مهزلة الحامض النووي وتشخيص قادة تنظيم القاعدة في العراق ... الى أين ؟!!!

 
 
شبكة المنصور
دجلة وحيد

كان في نيتي سابقا أن أكتب عن هذا الموضوع وعن مصداقية الإدعاءات الأمريكية حول "تشخيص" قادة ما يسمى بتنظيم القاعدة في العراق بعد قتلهم عن طريق فحص الحامض النووي إلا أني أجلت الموضوع لعدم إستحقاقيته. لكن الإعلان من قبل العميل نوري المالكي قبل أيام عن مقتل الشخصية الوهمية أبوعمر البغدادي أمير مايسمى "بدولة العراق الإسلامية" ومقتل في نفس الوقت أيضا المدعو أبو أيوب المصري "زعيم تنظيم القاعدة في العراق" و "وزير حرب التنظيم" والتأكد حسب ما يقال من شخصيتهما عن طريق إجراء فحص الحامض النووي من قبل الجيش الأمريكي في العراق دعانا الى كتابة هذا المقال لتعريف القارئ العربي عن ماهو هذا الفحص وكيف ولماذا يجرى، وكذلك لكشف أكاذيب هذه الإدعاءات التي قد يكون لها مردود عكسي على معلينيها وإدانتهم بأن قادة ما يسمى بتنظيم القاعدة في العراق ما هم إلا صنيعة الإحتلال الصهيوأمريكي والفارسي الصفوي وأن أكاذيب القيام بفحص الحامض النووي والضحك على ذقون الجهلة ما عادت تنطلي على عقول الواعين من أمة العرب. للعلم أيضا أن حكومة المنطقة الخضراء العميلة وقوات الإحتلال الأمريكية أعلنتا سابقا ولعدة مرات مقتل أبو عمر البغدادي وغيره من كوادر تنظيم القاعدة إلا أن تلك الإدعاءات سحبت فيما بعد لعدم على مايبدوا إنتهاء أدوار هذه الشخصيات الوهمية في مسيرة الإحتلال والعملية السياسية التي نظمها ويسيرها الإحتلال الغاشم.   

 

قبل الولوج في حيثيات طبيعة مصداقية القيام بفحص الحامض النووي لهاتين الشخصيتين وتشدق نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن بمقتلهما بواسطة عملية مشتركة بين الجيش العراقي والقوات الأمريكية بمحافظة صلاح الدين ومن ثم إعتراف تنظيم القاعدة بذلك نود القول وبصورة مختصرة أن المعروف للقاصي والداني بأن تنظيم القاعدة أسس في أفغانستان بمساعدة أمريكية أبان وبعد إحتلال الإتحاد السوفيتي لذلك البلد في العقد الثامن من القرن الماضي وبمساعدة وإسناد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات الباكستانية. لقد شتت وطورد هذا التنظيم بعد إحتلال أفغانستان من قبل الولايات المتحدة على إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001 التي قامت بها الأذرع الخفية في إدارة المجرم جورج بوش الصغير وأتهمت تنظيم القاعدة بالقيام بذلك العمل. تنظيم القاعدة لم يكن موجودا في العراق ولم تكن لقيادة النظام الوطني قبل الإحتلال أي علاقة معه وهذا ماقالته القيادة قبل الإحتلال وتبين صدقها ومصداقية أقوالها بعد الإحتلال من قبل إعتراف متهميها. لقد كان هناك تواجد لفلول من هذا التنظيم في منطقة ما في شمال العراق قرب الحدود الإيرانية تقع شمال خط عرض 36 (منطقة الحظر الجوي) التي كانت تقع تحت سيطرة الأحزاب الكردية العميلة ومحمية من قبل القوات الجوية الأمريكية التي كانت تنطلق من قاعدة أنجرليك التركية. تنظيم القاعدة دخل العراق بداية بعد الإحتلال عن طريق إيران وعن طريق شمال العراق لأن الكثير من كوادر هذا التنظيم  لجئوا الى باكستان وإيران وقسم منهم بقى مختفيا في جبال أفغانستان بعد إحتلالها. تنظيم القاعدة على الرغم من بعض مناوشاته مع القوات الأمريكية إلا أنه عاث في أرض العراق فسادا وإنشغل في الإقتتال الطائفي وإضطهد العشائر العربية العراقية في مناطق تواجده وخسر المعركة مع قوات الصحوات العميلة التي شكلتها قوات الإحتلال الأمريكية.  

 

ماهو إختبار الحامض النووي، لماذا يستعمل وكيف؟!!!

 

إختبار فحص الحامض النووي هو وسيلة مختبرية تستخدم من قبل الشرطة الجنائية لمعرفة ما إذا كان السارق أو القاتل أو المغتصب هو فاعل الجريمة أم لا لكي تتم إدانته أو تبرئته أمام المحاكم الجنائية. كذلك يستخدم هذا الإختبار في الطب العدلي للتعرف على الشخصية الذاتية للشخص الذي توفي إذا كان هو/هي قد توفي منذ زمن طويل وتعرض جسمه للتفسخ الغير الكامل حيث يمكن الحصول على عينه من حامضه النووي من خلايا جسمه الغير تالفة كليا، أو أنه توفي في حالة حريق أو إنفجار أو حادثة مرور مروعة بحيث لا يتمكن أي شخص قريب منه التعرف عليه من خلال شكله أو هندامه أو حتى من خلال بصمات أصابعه أو أسنانه أو العلامات الفارقة الموجودة على جسمه.

 

في هذه الحالة يتم إستخلاص الحامض النووي من نواة الخلايا وتنقيته ومن ثم دراسته وتحليله بواسطة عمل التجارب الخاصة عليه للتعرف على ترنيمة عدد سلاسل بعض الشفرات المتكررة في مناطق معينه وثابته في جينات الكروموسومات التي تحمل العوامل الوراثية الموروثة من الأبوين. عدد هذه الشفرات المتكررة ونوعية ترنيمتها تكون دائما ثابته وخاصة بكل شخص. أكثر الناس يشتركون في ترنيمة سلاسل جينية (العوامل الوراثية) متشابهة، لكن بعض المناطق في الحامض النووي تختلف من شخص الى أخر بذبذات عالية. مقارنة الإختلاف في هذه المناطق تسمح للإجابة على فيما إذا كانت عينتين من الحامض النووي قد أتت من نفس الشخص أو من شخصين مختلفين. الإختبار يعتمد على جمع وتحليل عينتين إحداهما معروفة الأصل والأخرى مجهولة. عند المقارنة، إذا كانت نتيجة التحليل تظهر بأن العينتين متطابقتين من حيث الترنيمة بنسبة 100% فهذا يعني أنهما تابعتان لنفس الشخص وإذا كانتا مختلفتين بمجرد ترنيمة شفرة واحدة فهذا يعني أنهما يتبعان لشخصين مختلفين. إذا كان للشخص المتوفي عينة من حامضه النووي محفوظة في المستشفي قبل وفاته فمن السهولة التعرف عليه، وفي حالة عدم وجود مثل هذه العينة فيمكن الرجوع الى والديه وجمع عينات من حامضهما النووي وتحليها بشكل منفصل وثم مقارن ترنيمة الشخص المتوفي بترنيمات الحامض النووي للوالدين في المناطق الثابتة التي تحتوي على سلسلة من الشفرات المختلفة المتكررة في جينات البعض من الكروموسومات.

 

في الحالات الجنائية، مرتكب الجريمة قد يترك أثرا معينا (مثل بصمات الأصابع، الشعر، السعال) في مكان الجريمة حيث يمكن إستخلاص الحامض النووي منه. لنفترض أن الحامض النووي قد حصل عليه في مكان الجريمة وأن المتهمين بالقيام بهذه الجريمة هم خمسة أشخاص وإثنان منهم إخوة احدهما كان مرتكب الجرم. بإستطاعة هذا الإختبار التمييز بين هؤلاء الخمسة ويفرق حتى بين الأخوين لأن ليس هناك مجال للخطأ حينما تصل نسبة التطابق 100% بين ترنيمة الحامض النووي الذي حصل عليه في مكان الجرم وترنيمة الحامض النووي الذي حصل عليه من أحد المتهمين القائم بالجريمة.

 

ما أهمية علاقة هذا السرد بالإعلان عن مقتل أبو عمر البغدادي وأبو أيوب المصري؟!!!   

 

أهمية هذا السرد تقع في الإعلان عن قيام الجيش الأمريكي بتشخيص الشخصية الذاتية لهذين الشخصين عن طريق إستخدام إختبار فحص الحامض النووي. بما أن تشخيص الشخصية الذاتية لأي شخص ما إن كان ذلك الشخص ميتا أو حيا بواسطة إختبار فحص الحامض النووي تعتمد بالدرجة الأولى على الوجود المسبق لعينة الحامض النووي لذلك الشخص محفوظة في أحدى المستشفيات أو في مكان ما آخر، فهذا يعني أن القوات الأمريكية كانت تعرف مسبقا من هو أبو عمر البغدادي ومن هو أبو أيوب المصري وأنها قد جمعت عينات الحامض النووي سابقا من خلايا هذين الشخصين اللذان أعلن عن مقتلهما مرات عديدة سابقا. إذا كان هذا الإفتراض صحيحا بأن الجيش الأمريكي يمتلك تلك العينات من الحوامض النووية فهذا يعني أن هذين الشخصين كانا عميلين مجندين من قبل الأمريكان أنفسهم للقيام بمهام خاصة في العراق وإن دورهما في مسيرة عملية الإحتلال في هذا الظرف الزمني قد إنتهيا وهم الأن (أي الأمريكان) يعدون لظهور شخصية أو شخصيات أخرى للقيام بدور أخر تتوجبه المرحلة الزمنية المقبلة من تاريخ عمر الإحتلال. الإفتراض الأخر هو ان أبو عمر البغدادي وابو أيوب المصري هما شخصين حقيقيين وأنهما فعلا يعملان ضمن تنظيم القاعدة وأن القوات الأمريكية أو الإستخبارات المركزية الأمريكية تعرف من هما وتعرف أيضا أماكن تواجد عوائلهما وأنها قد حصلت بطريقة أو بأخرى على عينات من الحوامض النووية لوالديهما وإحتفظت بتلك العينات لظروف موضوعية مثل هذه الظروف، أي قتلهم حينما يحين وقت التخلص منهما وإجراء إختبار فحص الحامض النووي لتشخيصهما لمجرد التمويه فقط. الإفتراض الثالث هو أن أبو عمر البغدادي وأبو أيوب المصري هما شخصيتان وهميتان تم زرعهما في عقول الناس عن طريق الإعلام المموه وأن القوات الأمريكية أعلنت عن أنها تمكنت من التخلص منهما وتأكدت من شخصيهما عن طريق فحص الحامض النووي وذلك من أجل التعتيم على جريمة مسبقة أو لتمرير حدث سياسي معين خصوصا بعد فضح جرائم السجون السرية التي يديرها العميل نوري المالكي وبطانته الطائفية المجرمة وتعثر تشكيل حكومة جديدة بعد الإنتخابات المزورة المعروفة النتائج.

 

التأكيد على مقتل أبو عمر البغدادي وابو ايوب المصري من قبل ما يسمى "بوزير الشريعة" في "دولة العراق الإسلامية" يعزز إفتراضنا الثالث (بغض النظر عن الإفتراضات الأخرى) ويدل على أن قوات الإحتلال تحضر لإبراز شخصيات وهمية جديدة أو عملاء جدد لهم أدوار جديدة تلعبها ضمن أجندات المرحلة المقبلة بعد تشكيل حكومة الإحتلال الخامسة التي قد تشكل بصورة مشتركة من قبل قائمة العميل أياد علاوي وقائمة العميل نوري المالكي.

 

 

للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا  
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الاثنين  / ١٢ جمـادي الاولى ١٤٣١ هـ

***

 الموافق ٢٦ / نيسـان / ٢٠١٠ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور