المغرب العربي ينتفض ثأرا للامة

 
 
شبكة المنصور
أ.د. كاظم عبد الحسين عباس - أكاديمي عراقي

ثلاثة أحداث ذات دلالات هامة في حياة العرب في مرحلة ما بعد غزو العراق واحتلاله أنبثقت مشرقة من الجهة التي تغرب عبرها شمس نهارات العرب المظلمة لتسجل , ربما, نوعا من السبق في قوانين التضاد الكونية. انها أحداث تضيئ شموعا في ظلام حياة العرب الدامس وقد تتحول الى تفاعلات من نمط بايوحياتي يؤدي الى افراز هرمونات وانزيمات تقضي أو تخفف من خوف الحكام العرب وتعجل من ارتقاء الفعل الشعبي العربي أيضا الى مستوى المسؤولية التي تخلى عنها مرغما أو مختارا.

 

الحدث الاول الخطير هو اعلان نواكشوط عن قطع علاقاتها بالكيان الصهيوني . تلك العلاقات التي نكبت الامة بشكل خاص دونا عن كل انواع الاستسلام والانبطاح والانهزام التي شهدتها الامة في حياتها التي ولدت بعد كامب ديفيد السادات . ووجه النكبة في علاقة موريتانيا مع الكيان الصهيوني الغاصب انها قد جاءت من دون أن يكون لها اي سبب , لا سبب وجيه ولا سبب غير وجيه على الاطلاق. فموريتانيا دولة هي الابعد من بين العرب جغرافيا عن فلسطين المحتلة وهي من بين الاقطار العربية ذات الواقع السياسي والاقتصادي المتواضع الذي لايمتلك أذرع تاثير كبيرة عربيا ولا دوليا في حينها ولم يكن هناك في الافق ما يدلل على تهافت صهيوني أو دولي داعم للصهيونية لجر موريتانيا الى ساحة علاقة لاتغني من جوع ولا تبيض وجها ولا تعز شرفا ولا تمجد سفرا تاريخيا بل على العكس تماما ..انها علاقة شائنة ومؤذية للشعب الموريتاني العربي الاصيل ولعلاقاته مع اقطار عربية مهمة كانت تسند الحياة السياسية والاقتصاد الموريتاني ومعروفه بموقفها المقاوم والرافض لخط الاستسلام والتطبيع.

 

المهم ,,حصل ما حصل , وزجت موريتانيا في اسطبلات الاستسلام وخيانة قضية الامة المركزية فلسطين من غيرأي داع حتى ولو في قاع أولويات ضرورات الفعل السياسي أو الدبلوماسي اللهم الا في التماشي مع موجة الانبطاح والتخاذل. وظلت موريتانيا لسنوات طويلة تستجدي ثقلا لهذه العلاقة المريضه حتى جاء قرار الزعيم الموريتاني البطل المنتخب من شعبنا الموريتاني العظيم في اغلاق هذه الصفحة المهلكة والسوداء في حياة الشعب العربي الموريتاني.القرار يحمل من الدلالات العظيمه ما يجعل أمر الوقوف ازاءه تحليلا او تفهما هو أمر يحتاج الى وقت ومقتضيات فكرية وايديولوجية  وأدوات تستحضر جذور الاصالة اليعربية المتوسدة للفعل الكريم كثيرة, تعضد بعضها البعض, لتعطي للقرار حقه وقيمته الانية والمستقبلية . وبوسعنا أن نزعم ان القرار هو بمثابة ثورة عميقة المعاني والدلالات قد تمتد بنسغها الافقي شرقا وأن يفرض حضوره على قمة سيرت العربية القادمة قريبا عله يحرك بعض الضمائر العربية الراكدة في رؤوس القادة العرب وعله يطرق واقعا جديدا يفرض سطوة أنوار الحق والحقيقة التي تعلن عن نفسها في كل لحظة من لحظات تاريخ ما بعد كامب ديفيد العسيرة المظلمة وتنطق من حناجر الملايين الجافة من العرب المغلوبين وتقول : لم نكسب من درب الاستسلام رغم طوله وعرضه ورغم انهار الدم وتلال العار التي تحملناها غير المزيد من الهوان والذل والعار الوطني والقومي. ملايين العرب تبلع ريقها المصاب بالجفاف المر وتبح أصواتها وهي تتمتم بان خط الاستسلام قد أضاع على العرب فرص التقدم والتطور وأاضاع عليهم أرضا وسماءا ومياه وأسقطهم في فخ الاحتلالات المركبة والغزو الاجرامي لاغير.

 

الحدث الثاني هو استقبال تونس ممثلة بالاتحاد العام التونسي للشغيلة للناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي الرفيق الدكتور خضير المرشدي والمعروف بكونه يشغل ايضا منصب رئيس الجبهة الوطنية والقومية والاشتراكية التي تضم روابط وأحزاب وقوى عراقية رافضة ومقاومة للاحتلال الامريكي المجرم. هذا الاستقبال ياتي ليضيف رصاصة رحمة أخرى في جدار الحصار السياسي والاعلامي وفي أحشاء كيان غول التضليل الخرافي الذي ضخته أميركا, ومن سقط غير ماسوف عليه في حضن الخيانة والعمالة لاميركا, ضد العراق وقيادته الوطنية التاريخية وضد حزب البعث العربي الاشتراكي المناضل المجاهدالذي قدم للعرب عبر خمس وثلاثين عاما أعظم وأهم تجربة حضارية في العصر الحديث والمعاصر ويقدم لهم الان ابهى صور البطولة في مقاتلة الغزاة وأذنابهم . أستقبال تونس للمقاومة العراقية ممثلة بشخص الرفيق المناضل الدكتور البابلي المجاهد خضير المرشدي هو الاخر ينبثق كاشعاع ضياء يمحق ظلام الصمت والخوف والتجاهل الرسمي العربي لما يعانيه العراق وشعبه بعد الغزو المجرم وتحت عواصف الاغبرة التي تنفثها العملية السياسية الاحتلالية المجرمة.واليقين ان هذا اللقاء سيفتح افقا رحبة للمقاومة الوطنية والقومية والاسلامية كيما يتم استقبالها واحتضانها ومن ثم توسيع دوائر الدعم لها من قوى وطنية وقومية واسلامية على طول وعرض الساحة العربية.

 

الحدث الثالث , هو أول استقبال رسمي , على حد علمنا, لرئيس أو زعيم عربي لوفد من المقاومين والمعارضين العراقيين أستبق به العقيد معمر القذافي قمة العرب التي يستضيفها في سرت الليبية . وهي أيضا المرة الاولى التي نسمع فيها حاكما عربيا يتحدث عن المقاومة العراقية وكأنه احد طاقمها القيادي .نعم , تحدث الاخ العقيد القذافي حديث العارف بتفاصيل الانجاز الاسطوري للمقاومة العراقية وبشمم وفخر العربي بما حققه المقاومين العراقيين من نصر للعراق وللعروبة كلها أسقط الوهم الامريكي وأطاح بمشروعه التامري الاجرامي للمنطقة كلها. وتحدث الرئيس الليبي وكأنه أحد المخططين والمنفذين للعملية الجهادية الباسلة فوق تراب العراق العظيم من غير رسميات ولاشكليات بل بعقلية وادراك المدرك للسوق العملياتي والبعد العقائدي للمقاومة وبفهم الممارس المتمرس للعقبات والهموم اليومية والمستقبلية للمقاومةموضحا أهمية خطوط الفعل السياسي وقدرة المقاومين على تنفيذه بعد ان أثبتوا كفاءات أسطورية في الفعل القتالي منذ أن نزعوا بزاتهم الرسمية وغادروا ساحات المواجهة  القتاليةالنظامية غير المتوازنة ليسقطوا أميركا في أوحال هزيمة منكرة أجبرتها على قرار الانسحاب الذي ستنفذه عاجلا أم اجلا.

 

العقيد المستضيف للقمة رفع لافتة عجيبة للقمة حروفها تقرأ : ان الرئيس الليبي هو الناطق الرسمي عن العراقيين في هذه القمة !!

 

ونحن اذ نحتضن الشعار بوجدان عربي مسلم مؤمن صابر محتسب نتمنى أن ترتفع مقاييس الغيرة عند كل حكام الامة ويتحولوا الى صوت للعراق الجريح وشعبه المذبوح وأرضه الممزقة بفعل الغزاة وعملاءهم الخبيث والمجرم ..

 

نحن نأمل أن يتفق القادة العرب كلهم على أن المقاومة العراقية البطلة هي الممثل للعراق وشعبه كله وانهم يساندون علنا وبكل وسائل الدعم والاسناد هذه المقاومة وبكل فصائلها .والمؤكد ان مثل هذا الموقف سيكون لصالح الحكام اولا قبل غيرهم .

 

ثلاثة أحداث أنبلجت كشمس فجر جديد على الامة من مغربها الحبيب , نحن نعلم علم اليقين انها مواقف تاسست على مد شعبي عملاق ولم تنطلق من فراغ او اجتهاد فردي ..غير ان حلمنا كعرب مقاومين هو أن يبنى على هذه المواقف العظيمه ويوسع مداها في كل الابعاد والاتجاهات عموديا وأفقيا لتكون فعلا أنتفاضة مغاربية تثأر للامة من استلاب مجرم يمحق كل كينونتها ...والله أكبر.

.
aarabnation@yahoo.com
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاربعاء  / ٠٨ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٤ / أذار / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور