دولة القتل والاعتقال للكبار و للصغار!!

 
 
شبكة المنصور
أ.د. كاظم عبد الحسين عباس / أكاديمي عراقي

أنجزت الولايات المتحدة الامريكية مشروعها في غزو واحتلال العراق بالتعاون مع مَن تعاون معها من العرب ومن العجم، وبعد أن تعاقدت مع مجموعة من الاحزاب الطائفية والعرقية الايرانية والكردية العميلة، وبعض حملة الجنسية العراقية من أقزام الخيانة. وكان عقل الغزاة ونبض تقديراتهم يقف على افتراض واحد هو ان العراق والعراقيين سيستقبلون الاحتلال بين مُرحب به وبين خاضع له كأمر واقع لا مناص منه. ولم يدر بخلد المخطط الامريكي ولم يقدم له استشارييه من قردة وخنازير الخيانة العظمى ان العراق سيقاوم بكل صيغ المقاومة المحتملة وان الانسان العراقي الذي بناه الفكر القومي العروبي المسلم المناضل المجاهد لن تطويه أغبرة القصف بأعتى واعقد واخطر انواع الاسلحة الحديثة، ولن تغيّب ارادته الوطنية العظيمة أهوال وبطش واضطهاد القوة الغازية وأدواتها المجرمة أياّ كان نوعها او حجمها. لقد حول الغزو والاحتلال المجرم العراق الى غابة للوحوش اللاهثة والمقامرة والمرتزقة من أجل السلطة والمال المسلوب والمنهوب والمغتصب، وهذا هو الانجاز الامريكي الاعظم في العراق الذي نحن على ثقة مطلقة بان الجزء الاعظم من الامريكان وقادة السياسة لا يمتلكون ازاءه سوى الاحساس بالعار والخزي، حتى لو اخذت بعضهم العزة بالاثم متوارين خلف المسوغات الصهيونية لليمين المتطرف الذي هيمن وساق اميركا الى ما ساقها اليه من اسوأ كارثة تسببت بها لنفسها وللعراق.

 

حاول الاحتلال ان يتستر خلف عملية سياسية قدّم لواجهتها من تعاقد معهم في مؤتمر لندن من أحزاب ايران, الحكيم والدعوة والجلبي, وأحزاب العمالة الكردية, جلال ومسعود, فضلا عن أفراد معروفين للعالم كله بعبوديتهم للمخابرات الدولية وارتزاقهم على تقارير التدليس التي كانوا يقدمونها للتعبئة ضد النظام الوطني العراقي. وتعاون مع حوزة النجف السياسية المتسترة بستار المذهب كذبا" وزورا" وبهتانا"على اجراء انتخابات يظنون خطئا" انها ستكون حبل النجاة  لخطة الغزو وتوطين الاحتلال وحماية عمليته السياسية المجرمة ودستورها الصهيوني ومعاهدات بيع العراق بشرا وثروات لامريكا وايران والكيان الصهيوني وعقود الاستثمار التي اعادة الاحتكار على انقاض التأميم الخالد، الذي تم اجتثاثه كما اجتث البعث والجيش واجهزة الدولة ومؤسساتها وصناعتها وتجارتها وكل انجازاتها العظيمة.

 

غير ان حال العراق اليوم وبعد سبع سنوات عجاف يعلن وبشكل لا لبس فيه عن معطيات ونتائج كارثية موجعة ويندى لها جبين من لا زال في جبينه قطرة حياء من الدول ومن البشر. فالديمقراطية التي حقنتها اميركا في كروش الطوائفيين والعرقيين ومرتزقة الغزو قد بانت تماما بعد ان تغوطوها بالتزوير تارة وبالانقلاب المبرمج حتى على النتائج المزورة تارة اخرى. وها هي اميركا ومشروعها كله المسمى بالعملية السياسية يواجه هذه المرة تمزيقا تمليه المصالح الفئوية الضيقة لعملاءها وهي باليقين مصالح لا يمكن ان تقيّدها او تحدها الحقن الديمقراطية الامريكية غير الفعالة بل قل انها حقن قد غاب زمن فعاليتها، وبعد أن قصمت المقاومة الوطنية والقومية والاسلامية الباسلة ظهر الاحتلال العسكري وتفريخاته المختلفة. ان بوسع أي محلل منصف ان يربط ربطا جدليا عضويا بين الفعل العراقي المناهض والمقاوم للاحتلال بكل ادواته الوطنية الباسلة, الفكرية والاعلامية والسياسية والعسكرية, وبين التداعي المهلك الذي تسقط فيه الان الواجهة المدنية للاحتلال. فاليقين كل اليقين ان التقاطع الفئوي الطوائفي والعرقي والشخصي الحاصل الآن ما كان له ليصل الى هذا المدى الذي يقربهم من حتوف الموت والفناء باذن الله لولا المقاومة البطلة ومرتكزاتها الثقافية والعقائدية وبندقيتها البطلة.

     ان الدولة التي تحاول اميركا تأسيسها في العراق على ما تحاول ان تحوله الى ركام وانقاض للعراق العربي المسلم الواحد الحر الابي وامتداداته الحضارية العظيمة المتوغلة في عمق السفر الانساني قد تحولت بفضل الله ومنّته وجهد المؤيدين بارادته الجبارة المتجبرة من رجال البعث والقوميون واليساريون والاسلاميون أباة الضيم ورواد الحرية والرجولة البطلة الى:

 

1-  دولة لقتل الناس من عموم شعبنا الممتحن. فالقتل اليومي تمارسه أجهزة سلطة الاحتلال العميلة وميليشاتها الدعوجية والحكيمية والجلبية والكردية وغيرها، يُمارس في شوارع العراق وبيوت أهله النجباء، وفي المعتقلات والسجون التي غطت المئات منها ساحة العراق كما لم يحصل في كل تاريخه.

 

2-  دولة السجون والمعتقلات العلنية والسرية التي يمارس فيها تعذيب الوحوش لاسود العراق الاسرى وهم باعداد تقترب من المليون، ويمارس فيها الاغتصاب وهتك الاعراض كما لم يحصل في اي مكان في تاريخ العالم الاخرس كله. ويمارس فيها ايضا قتل ممنهج ترمى جثث ضحاياه في المزابل وبرك المياه وتعنوَن على انها جثث مجهولة الهوية بحيث صار لاول مرة في تاريخ العراق الممتد على مدى ثمانية آلاف عام، عراقيون بلا هوية ولا اهل ولا عوائل ولا عشائر !! وبأعداد تصل الى عشرات الالوف ... ولا حول ولا قوة الا بالله العظيم.

 

3-  دولة الفساد الذي لم يجرب العالم مثيلا له في الادارة والاموال. انه فساد يندى له ايضا جبين اي انسان يحمل قطرة حياء وشرف.

 

دولة العراق التي تحاول ان تؤسسها اميركا تفتخر في اغتيال الرؤوس كما يسمونها من العراقيين الذين يقاومون الاحتلال وبدعوى وتهم جاهزة هي الارهاب والارتباط بالقاعدة والبعثية بشقيها المبتكران امريكيا", الاعتيادية والصدامية, وليس لديها ما تفتخر به اكبر واعظم واقوى من صور الرؤوس المحطمة والجثث الممزقة برصاص الغيلة والغدر الامريكي المجرم. ليس لديها ما تنجزه وتتبجح به بعد سبع عجاف غير خبر ملفق يعاد تركيبه الف مرة علّه يصيب هدفا للقتل الاجرامي الخاسئ لرجال المقاومة الاسود. تخيلوا ان العظمة الامريكية المدعاة برمتها تنتظر سنوات طوال بكل معقد اجهزتها وطائراتها وصواريخها ونوويها لكي تزف للعالم بشرى قتل رجل او رجلين من الرؤوس او كما يحلو لها ان تسميهم هي هكذا لكي تسوق نجاحا مزعوما في بلد احتلته لتزيل منه اسلحة القتل والتدمير كما ادعت كذبا وبهتانا ولتقيم فيه ديمقراطية الموت والاعتقال بل لتقيم فيه منجزات الموت والتفتيت والدمار تحت رداء الديمقراطية الذي يمزقه الان عبيدها الذين ضاعت معهم حقن الديمقراطية وبانت حقائقهم لمن كان يجهلها .. رعاع قتلة فئويون وعبيد لاجندات ايران والصهيونية.

 

دولة العراق الامريكية عاشت سبع سنوات لتبشر العالم بخبر ملفق جديد عن اعتقال المجاهد البطل عزة ابراهيم الدوري حماه الله .. فيا لبؤس الدولة ويا لهبل وعبط قردتها. يا لثوب الخزي والعار الذي يرتدون ويا لدناءة وانحطاط منتجاتهم ومنجزاتهم ..

 

دولة القتل للنفوس وللرؤوس ويا لعار اميركا التي انجبتها من رحم الغزو والاحتلال مولودا منغوليا مصاب بكل علل الكون مذ وجد حتى اليوم, المندثر منها والمتجدد كما تتجدد اكداس الفطريات والميكروبات وعوائل الفايروسات. مولود من ظهر زان وبطن عاهر موبوءة بأزمات التحلل والتهتك ... وهكذا دولة مرامها الاهم هو ان تظل تتنفس هواء البرك العفنة المتكون والمتشكل من دماء الناس الابرياء الذين لا حول لهم ولا قوة ودماء شرفاء العراق النشامى المتصدين للغزو والاحتلال وتفريخاته القزمة. وهكذا فالمنغولي ينتج فضلات منغولية ولا يتطلع بصره الى اكثر من الافعال والمنجزات وحصرا ما هو مرتبط بدماء الناس واعتقال حرياتهم وشرفهم.

 

ليتهم يدركون, الامريكان وقردتهم, ان المقاومة العراقية الباسلة يقودها ألف صدام حسين وألف عزة الدوري .. ليتهم يتعلمون الحق والحقيقة بان استشهاد او اعتقال احد الصناديد من اسود الرافدين لن يضر او يخل او يحجّم من المقاومة لأسباب كثيرة من اولها واهمها انها ارادة العراق والعراقيين، وارادة الشعب لا تقهر ولاتموت. ليت اميركا تدرك بعيدا عن الغطرسة الفارغة ان مصلحة اميركا التي افرزتها تجربة الغزو والاحتلال هي التي تمر عبر ممر واحد لا غير .. هو الاعتراف بالمقاومة العراقية الباسلة والرضوخ لمطالبها التي هي حق العراق وحقوق ابناءه التي ترتبت على اكبر خطأ ارتبكبته اميركا في كل تاريخها .. ليتها تغادر النتائج المبنية على الاوهام وتغادر العيش على الاوهام المخابراتية ..

 

ليتها تدرك ان من يقاتلونها هم رجال الدولة الوطنية العراقية البطلة وهم يجيدون كل انواع العلوم الرياضية والحاسوبية وعلوم الفيزياء والكيمياء والطب والسايكولوجي وهم يجيدون التخابر ويفقهون كل خبايا علم الامن. وغير ذلك واهم منه كله انهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا .. انهم رجال يبحثون ليل نهار عن النصر او الشهادة فيا لبؤس ما يؤسس عليه الاحتلال وقردته.

 

aarabnation@yahoo.com

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس  / ١٥ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٩ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور