عصا موسى و إيران !!

 
 
شبكة المنصور
د. فارس الخطاب
دعا السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية على القمة العربية بسرت إلى إنشاء رابطة الجوار العربي لتضم دول الجامعة العربية مع دول الجوار العربي، واقترح موسى - في كلمته التي ألقاها في افتتاح أعمال القمة العربية العادية إطلاق حوار عربي مع إيران يتم تكليف الأمين العام بإدارة المرحلة الأولى منه والتي أفترض أن يتم فيها وضع جدول أعمال هذا الحوار ثم وعلى أساس نتائج هذا الحوار يتحدد الموقف من إنضمام إيران لهذه الرابطة.


وبيّن موسى للذين يساورهم القلق من إيران أن ما يجمعنا بهذا البلد المحاذي للشرق العربي هي عوامل الجغرافيا والتاريخ !! كما اضاف نقطة جوهرية أخرى قد لا يعلمها القادة العرب ألا وهي مجموعة من المصالح المشتركة ! وكمن يريد أن يثير غيرة الأطفال لديهم لفت موسى إلى أن الدول الغربية لم يمنعها صراعها مع إيران من الحوار معها معتبرا أن ذلك سيكون قرارا تاريخيا يغّير من طبيعة الحركة الإقليمية ويسمح بترشيدها وتفعليها وتحديثها نحو أهدافها.


ورغم شرح السيد عمرو موسى في كلمته لمفهوم دول الجوار العربي الذي يفترض أن تضمهم الرابطة المقترحة إلا أنه ركز على دخول ايران تكتيكيا واستراتيجيا ومن منطلقات تاريخية وجغرافية وبسياسة جريئة ودبلوماسية عاصفة على مجمل الوضع الأمني فى المنطقة الأمر الذي يجعل من الحوار معها ونتائجه عامل مساعد قد يبلور خطوات إيران من خلال المشاركة فى الرابطة الاقليمية التى تدعو إليها الجامعة العربية. ومرة أخرى ينبه موسى القادة العرب إلى أن الحوار ضروري مع من نختلف معهم !!


قد يكون كلام السيد عمرو موسى جميلا وربما مفيدا لعلاج حالة التردي العربي وفقدان الهيبة الدولية لمجمل الأقطار العربية لكن نريد أن نقول للسيد عمرو موسى أن العلاقة السلبية إن وجدت مع إيران فالطرف السلبي دائما فيها ليس عربيا بل هو إيرانيا وبدهاء كبير ؛ فمعروف أن إيران كانت الرابح الأكبر من غزو الولايات المتحدة للعراق واحتلاله والتي تعاونت هي ذاتها مع من كانت تسميه بالشيطان الأكبر من أجل الإطاحة بنظام وطني عربي في العراق ومن ثم وكنتاج رئيس لهذا الأحتلال غدا لإيران نفوذ كبير على الساحة العراقية أنت ذاتك تعلم مقداره وكنهه وقد لا تتمكن من زيارة بغداد بشكل طبيعي من جراءه.

 

ثم إن إيران التي تطالب القادة العرب بالحوار معها أطلقت وبأساليب شاهنشاهية الكثير من التصريحات المستفزة تجاه قضايا عربية يتعلق أغلبها بالسيادة ومنها ما يتعلق بالبحرين والجزر الإماراتية الثلاث المحتلة ، وقد لا يكون بعيدا عنك كثيرا المعتقل الذي تتحفظ به نيابة أمن الدولة المصرية على المتورطين بشبكة حزب الله في مصر والتي زرعت بتصميم وتدبير من حزب الله اللبناني وكلاهما تحت إشراف المخابرات الإيرانية من أجل إحداث الأنشقاق في المجتمع العربي المصري كما كان في لبنان وبعده العراق ، ثم ولجت إيران أهم القضايا العربية عبر عقود طويلة ألا وهي قضية فلسطين والمقاومة الفلسطينية فبدأت تمارس المزايدة فيما يتعلق بهذه القضية وبات الأخوة في فلسطين منشقين بين من تؤيدهم إيران ومن يؤيدهم آخرون وأصبح التخوين يتم بين فصائل المقاومة الفلسطينية على هذا الأساس وهو ما قاد الصف العربي إلى تفكك جديد بين ما يسمى بمحور دول الأعتدال التي ترى أن تدخل إيران في هذه القضية هو في الحقيقة من أجل نصرة طرف فلسطيني على طرف آخر ومن قبلها طرف لبناني على طرف آخر، ودول التشدد التي ترى نصرة من يرفع السلاح بوجه العدو الإسرائيلي كائنا من كان وراءه ووراء مصادر تمويله وسلاحه هو عمل يستحق التقدير والثناء .


لابد لي أن اقول للسيد عمرو موسى الذي أحترمه كثيرا أن العرب لم يسعوا يوما لإحداث أية آثار سلبية في الشأن الإيراني سواء تعلق هذا الأمر بالداخل الإيراني أو بمصالح إيران في الأقليم والمنطقة والعالم ، ولكن أرجو أن تنظر بنفسك إلى ما تفعله إيران لتدمير هويتنا الوطنية العربية من خلال تجنيد الشباب العربي سواء داخل الأقطار العربية أم في بلدان المهجر أو في الجامعات الغربية التي يدرسون فيها تحت لافتة "الثورة الأسلامية" ومن ثم تحويلهم إلى قنابل موقوتة تنفجر في بلدانها وعلى أبناء جلدتهم ، الملايين من الكتب والمطبوعات والنشرات التي تروج للفكر والعقيدة الإيرانية والتي تحاول إيران من خلالها غسل أدمغة النشأ العربي الجديد ، الحوافز المالية للعوائل المتعففة في العراق وسوريا ومصر والمغرب وتونس وغيرها من أجل تغيير مذهبها والدخول في دوامة التقاليد الخاصة بمذهب الثورة الأسلامية الموعودة ، سياسة الأغتيالات والمليشيات والأحزاب المسلحة وهيمنة المخابرات الإيرانية على خطط وأجندات عملها .. وغير ذلك الكثير مما مس وسيمس بقوة هويتنا الوطنية والقومية العربية فكيف يكون العمل العربي وفق هذه الأجواء السلبية ووسط هذه الأستراتيجية الإيرانية المعلنة أو المستترة بستار الدين والمذهب المظلوم ؟


كان يجب على السيد موسى أن يضع إجابات على هذه الأسئلة بدل السقوط في ما خططت إيران للعرب أن يصلوا إليه من قناعات فكان موسى قبل العرب جميعا يقدم لهم ما لا يحلمون به عبر التاريخ ! هذا بالطبع ليس أتهاما للسيد الأمين العام لجامعة الدول العربية فنحن عندما نكون قوميون يجب أن نحسب قيمة كل قطر عربي من خلال مظلة الجامة العربية وعلينا أن نحسب بدقة مقدار ما يعانيه قادة دول الخليج العربي والعراق واليمن من أذى وحروب غير معلنة بسبب ما تفعله إيران أمنيا ودبلوماسيا وجغرافيا وسياديا بهذه الدول ، فهلا أخبرتني كيف يمكن لمثل هذه الدول أن تقيم علاقات ورابطة جوار مع من يريد التهامها باحد الأوجه التي ذكرتها سابقا أو بجميعها أحيانا ؟ ومن هذا المنطلق كان يجب أن تفكر قبل أن تكتب مقترحك هذا للقمة الصعبة في سرت ، كيف يمكن أن نجعل من الدول المهددة بالخطر الإيراني معادلة له من حيث القدرة والقوة والتمكن الأمني والدبلوماسي والسياسي في المنطقة والعالم ، كان يمكن أن تطرح مشروع تكثيف العمل الأقتصادي والعسكري في منطقة الخليج العربي واليمن ووضع آلية لمناورات عسكرية عربية سنوية هناك تبين لإيران أن هذه المنطقة محمية بإهلها وجزء رئيس من أهلها المنظومة العربية كاملة بكل أمكاناتها العسكرية والأقتصادية .


ايران ذات التطلعات التوسعية ، وايران التي تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية ، وايران التي تستخدم الطائفية سلاحا لخلخلة استقرار الدول وبناءها الأجتماعي والسياسي ، إيران التي تسعى لتذويب الهوية العربية ، إيران التي تحتل الجزر الإماراتية العربية الثلاث وتحتل الأحواز المنسية عربيا .. الخ ، إيران هذه تحتاج إلى وقفة الند وليس الحليف ، الند لا يعني بالضرورة أن نواجهه عسكريا أو نقاطعه سياسيا ، لا ولكن وللحقيقة التاريخية والجغرافية التي حاولت أن تذكر القادة العرب بها ، لهذين العاملين تحديدا كانت إيران ندا للأمة العربية لذلك فنحن بأمس الحاجة لمقترحات تضعنا في هذا الميزان من العلاقة معها وتحديد قاعدة واحدة للأمة تتحدد من خلالها المواقف سواء في القضايا المعلنة كقضية فلسطين والعراق ولبنان أو تلك التي تحتفظ إدارات الأمن العام في الدول العربية من ملفات التدخل الإيراني في شؤونها الداخلية ، ولنكن على قدر المسؤولية ونسمي الأشياء بمسمياتها ؛ فإيران تعمل ومنذ أن وجدت تحت عنوان واحد هو " مصالح إيران القومية " وهي لا تلام على ذلك مطلقا ، لذا فمن باب أولى أن يكون صاحب مقترح رابطة دول الجوار العربي وهو يقف على رأس اكبر منظومة قومية عربية أن يراعي مصالح هذه القومية خاصة مع من جعلها هدفه عبر التاريخ .

.
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الثلاثاء  / ٢١ ربيع الثاني ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٠٦نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور