام 1991 كان محض حرب نظامية ؟ ام انه اقترن باعداد الشعب للقتال مع الاحتلال المتوقع ؟ وهل حصل قتال بين مدنيين مدربين وقوات اجنبية منذ عام 1991 ؟ وهل كان وجود قوات شعبية مسلحة بالملايين احد اهم عوامل التردد الامريكي في الغزو منذ عام 1991 ؟ ولماذا اوقف بوش الاب الحرب في عام 1991 من جانب واحد ؟ ماذا قال في السي ان ان عام 1994 عن سبب ايقافه لاطلاق النار ؟

 

حينما فرضت الولايات المتحدة الامريكية الحرب على العراق في عام 1991 كان واضحا ، حتى لاقل الناس وعيا في السياسة والحروب ، بان ما يواجهه العراق كان حربا شاملة . ما معنى الحرب الشاملة ؟ ما رايناه وواجهناه هو التالي :

 

أ – بعد حرب تسمى حربا عالية الحدة ( high intensity war )  بدات  يوم 17 / 1 / 1991 وانتهت يوم 28 / 2 / 1991 بوقف اطلاق النار من جانب واحد ، هو الجانب الذي بادر بشن الحرب وهو امريكا ، تغير شكل الحرب ولم تتوقف كما ظن بعض قليلي الخبرة بالحرب وبمعنى ستراتيجة الحرب ، اذ تم بعد وقف اطلاق النار تبني حربا مو نوع اخر وهي الحرب المنخفضة الحدة  (  low intensity war ) . ولئن كانت الحرب العالية الحدة ساخنة جدا تستخدم فيها كل اساليب الحرب الحديثة فان الحرب المنخفضة الحدة هي عبارة عن عمليات محدودة هدفها استنزاف العدو ، وهو هنا العراق ، واعداده للانهيار او الهزيمة  ببطء بالقيام بعمليات محدودة ولكن مستمرة هدفها تدمير مصادر قوته العسكرية والاقتصادية ، واضعافه نفسيا وكشفه امنيا تمهيدا لاستئناف الحرب العالية الحدة بعد اكتمال شروط شن حرب ناجحة عليه . وتضمنت تلك الحرب فرض مناطق حظر الطيران وتحرك القوات العراقية ومناطق الطول والعرض ، والتي كان واضحا انها تستهدف الاعداد لتقسيم العراق ، وقصف الدفاعات العراقية ومهاجمة المنشأت الاقتصادية لتدمير موارد الدولة والمجتمع وعدم السماح بحصول استقرار امني واجتماعي ...الخ .

 

ب – حصار شامل تضمن حتى الدواء والغذاء مع انهما لا يخضعان لاي حصار ، والسبب هو الرغبة في تفتيت المجتمع وتحريض الراي العام ضد نظامه الوطني بجعل الجوع والعوز والمرض يسحقان الاطفال والنساء والشيوخ ، وتعمد اعادة العراق الى مرحلة سابقة تم القضاء على امراضها مثل الفقر والمرض والفساد الاجتماعي والامية وغير ذلك .

 

ج – شن هجمات شاملة تنتمي للحرب العالية الحدة بين فترة واخرى من اجل تكريس ظاهرة عدم الاستقرار وحرمان العراق من القدرة على اعادة البناء العسكري والاقتصادي والامني ، وجس نبض طبيعة وحجم ونوعية الرد العراقي على محاولة القيام بغزو ناجح . وتقع ضمن هذا الاطار العدوانات التي سميت ( بعدوانات الرجعة ) . وفي هذه العدوانات كان الشعب مستعدا للمواجهة وكانت الجماهير المسلحة تنتشر في كل العراق لحمايته من تقدم القوات التي كانت تحتشد على حدوده الجنوبية بشكل خاص .

 

وقد ثبت بان امريكا كانت تريد معرفة مدى استعداد العراق شعبا وقوات مسلحة للرد على غزو محتمل ، وكان الاستنتاج الامريكي الرئيسي في الفترة بين عام 1991 و2003 هو ان النظام مازال قويا ليس بفضل قدرة القوات المسلحة النظامية على المواجهة فقط بل ايضا ، واساسا ، لوجود قوات شعبية ضخمة مسلحة ومدربة وقادرة على خوض حرب عصابات عند غزو العراق ، وكانت التجربة التي اقلقت امريكا هي نتيجة عملية ( ثعلب الصحراء ) التي شنتها امريكا في عام 1998 واستمرت حوالي اربعة ايام واستهدفت تدمير مراكز القوات المسلحة والسيطرة والقيادة تحقيق انهيار في معنويات الشعب من اجل دفع قوات ضخمة كانت متمركزة في الكويت والسعودية لدخول العراق وغزوه ، ورغم شراسة العملية وقدرتها التدميرية الهائلة الا انها فشلت لوجود استعداد قتالي عالي وقوي عسكريا وشعبيا . فماذا حصل ؟

 

توصلت ادارة بيل كلنتون الى قناعة اعلنت عنها رسميا تقول ان غزو العراق الناجح مستحيل من دون التعاون مع ايران لان الانطلاق الرئيسي للغزو لابد وان يبدأ من الجنوب ، وبدون شل او اضعاف الدعم الشعبي للنظام الوطني في الجنوب فان غزو العراق مستحيل ، كما اثبت تجربة ثعلب الصحراء الفاشلة ، والتي وصفتها مصادر ايطالية خير وصف بالقول ان ( الثعلب الامريكي ضاع في صحراء العراق ) ، وبما ان ايران تملك داعمين لها في جنوب العراق فان التعاون معها امر حتمي لغزو العراق بنجاح . اذن كان وجود مئات الالاف من المدنيين المقاتلين ، خصوصا في جنوب العراق ، احد اهم اسباب تأخر غزو العراق كثيرا وتردد امريكا طويلا في تنفيذه وجاء خيار التعاون مع ايران لتأكيد ان الجماهير المسلحة كانت احد اهم اسباب التعاون مع ايران من اجل اضعاف هذه الجماهير وشقها طائفيا وبغير ذلك من الوسائل .

 

د – كانت هناك كتل شعبية مسلحة ومدربة وصلت اعدادها الى الملايين ، ومنها كان جيش القدس الذي ضم أكثر من ستة ملايين عراقي ، وكانت تجربة شن العداون الثلاثيني في عام 1991 قد اكدت مشاركة الاف المدنيين في كافة انحاء العراق وفي الكويت ، التي كانت في قبضة العراق وقتها ، في رد العدوان والقتال ضده . وفي اطار هذه الحقيقة فوجأ العالم بقرار جورج بوش الاب بايقاف اطلاق النار من جانب واحد مع انه شخصيا قبل ذلك بأقل من يوم اكد رفض ايقاف اطلاق النار ، خصوصا حينما اقترح الاتحاد السوفيتي على لسان رئيسه غورباتشوف ذلك ، ولكن فجاة وبدون مقدمات اعلن بوش وقف اطلاق النار في قمة معركة دبابات في جنوب العراق وصفتها الوكالات وقتها بانها اكبر معركة دبابات في التاريخ .

 

ولم يقدم الجواب الامريكي الواضح والصحيح على السؤال الذي طرح وقتها وهو لماذا اوقفت امريكا اطلاق النار مع ان قواتها دخلت العراق وشرعت بالاشتباك مع الحرس الجمهوري وكان نخبة القوات المسلحة العراقية ، في اطار اعلان رسمي بان الهدف كان ( التخلص من صدام حسين ) ؟ وعلينا من اجل معرفة الاطار الاوسع لما جرى ويجري ، وهو اطار تتعمد امريكا وغيرها التعتيم عليه ، ان نتذكر بان الموقف الرسمي لامريكا ومن كان معها كان وقتها يقول بان الهدف من الحرب هو اجبار العراق على الخروج من الكويت فقط وليس غزو العراق ، ولكن خرج العراق من الكويت ومع ذلك اصرت امريكا على دخول مئات الدبابات الى جنوب العراق من السعودية اولا ثم من الكويت وتكثيف عمليات القصف الجوي والصاروخي للعراق ، فقامت قوات الحرس الجمهوري الباسلة بالتصدي الناجح والعظيم لها . وهنا لابد من طرح سؤال محوري يفضي تجاهله الى تغييب احد اهم دوافع الحرب : لم اصر بوش الاب على مواصلة الحرب ضد العراق ورفض المقترحات السوفيتية ، وقبلها رفض مقترح الرئيس الفرنسي ميتران ، ودفع قواته لدخول جنوب العراق بعد اكمال الانسحاب العراقي من الكويت مع ان الموقف الرسمي كان يقوم على اخراج القوات العراقية من الكويت وليس غزو العراق ؟  

 

وهنا وللتاريخ يجب ان اكشف لاول مرة بعد مرور 19 عاما بانني كنت شخصيا قد نقلت رسالة رسمية من الرئيس الفرنسي ميتران وبناء على طلبه ، للرئيس الشهيد صدام حسين حول كيفية حل مشكلة الكويت وازمة المنطقة كلها ووافق الرئيس الشهيد عليها واوصلت الرد الى الرئيس الفرنسي .

 

ويجب ان نكون واضحين اكثر من اجل ان يفهم الراي العام حقيقة ما جرى في موضوع الكويت ، وهي حقيقة تناقض ماروج من معلومات ، بالتأكيد على ان مبادرة ميتران ، التي قدمت للعراق قبل ايام من بدء الحرب ، كانت تقوم على تطبيق قرارات الامم المتحدة الخاصة بالكويت وفلسطين بشكل متزامن ، وهي تتضمن الانسحاب العراقي من الكويت مقابل تطبيق قرارات الامم المتحدة الخاصة بفلسطين ، وهو ما اسماه العراق ( مبدا الترابط بين حل مشكلة الكويت وحل مشكلة فلسطين ) ، ووافق العراق عليها ، لكن امريكا افشلتها مع ان وزير خارجية فرنسا كان يستعد للسفر الى بغداد لاجل ذلك ، وكنت قد ابلغت رسميا من قبل المستشار الرئيسي لميتران بان الوزير سيغادر غدا الى بغداد . اما مبادرة غورباتشوف فقد طرحت اثناء الايام الاخيرة للعدوان بعد زيارة المجاهد الكبير ، وعميد اسرى العراق طارق عزيز حفظه الله ، الى موسكو وتبليغه للرئيس الروسي بان العراق مستعد للانسحاب من الكويت فقام غورباتشوف بطرح مبادرة تدعو لوقف اطلاق النار والدخول في مفاوضات مباشرة  من اجل حل القضايا التي ادت للحرب ، لكن بوش قال وقتها لغورباتشوف ( مبادرتكم جاءت متأخر والحرب هي الوسيلة الوحيدة لحل مشكلة العراق المزمنة لذلك لن نوقف الحرب ) ، اما العراق فلم ينتظر موافقة امريكا على مبادرة غورباتشوف فقد بدأ بالانسحاب من الكويت واكمله قبل اكمال دخول قوات الحلف الامريكي للكويت ، وهي حقيقة معروفة جرى طمرها وتصوير الامر وكأن امريكا اخرجت العراق بالقوة من الكويت .

 

في عام 1994 وبعد ان خرج بوش من الرئاسة اجرت شبكة السي ان ان مقابلة معه سالته فيها ( لم اوقفت الحرب ولم تكمل عملية التخلص من صدام حسين الذي عاد لخق المشاكل لنا ) ؟ فقال بانه اوقف اطلاق النار لانه اراد حماية ( اولادنا من خطة وضعها صدام حسين لجرنا الى حرب مدن داخل العراق ) . ماذا حصل أنذاك ؟

 

تشير وقائع تلك المعركة التاريخية في جنوب العراق الى وقوع القوات الامريكية في فخ مميت للحرس الجمهوري وان مئات الدبابات والمدفعية الامريكية ومئات الطائرات خصوصا الهليوكوبتر كانت تتعرض لنيران كثيفة جدا من قوات الحرس الجمهوري البطلة ، بعد ان انغرزت في الرمال في جو ماطر جدا تتخلله عواصف رملية ورعدية ضخمة جعلها عاجزة عن القتال او الطيران ، وزاد الامر خطورة بالنسبة للقوات الامريكية حينما حل الليل وصار عليها خوض الحرب ليلا وهي حرب اتقنها الحرس الجموري وخاضها مرارا ولم تكن القوات الامريكية مستعدة لها بعد ، في هذا الوضع الرهيب كانت صرخات قادة القوات الامريكية وهي تتصل بقيادتها في امريكا تسمع بوضوح وتسجل من قبل الاستخبارات العسكرية العراقية ، وكانت الاصوات تحذر من وقوع اغلب تلك القوات في الاسر وتطلب وقف اطلاق النار فورا وبلا اي تأخير .

 

ان هذ الحقيقة تشكل احد اهم دافعين لوقف القتال من جانب واحد ، اما الدافع الاضطراري الاخر المهم جدا فهو ما قاله بوش للسي ان ان ، وهو تجنب الوقوع في فخ عراقي اخر اكثر قتلا من الهزيمة في معركة الجنوب النظامية وهو فخ جر القوات الامريكية الى معارك مدن وحرب عصابات اكد بوش ان الرئيس الشهيد صدام حسين قد اعد لها وجعلها فخا لاصطياد     ( اولاد امريكا ) فيها وتجريدهم من تفوقهم العسكري المطلق وجعل الحرب حرب ارادات يملك العراقيون فيها التفوق المطلق والتام دون ادنى شك . وهذا الجواب الذي قدمه بوش اكد ما نقول واثبت ان الدور الفعال للجماهير المسلحة في العراق وقدرتها على ردع  الغزاة او على الاقل جعلهم يترددون كثيرا قبل الاقدام على الغزو او العدوان المسلح الواسع النطاق كان عاملا حاسما في وقف اطلاق النار من جانب واحد .

 

وهنا يجب ان اتوقف قليلا لاشير الى تفاهة وحقارة القصص التي روجت حول هزيمة الجيش العراقي وعدم قيامه بالقتال لانها قصص تتناقض حتى مع الروايات الرسمية الامريكي والبريطانية والفرنسية ومع ماورد في كتب وكتابات امريكية واوربية صدرت فيما بعد حول حقيقة المعارك التي جرت داخل الكويت او داخل العراق بين العراق وجيوش 28 دولة وامكانات 33 دولة وقفت كلها ضد العراق ، ومنها قوى عظمى وكبرى مثل امريكا وبريطانيا وفرنسا ، تلك المعارك التي كانت مفخرة للقوات المسلحة العراقية رغم التفوق الهائل للتحالف الاستعماري الذي شن الحرب على العراق في كافة المجالات الا مجال المعنويات حيث كانت القوات العراقية تمتلك معنويات من يقاتل دفاعا عن الوطن والهوية القومية والشرف والدين والكرامة .

 

8 – ماذا قال تقرير احدى لجان التفتيش اثناء الحصار بعد زيارته لاحد المعسكرات العراقية ؟ الم يبدي استغرابه لقيام الجيش النظامي في ذلك المعسكر بتدريب الضباط والجنود على زرع العبوات الناسفة وطريقة تصنيهعا من مواد محلية متوفرة في السوق ؟ نعم لقد وردت تلك الملاحظة في تقرير احدى لجان التفتيش وكان ذلك مؤشرا الى حقيقة تطبيق قرار مركزي بتحويل قسم من الجيش النظامي للعمل وفقا لستراتيجية حرب العصابات . والسؤال هنا هو : مامعنى هذه الحقيقة قدر تعلق الامر بمن يقول بعفوية انطلاق المقاومة العراقية ؟ الا تؤكد بان الاتجاه الرسمي كان اعداد الشعب والقوات المسلحة لحرب شعبية طويلة ؟

 

9 – لم تم تشكيل ( فدائيواصدام ) ودربوا تدريبا عاليا على حرب العصابات ؟ وماذا فعل هذا التنظيم بعد بدء الغزو ؟ تشير كل الاعترافات الامريكية العسكرية المتوفرة الى ان ( فدائيوا صدام ) قد شكلوا عقبة خطيرة امام تقدم قوات الغزو نتيجة تصديهم البطولي لقوات الغزو في كل مكان . اما بعد الغزو فان ( فدائيوا صدام ) كانوا القوة الرئيسية الاولى التي قاتلت الغزاة في كل المدن التي دخلت فيها قوات غزو وفي بغداد بشكل خاص .

 

10 – لم انشأ جيش القدس ودرب أكثر من ستة ملايين عراقي على قتال المدن ؟ هل كان ذلك لاعدادهم للقتال في فلسطين ؟ من الواضح الان بان تشكيل جيش القدس كان هدفه العملي الحقيقي هو اعداد ملايين العراقيين لحرب المدن والعصابات ، فبعد ان تيقنت القيادة الوطنية العراقية من ان الغزو قادم لا محالة وان المسألة هي مسالة وقت وفرصة مناسبة تقرر تدريب المزيد من العراقيين خصوصا غير البعثيين ، من اجل امتلاك مخزن أحتياطي ضخم جدا للقدرات القتالية يصبح بعد الغزو مصدرا للمقاتلين فورا ، بحيث لن تكون هناك حاجة لصدور اوامر بذلك ، اذ يكفي ان يكون هناك ملايين دربوا على السلاح ليبادر جزء منهم على الاقل للقتال ضد الغزو فور حصوله ، وهذا ماحصل بالفعل حيث ان الاف المدربين انخرطوا في فصائل تشكلت بعد الغزو بمبادرة من بعثيين ومستقلين ، بل ان الالاف قاموا ، كافراد بلا تنظيم ، باعمال مسلحة ضد الغزو نتيجة امتلاكهم للسلاح واعدادهم لخوض الحرب بشكل مسبق .

 

والان يجب ان نتخيل لو ان هذا الاعداد الملاييني للعراقيين على القتال وتمليكهم السلاح لم يحصل هل كانت المقاومة العراقية ستنطلق فورا حصول الغزو ؟ ام انها ستكون مضطرة لانتظار سنوات ، وعلى الارجح عقود من الزمن ، من اجل تدريب المتطوعين على حرب العصابات والبحث عن سلاح يستخدم فيها واموال لتغطية نفقاتها الكبيرة ؟ باعداد الملايين للقتال وبتمليكم السلاح وبتوفير ملايين الدولارات لتغطية تكاليف الحرب التحررية اختصر البعث طريق التحرير وازال عقبات خطيرة امام واجب البدء باسرع وقت في مقاتلة الغزاة . وهذه الحقيقة لا تظهر قيمتها الكاملة الا اذا تذكرنا حقيقة اخرى محزنة وهي ان المقاومة العراقية هي المقاومة اليتيمة الوحيدة والتي لا داعم عربي او اجنبي لها ماليا او سياسيا او اعلاميا ، وهي حقيقة كانت ستجعل من انطلاقها عمل شبه مستحيل او على الاقل بالغ التعقيد .

نتمنى من اصحاب الضمائر الحية تذكر ذلك .

 

11 – لم انشأ الشهيد القائد صدام حسين التنظيم السري للحزب في عام 1999 ؟ هنا نكشف احدى اهم الحقائق التي بقيت في حالة تشبه السر وهي قرار قيادة الحزب في عام 1999 انشاء تنظيم حزبي بعثي مواز للتنظيم الحزبي الرسمي القائم ويضم افضل المناضلين المجربين ، عقائديا ونضاليا واخلاقيا ، وعزله عن التنظيم الحزبي الرسمي ، الذي اضعفته العناصر غير العقائدية التي تسللت اليه بحكم وجود البعث في السلطة وما في ذلك من اغراءات ، وجعله سريا جدا والاعتماد عليه في مواجهة التحديات القادمة . لقد تم تشكيل تنظيم حزبي سري مواز للتنظيم الرسمي للحزب ، لكنه مكون من نخب ممتازة وعقائدية ودربت على القتال في المدن وعلى تصنيع المتفجرات واصلاح الاسلحة وحماية المواطنين من الحرب الحديثة ، ويضم نخب من افضل كوادر الحزب المدنية وضباط الجيش والمخابرات الوطنية المتخصصة بحروب المخابرات – لان حرب العصابات بدون جهاز مخابرات متطور وكفوء مغامرة طفولية - والتمويه والتسلل داخل صفوف الاخرين ...الخ .

 

لماذا اعد هذا التنظيم ؟ ولماذا في عام 1999 بالذات ؟ ان صعود نفوذ ( المحافظون الجدد ) الواضح في ذلك العام ، حيث اصدروا دراسة اطلقوا عليها تسمية موحية جدا وهي ( القرن الامريكي ) وقدموها لبيل كلنتون الرئيس الامريكي وقتها من اجل العمل بها ، وهم يتبنون مشروعا رسميا لاستثمار الفرصة السانحة بعد انهيار الشيوعية للسيطرة على العالم ، ومن اهم الخطوات التمهيدية لذلك هي خطوة غزو العراق بعد مواصلة امريكا وحلفاؤها عملية فرض الحصار والاضعاف التدريجي للعراق وقواته المسلحة ، ان هذا التوجه الستراتيجي الامريكي اقنع القيادة الوطنية العراقية بان الامر لابد ان ينتهي بحرب اخطر هدفها غزو العراق هذه المرة وليس فقط تدمير بناه التحتية والفوقية ، لذلك لابد من تشكيل تنظيم حزبي مقاتل وعقائدي ويتمتع بخصال راقية تمثل الاصولية البعثية خير تمثيل وتبعد العناصر الانتهازية التي تسللت اليه ، من اجل الاستعداد لمقاومة الغزاة داخل العراق هذه المرة .

 

12 – لم وزع الرئيس الشهيد صدام حسين اموالا ضخمة على كوادر الحزب والدولة وشيوخ عشائر وشخصيات عراقية قبل الغزو وطلب منهم استخدامها عند حصول الطوارئ لمقاومة العدو ؟ لقد وزعت ملايين الدولارات وقتها وكانت تكفي لتمويل المقاومة لعشرة اعوام على الاقل ، وقد ساعدت هذه الاموال على البدء بعمل مسلح فور حصول الغزو . ونشير ايضا الى ان الرئيس الشهيد وزع اموالا بعد الغزو مباشرة وسماها ( امانات ) ، ولكن بعض من استلم امانة خان الامانة وتصرف بالمال العام المخصص للمقاومة ، وهذا البعض اسوأ من الخونة والجواسيس الذين جاءوا مع الاحتلال ، وسيتعرض للحساب العسير في يوم ما خصوصا وان اسماءهم موجودة ومحفوظة لدى جهات معنية بالامر ولن يفلت منهم احد على الاطلاق .

 

13 – لم الزم الحزب كوادره وكوادر الدولة ، بما في ذلك اعضاء القيادتين القومية والقطرية للحزب والوزراء ، بالتدرب على السلاح وحرب المدن ؟ لقد كانت تلك الخطوة ، التي نقل تطبيقها التلفزيون العراقي ، اشارة رمزية وذات دلالات مهمة ابرزها ان على الجميع الاستعداد لغزو قادم . ومما له دلالة وايحاء واضحين اقدام الرئيس الشهيد صدام حسين على قول كلام لا يفهم منه الا ان الغزو قادم وان الحرب ستقع في المدن والاحياء العراقية ، فقد قال الشهيد في احد احاديثه الذي نقل عبر التلفزيون ما معناه : لو تطلب الامر فسوف نقاتل في الشوارع بالمسدسات الشخصية ، هذا التلميح كان عبارة عن رسالة موحية تقول بان الغزو واحتلال بغداد امر محتمل ويجب الاستعداد للقتال في المدن المحتلة حتى بالمسدسات الشخصية .

 

14 – لم صدرت الاوامر بعد ايقاف اطلاق النار بفترة في الحرب التي بدأت في عام 1991 للتصنيع العسكري بالاعتماد  على الذات في تصنيع وتطوير وتصليح الاسلحة وصنع الالغام والقاذفات المضادة للدروع والطائرات ؟ أليس لان القيادة قد تيقنت من ان الغزو قادم وان العراق سيتعرض لنقص حاد جدا وخطير جدا في الاسلحة والمعدات الحربية لذلك يجب تحقيق اعتماد شبه كامل على الذات في توفير السلاح واصلاحه وتصنيعه ؟ ما نراه الان وما رايناه في سنوات المجد والفخار السابقة من عمر المقاومة هو ان خبراء العراق كانوا مقاتلين من طراز خاص تولوا مسئولية تطوير الاسلحة وتوفيرها للمقاتلين واختراع اساليب علمية وتكنولوجية لتعطيل اسلحة العدو وما لديه من مخترعات علمية وتكنولوجية الكترونية متطورة اراد اسخدامها لايذاء او شل المقاومة . ويمكن القول بسهولة بان المقاومة العراقية امتلكت ميزة خاصة بها وهي انها المقاومة الوحيدة في العالم التي طورت اسلحتها بنفسها وصنعت اسلحتها بنفسها واخترعت ادوات شل بعض اسلحة العدو بنفسها ، من اجل ان تستمر رغم يتمها المعروف .

 

والسؤال الذي يفرض الضمير الحي طرحه هو : من اعد هؤلاء العلماء ومنحهم الخبرات الخاصة بحرب العصابات وغيرها ؟ اليس النظام الوطني الذي خرج 300 الف حامل شهادة ماجستير ودكتوراه ومن بينهم اكثر من 40 الف عالم في العلوم الصرفة ؟

 

15 – كيف ينظر الى مقاومة القوات المسلحة بين عامي 1991 و2003 ؟ اليست تلك مقاومة على نطاق رسمي ؟ الا يشكل عزل المقاومة التي قامت بها القوات المسلحة والشعب العراقي بين عامي 1991 و2003 عن المجرى العام للمقاومة العراقية نوعا من انواع السذاجة السياسية ، اذا افترضنا الوطنية وحسن النية فيمن يقول ذلك ، وعدم الفهم لطبيعة الحرب واشكالها وانماط تطورها خصوصا تعدد اشكال الحرب ؟ وماذا يعني اهمال هذا النوع من المقاومة مع انه تمهيد طبيعي للانتقال الى المقاومة الشعبية المسلحة بعد عجز القوات المسلحة عن مواصلة الحرب بواسطة الحرب النظامية ؟

 

16 – هل ينكر من يعرف الحقيقة ويحترمها دور الدولة العراقية والنظام السياسي في المقاومة قبل وبعد الغزو ؟ اليست المقاومة العراقية نتاج أعداد وجهود دولة وطنية نزلت تحت الارض وحولت قواتها المسلحة واجهزة امنها ومخابراتها وكوادر الحزب ومن تطوع من المواطنين الى عناصر مقاومة شعبية ؟ اليس قيام الدولة الوطنية باعداد المستلزمات الاساسية للمقاومة مفخرة عراقية فريدة في تاريخ المقاومات في العالم لم نشهد لها مثيل ؟ وهل بالامكان عزل هذه الحقيقة عن انطلاق مقاومة هائلة وضخمة بصورة فورية وعدم المرور بمراحل تطور المقاومة التقليدية من عمل محدود جدا الى عمل واسع النطاق بعد سنوات او عقود ؟

 

17 – هل بالامكان انكار ان القوات المسلحة العراقية قد تحققت فيها نقلة نوعية وكمية بعد وصول البعث للسلطة مما مكنها من التحول الى الحاضنة الرئيسية المقتدرة والكفوءة للمقاومة بكافة فصائلها بعد الغزو من اجل تحييد عوامل التفوق المعادي في المجالات المادية المتعددة ؟ لقد كان الجيش العراقي عبارة عن سبع فرق حينما وصل البعث للسلطة في عام 1968 ، وكان تسليحها بسيطا ولا يكفى للردع الخارجي الفعال ، لكن البعث انشأ سبعين فرقة عسكرية بدل السبعة ، ودربها افضل تدريب واحدثه ، وزودها باحدث الاسلحة ووفر لها خبرات قتالية انفردت بها القوات العراقية عن سائر الجيوش العربية والاقليمية ، ربما باستثناء الجيش الصهيوني الذي يتميز بامتلاكه خبرات متطورة ، وصار ( جيش المليون ) مقاتل فخرا للعراق والامة العربية بفضل خطة شاملة ، وضعها البعث فور استلامه للحكم ، لتطوير القوات المسلحة والارتقاء بها الى مستوى التحديات الوطنية والقومية المتعددة المصادر اقليميا ودوليا .

 

والسؤالان المطلوب طرحهما هما  : هل هذا الدور التاريخي في تطوير القوات المسلحة الذي قام به البعث معزول عن تحولها الفوري الى فصائل مقاومة للاحتلال بكل خبراتها ونوعيتها وعددها ؟ ولو بقي الجيش العراقي سبع فرق بتسلح بسيط وبدون معرفة علمية وخبرات تكنولوجية متطورة ، كما كان الجيش عند استلام البعث للسلطة ، هل كان بامكان الجيش بتلك الوضعية ان يتحول الى ( الحاضنة الرئيسية ) لمقاومة تقاتل اعظم واخطر قوة استعمارية في التاريخ كله ؟

 

18 – بعد الاحتلال ونتيجة للضربات القاسية التي تعرض لها البعث ، قيادات وقواعد ، ونتيجة لاستخدام منظومات اسلحة امريكية حديثة وغير معروفة ادت الى التعجيل باحتلال بغداد واسقاط النظام ، حصلت فوضى تنظيمية طبيعية في القوات المسلحة  والتنظيمات الحزبية والاجتماعية ، كالعشائر وابناء الشعب ، لذلك اضطر القائد الشهيد صدام حسين الى التجوال شخصيا في المحافظات العراقية من اجل اعادة بناء وربط منظمات الحزب وشيوخ العشائر والقوات المسلحة والاجهزة الامنية والاستخبارية وبناء هيكل تنظيمي جديد لمواصلة الثورة المسلحة وتصعيدها .

 

في تلك الفترة لم يسمع احد بعد باسماء الكثير من غير البعثيين الذين شرعوا بممارسة المقاومة المسلحة او دعموها ، لان البعث كان مازال يقود المقاومة وكانت التنظيمات العسكرية التي انشأها البعث تقاتل ببسالة تحت اسماء غير بعثية تنفيذا لاوامر القيادة بانتشار  البعثيين في كل فصيل ينشا او المبادرة بانشاء فصائل وفقا لسياسة اللامركزية ووجود صلاحيات مفتوحة للكوادر . كما تم التوجيه بتجنب استخدام اسماء خاصة معروفة او حزبية لان الحرب حرب تحرير وطني من جهة ، ولان البعث مستهدف ومكشوف العناصر من الناحية الامنية من جهة ثانية ، لذلك كان يجب عدم اعطاء الفرصة للعدو الغازي لمعرفة من يقوم بالمقاومة من خلال بروز اسماء مرتبطة بالبعث او بعثية الطابع . لقد كان مناضلوا البعث معروفين على نطاق واسع جدا لان البعث حكم العراق 35 عاما واصبحت عناصره وشخصياته معروفة ، واذا ارتبطت المقاومة رسميا باسماء بعثية فان متابعة البعثيين اسهل من متابعة غير البعثيين او البعثيين العاملين تحت اسماء غير بعثية ، ولذلك راينا فصائل كثيرة تتشكل على يد البعثيين او يتم اعدادهم عسكريا على يد بعثيين او يمولون من قبل بعثيين . ان اكثر من 80 % من كوادر الفصائل المختلفة هم بعثيون سواء من القوات المسلحة او المخابرات الوطنية او الكوادر المدنية البعثية .

 

19– الان وبعد مرور سبعة اعوام وبعد استقرار الوضع الجهادي في العراق ، ماذا نرى ؟ كيف يبدو المشهد العسكري والسياسي في العراق ؟ من هي القوة الرئيسية شعبيا وعسكريا ؟ دون ادنى شك ان البعث هو الان القوة الاساسية عسكريا وشعبيا في العراق ، وهو الوحيد من بين فصائل المقاومة الذي يمتلك تنظيمات شعبية في كل قرية ومدينة وحي عراقي من اقصى الشمال الكردي الى نهاية جنوب العراق ، كما ان البعث ، الان وفي العام الثامن للغزو وبعد فقد اكثر من 120 الف شهيد مجاهد ، هو التنظيم الجماهيري الوحيد الذي يمثل كل العراقيين بلا تمييز ، ففيه العربي والكردي والتركماني وفيه المسلم والمسيحي والصابئي واليزيدي ، وفيه الشيعي والسني ...الخ ، وكل هؤلاء بعثيون بحكم المواطنة العراقية المتساوية واختيارهم الحر الانتماء للبعث ، الذي لم يعد في السلطة ليقال انه يجبر الناس على الانتماء اليه بل اصبح الانتماء للبعث قرين الموت والتصفيات الجسدية ،  لذلك فانه انتماء جهادي مسنود بالمبادئ الوطنية العراقية التي تسمح لغير العربي بالاصل بانتماء اليه لانه حزب العراق الوطني الجماهيري الوحيد والذي لا يعد العروبة عرقا بل انتماءا حضاريا اختياريا ، من جهة ، ومسنود أيضا بالقومية العربية التي تشكل اكثر من 85 % من شعب العراق ، من جهة ثانية . ما معنى هذه الحقيقة المعاشة ؟ 

 

في الفترة الاولى لاستهداف البعث من قبل الاحتلال وبشراسة وقسوة عرفت على انها الاشد في تاريخ العراق العام ، نشأت فصائل غير بعثية وتضخمت في فترة انشغال البعث في اعادة تنظيم صفوفه وتعويض كوادره الذين تعرضوا للابادة بالالاف واسر منهم عشرات الالاف وتعرض للمطاردة الالاف ، وقيامه بنفس الوقت  بالعمل الجهادي المطلوب ، فاصبح منطقيا حصول الفصائل غير البعثية على دعم جماهيري متوقع لان الشعب يهمه من يقاوم بغض النظر عن تسميته ، لكن تلك الفصائل عادت لحجمها الطبيعي كنخب لا قواعد شعبية منظمة تدعمها ، بعد ان اكمل البعث اعادة تنطيماته ووسع نطاق عمله الجهادي من جهة ، وبعد ان توضحت صورة محزنة ومقلقة لبعض العناصر والفصائل المقاومة وهي انها مصابة بمرض الطائفية الذي تغلب في حالات كثيرة على الانتماء الوطني والمصلحة الوطنية ووصل هذا المرض حد تكفير نصف شعب العراق وهم الشيعة العرب ، وهي حالة لن تؤدي الا الى تقسيم العراق اذا سادت لا سامح الله ، من جهة ثانية .

 

من هنا فان الجماهير العراقية بغالبيتها الساحقة اعادت اكتشاف البعث في مجرى العمل الجهادي ومحاولات تقسيم العراق ، واختارت مجددا البعث طليعة مقدامة ومؤهلة لتمثيل كل العراق وكل العراقيين وبلا استثناء احد ، ولمواصلة مقاومة وطنية الطابع مسلحة وسياسية لا تسمح باي تمييز طائفي او عرقي ، تحت اي واجهة او تبرير ، وتعد التحرير التام والكامل وغير المشروط هو هدفها الرئيسي الان .

 

لقد تمكن البعث خصوصا منذ عام 2005 من اعادة الامساك بزمام المبادرة السياسي والعسكري في العراق المقاوم ، وهو الان وفي العام الثامن للغزو القوة الام والمركزية والثقل المقاوم الرئيسي في العراق الذي لا يمكن بدونه مواصلة مقاومة ناجحة او الوصول الى اي حل لكارثة العراق ، والسبب ، مرة اخرى واخرى ، هو ان الفصائل النخبوية ان كانت تستطيع مقاتلة الاحتلال بمجاميع صغيرة تملكها ولا تملك غيرها فانها عاجزة عن حسم الصراع والامساك بالارض وحل مشكلة السلطة وتلك هي اخطر مرحلة من الصراع .

 

ماذا نريد نحن البعثيون ؟ باختصار : فقط بالتعاون المباشر والكامل بين البعث ، بصفته القوة المركزية ، وبقية الفصائل والكتل والشخصيات الوطنية يمكن تحقيق الخطوات الضرورية للنصر بدون ردة ، او صراع بين الوطنيين بعد النصر او ثناء تحقيقه ، وهي :

 

1 - حسم الصراع مع الاحتلال بالقوة المتحدة لجميع القوى . 2 - الامساك بكل الارض العراقية باقتدار وتمكن . 3 - اقامة سلطة وطنية مشتركة يشارك فيها كل من قاتل الاحتلال ودعم المقاومة .

 

يتبع

منتصف نيسان – ابريل  ٢٠١٠

 

salahalmukhtar@gmail.com

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ٠٥ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ١٩ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور